أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عصمت محمد بدل - و يبقى الباب مغلقا قصة قصيرة














المزيد.....

و يبقى الباب مغلقا قصة قصيرة


عصمت محمد بدل

الحوار المتمدن-العدد: 3614 - 2012 / 1 / 21 - 11:36
المحور: الادب والفن
    



قصة و ترجمة: عصمت محمد بدل
يمرالليل ثقيلا، عيناها اللتان تنتظران مجيئه تتعبان، تتألمان، لكنهما لا تنطبقان، تطفو جل الافكارو التخمينات في ذهنها، اكثرها تشاؤما، و بعدها المتفائلة تحل محلها" لم يفعلها قبلا، في المرات السابقة كان عندما يخرج من القرية، يعود قبل مغيب الشمس، اليوم استيقظ باكرا، كان متجهما كأنه رأى حلما مزعجا، حاولت معرفة ما يعانيه، لكنه لم يفصح عن اي شيء، قال:
- سأمضي الى تلك القرية، سأقابل صديقا لي.
"لم يحدث ان تركنا لوحدنا، ليس لنا احد في هذه القرية، انا و اطفالي لوحدنا، بعد ان فر من الخدمة في الجيش لم استطع ان اتحمل ضغوطات الامن وقدمت الى هنا، هو يعرف انه في غيابه لن يقر لنا قرار، لم نتعود على هذا الجو، قضينا جل حياتنا في المدينة و اليوم نعاني بسبب هذه الظروف السيئة" .
يمضي الليل ثقيلا، يزداد خوفها و قلقها، وضعت القنديل بجانبها، جالسة أمام النافذة الصغيرة المواجهة للباب الخارجي للمنزل، عندما غابت الشمس و عاد اطفالها من ازقة القرية، كانت تعد العشاء، رجفان قلبها لم يهدأ، اخرت العشاء قدر استطاعتها، تقول: سيجيء، كيف سيتركنا، بسببنا ترك الجيش، كان سيغيب عنا لاشهر عدة، كذلك هنا، بعد فراره، ارسل في طلبنا باكرا، كما انه لم يحمل سلاح اي فصيل لكي لا يبتعد عنا، مكث في القرية، يعمل احيانا في حقول اهالي القرية للحصول على ما يكفي معيشتنا.
قالت ابنتها ذات العشر- اثنتا عشرة سنة:
- اين ابي لمَ لم يات بعد؟
حاولت جاهدة ان تخفي الخوف البادي على وجهها:
- سيأتي، الآن سيأتي يا ابنتي.
اعدت العشاء، جمعت اطفالها و اطعمتهم، حاولت لكنها لم تستطع ان تأكل حتى لقمة واحدة، اطفالها غلبهم النعاس و ملعقة الطعام لم تزل في افواههم، وضعت كل واحد منهم في فراشه، اقنعت نفسها و قالت:
- سيأتي لا محالة، محال ان لا يأتي.
يغدو الليل بحرا لا متناهيا، يرتفع القمر في رقعة السماء، ينشر ضوءا خجولا على القرية و ما يحيطها، تنهض بين فينة و اخرى تتجول داخل الغرفة، تنظر الى اطفالها، غطوا في نوم هانيء، تلتقط اذناها في صمت ليل القرية جميع الاصوات، تمنحها تفسيرات شتى، تسمع نباح الكلاب قادما من محيط القرية، صفير الرياح تهز الاشجار، صوت شهيق و زفير اطفالها نائمين متراصفين بهدوء جميل و ببرائة في طرف الغرفة.
عيناها و من خلال النافذة الصغيرة للغرفة متعلقتان بباب باحة الدار، صوت الاذان يخترق صمت القرية، شيئا فشيئا يبدد ضوء الفجرظلام ليل القرية. يغيب القمر، تضيء نجمة الصباح و تغيب، كل الاشياء التي كانت تبدو لها كالاشباح في الليل تستعيد ملامحها، شجرة التوت، الملابس التي نشرتها على الحبل، بيوت الجيران، الجبل العالي المطل على القرية، عيناها تبدوان مغبشتان من النعاس، يميل رأسها من التعب و الاعياء بجانب الحائط، تتقدم الفرسان السود من الجهة الجنوبية للقرية، تستولي دون رحمة على القرية، لا يميزون بين كبير و صغير، امرأة و رجل، شيخ و شاب، ما لا يقدرون على حمله يحرقونه، يقتلونه، تغيب بين الدخان و الدم، لا تجد نفسها، لا تعثر على زوجها، تجد اطفالها لمَتهم عاصفة ترابية كبيرة جدا، ترتفع، تغيب، ابنتها ذات العشر-اثنتي عشرة سنة تطل عليها:
- امي... امي... ما بك تصرخين؟
تجفل، تنظر من النافذة الى باب الدار، لم يزل مغلقا، تنهض، تبسمل، تحاول اخفاء الخوف البادي على محياها، تصحي اطفالها، تغسل اياديهم و وجوههم، تطعمهم الفطور، تسمع ضجيجا قادما من القرية، تركض الى الخارج، الجميع أمسكوا بايدي اطفالهم، تشاهد هلعا كبيرا خلف عيونهم.
- وا ويلاه، ماذا افعل باطفالي؟!
ارادت ان تنتظر زوجها، لكنها لم تتحمل نداءات القرويين، فامسكت بأيدي اطفالها و تبعتهم.
2006 سيميل




#عصمت_محمد_بدل (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حلم صغير
- عطش


المزيد.....




- عام فني استثنائي.. 5 أفلام عربية هزت المهرجانات العالمية في ...
- صناع فيلم -الست- يشاركون رد فعل الجمهور بعد عرضه الأول بالمغ ...
- تونس.. كنيسة -صقلية الصغيرة- تمزج الدين والحنين والهجرة
- مصطفى محمد غريب: تجليات الحلم في الملامة
- سكان غزة يسابقون الزمن للحفاظ على تراثهم الثقافي بعد الدمار ...
- مهرجان الكويت المسرحي يحتفل بيوبيله الفضي
- معرض العراق الدولي للكتاب يحتفي بالنساء في دورته السادسة
- أرشفة غزة في الحاضر: توثيق مشهد وهو يختفي
- الفنان التركي آيتاش دوغان يبهر الجمهور التونسي بمعزوفات ساحر ...
- جودي فوستر: السينما العربية غائبة في أمريكا


المزيد.....

- زعموا أن / كمال التاغوتي
- خرائط العراقيين الغريبة / ملهم الملائكة
- مقال (حياة غويا وعصره ) بقلم آلان وودز.مجلةدفاعاعن الماركسية ... / عبدالرؤوف بطيخ
- يوميات رجل لا ينكسر رواية شعرية مكثفة. السيد حافظ- الجزء ال ... / السيد حافظ
- ركن هادئ للبنفسج / د. خالد زغريت
- حــوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الثاني / السيد حافظ
- رواية "سفر الأمهات الثلاث" / رانية مرجية
- الذين باركوا القتل رواية ... / رانية مرجية
- المسرواية عند توفيق الحكيم والسيد حافظ. دراسة في نقاء الفنون ... / د. محمود محمد حمزة
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة. الطبعة الثانية / د. أمل درويش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عصمت محمد بدل - و يبقى الباب مغلقا قصة قصيرة