أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جاسم عطا - قصه قصيرة














المزيد.....

قصه قصيرة


جاسم عطا

الحوار المتمدن-العدد: 3583 - 2011 / 12 / 21 - 19:25
المحور: الادب والفن
    


متاهات إقليمية
لا تقاطعوني رجاء دعوني استرسل, أنني عاجز عن إدراك أي شيء, فمنذ أمد طويل تهت بين دهاليز الزمن المعقد, متسكعا على أرصفه التاريخ المزور, أعني ركاما من الأزمنة المستهلكة والمتشابهة, عملية المد والجزر الأزلية, تقززني وتدفعني للإبحار خلف مساحات لقرون قائمة على جماجم المغفلين, قرون تستمد نموها من جوع الأطفال المتشردين في أزقة الرذيلة.
اذكر البداية عندما ماتت الحقيقة, لا تستغربوا وأنا نفسي لم أصدق ذلك الا حينما شاركت بتشييع جنازتها, ورأيت الديدان المصرفية والميكروبات الجنسية تأكل جثتها, المهم بعد عودتي قادوني من منزلي مخفوراً , وأدخلوني قاعة جدرانها وأرضيتها زجاج, كانت القاعة خالية الا من طاولة مغطاة بقطعة مخملية خضراء, وزجاجة بيبسي كولا منصوبة عليها.
- تفضل
لم استطع تمييز مصدر الصوت, فكلهم متشابهون, بل لم يكن لهم عدد محدد, فتارة يقلون وتلوه أخرى يزيدون, رفعت الزجاجة لأشربها, لكن أحدهم صاح بي غاضبا:
- أتركها, وأجلس عليها
سلمت بالأمر, وجلست حسب طلب الأغلبية في جامعة الدول العربية, وقررت الوصول معهم الى أي نقطة يريدون, فحين أخذوني من منزلي كانت تهمتي صغيرة, وبعد تعاوني معهم اكتشفوا أن لدي قاعدة لإطلاق صواريخ نووية لتدمير درب التبانة, الذي يسلكه جالب العار, وخازن الدولار السيد عبد الجبار صاحب المبغي القريب من البار.
هربت منهم بل هم تركوني أهرب كي يستمتعوا بمطاردتي, لذلك استخدمت كل قواي العقلية والعضلية بعملية الهروب والجري في شوارع القاهرة المكتضة بالناس, وأنا أصيح مستنجدا بالمارة الذين كانوا يسخرون مني, الا واحدة شاهدتها تسير عارية وظهرها موسوم بعبارة"عاهرة قطاع شعبي" لقد احتضنتني بقوة, وأخفت وجهي بين نهديها المطرزين بقطرات الندى المعطر برائحة خبز أمي أرملة الشهيد, وقالت بحنان:
- لا تخف لن يمسك أحد بسوء.
قلت لها والعبرات تخنقني:
- يلاحقوني.... يريدون مني كل شيء
ضحكت ببلاهة, وقالت:
- لا تخف منهم فتاريخهم تمت كتابته بين أفخاذ العاهرات.
ثم قادتني غير مبالية بالآخرين, والآخرين غير مبالين بنا, استسلمت لها كالحمل الوديع, حدثتني كثيرا, وأبكتني وأضحكتني أكثر وأكثر, وعند بوابة المكتبة الكبرى في دمشق استقلت على ظهرها, ودعتني لمضاجعتها, في البداية تمنعت, لكنها ساعدتني على اجتياز تمنعي, وجمالها الأخاذ أذاب جليد ترددي, وشعرت بلذة لم أشعر بها قط, حتى أنني لم أستطع معرفة عدد المرات التي كررت بها العملية, في النهاية نال التعب مني كثيرا, وبينما قطرات الندى تتساقط من نهديها بفمي, لتطفئ نار لوعتي أخذتني غفوة لا أعرف مداها.
رفعت رأسي, ويا ليتني لم أرفعه, لقد وجدت نفسي جاثما في أرض المعركة, والفرسان والخيول تصول وتجول حولي, وصليل السيوف الممزوجة بالآهات يثقل ساقي ويمنعها من النهوض, وبعد أن استجمعت قواي, ووقفت منحني الظهر, وأنا العن المكتبة الكبرى وما جرى عند بوابتها, وجدت نفسي محاصرا بكوكبة من الفرسان الملثمين, قبل لحظة كنت متأكدا أنني لو أشارك بتمثيل فلم "الرسالة", ولكن مخرج الفلم استقبلني استقبالا حارا, وابدى اعجابه الشديد بدوري, ودهشت عندما سمعته يقول لي:
- نجاح الفلم يعتمد على قتل جارك.
فأجبته والدهشة مازالت تتملكني:
- أي جار؟ كما انني لم أشارك بتمثيل أي الفلم!!
- أعني جارك فلان خارج الفلم.
تركتهم وأنا أشد حيرة, فلا أعرف ماهية العلاقة بين جاري والدعوة الإسلامية, أو بين جاري ونجاح الفلم, لكنني من أشد المؤمنين بالقضايا القدرية, وبوجوب الاستسلام لها دون مقاومة أو مناقشة, لذلك قررت تنفيذ العملية بأسرع وقت, وفعلا رميت قنبلة يدوية على منزل جاري بائع الخضار في الجزائر, وهربت الى السودان, لكن الصحافة كانت لها وجهات نظر أخرى, فلقد نشرت الصحف العربية والعالمية صوري, واتهموني بنشر اللواط بين المسؤولين, وأنني ثاقب طبقة الأوزون, والبعض اتهموني بالتخطيط لاحتلال الفردوس وطرد المؤمنين منها, أما الولايات المتحدة الأمريكية والدول الغربية, فكانوا أكثر واقعية, فقد حملوني مسئولية اختطاف كل طائراتهم, وقام رجال الشرطة والأمن في كل أرجاء المعمورة بمطاردتي ومتابعتي, ورصد عدة جوائز لمن يلقي القبض علي, وأصدروا مرسوما دوليا ينص على إنزال المسيح من على الصليب اليهودي وتعليقه على الصاروخ العراقي, وحاصروني بحراب الجوع وبخناجر المرض وسهام الجهل, وأجبروني على مقايضة أبنائي الشباب بدقيق سيال يدفعني للضراط أكثر مما أكل منه.
لقد تناسوا من أنا, لذلك حاربوني وعاقبوني بهذا الشكل, ولكنني اذكرهم وأذكركم معهم... آه تذكرت... لا تقاطعوني رجاء... دعوني استرسل فقد بدأت أدرك كل شيء, فأنا حين رميت القنبلة على منزل جاري, كان رمي خاطئا فمن شدة خوفي رميتها على منزلي.



#جاسم_عطا (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- فنانة مصرية شهيرة: سعاد حسني لم تنتحر (فيديو)
- وفاة المخرج ميشائيل فيرهوفن وساسة ألمانيا يشيدون بأعماله الف ...
- -الماتريكس 5-.. حكاية المصفوفة التي قلبت موازين سينما الخيال ...
- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جاسم عطا - قصه قصيرة