أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عصمت محمد بدل - حلم صغير














المزيد.....

حلم صغير


عصمت محمد بدل

الحوار المتمدن-العدد: 2626 - 2009 / 4 / 24 - 06:08
المحور: الادب والفن
    


لم یستطع في تلك اللیلة النوم لفرط سعادته، ولم یکن یصدق متی سیطلع النهار لکي یخرج بطابته، التي جلبها له اخوه ذلك المساء، الی بیادر القریة ویلعب بها مع رفاقه کرة القدم.

في منامه، کان یمرر الطابة بقدمیه الصغیرتین بین اقدام الاطفال ویصل بها حتی یدخلها الهدف، کان القرویون جمیعهم، رجالا ًونساءاً، کبارا ًوصغاراً، یتحلقون حول البیدر، ینظرون الیه ویصفقون له .

وعندما افاق في الصباح الباکر وخرج من باب دارهم دون ان یغسل وجهه أو یتناول طعام الافطار، کان اطفال القریة واقفین امام الباب في انتظار خروجه، ادرك ان خبر طابته قد انتشر لیلة امس بین اطفال القریة، وحتی الاطفال الذین کانواعلى خلاف معه، کانوا معهم وقد هیأوا انفسهم، من اجل الطابة، للتصالح معه .

ما ان لمحوه خارجا ًحتی نادوا علیه جمیعا، فاسرع هو ایضا یتقدمهم في ازقة القریة الضیقة، وبمحاذاة الاشجار المعمرة في مقبرة القریة اتخذوا سبیلهم نحو البیادر .

کانت عیونهم جمیعا معلقة بالطابة، شیئ جدید یرونه لأول مرة، کان الاطفال الذین یمشون بجانبه یطلبون منه بین الفینة والاخری لمسها فقط لکنه کان قد اطبق علیها بیدیه وکأنه یمسك بشیئ مقدس، إن افلته فانه لن یستعیده مجددا .

کان قد توسل الی اخیه وترجاه کثیرا ًان یجلب له طابة من المدینة عندما تنتهي دراسته هناك وتبدأ العطلة الصیفیة، والیوم تحققت امنیته، لكنه لا یعرف کیف یتعامل معها .

کان ینظرالی الاطفال وهم یتطلعون بدهشة وذهول ورغبة کبیرة الی طابته، کان یخشی ان ینتزعوها من بین یدیه ویأخذوها، عندها ماذا عساه یفعل؟ وعندما وصلوا الی البیدر وقعت الطابة من یدیه الصغیرتین علی الارض، لم یتوان بقیة الاطفال من الهجوم علیها دون ان یفکروا في امر تشکیل فریقین وان یضعوا حجارتین في کل طرف من اطراف البیدر وجعلهما بمثابة هدفین ویذهب حارسان لحمایة مرمی هدفیهما، کان کل واحدٍ یسرع للوصول الی الطابة ورکلها دون ان یفکر بأي اتجاه تذهب وبقیة الاطفال یعدون وراءها کسرب نحل عسل .

کان یحاول عبثا ًاللحاق بطابته، فخطواته الصغیرة لا تسعفه للتقرب منها وضاعت صرخاته ونداءاته في فوضی الاطفال وصخبهم وضجیجهم، وبمرور الوقت ازداد عدد الصبیة الكبار في اللعب وسادوا علی الاطفال الصغار واخذوا زمام اللعبة والملعب منهم في النهایة .

اما هو الذي لم یفلح في رکل الطابة بعد فقد اضطر، سواء بسبب تعبه ولهاثه من الرکض خلف الطابة او بسبب فقدانه الامل من الاقتراب منها، الی الانسحاب مع بقية الاطفال الذین في سنه والاصغر منه الی حافة البیدر وهو ینظر بألم وحسرة وعبرة خانقة الی طابته وهي تنتقل بین اقدام الصبیة الکبار، کان کل واحد منهم یصل الیها یرکلها بکل قوته، لم تکن عیونه لتغفل عن طابته، کان قد اجهد تفکیره في کیفیة تخلیص طابته واستعادتها، لکنه لم یتمکن من فعل شیئ .

في لحظة ما فکر، ربما ُترکل الطابة بقوة ذات مرة وتخرج بعیدا ًمن البیدر، عندها سیرکض بسرعة ویلحق بها ویأخذها الی بیتهم. فجأة ، شاهد الطابة وهي تندفع عالیا ًفي الهواء ثم تهوي في المنحدر، لحق بها الجمیع .

تناهی صوت الی مسامعه :

- والله لقد سقطت الطابة في النهر !

تحولت العبرة في صدره الی بکاء، وسع من خطواته الصغیرة، اسرع في العدو، وعندما وصل الی اعلی المنحدر المطل علی النهر ودون ان ینتبهوا لوجوده سمعهم یقولون :

- والله لقد اخذت موجات النهر الطابة ولن یتمکن احد من اخراجها .

ترجمة: سامي الحاج



#عصمت_محمد_بدل (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عطش


المزيد.....




- مصر.. أسرة أم كلثوم تحذر بعد انتشار فيديو بالذكاء الاصطناعي ...
- تراث متجذر وهوية لا تغيب.. معرض الدوحة للكتاب يحتفي بفلسطين ...
- -سيارتك غرزت-..كاريكاتير سفارة أميركا في اليمن يثير التكهنات ...
- -السياسة والحكم في النُّظم التسلطية- لسفوليك.. مقاربة لفهم آ ...
- كيف تحوّلت الممثلة المصرية ياسمين صبري إلى أيقونة موضة في أق ...
- تفكيك مشهد السلطة في الجزيرة السورية
- تفاصيل حوار بوتين ولوكاشينكو باللغة الإنجليزية في الكرملين ( ...
- الخارجية الألمانية تنشر بيانا باللغة الروسية في الذكرى السنو ...
- الجيش الباكستاني ينتقد تصريحات نيودلهي: متى ستنتقل الهند من ...
- انطلاق فعاليات الدورة الرابعة والثلاثين لمعرض الدوحة الدولي ...


المزيد.....

- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عصمت محمد بدل - حلم صغير