أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - هشام القروي - الفتنة والجهاد














المزيد.....

الفتنة والجهاد


هشام القروي
كاتب وشاعر وروائي وباحث في العلوم الاجتماعية

(Hichem Karoui)


الحوار المتمدن-العدد: 1072 - 2005 / 1 / 8 - 10:52
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


‏ وأنا أتابع ما يجري في المنطقة العربية وخارجها أيضا - أي حيث يوجد عرب ومسلمون على سطح هذا الكوكب - في نهاية سنة أخرى تشبه - ويا للأسف ! - السنة التي سبقتها, يخيل لي أن هذه الأحداث في كل ما له صلة بالعمل البشري لا تخرج عن أحد مفهومين: فإما أن الأمر يتعلق بالجهاد وإما أنه يتعلق بالفتنة. وليس لي فضل في هذا التقسيم الذي أستوحيه من المفكر السياسي الفرنسي جيل كيبل. وهو يقدم المسألة على هذا النحو فيما يتعلق بعقود كاملة من الزمن الماضي, قائلا إنه إذا كان الجهاد يُقصد به غير المسلمين ويتوجه من يمارسه إلى "الخارج" والأعداء فإن الفتنة هي وقوع الحرب والاحتراب في ديار المسلمين أنفسهم وفيما بينهم.
وبالتوصيف المعاصر ذي العلاقة بالحركات الإسلامية التي يناقش كيبل برامجها وأساليبها في العديد من كتبه, فإن الفتنة هي حرب تلك الحركات ضد الأنظمة القائمة, وأحياناً ضد خصومها الداخليين. وتمتد تلك الفتنة إلى خارج الفضاء الجغرافي الإسلامي التقليدي لتصل إلى أماكن تجمع المسلمين ووجودهم في الغرب ,حيث تقطن جاليات كبيرة منهم.
هناك أيضاً تترعرع فتن داخلية بين مسلمين متشددين في داخل تلك الجاليات وبين الغالبية المعتدلة منها، إذ أن المتشددين يريدون للغالبية أن تعلن الحرب على المجتمعات الغربية التي تعيش فيها وأن تنعزل عنها, شعورياً وعملياً، بينما الغالبية تريد صوغ معادلة تعايش لا حرب فيها ولا انسلاخ عن الجذور.
وهكذا فالفتنة التي يعيشها المسلمون اليوم, وكما يرى جيل كيبيل, تتسع وهي عريضة الخارطة وخطيرة النتائج.
وهو إذ يحاول أن يرصد منحنى التطرف المتصاعد الذي غلف المنطقة والسياسة فيها خلال السنوات الأخيرة ، وبالتالي صعد من دعاوى الجهاد وعمق من الفتنة, فإنه ضمن هذا السياق يعطي أهمية كبيرة لانهيار اتفاقيات أوسلو في إشاعة مناخ اليأس والتطرف ليس فقط في أوساط الفلسطينيين بل وفي الأجواء العربية عامة.
فعلى عكس ما ساد عشية التوقيع على أوسلو من أمل في إحداث انفراج في المنطقة وخاصة القضية الأهم فيها, فإن ما حدث فيما بعد وخصوصا مع الانتفاضة الثانية قد شطب كل تلك الآمال. ويرى كيبيل أن ذلك الأمل الصغير قد تم وأده بيد المتطرفين من قبل أطراف ثلاثة هم الليكود الإسرائيلي, والمتطرفون الفلسطينيون, والمحافظون الجدد. وأن إسقاط أوسلو كان هدفاً لدى هؤلاء جميعاً وأنهم نجحوا في ذلك وأن النتيجة هي ما نعيشه حالياً.
وعلى مستوى أوسع, يرى كيبيل أن ثمة هدفاً آخر اتفق عليه المحافظون الجدد مع "الجهاديين القاعديين" وهو إسقاط الأنظمة في المنطقة، وإن كان كل طرف يعلن أسبابا مختلفة وراء السعي لتحقيق ذلك الهدف. غير أن ذلك الاتفاق فاقم من عمق المناخ المتطرف وأخذه إلى أبعاد جديدة، وهنا يتوقف كيبيل ليفصل الشرح والتحليل في البنية التأسيسية والفكرية لكل من الطرفين: المحافظون الجدد والقاعديون.
المحافظون الجدد, نظروا بتشكك إلى أوسلو متسائلين عم إذا كانت في صالح إسرائيل. وفيما يتعلق بموقع الولايات المتحدة فإن هؤلاء المحافظين الجدد انطلقوا من فكرة أولوية المصالح الأميركية التي تتطابق مع دور عالمي متسع للولايات المتحدة كجزء من مسؤوليتها في الحفاظ على الأمن والسلام الدوليين بعد نهاية الحرب الباردة.
ويرصد كيبيل هنا تطور الفكر المحافظ تدريجياً خلال العقود الماضية ومؤسسة تنظيراته وحتى وصوله إلى السيطرة المطبقة على البيت الأبيض. والنقطة المفصلية تاريخياً التي حققت للمحافظين ما لم يكونوا يحلمون به هي أحداث الحادي عشر من سبتمبر، حين قدم أسامة بن لادن المسوغ الأكبر للانطلاق في برنامجهم الطموح في صياغة القرن الحادي والعشرين وفقاً لرؤيتهم.
و على صعيد ايديولوجية القاعدة والتطرف المتصاعد في الجانب الإسلامي فإن كيبيل يحلل كيف تحول فكر التنظيمات الجهادية المتشددة إلى فكرة ضرب العدو البعيد -الولايات المتحدة والغرب- بعد أن فشلت في حربها ضد العدو القريب ، أي الأنظمة العربية والإسلامية.
ويتابع كيبيل ميادين حرب المحافظين والقاعدة في العالم, من أفغانستان إلى أوروبا إلى الولايات المتحدة انتهاء بالعراق.وهو يرى أن هذين النوعين من التطرف يردان على بعضهما البعض بتطرف أشد مما يعني زيادة دورة العنف والدم, وتشييد جدار فاصل بين عموم المسلمين والغرب وتدعيم فكرة صراع الحضارات.
في داخل المعسكر الإسلامي يزداد الانشقاق أيضا بين الشريحة المتشددة وبقية المجتمع من ناحية, كما يزداد تشدد المجتمعات نفسها بسبب الضغوط الخارجية والتدخل الأميركي المحافظ عن طريق الحروب واستخدام الجيوش.
وأكثر منطقة تتمثل فيها نتائج التطرف المزدوج هي العراق، "صندوق باندورا " كما يسميه كيبيل. ففي المقام الأول كانت نظرية تغيير النظام بدعوى أنه دكتاتوري ومستبد, ثم وقع استبعاد هذه النظرية لأنها ستجلب على واشنطن أسئلة كثيرة بشأن أنظمة دكتاتورية ومستبدة عديدة تحظى بدعم الولايات المتحدة، فهل ستشن عليها جميعا حروبا؟
ثم جاءت فكرة امتلاك العراق لأسلحة الدمار الشامل وتهديده باستعمالها, ورافقتها فكرة علاقة العراق بالقاعدة وإرهابها وتفجيرات الحادي عشر من سبتمبر.
غير أن الخلاصة الحالية التي وصلت إليها واشنطن هي بالتأكيد خلاف ما هدفت إليه، فالقاعدة وجدت لها الآن أرضا خصبة تتحرك فيها وتقاتل الولايات المتحدة مباشرة، والحل الديمقراطي الموعود في العراق يبدو متباعدا, والدول الشريكة في الحرب تنسحب الواحدة تلو الأخرى. أما الدول العربية التي كانت قد خشيت من سياسة المحافظين الجدد في بادئ الأمر فهي الآن شبه مطمئنة إلى أن واشنطن قد لا تقدم على مغامرة جديدة.



#هشام_القروي (هاشتاغ)       Hichem_Karoui#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ما تغير في القاعدة
- القاعدة في أوروبا
- 2 -زيارة- لكوندي
- -زيارة- لكوندي:
- لعبة اسرائيل في العراق
- انتخاب. كوم السعودي
- العراق كمرآة
- أتراك وأوروبيون
- تركيا والهوية الاوروبية
- توجسات بعد اجتماع أوبيك
- ما جرى داخل فتح أواخر عهد عرفات
- من يخلف حسني مبارك؟
- تقرير عن المملكة
- حول فكرة- نهاية الغرب -
- ما بعد عرفات بدأ ... بإطلاق النار على خلفه
- ضغط أكبر متوقع على العرب بانتصار بوش
- حكومة كرامي تواجه صمود الصحافة
- الانسحاب من غزة
- دولة ياسين الحافظ
- ...دولة ديمقراطية ثنائية القومية


المزيد.....




- بولتون لـCNN: النظام الإيراني في ورطة ولا أساس للأمن بوجوده. ...
- الأحداث تتسارع والضربات في تزايد.. هل تنذر المؤشرات بنهاية و ...
- حفل زفاف طفلة في ديزني لاند باريس يثير استنكاراً واسعاً وتدخ ...
- بالاعتماد على استخبارات مفتوحة المصدر.. تقرير يُرجح أن إسرائ ...
- هل عقد ترامب العزم على إسقاط النظام في إيران؟
- أطفال بدو سيناء في وجه السياحة.. حين يتحول التراث إلى مصدر ر ...
- 7 أنواع من الجبن قد تفسد أطباق المعكرونة
- مخاوف أوروبية من إغلاق مضيق هرمز
- مغردون: هل وصلت المواجهة بين طهران وتل أبيب إلى ركلات الترجي ...
- شاهد.. السرايا تستهدف قوات إسرائيلية بصاروخين روسيين موجهين ...


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - هشام القروي - الفتنة والجهاد