أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جاسم عطا - الأستاذ














المزيد.....

الأستاذ


جاسم عطا

الحوار المتمدن-العدد: 3605 - 2012 / 1 / 12 - 13:43
المحور: الادب والفن
    


الأستاذ
رفعت كأس العصير ورشفت منه رشفة , وعيناي تحدقان به وابتسامة بسيطة تملأ وجهه فقال ـ
ــ هل تحب ان ادخن؟
ــ لافرق عندي.
لم يعد عندي أي فرق بين الأشخاص والمواقف والأشياء, كلها كالعملة لها أكثر من وجه ؟ فقسوة الظروف تدفعك لزوايا لم تكن تتخيلها مطلقا, خصوصا عندما تجرد من زوجتك ومنزلك ومالك بسبب الإقصاء الحزبي والطائفية ,ولا يتركون لك سوى حيوانات منوية تصول وتجول بداخلك , وتاريخ من العلاقات الغرامية المبنية على المادة ,وكرسي دائم في مقهى بائس بشارع الرشيد.
اخرج لفافة الدخان , وهو يلحس عقبها بلسانه ببطء وقال: ـ
ــ أكثر شيء أعجبني شعرك! كنت تبحث عن الحرية , وتصل الأبواب وللأسف لاتعبرها!
ــ لانستطيع عبور الأبواب في المجتمعات المتحفظة.
ــ حقيقة انتم الشعراء والكتاب , تثيرون بالآخرين رغبات ربما انتم لاتؤمنون بها.
ــ تقصد ننافق!
ــ لم أقصد هذا حرفيا ! ربما مجاملة أو خوفا ؟ مثلا مارأيك ني؟
ــ لو كان رأي سلبياً لما اجتموبهذا الفندقفة وبهذا الفندق الفخم؟
قام من مكانه , واخرج من جيبه ورقة فئة مائة دولار, وألصقها على فمي وتركني متجها للغرفة الأخرى, أمسكت الورقة وأمعنت بها النظر .... استاذ تاريخ جامعي يوزع أوراق نقدية اجنبية ! لااعرف كيف سيكون التاريخ !!ربما مستقبلنا ماهو إلا حقبة زمنية قديمة ومعلبة وإلا لماذا مستقبلنا دائما أسوء من ماضينا وحاضرنا !... لااعرف . هذا الرجل يدفعني للهذيان فمنذ البداية عندما التقيت به في المقاهي كان الحوار معه مثيرا وغريبا, فقد فاجأني وهو يروي لي التاريخ بمنطق غير المكتوب ,كان يحاول أن يثبت لي بان أصل الحكاية مجرد غلمان وحسناوات , ورحلة طويلة من الرغبات تقاوم التصحر , أن القوى المحركة للتاريخ عندنا هم أصحاب اللحية لإعادة عصر الحريم والسبايا والغلمان , منطقه الغريب والعجيب هز الكثير بداخلي , وزادني قلقا وشكا بكل ماحولي ,إلا انه كان يزودني بالمال بكل لقاء ,فأصبحت إنا الذي ينتظر لقاءه وبدأت أتقبل آراءه وتفسيراته , وزاد إعجابي بشخصيته السلسة , وقبل يوم قال : ــ
ــ انفك يعجنني كثيرا!
وقبل أن أتفوه بأي حرف أردف قائلا: ــ
ــ نعم يعجبني كثيرا ... فأنا رجل سالب... مثليي.
لااذكر إنني استغربت ! بل كنت أتوقع هذا الشيء, بالرغم عدم وجود علامات تخنث تبدو عليه ، فسألته: ــ
ـــ وكيف أصبحت هكذا وأنت أستاذ بالكلية؟
ــ اطمئن لا يوجد في الموضوع عقدة أومرض نفسي ! فقبل سنوات اعتقلت بدون اي تهمة ...سنة كاملة !! ثلاثمائة وخمسة وستون يوماً كل يوم السجانون يلوطون بي , في البداية الم وإحباط واهانة , وفي النهاية أصبحت عادة مكتسبة. دخل علي واضعاً على عينيه عصابة سوداء وكان يسير ببطء وحذر فقال : ـ
ــ حاول ان ترشدني ! فأنت الآن وسيلتي للعالم الخارجي.
ضحكت قائلا: ــ
ــ انزع هذه العصابة قبل ان تتأذى!
ــ هذه العصابة لاتؤذي مطلقاً إنها تعزلك عن العالم الخارجي ويصبح قبلها بدون الوان عيناك تفقدان اهميتهما ... عندما اضعها ينمو بداخلي خوف كبير يلتهم كل احشائي واسير في الدهاليز الزلقه والممرات الرطبة والقاعات المكيفة وأملي ودليلي صوت السجان فقط ! فهو ساعتها احن من صوت أمي ... فحتى عندما يعذبوك أو يغتصبونك, لا تجد من تحقد عليه أو تغضب منه , ولما ترفع العصابة تعود الأمور الى طبيعتها , ويدور حوار حول الإنسانية وحقوق الإنسان والشرف والوطنية ,هذه العصابة تعتزل كل سيئات المجتمع النتن ,وهناك عصابة دينية وعصابة سياسية وهلم جرا أطفأ.... اطفأ المصابيح واغلق كل الستائر.







الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قصة قصيرة(الشاهد)
- قصة قصيرة(حتى لوكان كابوساً)
- قصه قصيرة


المزيد.....




- نزلت حالًا مترجمة على جميع القنوات “مسلسل المؤسس عثمان الحلق ...
- دميترييف: عصر الروايات الكاذبة انتهى
- عن قلوب الشعوب وأرواحها.. حديث في الثقافة واللغة وارتباطهما ...
- للجمهور المتعطش للخوف.. أفضل أفلام الرعب في النصف الأول من 2 ...
- ملتقى إعلامى بالجامعة العربية يبحث دور الاعلام في ترسيخ ثقاف ...
- تردد قناة زي ألوان على الأقمار الصناعية 2025 وكيفية ضبط لمتا ...
- مصر.. أسرة أم كلثوم تحذر بعد انتشار فيديو بالذكاء الاصطناعي ...
- تراث متجذر وهوية لا تغيب.. معرض الدوحة للكتاب يحتفي بفلسطين ...
- -سيارتك غرزت-..كاريكاتير سفارة أميركا في اليمن يثير التكهنات ...
- -السياسة والحكم في النُّظم التسلطية- لسفوليك.. مقاربة لفهم آ ...


المزيد.....

- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جاسم عطا - الأستاذ