أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - محمد السينو - الارهاب السلفي الوهابي عار على الاسلام الجزء الثاني















المزيد.....

الارهاب السلفي الوهابي عار على الاسلام الجزء الثاني


محمد السينو

الحوار المتمدن-العدد: 3611 - 2012 / 1 / 18 - 19:59
المحور: الارهاب, الحرب والسلام
    


انتهت مؤخراً أطول قضية قضائية متعلقة بالإرهاب في بريطانيا بإدانة ثلاثة أشخاص كان في نيتهم تفجير طائرات محلقة فوق ألأطلسي و قتل ما يقارب 10000 بريء، و هذه القضية ما هي ألا حلقة من عدة حلقات تذكر الجميع بخطر الإسلاميين في بريطانيا.
تعتبر مؤسسة ألأرث ألثقافية الإسلاميين في بريطانيا خطراً على أمن الولايات ألمتحدة، ويشاركها الراي صحيفة ألجمهورية ألجديدة. كذلك أصدر وزير ألداخلية ألبريطاني ملفاً عام 2003 مستنتجاً فيه أن بلاده قاعدة إرهاب لا يمكن الاستهانة بخطرها. أما وكالة المخابرات ألمركزية فقد استنتجت في 2009 خطورة البريطانيين من أصل باكستاني على أمن أمريكا مشيرة الى دخولهم بدون تأشيرة.
أصدر مركز لندن للتضامن الاجتماعي تحت أشراف دوغلاس موري مؤلفاً تحت عنوان الإرهاب الإسلامي و الارتباط ألبريطاني كتبه روبن سموكس، حنا ستيوارت، و حورية أحمد. يحتوي ألمؤلف على سجل لجرائم معروفة بصلاتها الإسلامية، حيث أن طبيعة ألحدث تشير الى كون العقيدة الإسلامية هي ألمحفز ألرئيسي. فترة ألدراسة تناولت حوادث ممتدة من 1999 الى 2009، محتوية على معلومات ل 127 مدان أو منتحر في بريطانيا ، و سيرة ذاتية ل 88 مرتكبي جرائم ذات صلات إسلامية و مرتكبة خارج بريطانيا.
معظم هؤلاء من ألمجموعة ألأولى من عامة ألمسلمين ألذين تم غسل عقولهم بأيديولوجية إسلامية متطرفة، رغم أن الجميع كان يتمنى تصنيفهم كأفراد عدائي الطبع و مضطربين ألعقول. تقدر أجهزة ألأمن ألبريطانية بان هناك 2000 شخص يعيشون في بريطانيا يوجهون خطراً أمنياً داخلياُ، و على ما يبدوا ان ميثاق السلام بين بريطانيا و مواطنيها من ألمسلمين غير ساري المفعول و ربما أن خطر الإرهاب يواجها اكثر من بقية بلاد الغرب باستثناء إسرائيل.
أما ألمجموعة ألثانية فهم إسلاميون يوجهون خطراً لبلاد خارجية، ولكن ألقائمة غير شاملة و لم تخضع لتحليل إحصائي. ألعينة ألمدونة تحمل أسماء دول و عدد ألمتواجدين فيها من الإسلاميين ذي أتصال بريطاني وهي: أفغانستان(12)، ألجزائر(3)، أستراليا(1)، أذربيجان(1)، بلجيكا(2)، بوسنيا(4)، كندا(1)، فرنسا(7)، ألمانيا(3)، الهند(3)، ألعراق(3)، إسرائيل(2)، إيطاليا(4)، ألأردن(1)، لبنان(1)، المغرب(2)، هولندا(1)، باكستان(5)، روسيا(4)، ألسعودية(1)، صوماليا(1)، إسبانيا(2)، الولايات ألمتحدة(14)، أليمن(10). كذلك يمكن اضافة ألبانيا حيث حدث هجوم إرهابي قبل 1999 و بنغلادش و كينيا.
تعرضت 28 دولة لاعتداءات ذات مصدر إسلامي بريطاني، و معظم البلدان أما غربية أو ذات أغلبية مسلمة باستثناء الهند، و ألغريب أن ثالوث الأغلبية مشكل من أمريكا و أفغانستان و أليمن.
سؤالان لا بد من طرحهما اولهما متى ستدرك ألسلطات ألبريطانية أن تحسين شؤون ألمسلمين و مغازلة الإرهابيين منهم تخلو من صواب ألأيديولوجية، و ثانيهما أن الحوادث أعلاه ذات الصلة ألبريطانية لا تقوي ألا نفوذ الإسلاميين و عاجلاً أم آجلاً سيصبون عدوا نيتهم تجاه البلد ذاته. و رغم أن الكلمة ألأخيرة قد تكون خالية من الذوق، و لكن حان وقت مراجعة تأشيرات الدخول لدول أخرى لما يقارب 1 – 2 % من ألبريطانيين ألمسلمين، و هذا صراحة أقل شراً من تفجير مدمر و قاتل.
يواصل ألمسرح ألتركي ألإسلامي تكرار فعالياته ألمستهدفة سحب شرعية ألوجود ألإسرائيلي، وكان آخر عروضه أسطول تحرير غزة في نهاية شهر مارس. كانت نتائج ألحدث مؤسفة بعدم قدرة ألكادر ألإسرائيلي استيعاب وسائل ألحرب ألجديدة عالمياً، و على ضوء ذلك لا بأس من ألتدقيق في دراسة ألسياسة ألتركية ألإسلامية ألمعاصرة وانعكاس ذلك على توقعات مستقبلية.
انهارت ألدولة ألعثمانية بعد جهود دامت 150 عاماً لتحديثها بدون جدوى، لتقوم بعدها ألجمهورية ألتركية بزعامة ألجنرال ألعثماني كمال أتاتورك ألذي تشدد بتأسيس منظومة غربية ، وبالغ في ذلك إلى درجة إصراره على استبدال ألسجاد في ألجوامع بمقاعد خشبية كما هو ألحال في ألكنائس. على الرغم إن سكان تركيا برمتهم إلى حد ما من ألمسلمين فان أتاتورك كان مصراً على علمانية دولته حتى وفاته في عام 1938. لم ينجح أتاتورك تماماً في كسب تأييد شعبه بجمعه، ومع الوقت كان لا مفر من مؤسسته التعايش مع العواطف الدينية لجمهورها، وتولي العسكر ألتركي مهام إبقاء ذكراه و علمانية نظامه على قيد الحياة إلى منتصف ألتسعينيات.
كان دخول ألإسلاميين إلى أروقة ألسلطة من خلال نمستن أربكان في ألسبعينيات ألذي تولى منصب نائب رئيس ألوزراء 3 مرات، حتى تولى بنفسه رئاستها لعام واحد في 1996 - 1997 ، وساعده في ذلك تدهور ألأحزاب ألسياسية ألرئيسية وفسادها ألإداري، ولكن ألعسكر ألتركي تولى تنحيته من خلال انقلاب عسكري. سارع تلاميذ أربكان بزعامة رجب طيب أردوغان بتشكيل حزب ألعادلة و ألتطور أو أل AKP ( عدالات كالاني بارتيزي ) ألذي وصل ألي ألسلطة في 2001 بعد فوزه ب 34% من ألأصوات التي تحولت إلى 66% من ألمقاعد ألبرلمانية. أثبت أردوغان كفائتة في أدارة ألدولة و ازدادت شعبية ألحزب ألحاكم ألذي نجح بالفوز بانتخابات 2007 بأغلبية أكثر. بعدها سارع ألنظام بتهميش ألقيادة ألعسكرية، استعمال نظرية ألتآمر للقضاء على خصومه، تغريم أحزاب ألمعارضة بما يقارب 2.5 بليون دولار قضائياً، تصوير زعيم ألمعارضة في وضع عمل جنسي لا يحسد عليه، و ألمضي قدماً في تعديل ألدستور.
أما على صعيد ألسياسة ألخارجية بقيادة أحمد دافتوكلو، فكانت ألغاية استعادة موقع ألقيادة في الشرق ألأوسط. تشدد موقف تركيا من معضلة قبرص، دخلت في مطب ألملف ألنووي ألإيراني و الصراع ألعربي ألإسرائيلي، و دعمت ألسلطة منظمة خيرية لها ارتباطات بالقاعدة.
أن ألسياسة ألتركية أليوم لها أبعاد ذات حدين للشرق ألأوسط و ألعالم ألاسلامي، و لقد نوهت و صنفت سابقاً ألتطرف ألإسلامي بالصنف رقم 1 ألذي يتصف بعلانية ألعنف بقيادة آية ألله الخميني و أسامة بن لادن، أما ألصنف ألسلامي ألمتطرف رقم 2 متمثلا بالزعامة ألتركية فهو أكثر خطراً و فعاليةً. أن ألتطرف ألإسلامي يتخلى عن اعتداله تدريجيا بمجرد وصوله ألي ألسلطة كاشفاً عن جذوره ألمتطرفة، وكما يوضح مارتن كريمر قائلاً: " كلما ابتعد ألأسلاميون عن ألسلطة أزداد ضبط ألنفس و ألعكس صحيح ". ورغم كل ذلك لا بد من ألإشارة بأن إل AKP تحتوي على عناصر أخرى قد تضع حداً للممارسات ألحكومية، فهناك حركة فتح ألله كولن ألشعبية، حركة عدنان أوكتار ألدعائية و غيرها. أستنكر كولن علنيا مسرحية أسطول تحرير غزة مشيراً إن مثل هذه ألأمور لا تؤدي إلا إلى صراعات تركية داخلية. كذلك فان التصنيف ألعالمي لأردوغان كونه ديمقراطي اسلامي غربي معتدل قد تم استبداله بجلوسه على مكوك طهران – دمشق – أنقرة. ربما قد نجحت تركيا في تبوأ مقعدها ألقيادي في ألمنطقة كما يهوى دافتوكلو، و لكن يا ترى هل سيستمر دعم حلف شمال ألأطلسي لها، وهل حان ألوقت لدعم ألمعارضة ألتركية ألسياسية ؟.
حوالي الساعة الرابعة مساءً في يوم 28 يوليو، عشية السبت اليهودي، قام إرهابي مسلم من أصول باكستانية اسمه نافييد أفزال حق بإجبار فتاة تبلغ الرابعة عشر عمراً على مساعدته في دخول مبنى الاتحاد اليهودي لسياتل الكبري (جيويش فدراشن أوف جراتر سياتل) بأن وضع فوهة مسدسه في ظهرها، ثم أخرج مسدسين نصف-آليين من العيار الكبير كان قد ابتاعهما تواً ثم دخل في حالة من الهياج القاتل. قتل السيد حق إمرأة، اسمها بام ويشتير عمرها 58 عاما، كانت تشغل وظيفة مساعد مدير الاتحاد، وجرح خمسة آخرين، واحدة منهم حامل في الأسبوع السابع عشر.
أفاد شهود عيان أن حق أعلن، "أنا أمريكي مسلم؛ أنا غاضب على إسرائيل،" ثم بدأ في إطلاق النار؛ وأنه "أخبر الشرطة أنه يحتجز رهائن وأنه يريدنا أن نستعيد أسلحتنا من إسرائيل" وأنه مستاء مما يحدث في إسرائيل. وأعلن حق للموظف الذي كان يستقبل الاتصالات الهاتفية بـ 911: "أريد من هؤلاء اليهود أن يخرجوا ويذهبوا بعيدا . . . أنا مستاء من سياستكم الخارجية. هؤلاء يهود. لقد سئمت وتعبت من كثرة الضغوط من حولي، وشعبي يعاني من كثرة الضغوط من حوله بسبب الموقف في الشرق الأوسط. . . . أنا أمريكي أيضا لكني فقط أود أن يخرج شعبي من العراق."
بعد حوالي 12 دقيقة قام السيد حق، 30 عاما، وبهدوء بتسليم نفسه إلى الشرطة. تم توجيه تهمة القتل المتعمد من الدرجة الأولى له، ومن ثم تم وضعه في السجن حيث لا يحق في مثل هذه الحالات إطلاق سراح المتهم حتى موعد محاكمته بعد دفع كفالة.
هذه المجزرة تدفعنا للعديد من التأملات.
أولاً، تجاهلت أجهزة تنفيذ القانون، كما هي عادتها، أن القضية كما هو واضح وبين قضية إرهاب إسلامي متطرف. صرح دافيد جوميز من مكتب الإف بي آي بسياتل: "نعتقد ... أن القضية هي قضية فرد واحد تصرف بدافع الكراهية. لا يوجد ما يشير إلى أنها ذات صلة بالإرهاب." وكما هو الحال في قضايا أخرى، إذا لم تتمكن الشرطة من ربط الإرهابي بالقاعدة أو بأي جماعة إرهابية أخرى فهي لا تعتبره إرهابياً.
ثانيا، تشير كراهية وعنف المسلمين تجاه اليهود إلى أن العصر الذهبي للجالية اليهودية الأمريكية يقترب من نهايته. من المفارقات، أنه في أبريل 2002، وفي نفس المبنى الذي ارتكب فيه السيد حق جرائمه، تناولت هذه المسألة أمام جمهور من الزعماء اليهود، الذين بدا أنهم لم ينتبهوا لرسالتي. لقد أظهرت رئيسة الاتحاد اليهودي لسياتل الكبري (جيويش فدراشن أوف جراتر سياتل) روبين بوهلير أن تحذيراتي لم تجد أذانا صاغية عندما تحدثت عن جرائم السيد حق قائلة "لم نكن نعتقد أن شيئا كهذا يمكن أن يحدث."
ثالثا، ليس السيد حق بشخص يثير شبهات الجهاد. لقد جاء والداه ميان وناهيدا إلى الولاياتالمتحدة في سبعينات القرن الماضي، حيث وُلِد نافييد. عمل والده بموقع نووي تابع لشركة هانفورد. عندما كان نافييد في المدرسة الثانوية فاز بجائزة مقدارها 250 دولاراً أمريكياً لحصوله على المركز الثاني في مسابقة في كتابة المقال تحت رعاية معهد الولايات المتحدة للسلام(يو اس انيستيتيوت أوف بيس). تخرج بمرتبة الشرف في البيولوجي (علم الأحياء) من رينسلير بوليتيكنيك إنستيتيوت وحصل على درجة جامعية ثانية في الهندسة الكهربائية من واشنطن ستات يونيفيرستي. وكان قد درس أيضا في جامعة بنسلفانيا.
أحد زملاء الدراسة السابقين يتذكر أنه رأى السيد حق مرة يجلس في بار أو حانه بمفرده يحتسي الكحول، كذلك انضم السيد حق إلى مواقع الشبكة الإليكترونية المتخصصة في العلاقات الاجتماعية. تتضمن صحيفته الجنائية انتظار الحكم في تهمة السلوك الخليع حيث قام في شهر مارس بفتح سحاب سرواله في مجمع للتسوق وقام بتعرية نفسه أمام إمرأة شابة. وقف أمام المحكمة عدة مرات بخصوص أمور مثل مخالفات مرورية والحصول على منافع البطالة دون حق. الأكثر إثارة للدهشة، أنه قد تم تعميده في كنيسة كلمة الحق (ورد أوف فايث تشُرش) في ديسمبر الماضي، إلا أنه عاد سريعا للإسلام.*
رابعاً، أفعال السيد حق هي مثال واضح على "مرض الجهاد المفاجيء،" حيث نجد مسلمين يبدو عليهم السواء ينقلبون إلى درجة عالية من العنف بصورة لا يمكن توقعها. إن الهجوم الذي قام به السيد حق إنما يؤيد دعوتي المتكررة للتدقيق وتفحص المسلمين والتحري عنهم بصفة خاصة. ولأنه لا يمكن توقع هوية الجهادي الانتحاري التالي، لابد أن يتم وضع المسلمين بصفة عامة تحت الملاحظة الدقيقة. أنا آسف على الكتابة في هذا الأمر، بنفس الدرجة التي تكرهون بها القراءة عنه، ولكن لابد من قول هذا ولا بد من التعامل معه.
خامسا، إن مرض الجهاد المفاجيء لا يندلع ولا ينشأ في صورة منعزلة عما يدور حولنا، بل ينشأ عن وجبة دائمة من التحريض على معاداة السامية ومعاداة الصهيونية ومعاداة المسيحية ومعاداة كل ماهو أمريكي، تعدها وتقدمها المساجد والمدارس والروابط التطوعية ووسائل الإعلام الإسلامية المتطرفة. ويشارك اليسار السياسي في المشكلة حيث يقوم بتصوير إسرائيل على أنها مصدر الشر.
يؤيد من يعرفون السيد حق أن هذا الوابل من التأثيرات قد قام بتشكيل رؤيته ووجهات نظره. يذكر واحد منهم أن "حق لم يكن يحب الرئيس بوش." وقال آخر أن السيد حق "كان يُظهر طابعا معاديا للسامية، وفي بعض الأوقات كانت تصدر عنه تعليقات عدائية غير مهذبة على اليهود." واشتكى من أن "اليهود يديرون ويتحكمون في وسائل الإعلام" وكان يؤمن أن اليهود يسيطرون على اقتصاد الولايات المتحدة.
تقع مسؤولية ثورة السيد حق القاتلة على الجاني نفسه وعلى الإسلاميين المتطرفين واليساريين الذين تلاعبوا بعقله المشوش وشخصيته سهلة الاستهواء.
في كتاب ممتاز وجدير بالانتباه صدر لتوه عن مطبوعات جامعة كاليفورنيا بعنوان "فهم الجهاد" يرفض ديفيد كوك (من جامعة رايس) النقاش الواهن الذي برز منذ 11 سبتمبر حول طبيعة الجهاد: فيما إذا كان شكل من أشكال الحرب الهجومية أو (بلطافة أكثر) نوعاً من تهذيب النفس الاخلاقي.
يرفض السيد كوك زعم جون إيسبوسيتو حول الجهاد على أنه "تافه ومضحك" ذلك أنه يدل على "السعي من أجل حياة خيّرة." يثبت السيد كوك بشكل قاطع أن الجهاد كان على مر التاريخ كما في الحاضر يعني بشكل أساسي أن "الحرب ذات أهمية روحانية".
يكمن إنجاز كوك في رسم صورة لتحول الجهاد منذ محمد وحتى أسامة (بن لادن)، متابعاً كيف تغير مفهوم الجهاد خلال الأربعة عشر قرناً. لا ينصف هذا التلخيص بحث كوك الشامل وأمثلته الغزيرة وعمق تحليله، ومع ذلك فإن هذا المخطط الموجز يوضح مسار الجهاد.
يدعو القرآن المسلمين لتقديم حيواتهم مقابل دخولهم الحتمي إلى الجنة.
يشرح الحديث النبوي القرآن معطياً إياه توصيات خاصة بالمعاهدات والدفع والغنائم والسجناء والوسائل التكتيكية وأشياء أخرى كثيرة. بعد ذلك صاغ فقهاء الإسلام هذه الوصايا عل هيئة تشريع.
انشغل الرسول خلال سنين حكمه بحروب عسكرية وصلت بمعدلها إلى التسع في السنة، أو حرب واحدة كل ستة أسابيع؛ وهكذا فإن الجهاد ساعد في تعريف الإسلام منذ فجره الباكر. فقد كان غزو وإذلال غير المسلمين هي السمة الرئيسية في جهاد الرسول.
"كان الجهاد يترجم بوضوح على شكل عدواني وتوسعي" خلال القرون الأولى للإسلام. وبعد أن خمدت الفتوحات لم يعد ثمة تهديد لغير المسلمين، إذ تبلورت مفاهيم صوفية عن الجهاد مضفية عليه معنى اروحياً (الارتقاء بالذات) يكمل المعنى المادي له.
أعطت الحملات الصليبية، التي حاول بها الأوربيون طيلة قرون السيطرة على الأرض المقدسة، الجهاد من جديد صفة الإلحاح ودفعت إلى ما يسميه كوك نظرية الجهاد "الكلاسيكية" ونظراً لإيجاد المسلمين أنفسهم في مواقع دفاعية فقد تصلبت مواقفهم.
لقد أخضعت الحملات المغولية في القرن الثالث عشر معظم أجزاء العالم الإسلامي، وتلك كانت الكارثة التي خفّت جزئياً إزاء اعتناق المغول الصوري للإسلام. بعض مفكري الإسلام، وابن تيمية (المتوفي عام 1328) على وجه التحديد، ميز بين المسلمين الحقيقيين والزائفين، وبحسب ابن تيمية فإن إيمان المرء يقترن بمدى استعداده لشن الحرب (الجهاد).
شن مسلمون "حملات جهاد تطهيرية" في القرن التاسع عشر في بقاع عدة ضد أقرانهم من المسلمين ومن أكثرها تطرفاً كان الجهاد الوهابي وعواقبه في الجزيرة العربية. واستناداً إلى تعاليم ابن تيمية فقد وسم الوهابيون كل مسلم غير وهابي بميسم الإلحاد (الكفر) وأعلنوا الجهاد عليه.
لقد ألهمت الامبريالية الأوربية المقاومة الجهادية وبشكل خاص في الهند والقوقاز والصومال والسودان والجزائر والمغرب إلا أن هذه المحاولات جميعها باءت بالفشل. وبذلك أعنت هذه الكارثة أن هناك حاجة لنمط جديد من التفكير.
بدأ نوع من التفكير الإسلامي الأصولي في مصر والهند خلال العشرينات (من القرن الماضي)، لكن الجهاد اكتسب ماهيته المعاصرة كحرب هجومية متطرفة مع ظهور المفكر المصري سيد قطب (الذي توفي عام 1966). فقد طور قطب مفهوم ابن تيمية القائم على التمييز بين المسلمين الحقيقيين والزائفين ليعتبر أن اللاأصوليين هم ليسوا بمسلمين وليعلن بعدها الجهاد ضدهم. وبعد ذلك أضافت المجموعة التي اغتالت أنور السادات عام 1981 فكرة أن الجهاد هو طريق للسيطرة على العالم.
وأما الخطوة النهائية (إلى هذا الحد) في تحول مفهوم الجهاد فقد جاءت مع الحرب ضد السوفييت في أفغانستان حيث تجمع الجهاديون وللمرة الأولى من أصقاع العالم ليقاتلوا في سبيل الإسلام. أصبح الفلسطيني عبد الله عزّام في أعوام الثمانينات منظر الجهاد العالمي كاسباً إياه دوراً مركزياً لم يكن مسموعاً من قبل ومثمناً المسلم حصراً على قدر مشاركته في الجهاد. ومن هذه الخلفية ولدعلى عجل الإرهاب الإنتحاري وابن لادن.
إن لدراسة كوك العميقة والتي تأتي في الزمان المناسب مضامين عدة منها مايلي:
•إن فهم الجهاد حالياً هو أكثر تطرفاً من أي وقت سابق في التاريخ الإسلامي.
•إن التطرف يفترض أن العالم الإسلامي يمر بمرحلة يجب تحملها والتغلب عليها وهذه المرحلة يمكن مقارنتها تناظرياً بفترات مروعة مثلما كان في ألمانيا وروسيا والصين.
•إن الجهاد الذي تنامى بتواصل حتى الآن سيستمر بلا شك في المستقبل.
•إن الجهاد الذي تمارسه حالياً القاعدة وغيرها سيؤدي، وفقاً لما يتنبأ به كوك، إلى "رفضه القاطع" من قبل غالبية المسلمين. ومن ثم يتحول بعدها الجهاد إلى مفهوم غيرعنفي.
إن التحدي الكبير للمسلمين المعتدلين (وحلفائهم من غير المسلمين) يكمن في جعل ذلك الرفض للعنف يأتي، وبالسرعة المطلوبة.



#محمد_السينو (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الارهاب السلفي الوهابي عار على الاسلام
- لا فرق بين حماس و الاخوان المسلمين الكل واحد
- الديمقراطية و سبل تطويرها في الوطن العربي و سوريا خصوصا
- نظرة على الوضع السوري
- هكذا يريدون الجرب القضاء على سوريا
- شيوخ نحترمهم و شيوخ ندعس عليهم لانهم شياطين
- السعودية راعية الارهاب في العالم
- يخرب بيت الدش اللي خلى الناس تتكلم سياسة
- الأعراب أشد كفرا ونفاقا هم قوم الجهالة
- جامعة الخيانة و الخوان العرب
- ج 6 الاسلام السياسي هو الماسونية بوجه جيد لعالمنا العربي
- الاسلام السياسي هو الماسونية بوجه جيد لعالمنا العربي ج 5
- الاسلام السياسي هو الماسونية بوجه جيد لعالمنا العربي ج 4
- الاسلام السياسي هو الماسونية بوجه جيد لعالمنا العربي ج 3
- الاسلام السياسي هو الماسونية بوجه جيد لعالمنا العربي ج £ ...
- الاسلام السياسي هو الماسونية بوجه جيد لعالمنا العربي ج £ ...
- كيف تكون المعارضة و بنائها للوطن
- اليوم تشهد سوريا التحول للديمقراطية متمثل في الحوار الوطني ل ...
- كيف نبني سوريا كدولة ديمقراطية
- خراب الوطن بالاسلام السياسي


المزيد.....




- مشهد صادم.. رجل يتجول أمام منزل ويوجه المسدس نحو كاميرا البا ...
- داخلية الكويت تعلن ضبط سوداني متهم بالقتل العمد خلال أقل من ...
- مدمن مخدرات يشكو للشرطة غش تاجر مخدرات في الكويت
- صابرين جودة.. إنقاذ الرضيعة الغزية من رحم أمها التي قتلت بال ...
- هل اقتصر تعطيل إسرائيل لنظام تحديد المواقع على -تحييد التهدي ...
- بعد تقارير عن عزم الدوحة ترحيلهم.. الخارجية القطرية: -لا يوج ...
- دوروف يعلّق على حذف -تليغرام- من متجر App Store في الصين
- أبو عبيدة: رد إيران بحجمه وطبيعته أربك حسابات إسرائيل
- الرئاسة الأوكرانية تتحدث عن اندلاع حرب عالمية ثالثة وتحدد أط ...
- حدث مذهل والثالث من نوعه في تاريخ البشرية.. اندماج كائنين في ...


المزيد.....

- كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين) ... / عبدالرؤوف بطيخ
- علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل / رشيد غويلب
- الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه ... / عباس عبود سالم
- البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت ... / عبد الحسين شعبان
- المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية / خالد الخالدي
- إشكالية العلاقة بين الدين والعنف / محمد عمارة تقي الدين
- سيناء حيث أنا . سنوات التيه / أشرف العناني
- الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل ... / محمد عبد الشفيع عيسى
- الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير ... / محمد الحنفي
- عالم داعش خفايا واسرار / ياسر جاسم قاسم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - محمد السينو - الارهاب السلفي الوهابي عار على الاسلام الجزء الثاني