أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سمير عبد الرحيم أغا - أحلى لعبة














المزيد.....

أحلى لعبة


سمير عبد الرحيم أغا

الحوار المتمدن-العدد: 3600 - 2012 / 1 / 7 - 21:42
المحور: الادب والفن
    



تشيع في نفسي اليوم فرحة لا حدود لها ، ليس لأنني أنهيت مرحلة المتوسطة ، في المدرسة وسأستقبل العام القادم بحياة جديدة مثيرة تبدأ في المدينة ، ولكن من اليوم فصاعدا سألعب كما يروق لي ، ومتى أشاء وفي أي ساعة ، بين البيت والحقل ، وأزاحم أخوتي لأسبح في النهر ، وأعود إلى البيت وأنا أسعد رفاقي الصبيان ، جريت فرحا بنتيجة الامتحان يسألني أبي عن النتيجة ، فأجيبه : الأول
يبتسم لي برقة وفخر ويقول :
الحمد لله
ويفرح أبي فرحا لا يوصف وتنثر أمي الحلوى، وترقص الفرحة في الدروب وتنهال علي القبل والنقود، فأخرج إلى السطح بعض الوقت لأصرف التعب، وحين أعود.. أرى أمي تنظر إلي بشغف، تقترب مني وتهمس في أذني
: تعال سلم على ندى بنت خالتك،
أسلم بحياء وارتباك تحمله قدمان حافيتان ، وترسل ندى ابتسامة صغيرة تشهد ها عيناي لأول مرة ، وأصاب بالدهشة والذهول ، فتاة بيضاء ، عيون خضراء ، شعر أصفر ، وفي هذه القرية الصغيرة ، ، أسمها ندى ، ترتدي ثوبا مزركشا بألوان الطيف يتطاير كالفراشات ، أنوثة لا تدري من أين تنبع وأين تكمن ابتسامتها ابتسامة أنثى ، تسألني ندى :
في أي صف أنت ؟
أنهيت المرحلة المتوسطة...
نتصافح وتطالعني بنظرة صافية وتقول : ما شاء الله ، لا زلت صغيرا ، لم أصدق عيني ولا أذني فلا يمكن أن يكون المتذلل هو نفسه ، في الحال فتنت بندى ، فتنة لا حدود لها ، سحر غريب أحسه ، اشعر بالدهشة وأصحو من الحلم ، أحلام عذبة ، يخيل لي أنها طفل أو حمامة بيضاء ، وأعرف من أمي أن ندى بنت خالتي جاءت مع أمها هذا الصيف لترى أمي وبيتنا والقرية والفراشات التي تحبها جدا ويشكل جنوني ،هذا ما قالته أمها ، في العصا ري ترتدي ندى ثوبا أنيقا وزينة لا يوجد مثيلها في القرية فأقول لنفسي : ربما لأنني لم أر ذلك ، تذوب روحي لصوتها وضحكتها ، اختلس النظرات بقلب بريء طري وشوق كأنه هدير يرج جدران روحي ، حتى أصبحت ندى في القرية فتنة وجمال وسحر ، وندى لا تحس ذلك ، ولا ترى ما يثيرها سوى الحقول والفراشات .. وطيبة وعذوبة لا حدود لها ، تقول لي وهي تنظر للأشجار الصغيرة على النهر :
بيتكم جميل، استغرب من هذا التعليق إنا لا أعرف في بيتنا غير الأشجار والطيور ومخلوقات صغيرة أخرى وهو موجود في كل البيوت، أقول لها بعد أن جلسنا:
لنذهب إلى الحقول ،تتجاهل دعوتي ، فتتسل نظراتي إلى عنقها الأبيض الطري ثم خدودها ، فأغيب في لذة لا أعرف معناها ، يرسل قلبي على أثرها نداءات خفية تمتزج في عيني بأشواق مبهمة ، أود لو نتكلم طول النهار ونلعب في الحقول أو في البيت ، ولكن لا أنسى أنها في بيتنا .. وستغادر بعد أيام وتعرف خالتي أنني متفوق في المدرسة، لا شك أن أمي تحكي لها كل شيء. متى تنضج رغبتها للإصغاء كي نتحدث معا، صار عمري خمس عشرة سنة، أصبحت قطعة جوهر، حاولت أن أظهر أكبر سنة أو سنتين، لا تعاملني بشكل أبوي
: أتعرفين أن.. يتقطع التفكير ويتغير وقع منظره، فتسأل ندى بنبرة عالية محرضة على مواصلة الحديث، ماذا قلت ؟ يغمرني شعور بسرور وفي أثناء ذلك .. أفقد الاهتمام بنفسي وكأنني في غير كوكب، ولكنه كان تمسكا بأهداب وهم أوهى من نسيج العنكبوت: لماذا تنظر إلي هكذا.. أصمت وأهيم في أفكار عديدة، كان الصمت الذي حل ساحرا كالدواء الشافي وفي اللحظة التي قالت ذلك:
: أنت ولد مشاكس ّ! وينقبض قلبي من الشعور بالذنب ، فأخاف منها ومن خالتي ، تتصاعد دقات قلبي، خمنت نجاحا وإعجابا في آن واحد ، وأسال نفسي ، لماذا ندى بالذات ملأت قلبي بهذا الإحساس الخفي ، كان يكفيني بأن تهدي لي قطعة سمكر , أريد أن اعرف الحقيقة ..؟ ولا يكفيني أن اشعر بها، أهيم معها في كل نبضة، وأتأوه معها في كل آهة،
لماذا يسعدني أن أجيب عن سؤالها بدون تردد ، فيما تعجز أمي في ذلك ، تلاعبني ندى بلا ملل وأجد فيها رفيقا جميلا ، حتى صارت اللعبة الكبرى لدي .. صارت أحلى لعبة بين يدي وهي تتبادل الحزن والأمنيات ، هاهي الأيام والساعات تمر بجنون ، ومعها ازداد هياما وولعا بندى ، بل وازداد معرفة وتزداد استطلاعات ندى في كل مكان ، رغم اعتراض أمها بعدم الابتعاد عن البيت وعني ، وفي يوم أرى أمي وخالتي تتبادلان النظر إلى ندى : تقول خالتي : في طفولتها كانت لعبة تتخطفها الأيادي وألان تكالب عليها الخطاب رغم أنها لا زالت في الخامس الثانوي ، يتألم قلبي أكثر مما يجوز لسنه ، ثم قالت خالتي مرة أخرى : لكنها أصرت أن تواصل دراستها لتدخل الطب ، وتسألها أمي .. وأبوها هل وافق :
نعم انه يحبها .. وجدت فرصة للتنفس في هدوء بعد ما تغلب علي الضيق والكدر ، لم أسأل عما يحدث وامني نفسي بأمنية كبيرة لا يعرف بها أحد حتى أمي ، يأتي صوت أبي من بعيد :ما شاء الله .... حامد أيضا سيكون طبيبا، فترد خالتي
أن شاء الله سيكون طبيبا مثل ندى ، أفيق أمام أمي. اعتقدت أن نجاحي هذا العام هو بداية الطريق حتى أصبح طبيبا، ليس لأنها أمنية أمي، ولكنها أمنية ندى، حتى آبي له رأي في ذلك عندما سألته ذات مساء :ما معنى الحياة ؟ تفرس في وجهي .. حين رآني جادا في سؤالي : أن تكون طبيبا تساهم في شفاء المرضى،
ويتوقف الحديث عن ندى رغم أنني أمني بطول الحديث، عسى أن استحوذ على قلبها، تمضي أيام الزيارة بسرعة وأنا عاجز عن إيقافها.عاجز عن فعل أي شيء وأود من صميم قلبي أن أوقفها وان أغير الواقع، أن ارجع الزمن إلى الوراء .. ولكن كيف ؟ لا أريد اصدق أنها سترحل ، عند نقطة من الزمن بالذات ... تلوح أمي بوجه يرنو بالاعتذار والأسف وتأتي لحظة الوداع.. فأقبل خالتي وتقبلني ، والمح أمي تبكي بألم وحزن ، وتودع عيناي الدامعتان السيارة وهي تتأرجح بها ، وتراني واقفا من بعيد وفيض من الدموع ينهمر على خدي ، فتلوح لي بيدها وتقول
أدع لي بالنجاح ... يا حمادة
وأبكي في الدعاء وفي أمر كلمح البصر تودعني دون أن تعرف مقدار لوعتي ،



#سمير_عبد_الرحيم_أغا (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نشيد اللقلق
- حسن وسوزان
- كنت مع السيد حراز
- مدخل بطعم البرتقال
- سر في قلب رجا
- أنا والمدير والمدرسة
- الغجرية
- يعود غدا أبو مائدة
- كنت مع الشيخ غازي
- المعلم يشوع
- نهر يعد الى السماء
- يوميات مدينة في منتهى الأحتلال
- الثورة التعليمية في الانترنيت مدارس مفتوحة وجامعات بلا ابواب
- عتبات النص الروائي


المزيد.....




- “أقوى أفلام هوليوود” استقبل الآن تردد قناة mbc2 المجاني على ...
- افتتاح أنشطة عام -ستراسبورغ عاصمة عالمية للكتاب-
- بايدن: العالم سيفقد قائده إذا غادرت الولايات المتحدة المسرح ...
- سامسونج تقدّم معرض -التوازن المستحدث- ضمن فعاليات أسبوع ميلا ...
- جعجع يتحدث عن اللاجئين السوريين و-مسرحية وحدة الساحات-
- “العيال هتطير من الفرحة” .. تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- مسابقة جديدة للسينما التجريبية بمهرجان كان في دورته الـ77
- المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي: إسرائيل تعامل الفنانين كإرهاب ...
- نيويورك: الممثل الأمريكي أليك بالدوين يضرب الهاتف من يد ناشط ...
- تواصل فعاليات مهرجان بريكس للأفلام


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سمير عبد الرحيم أغا - أحلى لعبة