أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - التربية والتعليم والبحث العلمي - همام الزياني - مخالفات ضد الصحة النفسية و التدريب على إصلاحها ( الحلقة الاولى: التفكير السلبي )















المزيد.....


مخالفات ضد الصحة النفسية و التدريب على إصلاحها ( الحلقة الاولى: التفكير السلبي )


همام الزياني

الحوار المتمدن-العدد: 3627 - 2012 / 2 / 3 - 18:37
المحور: التربية والتعليم والبحث العلمي
    



إن تأملا بسيطا في نمط التعامل الذاتي مع أنفسنا المقترن بالرغبة، يفتح المجال و بسرعة، لإدراك شبكة من المخالفات السامة التي نمارسها و عن سبق إصرار، ضد الصحة الذاتية، و لا أعني الصحة الأنانية، داخل منظومة- متكاملة لتكامل البناء الإنساني،و متداخلة تبعا لقانون السببية- من قنوات التأثير ( الفعل و رد الفعل)، أثناء ممارسة التوجه الوجودي الفردي، من خلال الفعل الوجودي، الصادر عن الوحدة المرجعية، كلية كانت أو جزئية ( العقيدة، المذهب، العرف، الأيديولوجية ...)، المحددة أوتوماتيكيا لنمط الممارسة، لكونها موجهة/ مبرمجة؛ و هذا إن دل على شيء، فمؤداه غياب ثقافة الوعي بالذات، و العلم بمبادئ التطوير الذاتي...
هذه المخالفات قد تكون مقصودة ( واعية)، كمخالفة التدخين من زاوية البرمجة السلبية للعقل الباطن، فالمدخن يبرمج لاوعيه على متلازمة )جرعة التدخين ـ النيكوتين و القطران ـ = راحة و هدوء نفسي، و صفاء ذهني) و عنه و بالمفهوم المخالف الذي يشتغل به العقل الباطن، فإن لحظة القلق و التوتر الناتج في الأصل عن حاجة الدم إلى جرعة من النيكوتين، إذ النيكوتين يؤثر على على الهرمونات التي ينتجها الجسم مما يسبب الاعتماد الكيميائي على النيكوتين، يهيج الشق الثاني من المتلازمة و هو الحاجة إلى جرعة من التدخين، و مساوئ هذه البرمجة تتضح من خلال النتائج المهددة للصحة العضوية و العقلية. و كمخالفة إعطاء الرشوة و قبولها، فمعطي الرشوة يبرمج عقله الباطن على متلازمة ( قضاء أغراض شخصية = إعطاء قيمة مالية، أو قضاء غرض متبادل) و من ثم فإن العقل الباطن سيعطل بطريقة آلية من الملفات القيمية ، العدالة الاجتماعية و المساواة في صفة المواطنة، و سيشغل خرق إلزامية القانون و إلتزامه. و قد يكون ما سلف ذكره يصنف ضمن المخالفات غير المقصودة لكن لا يمكن مطلقا أن تكون غير واعية، لأن الممارسة كي تصير غير واعية أي ملف برمجي في العقل الباطن لا بد من أن يمررها الدماغ المعرفي، و هذا ما يجنيه تبني الطريقة الشعبية في التفكير، إذ يصير الدماغ المعرفي مفتقدا إلى حصانة آليات التفكير العلمي.
و هناك مخالفات صادرة عن ممارسة غير واعية، تأثرا بالبرمجة الخارجية بأصنافها المتعددة، و التي تؤول إلى برمجة داخلية، و أغلبها يكون داخل فترة عمرية يفتقد فيها الطفل إلى الأساليب التي تؤهله ليغربل ما ينبغي أن يمرره للعقل الباطن ليصير ملفا برمجيا، و عزل ما يضر بمسار نضجه و تحقيق احتياجاته الحقيقية.و قد تكون عن جهل بالفلسفة العملية التدريبية المؤهلة لممارسة المسؤوليات تجاه الذات.
و مهما يكن نوع المخالفة الممارس فهو مضمن داخل بنية متكاملة لاستراتيجية معينة، يسير على نهجها كل واحد منا، التي تكون بدورها مضمنة داخل نسق من الاستراتيجيات التي تحدد في النهاية الملمح الواضح للشخصية؛ أي أن الاستراتيجية هي برنامجك المعلوماتي الذي يبرمج أداءك الوجودي على نحو ناجع أو فاشل؛ و المخالفات تأتي من الاشتغال ببرامج خاطئة في أصلها، أو نضع برامج فيها كثير من الثغرات التي تسهل فعل المخالفة، لذلك يقول أحد المختصين في سياق توضيح أهمية الاستراتيجيات" هناك استراتيجيات برمجنا عليها، فاصنع استراتيجيات جديدة ايجابية فاعلة بالتفكير الإيجابي الصحيح" ، فهناك تداخل اعتمادي بين التفكير و الاستراتيجيات و الخطط التدريجية، و من خلال إطلاعي المتواضع على كثير من الدراسات التي تهتم بتتبع آثار البرمجة الخارجية، يمكن لي القول أن أزيد من تسعين بالمئة من الاستراتيجيات برمجنا عليها في سن مبكرة، و معضمها يشتغل ضدنا و لا يخدم صالحنا، و ضمنا ما يتعلق بالصحة النفسية، هل تعلم أن عبارة " ما دِّيرْ خيرْ ما يطْر باسْ" التي تؤمن بها هي استراتيجية برمجت عليها، تجعل الفعل الخيري يتوقف منك، بطريقة آلية. و من نفس الكلمة الذكية نسنتنج أن المخالفة مهما كان نوعها فهي غير مبررة، لأن الإنسان الذي يحسن التواصل مع نفسه، و يتحمل مسؤولية الرقي بها، يمتلك قدرة استبدال الاستراتيجيات السلبية باستراتيجيات ايجابية فاعلة، و يسعى حثيثا إلى تحيين الاستراتيجية الفكرية للمارسة، و تقويم نجاعة الأداء، متحليا بالصبر و الإرادة على الاستمرار في إعادة التجربة و المحاولة الإيجابية، لتجنب المخالفة و تقويمها بعد الوقوف عليها، و كمثال على ذلك أن تضع لنفسك هذه الإستراتيجية " مساعدة الآخرين على الإحساس الإيجابي" و هي استراتيجية إسميها بقاسم مشترك إنساني، يستطيعها الأستاذ مع التلاميذ، الطبيب مع المرضى، مراقب الورشة مع العاملين، مضيفة الطيران مع الركاب، المهندس الزراعي مع الفلاحين، إنها استراتيجية تجعل التفكير يشتغل بطريقة إيجابية ابتكارية تنعكس ايجابيتها على الصحة النفسية و العضوية للمشتغل بها قبل امتدادها إلى الآخرين، الشيء الذي يساهم في العطاء الجيد، و من هذه الزاوية ستفهم معي معنى أن العطاء لا يكمن في مجرد العطاء بل في الإحساس بأننا نتحول إلى الأفضل . وفي المقابل فلنفترض شخصا ما، ينظر إلى زوجته( النظرة الفكرية) من زاوية الشك، دون أن يضع استراتيجية فكرية صحيحة داخل قاعدة بيانات العقل الباطن بالاستعمال الذكي للدماغ المعرفي عن طريق التقييد بدل التعميم ( أي التقييد بالزمان و الموضوع)، ستتحكم الاستراتيجية التي تكون حينئذ " أنا أشك في امرأتي" و إن تأكد لدرجة اليقين براءة المرأة من سلوك يثير شك الرجل، في الانبعاث السلوكي بشكل سلبي، لأن الاستراتيجية تثير الرغبة لا الحقيقة،و انتبه، لأننا حين نستسلم للرغبة باستراتيجيات صنعناها نحن بأنفسنا ، فإننا نحرق بذور الحقيقة بدل زرعها، لنرتد إلى أطفال نبتعد بمسافات ساحقة عن النضج الإنساني.
بعد هذه المقدمة التي بينت فيها بالملموس أنني أتحدث عن شيء ليس بالبعيد عنك، و لا يقع خارج نطاق اختصاصك؛ دعني أخي القارئ، أختي القارئة، أن أحافظ على حضورك الذهني معي، من خلال تتبعك معي لبعض من مظاهر نتائج المخالفات الممارسة ضد الصحة النفسية، و التي عانيت من بعض منها لا محالة، و كنت مترددا على العيادات للعلاج العضوي، أو الصيدليات لاقتناء مهدئات أو بعض المضادات، أو لجأت إلى الدواء الشعبي، أو ربما استسلمت لبعض منها، و أخضعتك لسلطتها، دون أن تعرف أن السبب أخطاء تمارسها أنت عن وعي أو غير وعي ضد صحتك النفسية، التي يمتد مفعولها إلى الصحة العضوية.
إني أشير إلى حالة الضغط النفسي، التي أصبحت حالة مرضية كل واحد يعبر عنها بطريقة من طرق التعبير، حتى السيميائية منها، تجعل الكورتيزول في أوجه، و عنه انحصار إفرازات هرمونية معبرة في حالة الإفراز الطبيعي عن الصحة النفسية و أشير إلى هرمون الشباب (DHEA)، و تقلص عوامل المناعة المجودة على سطح الأغشية المخاطية ( الأنف ، الحنجرة،القصبات الرئوية،الأمعاء،المهبل...) المنتجة من طرف مادة ( الغلوبولينA) و انخفاض و اضطراب في صبيب انسياب الطاقة ( Qأ)؛ و أضف إلى الضغط النفسي: القلق، التوتر العصبي، الإحباط، الاكتئاب، سرعة الغضب... إلخ و عنه ارتفاع ضغط الشرايين، ضيق التنفس، قرحة المعدة المصنفة من طرف المختصين في الترتيب العاشر ضمن الأمراض القاتلة، أمراض المعي.. و هلم جرا للمتوليات اللفظية المندرجة ضمن حقل الأمراض العضوية.
إن كل خطأ نمارسه ضد الصحة النفسية هو امتداد ضروري إلى الصحة العضوية، و بمثال بسيط أقول أن استغراقك في القلق ( الذي هو نتيجة لاستراتيجية فكرية معينة سلبية) هو خطأ ضد الصحة النفسية، و القلق وفق دراسات المختصين يؤثر على أعصاب المعدة من خلال تأثيره على عوامل المناعة السالفة الذكر( IGA)،و بالتالي الإصابة بمرض قرحة المعدة. إن كنت تعتبر القلق حالة عادية، و تألفها، و هذا خطأ منك، فاتحادك أن تعتبر النتائج شيئا عاديا، لا بد أن تكون آلام قرحة المعدة، أو التغيرات السلبية الطارئة على الأمعاء، تنبيها بيولوجيا يدفعك للبحث عن علاج طبي. فتأمل أنك أنت من يريد قرحة المعدة برضاك.
فما ينبغي أن تعرفه أخي القارئ أختي القارئة، أن لا وجود لدواء سيكوسماتي( دواء للجسد و الروح) يباع في الصيدليات من أجل تحقيق الصحة النفسية، بل هذه الاخيرة أساسها القدرة على استيعاب الأخطاء و تجنبها بالتدرب على تصحيحها، و ممارسة الحياة من زاوية المنهج النفسي السليم الذي تتداخل في نسقه كثير من المكونات التي لا تحتاج إلا إلى تدريب مستمر، باستثمارك للطاقة الهائلة للإرادة - حاول أن تفهمني، إنني أن أتحدث عن شيء وهبه لك الله سبحانه، موجود بداخلك، مهيأ فطريا للعمل وفق الرسالة التي ترسلها له، تأمل إرادتك و إنظر إلى أي مدى، تستفيد منها لتحقيق أشياء تضرك، فبدون إرادة أنت تمثال بدون ملامح - أما خضوعنا لأسلوب " تقبل الإضرار بالذات"، سيجعل حياتنا النفسية و الذهنية، و حياتنا الاجتماعية و التواصلية شقاء لا ينتهي، إني لا أكتب رواية، بل أكتب ترجمة لأشياء عشتها و احسست بها، و بتأملي لكلام الناس في المقاهي و الحافلات و الطاكسيات، و التجمعات... فهمت أنني لست استثناء، لذلك آمل أنك أيضا تفهم، أن ذلك الشقاء يوهن فينا القدرة الإرادية للشعور بالجمال و التمتع برسالته الأثيرية الهادئة، لينقطع تواصلنا معه فكريا و عاطفيا و سلوكيا، شقاء يعطل حسنا الذوقي الرفيع المعين لنا على تحقيق متعة الحياة الإنساية، و يغلفه بغلاف السلبية، شقاء يشتت تواصلنا و يصنع فينا خلفيات قاتلة للوئام الاجتماعي ( الكره، الحسد، الحقد، التشفي...) إنه شقاء يسرق – و بإرادتنا- منا سعادتنا، و هي الحالة التي وجب ان تلازمنا أبد الدهر و طول الطريق، لأن السعادة كما يقال " لست ما أشعر به بل ما يدوم الشعور به"؛ إننا بخضوعنا للحالة الذهنية و النفسية السلبية نحرق كل لحظة من لحظات حاضرنا- و اللحظة هي الملكية الوحيدة الموثوق بها- بنار السلبية لنجني دخانا نخنق به ايجابيتنا و فاعليتنا.
إننا نضيع على أنفسنا، بدون عذر منطقي و لا مسوغ شرعي، فرص تفعيل طاقتنا الداخلية، و ما تثيره من عبقرية و ابتكارية في القدرات و المهارات و الكفاءات، لتحقيق إمكانات المتعة النقية، و العيش في سلام مع انفسنا، و الحفاظ على التناغم الإنسيابي بين أفكارنا و عواطفنا و سلوكياتنا، و السعي نحو أهدافنا و نحن نرتقي بشخصياتنا و نضيف إليها باستمرار أشياء جميلة.
أشكرك لأنك استحملت معي هذه النزهة التقديمية، و سأنتقل بك الآن إلى خلية المعالجة، فحاول أن تقوي إرادتك من الآن، حتى تصل إلى نتائج ترضيك.
سنتحدث عن التفكير السلبي – فقط تذكر هذا المركب الإضافي و لا تستعجل-كمركز لإنبعاث المخالفات ضد الصحة النفسية، و قبل أن نسبر معا، أغوار هذا المفهوم و نقف على كيف يعيش فينا و كيف نسلم له صلاحية تخريبنا برضانا، أدعك في وفقة مع هذه الأبيات الشعرية:

يقول أحد الشعراء:
" إننا زبد يتبخر في نهر الكلمات
صدأ في السماء و أفلاكها
صدأ في الحياة"
قد تتساءل و تقول لي ما دخل الشعر بموضوعنا، و أجيبك بسؤال : هل أنت زبد يتبخر، هل أنت صدأ في السماء، هل أنت صدأ في الحياة، ولك حرية الإجابة؛ و على نحو إجابتك تكون قد قررت أن تتأثر أو لا تتأثر بسلبية الكلمات. إن الألفاظ و الكلمات هي إيحاءات خارجية تصنع فكرة تتفاعل معها بالتركيز و استدعاء الملفات المشابهة لها من العقل الباطن1 و يعمل الجهاز الطرفي العميق على تلوين عواطفك و تحديد ردود فعلك بناء على نوع الفكرة، و من هنا نفهم قول أحد الشعراء " للكلمات سلطان على الإنسان" ، أكيد انك تريد مثالا كي نتقدم خطوة بخطوة، قال لك مديرك في العمل، مهما كان نوع العمل الذي تمارسه، أنت شخص فاشل في عملك، فهذا يسمى إيحاء لغويا سلبيا، يلتقطه دماغك المعرفي ، فإن قبلته، سيترسخ في عقلك الباطن ، و سيعمل الجهاز الطرفي العميق على تلوين عواطفك و أحاسيسك، أي ستشعر بالإحباط، و الكآبة، و الكره للعمل، و لصاحب العمل، و ستشرع قدراتك و مهاراتك في تخفيض مستواها، حتى تصير إلى الفشل الحقيقي، أما لو تأملت هذا الإيحاء اللغوي جيدا من خلال الدماغ المعرفي أو الدماغ القشري، و تقبلته بشكل إيجابي، أي ستخرج منه استراتيجية فكرية جد ايجابية معناها " كل إيحاء لغوي سلبي = تطوير مهاراتي و قدراتي و آدائي" و حينئذ سيعمل عقلك الباطن على تحفيز مهاراتك و قدراتك و ستتقوى إرادتك على تدريب مهاراتك و تطويرها ليتطور أداؤك، و حينئذ، ستلزم المدير على تغيير نظرته، أو تغير المدير بمدير أفضل لأن قدراتك قد تطورت و نما أداؤك.
و يجب أن تعلم أنه على نحو ما يؤثر الإيحاء اللغوي في الجهاز العصبي لصناعة فكرة و تسليط التركيز عليها، كما في المثال السابق، فكذلك الفكرة يعبر عنها باللغة الذهنية الداخلية، الملفوظة، المكتوبة، و كذلك باللغة السيميائية، فالتفاعل السلبي بين الإيحاء اللغوي و التفكير، ينتج سلبية يكون لها امتداد على كيانك كامتداد الظلام بعد مغيب الشمس، و قد شرحت ذلك من خلال مثال الفشل، لذلك لما جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم، و قال له : أخبرني يا رسول الله عن شيء يوجب لي الجنة، أجابه رسول الله بقوله:" عليك بحسن الكلام" و الحسن هو الأسلوب الجمالي و الإيجابي و الفاعلي في اللغة الذهنية و الملفوظة و المكتوبة، فدخول الجنة ليس بالأمر السهل، و هو الغاية التي إليها المنتهى، لأن دخول الجنة يستدعي جمالية الاعتقاد و الأحاسيس و الأفكار و الأفعال و كل هذا يبدأ بحوارك الذهني مع نفسك، لما تناقش فكرة ما، و لخطورة برمجة الآخرين سلبيا باللغة الملفوظة دعانا الله جل و علا لنقول للناس حسنا، و أنا أعتبره فرضا شرعيا، لضرر الأكيد الناجم عن البرمجة اللغوية السلبية.
هل تفكر؟ متى تفكر؟ كيف تفكر؟ لماذا تفكر؟ هل تستطيع أن توقف الدورة الفيسيولوجية للتفكير ؟
ربما ناذرا ما طرحت على نفسك هذا الصنف من الأسئلة؟ أتدري لماذا؟ لأن الإجابات تمارسها دون أن تفكر فيها، و من ثم يكون تفكيرك هو المتحكم فيك في أغلب الأحوال تأثرا منك بالدوافع الداخلية و المؤثرات الخارجية، و تخضع لنتائجه اللهم إن كنت من اللذين يمارسون التأمل الباطني( و هي عملية داخلية لدراسة العقل)، إنني أتحدث عن التفكير الاعتيادي ، تفكير الإنسان الذي لا يحمل صفة زائدة على إنسانيته، و لا أعني التفكير الأكاديمي أو النخبوي أو المذهبي؛ كي لا يختلط الغارب بالنابل.
إنك تفكر و تفكيرك لا يتوقف، إذ التفكير لا يخضع أبدا لقيود الزمان و المكان، و إن شئت أن تختبر كلامي فحاول أن تعطل التفكير، أو حاول أن تقيده بالزمان و المكان، إنك تفكر و من ثم تصنع نفسك، فقد تصنع شيئا فيك يرضيك و يسعدك، و قد تصنع شيئا يتعسك و يخيب آمالك، إنك لن تستطيع أن توقف التفكير حتى مع أرقى رياضات تنمية مهارات التركيز مثل اليوغا، و قبله خشوعنا نحن المسلمين في صلاتنا، و ما دمت تفكر و لا تستطيع و لن تستطيع أبدا أن توقف تفكيرك، فعليك أن ترسم استراتيجية فعالة في تعاملك مع تفكيرك لتستخدمه لصالحك، و تحقق به سعادتك الملازمة.
كثيرا ما نسمع لذواتنا تقول لنا: مللــــــــــــــــــــــــــــت، سئمت، الجو لا يطاق، هذا المكان يثير الكآبة، أنا عاجز عن فعل كذا، أنا لا أستطيع فعل كذا، أنا ضعيف الذاكرة.... لكن قليلا ما نسمع ذواتنا تقول : أشعر بقوة النشاط، أحب هذا، الجو ممتاز، هذا المكان يثير الراحة و يدعو للتأمل، أنا فخور بنفسي. إن السلسلة الأولى تعبر عن نمط في التفكير، و هو بالملموس نمط سلبي، ينشئ قوة التركيز على النقطة السلبية، و تعميمها.
فكل إنسان له طريقته الخاصة في التفكير، و لعل أكبر تحدي يواجهنا، هو القدرة على اختيار الأفكار السليمة و إنتاجها، لأن الفكرة هي بداية الأهداف و الأحلام، و لا يحتاج هذا إلى دليل علمي، أنت حين تريد تحقيق هدف ما، فأنت لا محالة تفكر في مفهومه، مجاله، طريق تحقيقه، مداه ( توقف للحظة عن القراءة و تأمل فيما أقول)، هذه العناصر الموضوعية المكونة للهدف ليست شيئا أمام البعد النفسي للتفكير لهذا الهدف، أي ما هي الرسالة الفكرية المصاحبة التي تمررها للعقل الباطن من جهة، قوة إيمانك و اعتقادك بهدفك، و بالقدرة على تحقيقه من خلال تحفيزك للدوافع، و استغلالك للطاقة الداخلية الهائلة.... فالرسالة الفكرية المصاحبة إن كانت إيجابية سيكون الهدف سهل التحقيق، لأنها القوة المحركة لبرنامج الهدف، أما إن كانت سلبية فأشك في قدرتك على تحقيق هدفك، لأن القوة المحركة انقلبت إلى قوة كابحة. فأنا من خلال دراساتي استنتجت أن هناك تفكيرا إنشائيا، و آخرا محركا، و الثاني هو الذي يمتلك الصلاحية التنفيذية، أو الإلغائية.
التدريب الأول: ( انقل هذه التداريب إلى دفتر مذكراتك)
- هل تفكر ...................................... نعم لا
- هل تفكر تفكيرا سلبيا........................... نعم لا أحيانا
- هل أنت مرتاح لأفكارك السلبية ................. نعم لا
دون في الجدول أسفله:
خمسة من أفكارك السلبية
(..................................................... )

إنك تفهم قصدي بالحالة الذهنية العامة، إنها الحالة الكلية لاشتغال الذهن، و هذه الحالة تعتمد على نوعية تفكيرك، بقدر ما يكون تفكيرك سلبيا من مثل الأفكار التي دونتها في الجدول آنفا، و كلما فعلت قوة التركيز على فكرة سلبية، إلا و توالت الأفكار المشابهة من مخزون العقل اللاواعي،و ستزيد بذلك نشاط الجهاز الطرفي العميق و عنه تتكون المشاعر و العواطف و الأحاسيس بلون سلبي ( التوتر ، القلق....) الخاصة بموضوع الفكرة.
أفكارك ترسل إشارات كهربائية،و في عقلك عشرة بلايين الأنسجة تصدر نبضات كهربائية، و الفكرة لما ترسل إشارة كهربائية تقوم نقطة الاشتباك العصبي بنقل الرسالة إلى خلية عصبية أخرى أو إلى عضلة، و تترجم الطاقة الكهربائية إلى طاقة كيميائية و هنا نتحدث عن الإفرازات الهرمونية التي تلعب دور التأثير الإيجابي أو السلبي تبعا لنوع الرسالة، و خطورة نقاط الإشتباك العصبي أنها تصير ذات كفاءة عالية بسكثرة الاستخدام، و نوعية الاستخدام تتحكم فيه أنت في البداية، و التحول من الكهربائي هو المتحكم في لون العواطف و الأحاسيس.
التدريب الثاني:
خمسة أفكار سلبية الأحاسيس و الحالات النفسية السلبية التي تسببها الأفكار البديلة
..................... .......................................................... ...................
.................... ......................................................... ...................

و خطورة التركيز على الأفكار السلبية ليس فقط في استدعاء الملفات المشابهة من العقل الباطن، بل في إحداث عملية التجاذب الفكري، لأن الأفكار المتشابهة تتجاذب فيما بينها، من خلال المدى المغنطيسي الذي ترسله الأفكار و هو عبارة عن اهتزازت تلتقط من طرف الدماغ، فتأمل كَمُّ التراكم السلبي الذي تجنيه من عملية التركيز السلبي، و تأمل كم فوت عليك من نجاح و تطور من خلال التركيز الإيجابي، الذي يتضمن الإستفادة المجانية من أفكار الآخرين الإيجابية.
مما سلف نخلص إلى أنك:
- تفكر و أغلب تفكيرك استجابي ( روتيني).
- تشتغل باستراتيجيات خاطئة.
- تتأثر سلبيا بالإيحاء اللغوي الخارجي، و من خلال الاسترتاتيجيات، تنتج ايحاء داخليا أكثر سلبية.
- تجهل خطورة الفكرة السلبية من جهة تأثيرها ( على المدى المتوسط و القريب و البعيد) إذ في النهاية هي التي تنتج النتائج.
- تجهل قدرة الفكرة على جذب الأفكار المشابهة لها و هذا ما يزيد من صعوبة التغلب عليها.
- تجهل قدرة الفكرة السلبية على أن تجعل منك ذاتا سفلى و سلبية، و هذا يعني انخفاض مستمر في صبيب الطاقة التي هي من خصائص الجسم الأثيري، و هي مصدر قوتك، و تدهور في مستوى التنفس و الذي يعني قلة الأكسجين.
- أنت تنشط الجهاز الطرفي العميق، و نشاطه يعني استنفار على مستوى الغدد الهرمونية، خاصة هرمون الأدرينالين الذي هو هرمون الدفاع من أجل البقاء، مما يحدث في نفسك فوضى على مستوى الأحاسيس السلبية.
- أنت تخلق علاقة غير ثابتة بين قلبك و دماغك، إذ مهمتك الحفاظ على مستوى التناغم الإنسيابي بين دقات قلبك و دورات دماغك.
و في الختام أقول لك أن الحقائق ليست مهمة في ذاتها بل في استخدامها، و ما ذكرته هو تنبيه لك إلى خطورة التفكير السلبي، و هي أداة أريدك أن تستغلها لصالحك كي تخلقك الإيجابية في نيتك و تشحذ إرادتك، كي تتغلب على سلبية أفكارك، أو تتغلب على التفكير السلبي.
إلى هنا أريد منك هذه البرمجة الذاتية ( أنا إيجابي ،تفكيري إيجابي،أفكاري إيجابية، سأراقب الأفكار التي تأتيني من الخارج أو من الداخل، و سأحافظ على إيجابية تفكيري، في التعامل معها)
كيف تتغلب على التفكير السلبي(التداريب العملية):
أريد أن أذكرك بأن تلازمك برمجتك الذاتية الجديدة التي هي تحول من التفكير السلبي و الخضوع للأفكار السلبية ، إلى التفكير الإيجابي و بناء استراتيجيات فكرية جديدة و ايجابية، و لتترسخ هذه البرمجة عليك أن تعيد هذا التدريب عشر مرات إلى إثني عشر مرة:
o اختل بنفسك في مكان هادئ تكون فيه درجة الحرارة ملائمة لاحتياج الجسد.
o احرص على أن لا يزعجك أحد أثناء فترة التدريب.
o استلق على ظهرك، ضع يديك حذو جانبيك،أغمض عينيك بلطف.
o تنفس بعمق على النحو الآتي ( شهيق: 7 ثواني، الاحتفاظ بالأكسجين في الرئة: 4 ثواني، زفير 5 ثواني)
o أطرد أثناء عملية التنفس العميقة فوضى الأفكار التي تتوارد عليك، و حارب الطاقة السلبية التي تأتيك من الخارج و تضغط عليك من الداخل.
o ركز على عملية التنفس بحصرك للذهن على ( إدخال، احتفاظ، إخراج).
o استعمل الايحاء الوهمي، و قوة التخيل لإقناع العقل الباطن بالفكرة، فأثناء عملية الشهيق تخيل أنك تدخل التفكير الإيجابي على شكل نور يخترق، ثم في عملية الاحتفاظ استمر في تخيل النور يأخذ مكان التفكير السلبي، و في الزفير تخيل التفكير السلبي يخرج منك كدخان.
o ركز سمعك على الانبعاث الصوتي لعملية التنفس.
o استمر هكذا و بنفس المنوال إلى النهاية، حتى تشعر باسترخاء.
التداريب الموالية سأكتبها بصيغة pdf لأنها خططات استراتيجية



#همام_الزياني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- بالتعاون مع العراق.. السعودية تعلن ضبط أكثر من 25 شركة وهمية ...
- مسؤول إسرائيلي حول مقترح مصر للهدنة في غزة: نتنياهو لا يريد ...
- بلينكن: الصين هي المورد رقم واحد لقطاع الصناعات العسكرية الر ...
- ألمانيا - تعديلات مهمة في برنامج المساعدات الطلابية -بافوغ- ...
- رصد حشود الدبابات والعربات المدرعة الإسرائيلية على الحدود مع ...
- -حزب الله-: استهدفنا موقع حبوشيت الإسرائيلي ومقر ‏قيادة بثكن ...
- -لا استطيع التنفس-.. لقطات تظهر لحظة وفاة رجل من أصول إفريقي ...
- سموتريتش يهاجم نتنياهو ويصف المقترح المصري لهدنة في غزة بـ-ا ...
- طعن فتاة إسرائيلية في تل أبيب وبن غفير يتعرض لحادثة بعد زيار ...
- أطباق فلسطينية غيرتها الحرب وأمهات يبدعن في توفير الطعام


المزيد.....

- اللغة والطبقة والانتماء الاجتماعي: رؤية نقديَّة في طروحات با ... / علي أسعد وطفة
- خطوات البحث العلمى / د/ سامح سعيد عبد العزيز
- إصلاح وتطوير وزارة التربية خطوة للارتقاء بمستوى التعليم في ا ... / سوسن شاكر مجيد
- بصدد مسألة مراحل النمو الذهني للطفل / مالك ابوعليا
- التوثيق فى البحث العلمى / د/ سامح سعيد عبد العزيز
- الصعوبات النمطية التعليمية في استيعاب المواد التاريخية والمو ... / مالك ابوعليا
- وسائل دراسة وتشكيل العلاقات الشخصية بين الطلاب / مالك ابوعليا
- مفهوم النشاط التعليمي لأطفال المدارس / مالك ابوعليا
- خصائص المنهجية التقليدية في تشكيل مفهوم الطفل حول العدد / مالك ابوعليا
- مدخل إلى الديدكتيك / محمد الفهري


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - التربية والتعليم والبحث العلمي - همام الزياني - مخالفات ضد الصحة النفسية و التدريب على إصلاحها ( الحلقة الاولى: التفكير السلبي )