أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - توفيق أبو شومر - الفارابي في شارع 26 يوليو














المزيد.....

الفارابي في شارع 26 يوليو


توفيق أبو شومر

الحوار المتمدن-العدد: 3632 - 2012 / 2 / 8 - 19:05
المحور: حقوق الانسان
    


(1)
إنه عجوز نحيل الجسم يبلغ السبعين، يحمل فوق كتفيه حفيدته الصغيرة التي تتشبث برأسه، ويحمل في الوقت نفسه قفة من سعف النخيل على ظهره، مملوءة بربابات موسيقية، مصنوعة يدويا، من نصف علبة مشروب، مثبتة إلى خشبة في حجم المسطرة، وفوقها خيط من النايلون، ومعها قوس خشبي يصنع الألحان، كان صوت الربابة أكبر بكثير من حجمها الصغير، فقد كان لحنها طاغيا على أصوات الشارع المكتظ بالسيارات والمشاة.
كانت حفيدته الجميلة التي لا تتجاوز الثانية من عمرها تنام على كتفه، بفعل هذا اللحن المميز، الذي يصدر عن ربابة الفارابي، التي يُشاعُ في تراثنا العربي بأنها، أضحكت الحضور، ثم أنامتهم بعد ذلك !
ولم يكن شارع 26 يوليو بعيدا عن الأحداث الدامية في محيط وزارة الداخلية في ميدان التحرير، كما أن منظر الدبابات التي كانت تجوب ميدان الأوبرا، لم يمنع الفارابي من عزف ألحانه، وبيع ربابته الصغيرة جدا، والصادحة بقوة!
هكذا هي مصر دائما، فالأحداث لا تعوق مبدعيها الباحثين عن الرزق من إظهار إبداعاتهم وتفوقهم.
وبعد مائة متر تقريبا من هذا الفارابي المبدع، يقف مبدعٌ آخر يعرض اختراعا وسط ميدان العتبة، وهو عبارة عن قطع معدنية صغيرة تجعل من حبة البطاطس وردة جميلة مقطعة بعناية تفتح شهية الآكلين، وتسهل تقطيع البطاطس إلى شرائح متساوية!
نعم إن الشعوب لا تموت إذا عاشت بأملها ، وحوَّلت آلامها إلى أعمال، هكذا هي الشعوب التي تصرُّ على الحياة، عندما يشتدُّ ألمها، وتتواصل مآسيها، غير أن أمة العرب- للأسف- لم تستفد بعدُ من أشهر الحكم والأمثال انتشارا في العالم، وهي [ الحاجة أم الاختراع]، والتي أحسنتْ شعوبُ العالم المتقدمة من توظيفها واستغلالها لرفعة شعوبها.
كثيرون يزورون مصر، ويعودون وهم يحكون قصص البؤس والشقاء والألم والمأساة فقط لاغير، وكثيرون ينسون أيضا تراث المصريين المملوء بالحضارة والإنجازات، وينسون أن مصر هي أول من اخترع ورق البردى كأول وعاء لنقل الثقافة بين الأجيال، وأن أوزوريس المصرية، زوجة إيزيس علَّمت البشرية فن التمريض والعلاج وبشَّرت بالحضارة والصناعات والفنون بكل أنواعها.
نعم إن أكبر نكبات الشعوب في العالم العربي، تكمن في اغتيال الذاكرة التاريخية في عقول النشء الجديد.
حدث ذلك عندما تولى السلطةَ الحكامُ الديكتاتوريون العرب، وقاموا بأبشع جرائمهم فاغتالوا إنجازات وحضارة التاريخ والتراث والثقافة من عقول الشبابَ العربي، وجعلوهم يحيون فقط ليومهم، وصادروا تراثهم العابق بالتعددية والانفتاح وقبول الآخر والديمقراطية، ودفنوا هذا التراث في كهوف وقبور، وكانت غايتهم هي أن ينفردوا بالإنجازات، حتى ولو كان الثمن تدمير التراث وحجبه وإلغائه من مناهج التعليم!



#توفيق_أبو_شومر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الى الهاكرز العرب
- من الغابات إلى الفيلات
- الماء أخطر من الكاتيوشا
- قراصنة جيش الدفاع يشلون مصارف غزة
- الاستبانات والاحصاءات لغة العصر
- واقع التعليم الأليم
- أحزاب وطنية لفش غل الرعية
- تقنيات اللجان في فلسطين
- عام استرجاع المبدعين
- آثارهم المعمرة وآثارنا المدمرة
- مقارنة بين احتفالين
- ماذا يفعل متقاعدو الجيش الإسرائيلي؟
- شارع الشمقمق
- الثمن تاريخنا
- صور سلاطين العربان
- ركن الدولة نتنياهو
- حزبيتهم وحزبيتنا
- أغرب معرض في إسرائيل
- مالك صحيفة هارتس والأبارتهايد
- مَن أشعل الانتفاضة العربية؟


المزيد.....




- طلاب يتظاهرون أمام جامعة السوربون بباريس ضد الحرب على غزة
- تعرف على أبرز مصادر تمويل الأونروا ومجالات إنفاقها في 2023
- مدون فرنسي: الغرب يسعى للحصول على رخصة لـ-تصدير المهاجرين-
- نادي الأسير الفلسطيني: الإفراج المحدود عن مجموعة من المعتقلي ...
- أمريكا.. اعتقال أستاذتين جامعيتين في احتجاجات مؤيدة للفلسطين ...
- التعاون الإسلامي ترحب بتقرير لجنة المراجعة المستقلة بشأن الأ ...
- العفو الدولية تطالب بتحقيقات دولية مستقلة حول المقابر الجما ...
- قصف موقع في غزة أثناء زيارة فريق من الأمم المتحدة
- زاهر جبارين عضو المكتب السياسى لحماس ومسئول الضفة وملف الأسر ...
- حماس: لا نريد الاحتفاظ بما لدينا من الأسرى الإسرائيليين


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - توفيق أبو شومر - الفارابي في شارع 26 يوليو