جاسم عطا
الحوار المتمدن-العدد: 3592 - 2011 / 12 / 30 - 23:11
المحور:
الادب والفن
لوكان كابوسً
رعب وسط جمع غفير , وجو عفن مصحوبا بالأنين , يحاول أن يشوه ويثقل انتظاري ... انتظر نتيجة أقاويل على إثرها سيحدد مصيري ومصير المئات المحصورة معي بصالة السينما , يجلس كل منا متسائلا :ـ(( هل أحضرونا الى هنا لمشاهدة عرض سينمائي ؟ أم نحن أبطال هذا العرض وهناك من يشاهدنا؟)) . تصوروا سرقت سيارتي وحدث ما حدث ! انا لم افعل أي شيء... لكنني وجدت الأحداث تتسابق لتتكوم وتسقط على رأسي ككتلة جليدية لتجمد جميع توصيلاتي العقلية ..... في البداية كان الأمر بسيطاً جدا, نزلت من سيارتي أمام أحد المحلات ، وسألت الشرطي الواقف بالقرب من سيارتي بكل أدب: ـ
ــ أتسمح لي بالوقوف هنا.
رحب بطلبي برقة ، فأردفت قائلا: ــ
ــ لن أتأخر !
ثم دخلت لأتسوق, وبعد لحظات عدت لسيارتي وبين يدي مشترياتي, ومن هنا بدأت الأمور تميل نحو العجب, وبداية العجب لم تكن سيارتي بمكانها، أقنعت نفسي بأن أحدا قد أزاحها عن مكانها, لان هذا المكان غير مخصص للوقوف! ذهبت للشرطي وسألته: ــ
أجابني بالنفي, فاستغربت وتساءلت بداخلي ... هل بعتها وإنا لا اذكر ؟؟ أم إنا لا أملك أي سيارة !! وربما تركتها بالمنزل ! ولكن وجود علاقة مفاتيح السيارة بجيبي نفت الكثير من أسئلتي وظنوني , فعدت اقنع الشرطي بتركي السيارة هنا, وأنا أردد عليه أوصافها وحجمها ونوعها , رويداً رويداً بدأ الشرطي يقتنع بم أقول ، إثناء هذا شاهدت قدوم أربعة نحونا وبيد كل منهم عصا غليظة , والشر واضح من خلال حركاتهم وكلماتهم , ولما وصلوا عندنا انهالوا علي ضرباً واحدهم يقول : ــ
ــ هذا هو !
وصوت آخر:ـ
ــ نعم هو بعينه!
وصوت ثالث سمعته وآنا اتلوى: ـ
ــ اضربوه بقوة كي لا يهرب ... انه هو!
فقلت بصوت تقطعه الآهات : ــ
ــ ليس انا !!اسألوا الشرطي!
تدخل الشرطي قائلا :ــ
ــ نعم انه هو!
وانهال معهم ضربا علي . سقطت ارضاً من شدة الألم وأنا أتقيأ.
بعد هذه الحادثة فقدت جزءاً كبير من ذاكرتي, لا أعرف كيف ومتى وصلت إلى إستاد لكرة القوة , كانت العساكر تتمركز على مدرجات الجمهور وتناثرت على ارض الملعب أجساد كثيرة دون أرواح , تنبعث منها رائحة , وهناك أجساد جريحة لا يخرج منها سوى الدماء وانين مؤلم , جلست بينها أراقبها وأتفقد أعضائي. , وقد ملأت ساحة الملعب أشباح شبه حيه تسير بين الأعضاء البشرية المتناثرة سيراً مثقلاً ومتعرجاً , وتخرج أصوات ممطوطة كأنها عواء كلاب , لم أفق من ذهولي إلا على اثر موجه تصفيق ملأت الملعب وزلزلت أرضه , شاهدت عسكرياً يحمل الكثير من النياشين على صدره , وقف بالمنصة الرئيسية قائلا: ــ
ــ اطمئنوا ولا تخافوا !! بعد قليل سيطلق سراحكم .. لأننا اعتقلنا الجاني ... وانتم مدعوون لمشاهدة عرض سينمائي متقن الصنعة , وبعد العرض كل منكم يستطيع أن يذهب حيث يشاء.
عند انتهائه من كلامه, سقط الكثير من الأشباح شبه حية أرضا, ولم تعد تتحرك مطلقاً بينما العساكر ألهبوا اكفهم تصفيقا متواصلا.
هانا بانتظار هذا العرض المتقن الصنعة بعدما نقلونا إلى دار السينما الوطنية , وبعده سأغادر عائداً لمنزلي , لكن الانتظار هنا ممل , فالذي يجلس إمامي أشاهد رأسه مغطى بقروح قبيحة, والذي على يساري يديه تنزف دماً وقد تجمع الذباب على أطرافه , وهناك أشخاص كثيرين دون أطراف واعين وآسنان ووو, كل الذين هنا مشوهون إلى درجة كبيرة إنهم عاجزون عن كل تعبير , استوطن الموت ورهبته في محاجرهم وعلى شفاههم .
ــ كل من يسمع اسمه فليقف أمام الشاشة .. لأنه سيكون ضمن قائمة المشبوهين .
جاء الفرج , وبدأت عملية الفرز , وارجوا الا ينادوا باسمي , لقد نلت بمافيه الكفاية , ولا اعتقد إنني استطيع التحمل أكثر, فالشيء الوحيد الذي اذكره هو إنني لم افعل أي شيء.سوى سيارتي سرقت , وإذا استمرت هذه الحال حتماً سأنسى حتى لونها , آه بدأت الكراسي تخلو والغريب كل من ينادون باسمه يتجه نحو الشاشة بكل هدوء كأن الأمر لا يعنيه ! عجباً إنهم يتوافدون على الشاشة افواجاً افواجاً , لم يبق سواى... هل كل هؤلاء مذنبون.. وانا ماذا؟؟
ــ الجميع يذهب حيث يشاء إلا هذا الجالس هناك(( أشار علي)) فهو الجاني!!
نهضت من مكاني غاضباً: ـ
ــ ماذا جنيت ليحدث لي كل هذا؟؟ غير معقول هذا كابوس نعم كابوس !!
ــ حتى لو كان كابوساً , فثق انك لن تسيقظ منه ابداً!!
#جاسم_عطا (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟