أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - رياض هاني بهار - الفضائيات العراقية بين حرية التعبير وصناعة التهم الكيدية















المزيد.....

الفضائيات العراقية بين حرية التعبير وصناعة التهم الكيدية


رياض هاني بهار

الحوار المتمدن-العدد: 3595 - 2012 / 1 / 2 - 12:55
المحور: المجتمع المدني
    


((إن الحرية هي إلتزام....)) فيلسوف الحرية جان بول سارتر

من الواضح ان الفضائيات العراقية، تأسست مثل العشوائيات، في خضم الفوضى السياسية والفكرية والطائفية والثقافية المعوجة في العراق، وكثير منها مدفوعة الثمن ومنها تنعكس وجهات نظر حزبية، وكما يقول اهل المنطق (ان النتائج تتبع المقدمات)، فالعراق الذي كان لايعرف سوى قناتين تلفزيونيتين صار اليوم مخنوقاً بحوالي الأربعين فضائية كل منها يدعي أنه يمثل العراق!!.
أباح الدستور العراقي في الماده 36/ ثانياً:- حرية الصحافة والطباعة والإعلان والإعلام والنشر، حرية التعبير:
(تكفل الدولة، بما لا يخل بالنظام العام والآداب:
اولاً :ـ حرية التعبير عن الرأي بكل الوسائل.
ثانياً :ـ حرية الصحافة والطباعة والإعلان والإعلام والنشر.
ثالثاً :ـ حرية الاجتماع والتظاهر السلمي، وتنظم بقانون).
وكان الحاكم المدني (بول برايمر) قد أصدر أمرين لتنظيم العمل الاعلامي بالعراق ذو الرقمين (61 و62) وهما الاساس في تشكيل الرؤية الجديده للاعلام، ولكن ذلك تمخض عن ولادات مشوهة لحوالي الأربعين قناة فضائية وأرضية، قليل جدا منها يبث من داخل العراق، ومعظمها من خارجه!! ولكل واحده منها سياستها واهدافها وجهة تمويل غير واضحة معالمها.
ومن البديهيات ان الإعلام هو تزويد الناس بالأخبار الصحيحة والمعلومات السليمة والحقائق الثابتة التي تساعدهم على تكوين رأي صائب بصدد واقعة معينة أو مشكلة من المشكلات حيث يعبر هذا الرأي تعبيرًا موضوعيًا عن عقلية الجماهير واتجاهاتهم وميولهم، وهو ما يعني أن الإعلام يقوم بالإقناع عن طريق المعلومات والأرقام والإحصاءات والحقائق، فالإعلامي ليس له غرض معين فيما ينشره أو يذيعه على الناس فهو يقدم حقائق مجردة، وهذا ما يميّزه عن رجل الدعاية. ولكن هناك اثار للفضائيات على المجتمع برؤية جنائية لم يتنبه اليها المختصون ويمكن تحديد ملامح لأهم سماتها: ( تاجيج العدوانية – اضعاف روح الولاء للمجتمع – خدش الحياء العام – التحريض على جرائم القتل – انتهاك الحرية الشخصية للاخرين بذكر اسماء الخصوم والتي تؤدي الى خلخله منظومة القيم المجتمعية، ومنها جرائم الثأر بالعراق – التشهير بنزاهة اشخاص ثبتت براءتهم اضافة الى موضوع مهم جدا هو طمس الهوية الوطنية).
اما اسباب تفشي هذه الظواهر على المجتمع العراقي:
1. عدم وجود معايير محددة ومقننة لاخلاقية المهنة والتي تعد جزء بارز وهام من المسوؤلية الاجتماعية.
2. غياب او ضمور المهنية الاعلامية حيث تسلل طارئون على المهنة وهم الاقارب ومن شلل التحزب واولاد المحلة والعشيرة.. الخ.
3. استغلال النقص التشريعي وافتفار القانون الوطني الى نصوص تحد من التشهير لان اغلب الفضائيات خارج الاختصاص المكاني للقانون العراقي، وإن كانت آثار أفعالها ومخالفاتها تقع داخل المجتمع العراقي المبتلى بهذه الفضائيات.

ان للمجتمع العراقي سمات تختلف عن اي بلد مجاور له، من حيث نسيج علاقاته وتكتلاته السكانية ونمط السلوك، ويمكن ايجاز بعض السمات البارزه للمجتمع العراقي:
1. مجتمع قبلي والعصبية القبلية لدى البعض اقوى من رابطة الوطن او القومية او المذهب ومنها العطوة والفصل ( حول انت وعمامك وعليكم دفع الدية!!).
2. السمعة الاجتماعية يدافع عنها العراقي حتى لوضحى بحياته، لان العار يظل يلاحق الشخص حتى لو ارتكبت احدى قريباته جريمة شرف، حيث لايتقدم أحد على بناته، اذن فكيف اذا تم توجيه تهمة بالإرهاب أو بالنزاهة في قضية ما؟؟ حيث هناك عقاب اجتماعي لا يدركه الا الذين لديهم سعة أفق عن واقع المجتمع العراقي.وهو مايسمى (الوصم الاجتماعي)

في خضم هكذا علاقات ثأرية من جانب وسياسة فضائيات لاتدرك مفاهيم المجتمع العراقي، ومن جانب اخر ابتعاد البعض منها عن اهدافها، والتي لم تكرس جهودها لنشر الوعي والمعرفة، بقدر شروعها بتنظيم حملات من توجيه الاتهامات ودون تأني أو تبصر. وأصبحت ظاهرة توجيه الاتهامات مظهراً من مظاهر زعزعة الاستقرار في الوضع السياسي الجديد، وانعكاساً للمضاربات العبثية بين النخب السياسية أو حتى في داخلها، أو مجرد تصفية حسابات شخصية والسعي لتشويه سمعة هذا الطرف السياسي أو هذه الشخصية السياسية بهدف التستر على عيوب موجودة عند من يعتمد هذا الأسلوب المنحط والمتدني أخلاقياً في فبركة الأكاذيب. ان توجيه اتهامات خطيرة، وإصدار أحكام جماهيرية على المتهمين قبل إثبات إدانتهم قضائياً، هذا التعدي يعد خروجا عن ميثاق الشرف الإعلامي بالإضافة إلى انه يؤدى إلى التشكيك في النظام القضائي الموجود في الدولة، ولعل السبب في حدوث هذه التجاوزات الإطار الأشمل للمجتمع الذي يسمح بحدوث مثل هذه الأخطاء.
إنّ إجراء( محاكمات فضائية غيابية!) وتوجيه الاتهامات، واحضار شهود الزور بدون حضور الشخص المعني للدفاع عن نفسه، هو بحد ذاته جريمة يعاقب عليها القانون وتشكل جريمة المساس بسير العدالة. هذا بالإضافة إلى أن مذيعي الفضائيات لايجوز أن يحلوا محل قضاة التحقيق أو المحققين، وهو( ليس تحقيق صحفي انما تحقيق جنائي) له قواعده واصوله، وقد يكون المشتكي مصاب بـ(فصام العقل) حيث لاحظنا بسيرتنا المهنيه هناك اشخاص مصابون بامراض نفسية وعقلية (سايكوباث) نطلق عليهم (معاميل بالمحاكم!!) يكرسون حياتهم للانتقام من الاخرين، ولديهم قدرة كلامية إقناعية عجيبة.
لابد من نشر ثقافة العقول لا ثقافة الأهواء والعبث بالمشاعر، ثقافة المنطق لا ثقافة تحريك الغرائز، ثقافة التأثير الإيجابي لا ثقافة التأثير السلبي، وأن يُدلي بدلوه كلما عرض مشكلة أو أزمة أو عقبة تمّر بالمجتمع، وتقديم الحلول المشروعة والمعالجات المناسبة في ضوء ما يحمل من ثقافة ووعي، ومعارف تؤهله للاستمرار في مخاطبة العقول والثقافات والسلوكيات والشخصية الحقيقية لتلك الجماهير التي تنتظر منه الكثير ومعارف تؤهله للاستمرار في مخاطبة العقول والثقافات والسلوكيات. إن على مالك المحطة الفضائية أن يعي الإلتزامات الأخلاقية والمهنية ووجوب إحترام القانون، وأن واجب محطته أن تكون مؤسسة اجتماعية، تصنع الفكر وتسهم في تكوين الذاكرة الجماعية للأمة، وتشكل الرأي العام المستنير وليس المُضلّل! وهي ليست فضاءً للتشهير والتسقيط السياسي والحزبي وللمنتجات المعلبة الهابطة.
من خلال هذا العرض الموجز، نستطيع أن نوجز أبرز الأخطاء القانونية الفادحة التي وقعت فيها بعض الفضائيات التي مارست التضليل القضائي ومنها:
1. إنها أسهمت من حيث تعلم أو لا تدري، في التحريض على جرائم القتل بنشر أسماء المتخاصمين على الملأ العام، وهي جريمه يعاقب عليها القانون.
2. عدم التفهم للواقع العراقي المتأزم والذي تسوده علاقات ثارية والنظام القبلي الذي زحف اخيرا على المدن الكبيرة.
ان المطالبه بإحداث نقلة نوعية في أداء الفضائيات العراقية، بحيث تتعهد بالالتزام الأخلاقى للأداء المهني، وبما يخدم عادات وتقاليد المجتمع من خلال رفع كفاءة الرقابة الذاتية بعيدا عن رقابة الدولة وضرورة تبنى دعوة أصحاب القنوات الفضائية إلى وضع مقاييس شرف مهني قابل للتنفيذ والتطبيق بواسطة لجنة من الخبراء لوضع آليات حقيقية أكثر تفعيلا.
إن كفاءة الإعلاميين ضرورية هي الأخرى لاستكمال جميع جوانب المهنية الإعلامية في المؤسسة، إذ أن الإعلاميين المؤهلين أكاديمياً سيشكلون بلا شك الجهاز الوظيفي المرموق الذي تتمكن من خلاله الفضائية إرتقاء سلم النجاح وبلوغ أهدافها.. وتحقيق طموحاتها المشروعة، من خلال الاستعانة بمستشار قانوني (محايد) لكل فضائية تعرض عليه المادة المتصلة بقضايا تمس القضاء، للتأكد من قانونية الاجراءات المتبعة والاستعانه بـ(خبير جنائي) في بعض الاجراءات التحقيقية، وهذا هو ما معمول به في اغلب فضائيات العالم شريطة إحترام حقوق الإنسان ومشروعية الإجراءات وعدم التأثير في سير إجراءات القضاء.



#رياض_هاني_بهار (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الخلاص الوطني بديلا عن الحل الخارجي
- مخاطر التعصب القومي والديني على الامن الوطني
- المواطن وهاجس الخوف والازمات الامنية
- هروب الموقوفين والمحكومين بالعراق ظاهرة ام افتعال
- الدولة والسلم الأهلي والأمن الاجتماعي
- مشروع حزام بغداد الأمني برؤية أمنية هادئه
- الدعاوى الكيدية.. أزمة قيم، أم عدالة ناقصة!!
- تضخم (جيش المرافقين) ومخاطرها على الامن الوطني
- أهمية الاتفاقيات الثنائية لتسليم المطلوبين دولياً
- تراكم المعرفة المهنية ودورها باحتواء الازمات الامنية
- السياسة الجنائية وتأثيرها على الظاهرة الإجرامية
- عَسكرة المناصب القيادية للشرطة نخرٌ في بناء الداخلية العراقي ...
- الفشل الامني لنقاط التفتيش (السيطرات) في المدن العراقية
- السياسة الجنائية في العراق.. من يرسمها؟
- الاجهزه الامنيه العراقيه وتخلفها عن مفاهيم (الحوكمة)
- الصراعات الوظيفية والصاق التهم والصاق العبوات
- القضاه المغدورون معلومون والجناه مجهولون
- الغرور الأمني ثقافة فن الحكم الانتحاري
- جرائم اغتيال الصحفيين الغير المكتشفه ومخاطرها على الامن الوط ...
- العشوائيات (سكن الحواسم ) بين المخاطر الامنيه و الوضع الانسا ...


المزيد.....




- -الأونروا-: الحرب الإسرائيلية على غزة تسببت بمقتل 13750 طفلا ...
- آلاف الأردنيين يتظاهرون بمحيط السفارة الإسرائيلية تنديدا بال ...
- مشاهد لإعدام الاحتلال مدنيين فلسطينيين أثناء محاولتهم العودة ...
- محكمة العدل الدولية تصدر-إجراءات إضافية- ضد إسرائيل جراء الم ...
- انتقاد أممي لتقييد إسرائيل عمل الأونروا ودول تدفع مساهماتها ...
- محكمة العدل تأمر إسرائيل بإدخال المساعدات لغزة دون معوقات
- نتنياهو يتعهد بإعادة كافة الجنود الأسرى في غزة
- إجراء خطير.. الأمم المتحدة تعلق على منع إسرائيل وصول مساعدات ...
- فيديو خاص: أرقام مرعبة حول المجاعة في غزة!!
- محكمة العدل تأمر إسرائيل بفتح المعابر لدخول المساعدات إلى غز ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - رياض هاني بهار - الفضائيات العراقية بين حرية التعبير وصناعة التهم الكيدية