أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - زكريا حسن - الياسمين أبقى من البارود














المزيد.....

الياسمين أبقى من البارود


زكريا حسن

الحوار المتمدن-العدد: 3598 - 2012 / 1 / 5 - 23:12
المحور: الادب والفن
    


الم يكن الهَبل جزءأً منّا حين كان شِعرنا مديحاً إجبارياً ، ألم تكن أذواقنا تدق باب الخطابة المُسكِرة حيناً والمسكّنة لعروق السوس حيناً ، ألم نكن نمني أفئدتنا الجافة كي يفجّر كأس النبيذ فينا شيئاً ، أي شيءٍ يشعر الحياة بقلمٍ نتناوله دون سئمٍ .
على طريقة رجال الدين الباهتة في العصور الوسطى بإجراء عمليات حسابية للتوصل إلى نتيجة مستقبلية أو للتدليل على حادثة سابقة لن أنهال عليكم ، وعلى طريقة عجائز السياسة بالتفكّر ملياً في حجز مقعدٍ قصير عمدوا لتطويل ظله لن اعلم حجارةً تزين مدينتي ، وأيضاً بترفّع فتاةٍ وصل غرورها درجة اليأس لن اترك سلة العنب لتتخمّر ، قد تحدّث أبي يوماً عن تجاعيد وجهه قائلاً: هي مصممةُ ليعرف العرق التائه طريقه وهي من يعرفني بها الناظر .
إذاً ما الذي جمعنا بالياسمين على مائدة واحدة ؟
كنا نخاف الأثاث الفاخر المتقن الصنع ذي البريق ، وكنا نحسب أن ليس بالإمكان التفوق إلّا بإمتلاك مثلها ولن نستطيع ، عندها فقَدر كل واحد منّا إمّا الهرب أو التهرب ، كانوا يقنعوننا أن زمن الثورات قد ولّى وأن لا مناص من أن نصير آلاتٍ ، وما نسوه أن الآلات أيضاً تحتاج لانفعالات أعرض من جلد الفيل ، وصديقي اليائس الذي لم ينل إجازة الحقوق - إلّا بعد أن أشتعلت الياسمينة في جسده دون أن يدري - كان يقف كل يومٍ في الرابعة صباحاً على شرفة منزلٍ أقمنا فيه دون موافقة صاحبه وينادي في الناس النيام بصمتٍ وعيناه تدمعان : سيستفيقون كالحمقى هذا النهار أيضاً ويخدمون السلطان اليوم أيضاً.
كانت الآمال مستلقية إلى اليمين من منفضة السجائر تترقب حمل ربطة العنق في مكتبٍ متوسط المساحة حيث تتدفق من عواصم البلدان رائحة الروتين .. روتين الدوام .. روتين العطلات الكثيرة .. روتين الكلمات المنمّقة التي تقال على مقربة من أماكن التبول .. روتين الافكار الصدئة ، حتى أننا أعتدنا على مصطلح روتين الروتين ، كل شيءٍ كان من أجل ترتيب موعدٍ مع الأشياء التي لم نكن نعرف كيف نريدها ، فقط كنّا نتمنى حدوثها ، حتى أننا لم نتنبأ بقدوم حقبة جميلة – وهذه عادة الأشياء الجميلة - دون موعد مسبق و من أشخاص غير متوقعين ( صفعة أمرأةٍ .... خربشات أطفالٍ على حائط متعب .... الخ ) .
جعلونا متنازعين ومتخالفين وقرويين في عدائنا السياسي ، وفي معارضتنا ولّوا علينا أناساً من سلالة القش ، حتى إذا انهمرت الحرية بتنا نتخبط فيها ، فأنصرفوا من اللحظة لتوظيف مدراءٍ جيدين في صبغ الحرية بطلاء الفوضى ، طريقتهم وقد أطّلعنا عليها وتعلمناها جيداً ، وكما السيل الجارف ينحت لوحته تنحت الحرية أرضنا لتضع الحجارة جانباً أو تحملها عنّا وتهدينا خصوماً ممتازين هذه المرة ، هكذا تخبرنا مغزلة الصوف .... وسنرى .
أخطأ بيار لورو حين كتب عن تطبيق الاشتراكية على الارض "ستتحقق الجنة على الأرض " ، تلك الجنة ستتحقق بالحرية يا بيار ، فهذه المرة لم تستسغ العبور كشيءٍ جميلٍ يطل علينا ويغادر حينما نتناوله بالحديث ، هذه المرة فجّرت قلوبنا ، هذه المرة ذكّرتنا بقصةٍ قديمة ( لو نبشتم قبراً منسياً ستكتشفون أن رائحة الياسمين أبقى وأقدم من رائحة البارود) .



#زكريا_حسن (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سوريا المنقبة - تخوفات أهل المدينتين
- حتمية التدخل الدولي لإنقاذ الشعب
- وثيقة المبادئ الكردية – ضمانة تفادي المعانتين
- لحية شابٍ لم تنتظم
- ما بين المؤامرتين - الكبرى و الصغرى -
- سوريا – شعب أم شعوب
- يجب إعادة النموذج العراقي منقّحاً - قانون أجتثاث الشمولية


المزيد.....




- منع إيما واتسون نجمة سلسلة أفلام -هاري بوتر- من القيادة لـ6 ...
- بعد اعتزالها الغناء وارتدائها الحجاب…مدحت العدل يثير جدلا بت ...
- ترشيح المخرج رون هوارد لجائزة -إيمي- لأول مرة في فئة التمثيل ...
- توم هولاند -متحمس للغاية- لفيلم -Spider-Man 4-.. إليكم السبب ...
- 100 فيلم لا تُنسى.. اختيارات نيويورك تايمز لسينما الألفية ال ...
- الحكم على ثلاثة بالسجن لمساعدتهم في جريمة قتل مغني الراب سي ...
- مقتل المشرفة الموسيقية السابقة في برنامج -American Idol- وزو ...
- أيقونات من رماد الحرب.. فنان أوكراني يحوّل صناديق الذخيرة إل ...
- إطلاق جائزة فلسطين العالمية للشعر في ختام مهرجان ميديين الدو ...
- رئيس الممثلية الألمانية لدى السلطة في مقابلة مع -القدس- قبل ...


المزيد.....

- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - زكريا حسن - الياسمين أبقى من البارود