|
الإمبريالية الأمريكية والإرهاب
محمد بودواهي
الحوار المتمدن-العدد: 3586 - 2011 / 12 / 24 - 21:17
المحور:
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
في بدايات القرن العشرين كانت كلمة الإرهاب تستخدم بصورة عامة لوصف الأشخاص أو الجهات الذين لايلتزمون بقوانين الحرب أثناء نشوب صراع معين مثل تجنب الاستهداف المتعمد للأهداف المدنية أورعاية الأسرى والعناية بالجرحى ، وكان التعبير يستخدم أيضا لوصف المعارضين السياسيين لحكومة معينة الدين يلجأون إلى استعمال السلاح والحرب الشعبية ... ولكن الانتشار الأوسع للتعبير حدث في نهاية السبعينيات حيث كان التعبير - الحرب على الارهاب - مكتوبة نصا على غلاف مجلة التايم Time magazine في عام 1977 وكان عنوانا لمقال رئيسي عن المعارضين أو ما أسماهم المقال اللاسلطويين الذي كانو من المعارضين السياسيين لحكومات الأتحاد السوفيتي ووبعض الحكومات الأوروبية ...
بعد أحداث11 سبتمبر 2001 حدثت تغييرات على المعنى الدقيق للإرهاب وتم استعمال تعبير الحرب على الإرهاب لوصف حملات متعددة الأوجه على الأصعدة الأعلامية والاقتصادية والأمنية والحملات العسكرية التي استهدفت دولا ذات سيادة وحكومات ، وكان هذا الانعطاف في معاني كلمة الإرهاب وتعبير الحرب على الإرهاب مصحوبا على الأغلب بإضافة وصف الشخص أو الجهة بكونه يستعمل الدين في الشؤون السياسية أو يقوم بتطبيق الدين بصورة متطرفة....
عرفه البعض بانه أي عمل عدواني يستخدم العنف والقوة ضد المدنيين ويهدف إلى إضعاف الروح المعنوية للعدو عن طريق إرهاب المدنيين بشتّى الوسائل العنيفة . ويتخذ الإرهاب أماكن متعددة بين العدو إلا ساحة المعركة التي يشرّع بها استخدام العنف . فنجد الإرهاب يستهدف الطائرات المدنية وما تتعرض له من اختطاف ، والمدن المكتظة بالسكان وما ينالها من تفجيرات واغتيالات بالجملة . ويُعرف كل من يضلع في بث الخوف والرهبة في قلوب الأمنين بالإرهابي أو الإرهابية . ... ولكن تعريف الإرهاب كمصطلح سياسي وقانوني يجب أن يصاغ بطريقة تمنع اللبس والخلط بينه وبين تعريفات أعمال العنف المشابهة مثل الحرب المشروعة وغير المشروعة ، والمقاومة المشروعة وغير المشروعة ، والانقلاب العسكري ، والعصيان المدنين ، والقمع الحكومي ، والإضراب الشعبي المعطل للنظام .....
غير أن الإرهاب الحقيقي - مهما كثرت التعريفات - هو ما تقوم به الامبريالية من وضع اليد على إنتاج الشعوب الكادحة صاحبة كافة القيم الانسانية ، والمشكّلة للغالبية العظمى من سكان الأرض في أمريكا و أسيا و أوربا و أفريقيا ، وسلب ثرواتها الطبيعية .... لهذا فان هدف الإرهاب تيئيس وقمع الأفراد والمجموعات والمنظمات والدول التي تقف ضد هذا الاستغلال ، وسيطرة نظامها الاقتصادي والعسكري والسياسي على العالم أجمع .
و الإمبريالية لديها تنظيم عسكري هجومي مثل الناتو إضافة إلى تنظيمات إرهابية اقتصادية مثل صندوق النقد والبنك الدوليين ومنظمة التجارة العالمية ...، وتعمل على استخدام المنظمات الدولية مثل هيئة الأمم المتحدة ، والأحلاف العسكرية-الاقتصادية المحلية في هذا المنحى . إلى جانب هذا هنالك جيوش الدول الإمبريالية ، والعميلة ذات اللصاقة الوطنية ، وتشكيلات شرطتها، ومنظمات مخابراتها، ومختلف المجموعات الإرهابية تحت مختلف الأسماء وتدفع أدوات إرهاب هذه بشكل فردي أو جماعي حسب خصوصية التهديد الموجه للاستغلال الإمبريالي . وفعاليات كافة الأدوات الإرهابية هذه وعلى رأسها منظمة الناتو، غير محددة في الحقيقة ، بأية اتفاقية أو معاهدة دولية. المهم في هذا الموضوع هو بقاء وأمن الإمبرياليين والأنظمة العميلة لهم ، ونظام الاستغلال القائم . لهذا السبب فهم لا يعترفون بقاعدة ، أو قانون ، أو تقليد أو مقياس أخلاقي ، ويقدمون على ممارسة أي عمل دون مراعاة القيم أو حتى العواقب .... وقد تمّ تنظيم كافة عواصم الدول الإمبريالية والعميلة في شبكة علاقات تنتهي في ذروة هرم التسلسل الإرهابي الإمبريالي إلى البيت الأبيض والبنتاغون ... ضمن هذا التسلسل عندما يراد تحقيق عملية إرهابية ما، فتنطلق الأمور من هناك حسب تسلسل معين على صعيد الدول ، ثم الحكومات ثم الجيوش ثم المنظمات الأمنية والمخابرات السرية ، أو الفدائية المضادة حسب العملية.
هدا الارهاب ومؤسساته الدولية الامبريالية يبدو في الظاهر أن الدول هي التي تموله ، ولكن في الحقيقة أن تمويل كافة هذه التنظيمات الإرهابية الإمبريالية الفاشية تؤمن عبر الضرائب المحصلة من كافة كادحي العالم بدون موجب حق أو عدل . لأن الضرائب التي يدفعها رجال الأعمال والاحتكارات الإمبريالية ليست سوى القيمة الزائدة التي يضع هؤلاء أيديهم عليها من عمل الكادحين الذين يشغلّونهم في شتى أنواع العمل الصناعي والفلاحي والخدماتي والوظيفي ... و يتم نقل هذه الضرائب التي تشكل دخل الدول إلى أدوات العدوان هذه عن طريق منظم علني أو سري ... .
ولعل من فعاليات الإرهاب الأساسية الاحتلالات المباشرة كما حدث في المكسيك سنة 1898 ونيكاراغوا عام 1921 وغرينادا عام 1983 والعراق سنة 1991 و كمبوديا ولاووس بين عامي 1970 و1975 و الدومينيك سنة 1965 و لبنان سنة 1983والفيتنام عندما ألقت على الشعب المحلي أكثر من 638 ألف طن من القنابل وأفغانستان حتى اليوم .....والانقلابات العسكرية كما حدث في الشيلي عام 1973 والارجنتين .....والحصارات الاقتصادية كما فعلت مع كوبا وكوريا الشمالية وإيران .... والحضر السياسي والعسكري والاستفزازات والاغتيالات كما حدث في ليبيا وبنما الصومال ... والعمليات التخريبية وتصدير خبراء التعديب والارهاب للدول العميلة في شتى أحاء العالم وتصدير التقنيات والاسلحة ....
وتعتبر الولايات المتحدة الأمريكية هي العدوة الأكبر لشعوب العالم ، والدولة الإرهابية الأولى دولياً ، وملخص جرائمها يأخد أبعاد مهولة . فهي اليوم مركز ومنبع كل الجرائم المرتكبة بحق الإنسانية وصاحبة الموقع الذي لا يقبل الجدل في هذا الموضوع وتضيف كل يوم جريمة جديدة على جرائمها السابقة....وغير هذا ، هنالك تنظيمات ودول تعد إرهابية كإنكلترا وفرنسا وألمانيا .... . والقسم الأعظم من الجرائم المرتكبة ضد شعوب العالم موجودة في هذه القائمة.
إن الامبرياليون مخدوعون إذا كانوا يظنون الجميع عميانا أو أغبياء .لقد أعماهم حرصهم على مصالحهم وأرباحهم إلى حد عدم استطاعتهم رؤية قوة الشعوب غير المتناهية في المقاومة والنضال ... فالكره والحقد يتنامى بشكل مستمر لدى شعوب العالم المسحوقة ويرفع الرأي العام الديمقراطي والتحرري وجماهيرالشعوب راية مناهضة الإمبريالية وعملائها المحليين .....
ذاكرة الشعوب قوية. وسترى وتفهم الإمبريالية عاجلاً أم أجلاً أن الكلمة الأخيرة ستقولها شعوب العالم التي ستغرقها في الدم الدي تسفكه بدون حسيب ولا رقيب . ستنتصر الشعوب في نضالها من أجل التحرروالانعتاق وستندحر الامبريالية مهما طال الزمن ...
#محمد_بودواهي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
حركة 20 فبراير قوية بمناضليها ... وليس بالشوائب الملتصقة بها
...
-
ثورات المنطقة بين التحرر وهواجس الشعوب من الانقضاض الامبريال
...
-
الثورة الثقافية المصرية على شاكلة الثورة الثقافية الصينية ،
...
-
الفلسفة في يومها العالمي
-
الشيوعية والنزعة الإنسانية العالية
-
رسالة إلى السيد عفيف الأخضر ردا على رسالته لأردوغان
-
آلية التبعية ... والاستعمار الدكي ... وضرورة الخلاص ....
-
الفساد مصدره وعلاجه : الدولة
-
هواجس الشعوب من حطف ثوراتها
-
الإمبريالية الأمريكية بين خطابها الحقوقي الكادب وجرائمها الح
...
-
بلاغ لجنة المتابعة للمجلس الوطني لدعم حركة 20 فبراير
-
الإعلان العالمي لحقوق الإنسان واستمرار الانتهاكات على المسنو
...
-
المنهج الماركسي والآفاق المفتوحة
-
المخزن المغربي والرأسمالية الطفيلية وصيرورة التأسيس والتطور
-
المشروع السياسي الدي قد تتجاوزه الظروف في حال ممانعة المخزن
-
شعوبنا والحاجة لعزة النفس
-
طوفان نوح والتفسير العلمي
-
معيرة الطبقات الاجتماعية
-
الانتخابات التشريعية وسياسة طحن الهواء
-
ما بعد = الربيع العربي - هل هو مشروع سياسي أسوأ ؟
المزيد.....
-
الجامعة الوطنية للقطاع الفلاحي (إ.م.ش) تدعو للمشاركة الوازنة
...
-
النسخة الإليكترونية من جريدة النهج الديمقراطي العدد 576
-
فريق حزب التقدم والاشتراكية بمجلس النواب يُطالب الحكومة بتقد
...
-
السيد الحوثي: بقية الفصائل الفلسطينية المجاهدة في غزة تواصل
...
-
هل تسعى تركيا إلى إنهاء الصراع مع حزب العمال الكردستاني؟
-
تركيا.. اعتقال رئيس بلدية -أسنيورت- بتهمة الانتماء لحزب العم
...
-
العدد 577 من جريدة النهج الديمقراطي بالأكشاك
-
الجبهة الديمقراطية تراسل الاحزاب السياسية والبرلمانات العالم
...
-
المكتب السياسي لحزب النهج الديمقراطي العمالي يدين بشدة وصف ا
...
-
بلاغ صحفي حول اجتماع المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية
...
المزيد.....
-
الثورة الماوية فى الهند و الحزب الشيوعي الهندي ( الماوي )
/ شادي الشماوي
-
هل كان الاتحاد السوفييتي "رأسمالية دولة" و"إمبريالية اشتراكي
...
/ ثاناسيس سبانيديس
-
حركة المثليين: التحرر والثورة
/ أليسيو ماركوني
-
إستراتيجيا - العوالم الثلاثة - : إعتذار للإستسلام الفصل الخا
...
/ شادي الشماوي
-
كراسات شيوعية(أفغانستان وباكستان: منطقة بأكملها زعزعت الإمبر
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
رسالة مفتوحة من الحزب الشيوعي الثوري الشيلي إلى الحزب الشيوع
...
/ شادي الشماوي
-
كراسات شيوعية (الشيوعيين الثوريين والانتخابات) دائرة ليون تر
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
كرّاس - الديمقراطيّة شكل آخر من الدكتاتوريّة - سلسلة مقالات
...
/ شادي الشماوي
-
المعركة الكبرى الأخيرة لماو تسى تونغ الفصل الثالث من كتاب -
...
/ شادي الشماوي
-
ماركس الثورة واليسار
/ محمد الهلالي
المزيد.....
|