أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - ريمون نجيب شكُّوري - مقترحاتُ مختصٍ في الإزشادِ النفسي















المزيد.....

مقترحاتُ مختصٍ في الإزشادِ النفسي


ريمون نجيب شكُّوري

الحوار المتمدن-العدد: 3620 - 2012 / 1 / 27 - 21:40
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


آراءٌ وأفكـارٌ
7
مقتـرحـاتُ مختصٍ في الإرشادِ النفسي

أرغبُ إولاً الكتابةَ عـن حادثةٍ شخصيةٍ تعلمتُ منها درساً لـن انساه. كنتُ آنداك في حوالي العشـريـن مـن عمـري، وكانتْ فلسفـتي وقـناعاتي عـن الديـن قد تبلورتْ الى حدٍ كبيـرٍ في تلك السنيــنِ .
في أحدى تلك الأيامِ جاءتْ ثلاثٌ مـن قـريباتِ والدتي لـزيارتِنا وأسـرعتُ أنا الى إستقبالِهـنَّ عند الباب. وقبـل دخولِهـنَّ البيت وكـنَّ لا زِلـنَ على عتبةِ الدار إستعانتْ إحداهـنَّ ــ كعادةِ كثيـرٍ مـن النساءِ تلقائياً بلفظةِ ” العذغا “.( أي العذراء مـريم ) فعلَّقـْتُ أنا على الفورِ تعليقاً لاذعاً بقولٍ بسيط: " إنها لم تكـن عذراء ". كنتُ أتوقعُ أن أُجـريَ نقاشاً جاداً حول هذا الموضوعِ وأمثالِه. لكـن خاب توقعي. إذ إستدرْنَ في تلك اللحظةِ بالذات راجعاتٍ على أعقابِهـنَّ هارباتٍ مني دون أن تتفوهـْنَ بأيِ كلمةٍ وكأن ثعباناً قد لدغهـنَّ. ولم تدخـلْ ــ بعد تلك الحادثةِ ــ أيٌّ منهـنَّ عتبةَ دارِنا أبداً.
أتاحتْ لي هذه الحادثةُ التأمـلَ بما جنيتُ مـن صعقي أولئكَ النسوةِ بتعليقي البسيط (واللاذعِ بالنسبة اليهـنَّ) :
هـل أحدثتُ إهتـزازاتٍ في قناعاتِهـنَّ الدينيةِ، كما كنتُ أتوقع ؟ كلا.
هـل أيقظتُ فيهـنَّ مَلَكَةَ التفكيـرِ المنطقيِ السليمِ، كما كنتُ أتوقع ؟ كلا.
هـل أزلتُ العُـصُـبَ عـن عيونِهـنَّ المعصوبةِ، كما كنتُ أتوقع ؟ كلا.
الشيءُ الوحيدُ الذي جنيتُه هو أني جعلتُهُـنَّ تتصورنَّـني كثعبانٍ مخيفٍ ينفـرُ منه الناسُ.
أثارتْ الأساليبُ المتسمةُ بالعنفِ في طـرح ِ كثيـر مـن الناس لإنتقاداتِ الى واحدٍ مـن الأديان في كتاباتِهم أو مقابلاتِهم التلفـزيونية ــ أقولُ ــ أثارت ْعندي ذكـرياتِ تلك الحادثة. وأنا إذ أرويها في مقالي أتمنى أن يُعارَ بعضُ الإهتمامِ للسيـرورةِ الديناميةِ للتاريخِ ولـروحِ العصـرِ وأن يُعاد النظـرُ في أُسلوبِ ”الصدمةِ الكهـربائيةِ “ لمعالجة الأدمغة المغسولةِ مـن لوثِها . وهو أسلوبٌ ــ حسبَ إعتقادي ــ ذاتيُ الإحباطِ Self Defeating.
شاءتْ المصادفاتُ أن أطلِّعَ ــ أثناءَ تفكيـري بتلك الحادثةِ والكتابةِ عنها في هذا المقال ــ على كتابٍ يتناولُ أحدُ فصولِه إرشاداتٍ مُوَجَّهةٍ الى القارئِ غيـرِالمؤمـنٍ وهو في مواقفَ نقاشيةٍ شبيهةٍ الى حدٍّ ما بالموقفِ الذي مَــرَّ بي والمذكورِ آنفاً.
تسعى تلك الإرشاداتُ الى توجيهِ نظـرِ القارئِ غيـرِ المؤمـنِ نحو أساليبَ يمكـنُ تبنيها أو الإستعانةَ بها ليستطيعَ التعايشَ مع أصدقاءٍ وأٍقاربَ مؤمنيـن تعايشاً يخلو مـن توتـراتٍ عنيفةٍ وليجتنبَ إستعمالَ أساليبَ " الصدمةِ الكهـربائيةِ " الذاتيةِ الإحباط.
أما الكتابُ فعنوانُه الموجـز: "God s Virus" مـن تأليف Darrel W. Ray (والمؤلف ذو إختصاصٍ مـزدوجٍ في الإرشاد النفسي وفي الديـن ).
يُـستدَّلُ مـن العنوانِ بوضوحٍ أن المؤلفَ يستعمـلُ إستعارةً مجازيةً للديـنِ كفيـروس ــ شبيهِ التأثيـرِ بالفيـروساتِ البيولوجيةِ المعـروفة ــ لكنه يصيبُ تفكيـر المتدينيـن. تُتيح هذه الإستعارةُ للقارئِ فهماً أفضـلَ وأعمقَ لسُـلطةِ الديـنِ غيـرِ العقلانيةِ على أساليبَ تفكيـرِ كثيـرٍ مـن الناس.
إن ما يهمُنا في هذا المقالِ مـن الكتابِ هو فصـلُه التاسعُ فقط *1* الذي يقدِّمُ مقتـرحاتٍ إرشادية. وعنوانُه " تَفَهمٌ وتعايشٌ مع فيـروس الديـن". يوَّجِهُ فيه المؤلفُ معظمَ حديثِه الى شخصٍ غيـرِ مؤمـنِ محاولاً وضعَه في إطارٍ فكـريٍ يستطيعُ مـن خلالِـه رؤيةَ وتحليـلَ المعتقداتِ الدينيةِ وتفهُّمَ نفسيةَ ودوافعَ الشخصِ الآخـر كي يتمكـنَ تجنبَ مطباتِ نقاشٍ غـيـرِ مثمـر.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ في ما يأتي ملخصٌ لإرشاداتِه ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

مـن المؤكدِ أن لكـلٍ منا (سواءً كان مؤمناً أو غيـرُ مؤمـن) بعضُ الأقاربِ والأصدقاءِ مـن ذوي الإيمان الديني الشديد.
في أغلبَ الأحيان عندما نختلفُ في الـرأيِ مع شخصٍ ما، ينحو أُسلوبُ نقاشِنا نحو محاولةِ تحويـلِ رأي الشخصِ الآخـر الى إتجاهِ أفكارِنا . هذا لا بأس به ما دام موضوعُ النقاشِ في منآىً عـن الأُمورِ العقائدية والدينية. لكـن عندما يمسُّ موضوعُ الخلافِ الديـنَ فينبغي الإنتباهَ وأخذَ الحيطةِ والحذر. إذ يلقى أُسلوبُ محاولةِ التحويـلِ المتبادل ردودَ مقاومةٍ عنيفةٍ مـن كلا الطـرفيـن. في الوقتِ الذي يندفعُ الشخصُ غيـرُ المؤمـن بحماسٍ الى محأولةِ إقناعِ زميلِه المؤمـن بأن معتقداتِه ليست سوى مجـردَ مجموعةً مـن الخـرافات، فالشخصُ الآخـر بدورِه لا يستطيعُ سوى الإستجابة الى إيعازاتِ فيـروسِه الجاثمِ على تفكيـره بالدفاعِ عنه فيحاولُ صاحبُه إقناعَـكَ على رصانةِ ومتانةِ إعتقاداتِه .
مـن شبهِ المؤكدِ أنكَ أجـريتَ نقاشآَ حاداًَ مع مؤمنيـن أصدقاءٍ مقـربيـن اليكَ، وحاولتَ فيه البـرهنةَ على سذاجةِ آرائهم الدينية. وليس مـن المستبعدِ أن عانتْ علاقاتُك بهم على أثـرِ نقاشِكَ معاناةً متسمةً بشيءٍ مـن التوتـر. ومـن المـرجَّـحِ أنكَ أيضاً ساهمتَ بأساليبِـكَ النقاشيةِ والتناقشيةِ في تفاقمِ شدةِ التوتـرات.
ما الفائدةُ الممكـن أن تُـجنى مـن أمثالِ تلك الطـرائق التنقاشية ؟ أتعـززتْ علاقاتُـكَ مع الشخصِ الآخـر ؟ أتحوًّل الآخـرُ عـن معتقداتِه ؟ مـن المـرجَّحِ أن يكونَ الجوابُ عـن السؤاليـن بالنفي. إنه سلوكٌ مـن المفضَّـلِ محاولة تجنبِه قدرَ الإمكان، فسلوكُـكَ إما إن يكونَ مدفوعاً بغــرورٍ ذاتيٍ يُعـزى الى إعتقادِكَ بسلطويةِ علاقاتِـكَ على الشخصِ الآخـر وإما أن يكمـنَ فيكَ شعورٌ باطنيٌ بإهتـزازٍ في معتقـداتِـكَ أنتَ بالذات.
ينبغي أن تتذكـرَ بإستمـرارٍ أن فيـروسَ الديـن عندما ينفَذُ الى عقليةِ شخصٍ ما فإنه يستحوذُ على تفكيـرِه إستحواذاً تاما. فالفيـروس ــ وهو كعفـريتٍ يـركبُ ذلك الشخص ــ يخشى مـن فقدانِ السيادةِ المطلقةِ على عقـلِ الشخصِ فلا يتيحُ له التفكيـرَ المنطقيَ السليم ويحاولُ في أغلبَ الأحوالِ أن يُبْقيَ صاحبَه على الأُسلوبِ الهجومي في مناقشاتِه للمواضيع الدينية. كـنْ على ثقةٍ أنه سوف لـن يتحولَ أحدٌ عـن رأيِه ومعتقداتِه. وبناءً عليه فمـن المفضَّـلِ أن تضعَ حدوداً للنقاشِ وأن تجعـلَ مـن أولوياتِك الحفاظَ على علاقا تٍ طيـبةٍ مع أقاربِـك وأصدقائِـك.
ويجب ألاَّ تنسى أيضاً بإن المصابيـن بفيـروسِ الديـنِ لا يـرون ولا يسمعون إلا ما يسمحُ به فيـروسُهم مـن رؤيتِه وسماعه. كما أنهم ليسوا قادريـن على تفهمِ مشاعـر وأحاسيس آخـريـن مصابيـن مثلِهم بفيـروس دينيٍ مـن نوعٍ آخـر. إذ لو إستطاعوا التفكيـرَ والتأمـلَ بها لتمكنوا مـن التخلصِ مـن هيمنِةِ فيـروسِهم عليهم. وليس بغــريبٍ أنهم غيـرُ واعيـنَ أيضاً الى مقدارِ التشابهِ في الغيبيات التي يؤمنونَ بها والأحاسيسِ التي يحسونَ بها مع مثيلاتِها التي يؤمـنُ بها الآخـرون المتدينون بأديان أُخـرى.
إذا لم تكـنْ الهدايةُ أولويةَ الهدف مـن تناقشاتِكَ المتبادلةَ مع شخصٍ مؤمـن فينبغي العمـلُ على إبقاءِ الودِ وصيانةِ لعلاقاتِك معه (أو معها). إذن فـليكـنْ نقاشُك متسماً بالإحتـرام. آما إذا كان الهدفُ بالعكسِ هو الهداية فـتوقعاتُـك تكادُ دوماً أن تُـصابَ بخيبةِ أملٍ كبيـرة. عليك الإدراكَ أن المؤمنيـن واقعون في شَـرَكٍ نصبوه هم لأنفسهم. ولذلك لا تٌجدي العظاتُ والمحاضـراتُ والجدالاتُ والإنتقاداتُ نفعاً. إذ أن حالَهم يحاكي الى حدٍ ما حالَ المدمنيـنَ على الكحول. مـن المعلومِ أن العظاتِ العنيفةِ لـن تساعدَ المدمنيـن على التوقفِ عـن الشـرب. بـل العكس، فالجدالاتِ المباشـرةَ تعمـلُ على إزعاجِهم وتثيـرُ غضبَهم، ولـنْ يؤديَ إنتقادُ موضوعِ الإدمانِ ــ إلا ما ندرــ الى نتيجةٍ سوى الى دفعِ المدمـنِ نحو إدمانٍ أشد. عندما تتناقش مع مؤمنيـن دعْهم يتكلمون اليكَ عـن أيمانِهم وأصغِ اليهم بتعاطفٍ وإنفتاح. لا تجادلْهم بمواضيعَ تمسُْ إيمانَهم إذ أنهم ليسوا بقادريـنَ على مساءلةِ فيـروسِهم مثلما ليس بمقدورِ المدمـنِ على مساءلةِ قنينة الخمـر. وفي الوقتِ نفسِه تجنبْ الإنفتاحَ الفكـريَ أكثـرَ مما ينبغي بحيث تدعُهم يتصورون أنهم يحولونَكَ الى معتقاداتِهم، إذ أن مثـلَ هذا التصـرفِ غيـرُ ملائمٍ وينطوي على تضليـل. تجاوبْ معهم دون إصدارِ أحكامٍ مـن عندكَ . وإذا غضبوا إنصتْ الى غضبِهم لكـن لا تنجـرْ اليه. ويجبُ ألاَّ تنسى أن لا مكانَ للملاحظاتِ الساخـرةِ والتهكميةِ في هذه النقاشات. وتذكـرْ أن لا مصلحةَ لكَ في العمـلِ على إهتدائِهم الى أيِ جهةٍ كانت. هم المصابون بالفيـروس، وهم وحدُهم فقط القادرون على القضاءَ عليه. هذا الأُسلوبُ يجعـلُ حدودَ النقاش واضحة. وأعلمْ أن أيَ بادرةِ سلوكٍ تصدرُ مـن جانبِك لتحويلِهم عـن معتقداتِهم سوف تبدو حتماً أنها مناورةُ تستدعي رداً فيـروسياً عنيفاً. ولعـل أسوأَ ما يمكـنُكَ القيامُ به أثناءَ حديثِـكَ مع مؤمنيـن أن تُـلَـمِّـحَ لهم بأنهم مصابونَ بفيـروسِ الديـن.
عند الحديثِ مع شخصٍ مؤمـنٍ حاولْ تجاهُـلَ تلك الأجـزاءَ المتعلقة بما يدورُ مـن أُمورٍ دينيةٍ بأُسلوبٍ لبق. عندئذ ستتحاشى المواجهةَ المباشـرة مع " الفيـروس"، كما يساعدُكَ التجاهـلُ على البقاءِ في منآىً مـن نقاشاتِ ومحادثاتٍ بغيضة. ويجعـلُ ــ في الوقتِ نفسِه ــ الشخصَ الذي تتحدثُ اليه يشعـرُ أنكَ حقاً مصغٍ اليه. وهكذا يمكْنُـكَ أن تُـظْهِـرَ إهتمامَك بالشخصِ دون إثارةِ الفيـروس المهيمـنِ عليه. واليكَ أمثلةُ على ذلك:
إذا قـالَ أحدُهـم إن فلاناَ قد نجى بمعـجـزةٍ إلاهـية في سقوطِ طائـرةٍ، فلا تقعْ في شـركِ الإغـراءِ المنطقيِ بالتساؤلِ " لماذا لم يُـنجِ إلهاك الـركابَ الباقيـنَ بمعجـزةٍ أيضاً ؟ ". فيثارُعلى أثـرِه نقاشُ ثيولوجي لا جدوى منه. ليكـن تعليقُـكَ مثلاً بالقولِ: " لابد أن عائلتَه سعيدة جداً. أتـعلمْ عددَ الناجيـن؟ "
وإذا أبـلغَكَ مثلاً أن الـمطـرانَ قد كـلَّفَه بِجمعِ تبـرعاتٍ لبناءِ كنيسةٍ جديدةٍ فليكـنْ تعليقُـكَ على شاكلة: " أنتَ ذو شهـرةٍ واسعةٍ في قدرتِك البارعةِ في جمعِ التبـرعاتِ، إني ما زلتُ أذكـرُ أنكَ في السنةِ الماضيةِ إستطعتَ جمعَ تبـرعاتٍ للمشـروعِ الفلاني الخيـري بمقدارِ كذا ألفِ دولار خلالَ فتـرةِ يوميـن فقط "، بدلاً مـن قولِـكَ العقلاني " لماذا كنيسة ؟ ألسنا بحاجةٍ الى مدرسة؟ " *2*
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ إنتهى ملخصُ الفصلِ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

أتصورُ أنه يدورُ الآن في ذهـنِ القارئِ المتحمسِ تعليقاً وسؤالاً مُلِحاً، وأتصورُه يخاطبُني قائلاً: " بعد مـرورِ ستيـن عاماً تقـريباً على الحادثةِ الشخصيةِ التي رويتَها فلا بد أن تكونَ لتـراكماتِ خِبـرِ تلك السنيـنِ وقعٌ عليك. لندعَ العنانَ لخيالِنا ولنتصورَ أن تلك النساءَ الثلاث قد عُدْن تواً مـن زيارةٍ دينية الى العذراءِ فاطمة، وجئـنَ لـزيارتِكَ فمـن المؤكدِ أنكَ سوف لـن تستفـزهـنَّ عند لحظةِ دخولهـنَّ الدار كما فعلتَ سابقاً. أما سؤالي فهو كيف ستتصـرف لو تطـرقـنَّ في أحاديثِهـنَْ مثلاً الى موضوعِ زيارتِهـنَّ الدينيةِالى الپـرتغال *3* ؟
أقولُ رداً على سؤال القارئ : " إن ذلك الجيـل قد ذهب مع الـريح ولـن يعود وعاجلاً سيلحقه جيلي.
إنه مـن الصعبِ الإجابةُ عـن مواقف إفتـراضية. لكـن رغم ذلك سأُحاول أن أخطَ لنفسي صورةً لأُسلوبِ تعاملي معهنَّ .
أتصورُ أن أعمـلَ ــ بقدرِ ما يمكـنُ على ــ تجنبِ الخوضَ مع زائـراتي المفتـرضاتِ في مواضيعَ حساسةٍ مثـل الديـن. أما إذا أقحمـنَّ موضوعَ زيارتِهـنَّ الدينيةٍ، فربما سأحاولُ التصـرفَ كما لو كنتُ غيـرِ ملمٍ بالموضوعِ المذكور. أما إذا إستمـرَّ حديثهـنَّ فيه فمـن المـرجحِ أن أتمالكَ نفسي ولا أتفوهُ بعباراتٍ تهكميةٍ ساخـرةٍ محاولاً الإستعانةَ بنصائحَ مؤلفِ الكتابِ (الأخصائي في الإرشادِ النفسي والديـن) وهي نصائحٌ تتطلبُ تمـريناً ومهارةً. مـن المـرجحِ أني سأُصغي الى حديثِهـنَّ بإهتمامٍ كبيـر، لكـن بيـن حيـنٍ وآخـر ربما أزجُّ بتعليـقٍ أو سؤال يبدو عفوياً ساذجاً لكنه في الحقيقةِ مثيـرٌ للتأمـلِ والتفكيـرِ لمـَنْ له إستعدادٌ ذهني للتأمـلِ والتفكيـرِ المنطقي . وسوف لـن أُناقشهـنَْ على أجوبتهـنَّ سواءً كانت منطقيةً معقولةً أم لا.
فمثلاًً عـند الكلامِ عـن ظهورِ مـريم للأطفال الثلاثة أُعلق: " مـن الغـريبِ أنه لم يـرَ العذراءَ مـريم ولم يسمعْها سوى أولئك الأطفالُ السذَّج ".
وعندما يأتي الكلام عـن الشمسِ التي أخذتْ تتوهجٌ بألوانَ مختلفةٍ وتنقذفُ نحو الأرضِ لبضعةِ ثوانٍ لا بد لي مـن تعليـقٍ بسيط ٍمثـل: " يبدو أن قوانيـنَ الفيـزياءِفد تعطلتْ لبضعةِ دقائق ". ثم أبادرُهـنَّ بالسؤال: " ألم يلاحظْ أحدٌ تلك الظاهــرةَ الغـريبةَ خارج موقعِ حدوثِها ؟ "
ومما لا شكَّ فيه أنهـنَّ سيأتيـنَْ على ذِكـْـرِ معجـزاتِ حدثت ْ هناك بشفاءِ بعضِ المـرضى، أتساءلُ بسذاجةٍ وبـراةٍ " هـل حدثتْ أيُ معجـزةٍ بظهورِ ذراعِ لإنسانٍ مبتورِ الذراع ؟ ".
وليس مـن بدٍّ أن يتكلمـنِّ عـن آلاف الحجاج الذيـن يآمونَ القـريةَ فاطمة يومياً مـن كـلِ أنحاء العالم . يكون تعليقي المتسم بالبساطة: " الظاهـرُ أن القـريةَ فاطمة غدتْ مـزاراً شبيهاً بالنجف وكـربلاء ". بأمكاني تصورَ نظـراتِهـنَّ الشـزرةِ نحوي لجـرأتى على المقارنةِ السمجة (حسبَ رآيهـنَّ) . لكني سأُسارعُ بتلطيفِ الجوِ بقولي : " إن مـن المؤكـَّـدِ أن الپـرتغالَ فد إستفادتْ إقتصادياً مـن ظهور العذراء فيها".
وكي أشعـرَ بـراحةِ ضميـري عليّ عند مغادرتهـنَّ أن أقتـرحَ عليهـنَّ قـراءةَ مقالٍ أو كتابٍ مناسبٍ . لكني شبهُ متأكدٍ أنهـنَّ سوف لـن يسعيـنَ الى الحصولَ عليه ، وإذا حدثَ وحصلتْ إحداهـنَّ عليه فسوف لـن تستطيعَ أن تقـرأ منه سوى صفحة أو صفحتيـن وإذا إستطاعتْ أن تقـرأ أكثـرَ فلـن تفقهَ معناه لأن فيـروسَ الديـنِ المصابةُ به يعطِّلُ جـزءاً مـن قابلياتِها الذهنيةِ فيما يتعلقُ بالديـن .
على كـل حالِ لا أتوقعُ بعد مغادرتهـنَّ أن يتصورنني ثعباناً يفـرُّ منه الناس ، بـل ليس مـن الـمستبعـدِ أن يـكـررنَ زيـارتـَهـنَّ لي .
وهــو الــمــطــلوب !!! كـما جـرى التعبيـرُ عـنـد نهـايـةِ الــبـراهـيـنِ فـي كتبِ الـهـنـدسـة
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ الــــهــــوامــــش ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*1* اما فصولُ الكتابِ الأُخـرى فـرأيتُ مـن المفيدِ أن يطَّلعَ المؤمنونَ وغيـرُ المؤمنيـن على الآراءِ المطـروحةِ فيه فوضعتُ ملخصاً وافياً لها باللغةِ العـربيةِ لينشـرَ في للمستقبـلِ القـريب .
*2*بعبارةٍ أُخـرى: كـنْ كمصارعِ الثيـرانِ في حـركاتِه الـرشيقةِ متجنباً قـرونَ الثور. ــــ ريمون
*3*في قـرية فاطمة الپـرتغالية في سنةِ 1917 كانت فتاةٌ ذات العشـرِ سنواتٍ مـن العمـرِ تـرعى الغنمَ مع إبنة وإبـن عمها الأصغـر سناٍ . إدعى الأطفالُ الثلاثةُ أنهم شاهدوا مـريمَ العذراء التي أخبـرتْهم أنها ستظهـرُ لهم ست مـراتٍ الى 13 أُوكتوبـر حيـن ستقومُ بمعجـزةٍ كي تبـرهـنَ على أنها العذراءُ مـريم. إنتشـرَ الخبـرُ بسـرعةٍ في القـرى المجاورةِ . وفي اليومِ المحددِ حضـر حوالي 70000 شخصٍ الى المكانِ المعيَّـنِ قـربَ القـرية. وبعد إنتظارٍ طويـلٍ حدثتْ المعجـزةُ المـرتقبةُ وكانت تتعلقُُ بالشمسِ التي كانت تبدو للبعضِ كأنها تـرقصُ وللبعضِ الآخـر أنها تندفعُ نحو الجموعِ الغفيـرةِ وكان الناسُ يحدِّقونَ بها. وبعد دقائقَ عادت الشمس وضعها الطبيعي. ويقال أنه تحدثْ بيـن حيـنٍ وآخـر عددٌ مـن معجـزاتٍ لمـرضى مصابيـن بأمـراض مستعصيةٍ بشفائِهم عند زيارتِهم الموقع . ولهذا أصبحتْ قــريةُ فاطمة مـزاراً يحجُّـها آلافُ البشـرِ سنوياً. ــ ريمون



#ريمون_نجيب_شكُّوري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الإرهاب ُ والسياسة ُ الدوليةُ
- هل حمل المسيح سيفاً ً ؟
- مكانة المرأة في الأديان الختلفة
- يسوع الناصري
- إلتواءاتٌ لغويةٌ في النصوص الدينية
- ضرورة إعتماد الموضوعية عند الإنتقادات الدينية


المزيد.....




- مستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى بحماية شرطة الاحتلال الإسرائي ...
- أجراس كاتدرائية نوتردام بباريس ستقرع من جديد بحضور نحو 60 زع ...
- الأوقاف الفلسطينية: الاحتلال الإسرائيلي اقتحم المسجد الأقصى ...
- الاحتلال اقتحم الأقصى 20 مرة ومنع رفع الأذان في -الإبراهيمي- ...
- استطلاع رأي إسرائيلي: 32% من الشباب اليهود في الخارج متعاطفو ...
- في أولى رحلاته الدولية.. ترامب في باريس السبت للمشاركة في حف ...
- ترامب يعلن حضوره حفل افتتاح كاتدرائية نوتردام -الرائعة والتا ...
- فرح اولادك مع طيور الجنة.. استقبل تردد قناة طيور الجنة بيبي ...
- استطلاع: ثلث شباب اليهود بالخارج يتعاطفون مع حماس
- ضبط تردد قناة طيور الجنة بيبي على النايل سات لمتابعة الأغاني ...


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - ريمون نجيب شكُّوري - مقترحاتُ مختصٍ في الإزشادِ النفسي