أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي غشام - لم يكن وصلُك إلاَّ حُلماً...














المزيد.....

لم يكن وصلُك إلاَّ حُلماً...


علي غشام

الحوار المتمدن-العدد: 3599 - 2012 / 1 / 6 - 00:02
المحور: الادب والفن
    


تواجه مع انعكاس صورته داخل المرآة القديمة والتي تآخت مع الحائط الذي ظهرت عليه أثار رطوبة أكلت معظمه ، وقد تشكلت عليه صور مختلفة..كان هناك تنين ملتصق به حصان ..استقرت قائمتاه الأماميتين على رأس خروف خرج الأخر من دائرة انفتحت من احد جانبيها فتحة صغيرة ينساب منها دخان كثيف أو ربما غيوم..بينما كان هناك رجل ينظر إليهم بغضب وكان هذا واضحاً من تقطيبة حاجبيه اللذان تقوسا فوق عينين اللتين جحظت أحداهما بينما الأخرى ساهية تنظر باتجاه معاكس ، كان يتكأ على كومة من الحجر الناعم والذي أحتل اللون الأحمر معظمه.. في حين استقرت يمين المرآة صورة عتيقة بالأسود والأبيض لرجل ذو شاربين كثين وهو يحتضن أمرأة بيضاء مبتسمة ،بينما شغل مساحة يسار المرآة شباك بستائر داكنة متهرئة الأطراف تصارعت مع السنين ، فيما تربع سرير خشبي واطئ في احد أركان الغرفة ذات السقف المتشقق والقريب على من أراد ان يلمسه ..!
عدل من تسريحة شعره الخفيف والذي بدأ يتساقط ، جلس على حافَّة السرير مواجها طاولة تهتز لفرط قدمها وصدئت مساميرها التي ما عادت قادرة على ربط أجزائها ، انتصبت على المائدة قنينة عرق ذهب معظمها ليلة البارحة ، وصحن فيه بقايا من زيتون وحمص متيبسان وجدت فيهما بعض الذبابات وليمة دسمة لها ، وتحول نصف الرغيف المتبقي صلبا كالحجر ..
دس يده في الدرج الذي بجوار سريره ، اخرج زجاجة عطر قديمة لم تستعمل ، أراد أن يضع منها .. امتنع في أخر الأمر ، أعادها الى الدرج ..كان أخر مرة وضع فيها عطرا منذ ثلاثين سنة ..!
تململ في فراشه ، احتضن وسادته ، انكفأ على وجهه ، لمعت عيناه بتلك النجوم الملونة ، طافت به الغرفة أحسَّ بألم خفيف في رأسه ودوار، حاول الهروب من حالته هذه لكن دون جدوى ، ألحت عليه تلك الصور القديمة في مخيلته ، اتكأ على طرف السرير وأغمض عينيه واستسلم لأحلامه..
تراجعت أفكاره الى حدَّ الاختباء ، تربصه شوقٌ لذيذ تنبعث منه رائحة الحنين لتتوسد جسدها الجميل والذي طرق بابه رغبات ليالي الشتاء الطويلة ، حالماُ بفارسه المنتظر منذ زمن بعيد ، ليأخذه الى ارض الاكتشافات المبكرة ، ليخرجها من أحلامها بذكريات جميلة ربما أسعفتها عندما يدغدغ الشغف قلبها الذائب والواله لتلك اللذائذ الجسدية القصيرة والمسروقة من بين كل عيون الرقباء التي حالت بينه وبينها حينما كانت تنطق باسمه وهو يسترق من ذلك الزمان القصير فرحته التي استحالت الى ذكرى..
نهض مفزوعاً على ذلك الصوت الذي مازال يتذكر نبرة صداه..لكن سرعان ما اختفى في زوايا مخه المتحفز والممتلئ بتلك الأشياء.ما الذي حفز اللاشعور برؤيتها بعد كل تلك السنين كأنكِ نجمة الشمال ، مسكونة بالرغبة تفيضين بولع طفولي ..آهٍ لو تعلمين ؟؟ سأل نفسه بتعجب ..!
أي حزن يبعثه حضورك ؟أي وهجاً ينسيني ما أنا به؟ أي عمر فُنيَّ دون جدوى من الدنيا بدونك؟..مجدبة روحي بعدك ، تنهالين على ما تبقى من السنين ، فيجرف سيلك هموم الدنيا وما فيها نقية ، بيضاء ، كضوء الشمس وهو يتنفس أنفاسه في غرة الفجر الندي ، تتسع عيناك للكون ، لكنها تعجز عن احتوائي بشغف..لماذا..؟؟لم يبقى له غير أحلامه التي استوطنت عقله..
لا يدري..أم لأنه لم يكتفي من وجع الدنيا اللذيذ بعد..!!



#علي_غشام (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أمي وأشياء أخرى
- عتب
- الافتراس
- كان هناك
- اقتصاد العراق..الى اين؟؟
- التدخل الاجنبي الثقافي في العراق
- قصة قصيرة
- أمنية


المزيد.....




- مهرجان الفيلم بمراكش يكشف عن أفلام دورته
- ماذا نعرف عن -الديموقراطية التمثيلية- التي أسقطها ممداني؟
- -الخارجية- ترحب باعتماد اليونسكو 4 قرارات لصالح فلسطين: انتص ...
- الفنان المصري ياسر جلال يعتذر عن تصريحاته بشأن دور الجزائر ب ...
- ياسر جلال: رواية -غير مثبتة- عن دور للجيش الجزائري في القاهر ...
- مهرجان فلفل إسبيليت الأحمر: طعام وموسيقى وآلاف الزوار
- فيلم وثائقي يعرض الانهيار الأخلاقي للجنود الإسرائيليين في حر ...
- من -سايكو- إلى -هالوين-.. لماذا تخيفنا موسيقى أفلام الرعب؟
- رام الله أيتها الصديقة..!
- ياسر جلال يعتذر عن معلومة -خاطئة- قالها بمهرجان وهران للفيلم ...


المزيد.....

- الذين باركوا القتل رواية ... / رانية مرجية
- المسرواية عند توفيق الحكيم والسيد حافظ. دراسة في نقاء الفنون ... / د. محمود محمد حمزة
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة. الطبعة الثانية / د. أمل درويش
- مشروع مسرحيات مونودراما للسيد حافظ. اكسبريو.الخادمة والعجوز. ... / السيد حافظ
- إخترنالك:مقال (الثقافة والاشتراكية) ليون تروتسكي. مجلة دفاعا ... / عبدالرؤوف بطيخ
- المرجان في سلة خوص كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- بيبي أمّ الجواريب الطويلة / استريد ليندجرين- ترجمة حميد كشكولي
- قصائد الشاعرة السويدية كارين بوي / كارين بوي
- ترجعين نرجسة تخسرين أندلسا / د. خالد زغريت
- الممالك السبع / محمد عبد المرضي منصور


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي غشام - لم يكن وصلُك إلاَّ حُلماً...