أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حمادي بلخشين - غلمة ! قصة قصيرة














المزيد.....

غلمة ! قصة قصيرة


حمادي بلخشين

الحوار المتمدن-العدد: 3592 - 2011 / 12 / 30 - 17:57
المحور: الادب والفن
    


غلمة!

ــ 1 ــ

كنت أهمّ باجتياز عتبة شقتنا الجديدة، حين بلغني صوت جدّي مدوّيا.... مرّة بسؤاله: " يا غجر يا غجر.. أين بوصلتي يا غجر؟!".. و أخرى بوعيده:" يا غجر أين المفرّ ... لأحرّقنّكم بلا شفقة أوندامة.. أين عمّار ليقرّب لي النّعامة"!.. و ثالثة بتهديده: "أم ظننتم أننيّ قد وهنت؟.. هيهات ثم هيهات! فالأسد أسد و ان كلتّ مخالبه!"

كنت استدبر جدّي ــ الذي ارتفع في المدّة الأخيرة منسوب نظرية المؤامرة لديه إلى حدّ أزعج الجميع ــ، حين اجتاز الأخير نوبة سعال ديكيّ حادّ، ثم أضاف صارخا بين لهاثين:
"لن أدع منكم ديّارا، فان كنتم ريحا فقد لاقيتم إعصارا!"
هتفت بجدّي مشفقا:
ـــ ما خطبك يا جدّاه؟ّ
تهللّ وجه جدّي و هو يطالعني سائلا:
ـــ أدركني يا عمّار و إن كنت أنفع الأشرار!
ـــ ...
ـــ أين بوصلتي؟
ما ان اتمّ جدي سؤاله، حتى هرعت الى أقرب كرتون لم يفتح بعد، عالجته بسرعة، قبل أن اخرج منه بوصلة ألمانية عتيقة من مخلّفات الحرب العالمية الثانية.. ما ان سلمت البوصلة لجدّي حتى ردّها إليّ مزمجرا:
ـــ حدّد لي مكان القبلة!
قال ذلك ثم أسرع الى التواليت..

كان شخيخ بول جدّي يصلني متقطعا حين صاح بي بين
دفقتين:
ــ أسرع يا طائرا بلا منقار!

ما ان أكمل جدي أمره، حتى اندفع من التواليت صائحا بي، وقد فرغت بسرعة ــ بحكم تجربتي ــ من تحديد القبلة بخط أفقي رسمته على أرضية الغرفة:
ــ تأخّر عني ايها الضبّ!
حين نبهّت جدّي إلى كونه لم يتوضأ بعد، نهرني قائلا:
ــ قلت لك تأخّر عني أيها الضبّ، و خلّ بيني و بين الكلب!

كانت قوّة الصدمة التي سببتها هرطقة جدّي كفيلة بتجميدي في موقعي.. كنت مسمّرا في مكاني، حين كان جدّي يتحرّى اتجاه القبلة بدقّة متناهية.. ما ان اطمأنّ إلى صحّة وجهته، حتى رفع صوته صارخا دون ان يكلّف نفسه تكبيرة إحرام:
ــ تعال هنا يا كلب بن الكلب!
ـــ ...!!!؟؟
ـــ هيا اخبرني يا كلب!
ـــ..؟!
ـــ لم استقبلت الكلب بعد الكلب؟
ـــ ...؟؟؟!!
ـــ ألم يكفك حماية كلب حتى عالجت جروح أعقر و أكلب كلب ؟!!
ـــ ...؟!!
ـــ الا تعلم يا كلب، ان بحمايتك كلب، ثم بمعالجتك كلب، قد اثبت لنا انك كلب بن كلب!؟
ـــ ...؟!!
ـــ ثم اخبرني يا ذا النفاق و الرّياء
ـــ...؟؟!!
ـــ كيف تسقى الناس الماء، و أنت بمساعدة السفاح علي عبد الله صالح تعين على سفك أنهار الدّماء؟!!

حين بلغ أخو الضبع، هذا الحدّ من التجديف الذي تنشق له السّموات السّبع، اضطررت إلى إستدباره أولا، ثم تطويقه بكلتا يديّ ثانيا، ثم جرّه قسرا إلى أقرب أريكة ثالثا.. وقد ساعدتني نحافته الشديدة على إكمال مهمتي دون مشقة تذكر... ما إن

حملته على الإضطجاع، حتى سارعت إلى حقنه ــ كما أوصى طبيبه الخاص ــ بمادّة مخدّرة، دون أن أبالي بشتائمه المتصاعدة كمّا و إقذاعا، حدّة و إرتفاعا.

ــــ 2 ــــــ

بعد زهاء ساعة، و حين قدّرت أن مفعول الحقـنة قد قارب الزوال، دخلت على جدّي ثم شرعت في تدليك كتفيه الهزيلتين تمهيدا لإيقاظه.. ما ان فتح جدّي عينيه ثم تطلّع إلي بنظر كليل و طرف عليل، حتى بادرني صائحا:
ــ يا سليل قوم مفسدين أصرت ظهيرا للمجرمين؟!
ـــ...؟!
ــــ يا كليب بن كلب لم حلت بيني و بين الكلب؟!
أجبت جدّي مهدّئا:
ــ كان يجب عليّ فعل ذلك قبل أن تصيبك صاعقة،أو يتفق أجلك مع جهرك بكفر بلا مراء، و ردّة صلعاء.
صاح جدّي محاولا النهوض:
ــ أيّ صلعاء و أي جمّاء يا بقرة قرناء (ثم بعد سعال) في بريّة!
ـــ!!!؟؟؟
ـــ ألم تدرك بعد أنني كنت أوبّخ الملك عبد الله..
ـــ..؟!!
ـــ عاهل السّعوديّة!؟
ــ... ؟؟!!
ـــ ألم يبلغك استقباله اليوم الرئيس عليّ عبد صالح كلب اليمن الجريح، ثم إنقاذه بعمليّة جراحيّة!؟
ـــ ...؟!
ـــ بعد استقباله الشقيّ رئيسنا الفارّ زين العابدين بن عليّ؟!!
كنت مستغرقا في الضحك حين أضاف جدّي سائلا:
ـــ بالله خبرني يا كبير الخصيتين
ـــ ..؟؟؟!!
ـــ أخادم حرمين مقدّسين هذا، أم خادم كلبين أجربين!؟

بعد فراغي من تهدئة جدّي و حين سألته، و حتى يزول ريبي ويطمئن قلبي، عن مسألة سقاية الناس الماء، أفادني بأنه قد

شاهد في فضائية سعودية مئات الشاحنات العملاقة و هي تستعدّ
لبدء حملتها السنوية لسقي زوار بيت الله مجانا بمعلّبات فاخرة من ماء زمزم، كلّ ذلك على نفقة العاهل بالغ الغباء، الذي يسفك من اليمنييّن الدّماء، ثم يرائي الناس بالتصدّق بالماء، بمناسبة موسم الحج!

و حين سألت جديّ عن مغزى تكلّف استقباله القبلة و تعريض نفسه للتهمة. حكّ شيبته طويلا ثم ردّ مبتسما:
ـــ لسببين.
ـــ .؟!!
ـــ أمّا الأول، فمن أدب المتكلّم إستقبال مخاطبه بالكليّة، و إن كان مخاطبه في مثل خسّة ووضاعة عاهل السّعوديّة.
ـــ؟!!
ــ وأمّا الثاني، فمن الإحتياطات الأمنية، أي بنيّ، عدم إستدبار و لو جثة ملكية من بقيّة سلالة سعوديّة اشتهر أفرادها ــ بعد خيانتهم للأمة المحمديّة، و عمالتهم للقوى الأجنبيّة ــ، بشبقهم وغلمتهم الإستثنائية!
ــ ؟؟!!
أوسلو 29 ديسمبر 2011



#حمادي_بلخشين (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تطيٍّر قصة قصيرة
- من مظاهر الإستهانة بانسان عالمنا العربيّ قصة بالمناسبة
- خروج قصة
- راشد الغنّوشي و الشيطان، حدث ذات مرّة
- يا متخلف يا حمار كن من أهل اليسار!
- حركة النهضة تحتفل قريبا بأربعينيّة غنّوشي.
- لوبي قصة قصيرة
- من صور التديّن السلفيّ السّخيف قصة
- خالد مشعل يتاجر بكرامة الفلسطينيين
- عبور قصة قصيرة
- إلحاد ادونيس أنفع من -إيمان- مفتي سورية
- موت قصة قصيرة
- رأي جدّي في نوبل 2011 للسّلام! قصّة بالمناسبة .
- من سخافات الغنوشي و القرضاوي قصة بالمناسبة
- يساريو تونس: اغتراب بلا حدود عن الثقافة المحلية قصة طريفة ب ...
- عنصر المفاجأة في الثورات العربية قصة بالمناسبة
- حول التمييز العنصري.. قصة بالمناسبة
- إسماعيل هنيّة، وقاحة قلّ نظيرها
- ذخر قصة قصيرة
- السفارة الأمريكية بتونس تجمع بين رأسين في الحرام!


المزيد.....




- -المدينة ذات الأسوار الغامضة- رحلة موراكامي إلى الحدود الضبا ...
- مسرحية ترامب المذهلة
- مسرحية كوميدية عن العراق تعرض على مسارح شيكاغو
- بغداد تمنح 30 مليون دينار لـ 6 أفلام صنعها الشباب
- كيف عمّق فيلم -الحراس الخالدون 2- أزمة أبطاله بدلا من إنقاذه ...
- فشل محاولة إقصاء أيمن عودة ومخاوف استهداف التمثيل العربي بال ...
- “أخيراً جميع الحلقات” موعد عرض الحلقة 195 من مسلسل المؤسس عث ...
- سرقة موسيقى غير منشورة لبيونسيه من سيارة مستأجرة لمصمم رقصات ...
- إضاءة على أدب -اليوتوبيا-.. مسرحية الإنسان الآلي نموذجا
- كأنها خرجت من فيلم خيالي..مصري يوثق بوابة جليدية قبل زوالها ...


المزيد.....

- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حمادي بلخشين - غلمة ! قصة قصيرة