أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - محمد لفته محل - تأثيرات الهاتف الخلوي على المجتمع العراقي















المزيد.....

تأثيرات الهاتف الخلوي على المجتمع العراقي


محمد لفته محل

الحوار المتمدن-العدد: 3598 - 2012 / 1 / 5 - 19:02
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


تغير العراق كثيرا بعد الاحتلال الأمريكي من الجوانب السياسية والاجتماعية والاقتصادية، وكان من الواضح أن التكنولوجيا الجديدة التي دخلت البلد كان لها أثر مهم في التأثير بالمجتمع، ابتدأ من الستالايت والانترنيت والهاتف الخلوي (الموبايل) وهذا الجهاز الأخير كان الأكثر تأثيرا من غيره على المجتمع العراقي لان تعدد تقنياته اختزلت هذين الجهازين فيه فنرى كل هاتف حديث متعدد التقنيات يحتوي انترنيت وبضع قنوات ستالايت كما سأوضح.
بعد السماح بدخول شركات الاتصال وانتشار الشبكات بأنحاء العراق بفترة تشكلت ثقافة خاصة بالهاتف في المجتمع، فقد أصبح عدم امتلاك شخص هذا الجهاز مصدر عجب ونقد باستثناء كبار السن، لأنه أصبح ضرورة عملية للفرد سواء بالعمل أو الدراسة أو العائلة والأصدقاء، وأصبح رقم الهاتف من المستلزمات الأساسية في طلب المعلومات بدوائر الدولة يضاهي جنسية الاحوال المدنية، واغلب البرامج التلفزيونية والإذاعية ذات المشاركات الجماهيرية تعتمد على الهاتف في نجاحها عن طريق تحقيق مشاركة اكبر ورفع سعر الاتصال بالاتفاق مع الشركة، كذلك كل التعاملات التجارية والإعلانات أصبح رقم الهاتف والبريد الالكتروني أهم من عنوان تواجدها، خاصة إذا كانت عابرة للحدود، والمناسبات العالمية والدينية كعيد رأس السنة والأعياد والمناسبات الدينية تأثرت بالهاتف الخلوي، فبدل التهنئة المباشرة وجها لوجه، أصبحت الرسائل القصيرة (sms) الجاهزة للمناسبة ضرورية وواجبة بين الأصدقاء والأقارب بعد أن طبعت كتب خاصة لهذه المناسبات يتداولها ويتبادلها أصحاب الهواتف بينهم والشركة تقوم بدورها بإرسال هذه الرسائل لزبائنها عن طريق هواتفهم الخاصة مقابل مبلغ مقتطع من الرصيد، بحسب المناسبة الاجتماعية أو الموضوع المطلوب من الزبون.
أصبح الهاتف الخلوي موضوعا رئيسيا بين الشباب يبدأ من السؤال عن نوعية الهاتف وتقليب محتوياته من أغاني وصور وفيديو ورسائل ونكات وتبادلها من هاتف إلى هاتف، فقد أصبح الهاتف الحديث الصنع والتقنيات العالية المتعددة كجودة الكاميرا وسعة الخزن ودقة الصوت وبرامج متطورة، وإبداله بجهاز أكثر تطورا بعد فترة زمنية مصدر للتباهي والغنى، وهنا يبرز الدور الطبقي بالموضوع، في حين إن الطبقات الفقيرة تحصل على الجهاز الحديث بعد استعماله أو شرائه من شركة مقلدة له لرخص ثمنه. وحتى الأغلفة والمحفظة التي تحمل الهاتف الخلوي خضعت للتغيير والتجديد كالهاتف وبعضها خصص للنساء وبعضها الآخر للرجال. وحتى الاتصال بذاته صار له وظيفة أخرى غير الاتصال عن طريق قطع المكالمة بعد فترة وجيزة من الرنين وقبل أن يرد المستلم على المكالمة (المسكول) ووظيفته هي إشارة بين شخصين كان يكون احدهما بلا رصيد ويريد الاتصال أو تنبيهه لوصوله لمكان ما متفق عليه معا، وهو أفضل إشارة سرية بين العشاق. أصبحت العلاقة بين الأصدقاء أول ما تبدأ من تبادل رقم الهاتف خصوصا العلاقة الغرامية بين الرجل والمرأة، أما بطريقة مباشرة أو قصاصة ورق صغيرة أو بتقنية (البلوتوث) واستخدام خدمة الاتصال الليلية المخفضة السعر للتعارف والغزل وتحديد مواعيد اللقاء، والذي ربما ينتهي بالزواج، بل أصبح الهاتف وسيلة للتعارف بديل عن فترة الخطوبة التي تكون فرصة للتعارف وجها لوجه، ومن الأعيب السرية التي وفرها الهاتف للعشاق هي استخدام اسم مستعار للشريك وتخصيص إما نغمة مميزة خاصة به أو جعل الرنين صامت مجرد اهتزاز.
لقد أستخدم ألهاتف في تفشي الطائفية السياسية بين الناس ابتدأ من رنين المكالمة الذي يكون نشيد أو أغنية دينية أو دعاء لطائفة ما، إلى محتويات الرسائل والصور والفيديو التي تصور طقوس وخطب لرجال دين تحريضية، وأفلام تسقيطية للآخر ومعجزات لطائفة ما، والميليشيات الطائفية استخدمت مقاطع الفيديو للترويج لعملياتها وأهدافها، والهاتف نفسه كان الأداة الفعالة للاغتيالات عن طريق إعطاء المعلومات ومراقبة الشخص مباشرة، وكان أداة في تقنية صناعة القنبلة بربطه بها والاتصال بهذا الهاتف من مكان آخر لحضه مرور الهدف ما يؤدي إلى انفجارها.
والجانب الديني والقبلي تأثر بالهاتف الخلوي فالعوائل المحافظة دينيا وعشائريا أو التي تسكن في الأرياف تمنع نسائها من امتلاك هاتف أو تحدده بشروط صارمة مثل عدم الرد والاتصال بعد العاشرة ليلا، وعدم حفظ أي رقم لرجل غريب عدا الأقارب من الدرجة الأولى كالأب والأخ والزوج والعم والخال، وعدم الرد على أي رقم غريب وإعطاء الرد لرجل ما كزوجها أو أخيها، ويجب أن لا تعطيه لأي رفيق بالعمل أو الدراسة أو أي صديقة غير موثوقة، وإذا طلب احد رقمها من صديقتها يجب أن تستأذنها قبل أن تعطيه له، ويجب أن يكون هاتفها لا يحتوي رسائل أو صور أو فيديو جنسي مطلقا.
بصورة عامة أصبح الهاتف أداة للتأثير والترويج الاجتماعي والسياسي والطائفي، فكثير من الفيديوهات والصور تستخدم في الإشاعات والترويج أو فضح السياسيين والمشاهير، أو تصوير ونشر وقائع داخلية ذات تأثير طائفي أو سياسي (سلبا أو إيجابا) أو وقائع خارجية مسلية كالكاميرا الخفية أو غريبة كالحركات البهلوانية الرياضية والمغامرات المدهشة وتحطيم الأرقام القياسية الخ، وفي الوقت الذي أثر فيه الهاتف الخلوي بالمجتمع عكس الواقع الاجتماعي العراقي أيضا، فالهوس الجنسي كان واضحا في انتشار الصور والأفلام الجنسية القصيرة في هواتف الرجال والنساء، وتفشي أفلام الخيانات الزوجية والعلاقات الجنسية السرية بين العشاق في المجتمع العراقي، كذلك إن انتشار الأغاني والأناشيد والأدعية والخطب الدينية الطائفية أو المتعصبة عكس التأثير السياسي للمد الإسلامي الطائفي والمتعصب على المجتمع. وان رواج الأغاني الرديئة بواسطة الهاتف بين الشباب يكشف انحطاط ذائقة الجيل الجديد الذي هو محصلة انحطاط سياسي واقتصادي واجتماعي، وان تشغيل البعض لمحتويات الهاتف في الأماكن العامة والتكلم بصوت عالي أثناء المكالمة يبين عدم احترامنا لخصوصية الآخر وطبيعة ذوقه. لقد عكس الهاتف بأمانة الانحطاط والتعصب الحزبي والديني والطائفي والقبلي والفكري والأخلاقي وانعدام ثقافة التسامح والاختلاف والحوار والنسبية الثقافية وتعددها، وهذا يعني أن مجتمعنا غير مدني محافظ. لقد أصبح الهاتف دال على خليفة الفرد الاجتماعية وتوجهاتها وانتماءاتها الفكرية والدينية والطائفية من خلال اختيار رنين المكالمة وصورة الخليفة الرئيسية للشاشة، وصور وفيديو ورسائل والأغاني التي تحدد توجهه السياسي والطائفي والديني والفكري.



#محمد_لفته_محل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من ذاكرتي بين عهدين
- حقيقة انتمائي
- السياسة في نظرية الحق الشعبي
- صورة المرأة الثنائية في المجتمع العربي
- أربع قصائد سياسية
- فلسفة الحب الأسطورية في المجتمع العربي
- أسطورة الشيطان ونظرية المؤامرة
- التحولات المُعاصرة للمقدس في الغرب
- التطور العلمي والانتخاب الحضاري
- غاية الإنسان ؟
- ملاحظات حول الصراع بين مذهب السلطة ومذهب الانقلاب
- ما هو الإسلام الحق؟
- الرغبة والعبادة
- موقفي من العادات والتقاليد
- شذرات فكرية
- ثنائية القبلية والتمدن
- الكونية في الأديان السياسية؟
- الاغتراب والنكوص الفكري في المجتمع العربي
- فلسفة نزار قباني في المرأة والحب والجنس والحرية والتغيير*
- ثنائية مدح الأنا وذمها


المزيد.....




- بايدن واثق من أن ترمب -لن يقبل- نتيجة الانتخابات الرئاسية
- حماس: إسرائيل غير جادة وتستغل المفاوضات غطاء لاجتياح رفح
- بايدن: القنابل التي قدمناها لإسرائيل استخدمت في قتل المدنيين ...
- سويسرا ترصد 11 مليون دولار للأونروا في غزة
- بايدن على قناعة بأن ترامب لن يعترف بهزيمة في الانتخابات
- قائد -نوراد-: الولايات المتحدة غير قادرة على صد هجوم بحجم ال ...
- أبرز مواصفات iPad Pro 13 الجديد من آبل
- سويسرا ترصد 11 مليون دولار للأونروا في غزة
- الجيش الإسرائيلي: معبر -كرم أبو سالم- تعرض للقصف من رفح مجدد ...
- -يني شفق-: 5 دول إفريقية قررت إنهاء عمليات الشحن البري مع إس ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - محمد لفته محل - تأثيرات الهاتف الخلوي على المجتمع العراقي