أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد بودواهي - ثورة زنجبار وتصفية الحسابات















المزيد.....

ثورة زنجبار وتصفية الحسابات


محمد بودواهي

الحوار المتمدن-العدد: 3592 - 2011 / 12 / 30 - 16:30
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


تقع جزيرة زنجبار سياسياً ضمن إطار دولة تنزانيا، أما جغرافياً فهي تقع على الساحل الشرقي لأفريقيا، وتبلغ مساحتها حوالي 1600 كم مربّع، وعدد سكانها حوالي 300 ألف نسمة.
كان نظام الحكم في البلاد حتى عام 1964 ملكية دستورية يحكمها السلطان جمشيد بن عبد الله ......وقد خضعت زنجبار تاريخياً لسلطنة حكّام عُمان، سواء عندما حكمها اليعاربة أو آل بو سعيد. وكان سلطان عُمان يمتد إلى ممباسا وماليندي ومقديشيو وأسمَرة ومدن كثيرة حتّى وسط أفريقيا. وقد ظلّت سيطرة العمانيّين على زنجبار وساحل شرق أفريقيا قرابة ألف عام.....

ولم تنقطع السيطرة العمانية على زنجبار وشرق أفريقيا إلاّ فترات قصيرة عانت فيها مناطق النفوذ العُماني من رحلات الاستكشاف البرتغالية ثم من الاستعمار البرتغالي، إلى أن طَرَد الإمام سلطان بن سيف البرتغاليين من عمان، ثم بعد ذلك من ساحل شرق أفريقيا.
وكان النظام المستقر في زنجبار وساحل أفريقيا الشرقي يحكم من عُمان ويفوّض ولاة على زنجبار وبقية ممالك الساحل مقابل ضريبة سنوية.
وفي عام 1828 ميلادية قام السلطان سعيد بن سلطان بزيارة إلى الجزيرة ، وعندما وصل إليها استهواه جمالها وطِيب مناخها مُقارَنةً بهجير عمان ، فجعل من الجزيرة مقرّه الرسمي وعاصمة لمملكة يحكم منها عُمان وساحل إفريقيا، وأصبحت زنجبار منذ ذلك التاريخ عاصمة لمملكة عُمان . وسرعان ما تعاظمت وتكثّفت هجرات العُمانيين إلى الجزيرة ملتحقين بسلطانهم،
كان استقرار السلطان سعيد بن سلطان في زنجبار متوافقاً مع بدء إحساس الغرب بأهمية موقع زنجبار الاستراتيجي في ظل قواعده البحرية التقليدية، من حيث كونها موقع مواجهة مع ساحل افريقيا الشرقي القريب من الهند ومن ساحل الخليج العربي. وكانت الكشوف الجغرافية من قبل ولفنجستون وستانلي وغيرها في افريقيا سبباً كافياً لكي يلتهب خيال أوربا بالطمع في افريقيا بعامة وزنجبار بوجه خاص.

وفي يناير سنة 1964 اشتعلت ثورة زنجبار بقيادة أول رئيس لها عبيد كرومي وقضت على حكم آخر السلاطين العُمانيين « جامشيد » الذي هرب على متن باخرته إلى مومباسا في كينيا. وأعمَلَ الثوارُ والأهالي من أصل افريقي وهندي التقتيلَ في السكان من أصل عربي الذين اضطروا إلى الهرب إلى كينيا وتنجانيقا أو العودة إلى بلدانهم الأصلية عمان واليمن والإمارات.. فبعد أيام من اندلاع القتال تمكن الثوار من السيطرة على كل المباني الحكومية الرئيسية ، وأخذوا مهبط طائرات الوحيد في الجزيرة ، ففر السلطان جمشيد ومعه رئيس الوزراء محمد شامتي حمادي‏ والوزراء على اليخت السلطاني . فاستولى الثوار على قصر السلطان وباقي الممتلكات السلطانية، معلنين حكومة جديدة . وقد قتل جراء تلك المعارك أعداد غفيرة أغلبهم من العرب ...

ومباشرة بعد استقرار الأوضاع أنشأ حزبي الأفروشيرازي والأمة مجلسا ثوريا ليكون بمثابة حكومة انتقالية ، حيث تزعم كرومى المجلس كرئيس للبلاد ‏ وجعل بابو وزيرا الشؤون الخارجية . وتم تغيير اسم البلد إلى جمهورية زنجبار وبمبا الشعبية ، وكانت أول أعمال الحكومة الجديدة هو الطرد النهائي للسلطان وحظر حزبي الوطني وشعب زنجبار وبمبا دات الميول العربية ...

ونظرا لاضطراب الأوضاع ووجود حالة عدم الاستقرار سرعان مابدأ الثوار بقيادة سكرتير حزب الأفروشيرازي جون أوكيلو بأعمال انتقامية ضد سكان أنغوجا من العرب والآسيويين ، حيث نفذوا عمليات الاعتداء والقتل والاغتصاب وهاجموا الممتلكات ودعا بعض كبار المسؤولين في خطب إذاعية إلى قتل وسجن عشرات الآلاف ممن سموهم بالأعداء والعملاء ، وقد اختلفت التقديرات الفعلية لعدد الوفيات اختلافا كبيرا ، حيث تراوحت بين المئات إلى 20،000 .....وقد وثق طاقم فيلم إيطالي قتل الأسرى العرب ودفنهم في مقابر جماعية حيث تم التصوير من على متن طائرة هليكوبتر لعمل فيلم اسمه "Africa Addio"، وهذا المقطع من الفيلم يضم الوثيقة المرئية الوحيدة المعروفة عن عمليات القتل تلك . وقد فر الكثير من العرب طلبا للأمان إلى عمان ، وبأمر من اوكيلو لم يمس أحدا من الرعايا الأوروبيين

وبحلول 3 فبراير عادت الأمور في زنجبار إلى حالتها الطبيعية، وقد لاقى كرومى القبول الواسع من الشعب كرئيسا للبلاد . وأعادت الشرطة تواجدها في الشوارع وفتحت المحلات المنهوبة وسلم السكان المدنيون الأسلحة غير المرخصة . وأعلنت الحكومة الثورية أن سجناؤها السياسيون وعددهم 500 سوف يحاكمون في محاكم خاصة ..... غير أن اوكيلو شكل ميليشيات شبه عسكرية اسمها قوة الحرية العسكرية، وأغلب اعضائها من مؤيديه ، حيث قامت بدوريات في الشوارع ونهبت ممتلكات العرب...وبحلول شهر مارس قامت ميليشيا مؤيدة لكرومي وحزب الأمة بنزع سلاح العديد من أتباع أوكيلو. وفي يوم 11 مارس جرد اوكيلو من رتبة مشير، ومنع من دخول زنجبار عند محاولته العودة من رحلة إلى البر الرئيسى. وقد رحل إلى تنجانيقا ثم إلى كينيا ثم عاد بعد ذلك معدما إلى وطنه الأم أوغندا ....

من أهم نتائج ثورة زنجبار كانت كسر هيمنة العرب والطبقة الآسيوية الحاكمة التي استمرت لمدة 200 سنة . ومع أن زنجبار اندمجت مع تنجانيقا كوحدة سياسية، إلا أن المجلس الثوري ومجلس النواب قد احتفظا بوجودهما حتى سنة 1992، ويعملان بنظام الحزب الواحد ولهما السلطة في الشؤون المحلية ...

لا تزال الثورة تمثل حدثا ذا أهمية للأكاديميين كما هو للزنجباريين ، فتحليلات المؤرخين بأن سبب الثورة هو وجود طبقية عنصرية واجتماعية بين السكان، وبعضهم قال أن الثوار الأفارقة مثلوا حالة البروليتاريا تمردت ضد طبقة الحكام والتجار من العرب وجنوب آسيا . بينما شكك آخرون بتلك النظرية قائلين بانها ثورة عنصرية تفاقمت بسبب التفاوت الاقتصادي بين طبقات هذا المجتمع . وعلى العموم تمثل تلك الثورة في زنجبار حدثا هاما ، وتحتفل بذكراها يوم 12 يناير كل عام ، وهو يوم عطلة رسمية أقرته حكومة تنزانيا ...
ولا يزال ذوو الأصول الإفريقية والهندية يجدون من مخلّفات الحكم العُماني ، خصوصاً سجون العبيد ، وصمة عار على جبين السلطان العُماني التي كان يأسر فيها الزنوج لبيعهم عبيداً للمستعمرين البريطانيين والفرنسيين في شرق افريقيا.



#محمد_بودواهي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بعض الديانات عند الأمازيغ عبر التاريخ ..
- آفة الفساد في الدول المغاربية وحتمية المعالجة السريعة ...
- هل هدا من الاختيار الديموقراطي ؟؟؟
- الدولة البديلة والدستور المرتقب والموقف الإيجابي من التعددية ...
- الإمبريالية الأمريكية والإرهاب
- حركة 20 فبراير قوية بمناضليها ... وليس بالشوائب الملتصقة بها ...
- ثورات المنطقة بين التحرر وهواجس الشعوب من الانقضاض الامبريال ...
- الثورة الثقافية المصرية على شاكلة الثورة الثقافية الصينية ، ...
- الفلسفة في يومها العالمي
- الشيوعية والنزعة الإنسانية العالية
- رسالة إلى السيد عفيف الأخضر ردا على رسالته لأردوغان
- آلية التبعية ... والاستعمار الدكي ... وضرورة الخلاص ....
- الفساد مصدره وعلاجه : الدولة
- هواجس الشعوب من حطف ثوراتها
- الإمبريالية الأمريكية بين خطابها الحقوقي الكادب وجرائمها الح ...
- بلاغ لجنة المتابعة للمجلس الوطني لدعم حركة 20 فبراير
- الإعلان العالمي لحقوق الإنسان واستمرار الانتهاكات على المسنو ...
- المنهج الماركسي والآفاق المفتوحة
- المخزن المغربي والرأسمالية الطفيلية وصيرورة التأسيس والتطور
- المشروع السياسي الدي قد تتجاوزه الظروف في حال ممانعة المخزن


المزيد.....




- إدانات دولية وتحذيرات بعد الهجوم الإيراني على قاعدة العديد ا ...
- إيران: ضرباتنا ضد إسرائيل -استمرت حتى اللحظة الأخيرة-
- هجوم صاروخي إيراني جديد على إسرائيل
- البيت الأبيض: ترامب منفتح على الحوار لكن الإيرانيين قد يسقطو ...
- ترامب يعلن نهاية الحرب بين إسرائيل وإيران
- كشف كواليس التوصل لاتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وإيران ...
- مسؤول إيراني يؤكد موافقة طهران على وقف الحرب مع إسرائيل
- ترامب يتوقع استمرار وقف القتال بين إسرائيل وإيران -للأبد-
- فيديو: انفجارات قوية تهز العاصمة الإيرانية طهران
- وزير خارجية إيران: لا اتفاق على وقف إطلاق النار -حتى الآن- ...


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد بودواهي - ثورة زنجبار وتصفية الحسابات