أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - يوسف نكادي - حول المصالحة بين اليسار و الاسلام السياسي في المغرب














المزيد.....

حول المصالحة بين اليسار و الاسلام السياسي في المغرب


يوسف نكادي

الحوار المتمدن-العدد: 3579 - 2011 / 12 / 17 - 01:57
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


يعرف المهتمون بالتاريخ أن المغرب الأقصى كان آخر مجال جغرافي في اليابس الممتد من مكة و المدينة حتى سواحل المحيط الأطلسي اعتنق أهله الإسلام. و انتقلوا بعد بضع سنين من مرحلة متلقين للدين الجديد إلى مرحلة فاعلين في نشره، و ذلك حين ركبوا البحر تحت إمرة قائد من بني جلدتهم لنشر الإسلام في شبه جزيرة ايبيريا.
و ها هم اليوم مغاربة المغرب الأقصى، حفدة أبطال ذلك الفعل الخالد، يخرجون إلى العالم بعد مضي قرون على معانقتهم للإسلام بمشروع جديد يتمثل في ممارسة السلطة التنفيذية على أساس تحالف بين قوى اليسار و الإسلام السياسي.
بدأت ملامح هذا المشروع ترتسم في الأفق حين أعلن الأمين العام لحزب العدالة و التنمية، الذي تبوأ حزبه الطليعة في انتخابات 25 نونبر التشريعية، عن نيته في التحالف مع أحزاب الكتلة الوطنية لتشكيل الحكومة المرتقبة. و كان من الممكن أن يتحالف حزبه مع أحزاب أخرى للحصول على أغلبية مريحة في مجلس النواب. و لكن رئيس الحكومة المكلف ارتأى أن يتحالف مع أحزاب تتوفر على تجربة في التدبير. و ربما ارتأى أن تكون أحزابا من طينة هذا الوطن، لها توجه واضح و تاريخ حافل. و كأنه أراد أن تكون حكومته "عدالية – تعادلية – اشتراكية " دون أن يفصح عن ذلك.
و بمجرد أن تناقلت و سائل الإعلام هذا النبأ حضرني ذلك البيت من قصيدة شهيرة لأحمد شوقي أبدعت سيدة الطرب العربي أم كلثوم في ترديده :
الاشتراكيون أنت إمامهم لولا دعاوي القوم و الغلواء
كانت التجربة ستكون فريدة من نوعها و غير مسبوقة في العالم العربي لو اكتملت بانخراط جميع قوى اليسار في هذا المشروع. و أعني هنا بالذات حزب الاتحاد الاشتراكي، باعتباره أقوى و أكبر أحزاب اليسار. و لكن لجنته المركزية فوتت هذه الفرصة التاريخية وارتأت تطليق السلطة التنفيذية و التخندق في موقع المعارضة بدعوى القيام بنوع من المكاشفة و مراجعة الذات. و كان حريا بأعضائها أن يتساءلوا عما إذا كان التموقع في المعارضة سيتيح لهم بالفعل إمكانية استعادة مساحات ضاعت من حزبهم؟ و نسائلهم، من نفس المنطلق، لماذا لم يخسر حزب الاستقلال الكثير رغم أنه يمارس السلطتين التنفيذية و التشريعية من موقع الأغلبية منذ سنوات طويلة. ألم يكن من الممكن تلبية النداء و الاستجابة لتحديات اللحظة و البحث في نفس الآن عن أسباب التراجع؟
و على كل، فقد ارتأى مكون آخر من مكونات اليسار الانخراط في التجربة، رغم أن هذا الانخراط جاء اثر عملية ولادة عسيرة تميزت اللحظة التي استغرقتها باختلاط التكبير و التهليل بالسب و الشتم و التراشق بالكراسي. و هذا أمر طبيعي لأن الولادة لا تتم أبدا بدون مخاض و آلام حتى و إن كان البدن سليما.
و أعتقد أن الأعضاء ، من حزب التقدم و الاشتراكية، الذين اختاروا الانضمام إلى التحالف كانوا محقين فيما ذهبوا إليه لأنهم ارتقوا إلى مستوى اللحظة التاريخية التي يمر بها المغرب و محيطه العربي و الدولي . فعلى المستوى الداخلي يبدو أن أسباب الحراك الداخلي لا زالت قائمة تقتضي المعالجة، و المشاريع الكبرى تتطلب المتابعة، و الدستور المصادق عليه مؤخرا ينتظر من يسهر على أجرأة سليمة لمقتضياته الجديدة. و على المستوى الخارجي، لا زالت رياح التغيير تهب في بعض أقطار الوطن العربي دون اتجاه محدد. و قد تزيد من حدتها المؤشرات الدالة على أن الظرفية الاقتصادية و العلاقات الدولية لن تكون على أحسن ما يرام خلال السنوات القليلة المقبلة.
كما أعتقد أيضا أن الأعضاء الذين حبذوا هذا الاختيار كانوا منسجمين مع المتغيرات الراهنة التي تقتضي من اليسار مراجعة مواقفه، و ذلك بتبني البراغماتية و التخلي عن الايديولوجيا التي لم يعد لها موقع في زمن يقوم على الفعل و الانخراط و المبادرة.
و فضلا عما استعرضناه من معطيات، فلا شك أن في هذا التحالف منفعة للجميع.
فحزب العدالة و التنمية سيكسب حليفا يشهد الجميع بعمق جذوره الضاربة في تاريخ المغرب، و يشهد الجميع بدوام ارتباطه بهموم أهل هذا البلد، و بنزاهة و تجرد أعضائه، الذين أسهموا في خدمة المغرب من موقعهم في مؤسسات تنفيذية أو تشريعية وراكموا بذلك تجربة لأنفسهم و للحزب الذي سيضعها رهن إشارة الأغلبية الحكومية التي ستحكم خلال السنوات المقبلة.
و سيحقق حزب التقدم و الاشتراكية بدوره مكسبا آنيا يتمثل في الاستمرارية في حكم البلاد منذ سنوات دون قطيعة كانت من الممكن أن تحدث لو مالت كفة المعارضين للتجربة. و سيكسب، من دون شك على المدى القريب متعاطفين سينخرطون في صفوفه، أو على الأقل سيصوتون لصالح مرشحيه في الانتخابات التي ستجرى قريبا. و من المحتمل أن يصوت لصالح هؤلاء المرشحين بعض من الناخبين الذين صوتوا لصالح حزب العدالة و التنمية في الانتخابات التشريعية من باب الاعتراف بالجميل. و لعل أهم مكسب سيجنيه حزب التقدم و الاشتراكية على المدى البعيد، من وراء تحالفه مع حزب العدالة و التنمية، هو انتفاء الفكرة التي يحملها عدد من المغاربة عن هذا الحزب و مفادها أنه حزب ملحد، أو أنه حزب يتبنى إيديولوجية تتعارض مع الدين. و إن كانت هذه الفكرة تنطوي على كثير من المغالاة و اﻹفتراء، لأن أعضاء هذا الحزب مغاربة يتعاملون مع مغاربة مسلمين. و يزاولون نشاطهم السياسي في بلد يتبنى دستورا يقر في الجملة الأولى من نصه بأن" المملكة المغربية دولة إسلامية..." بل لا بأس من التذكير في هذا المقام بأن أحد الكتابين العامين لفرع من فروع الحزب في مدينة مغربية كان في نهاية الثمانينات و مطلع التسعينيات رجلا يشغل وظيفة عدل قضائي.
نأمل أن ينتهي المشروع بأن يصبح في يوم ما تجربة ناجحة تلهم شعوب العالم في بقاع أخرى من الدنيا.



#يوسف_نكادي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- واقع و آفاق اليسار العربي في ضوء الحراك الاجتماعي الذي تشهده ...
- حول البلطجية و البلطه جي و بلنطجني أو تسخير فتوة الشباب للهد ...
- من وحي ما حدث في تونس و مصر أو اختلال العلاقة بين عنف الطرف ...
- من تداعيات الظاهرة البوعزيزية في المغرب
- مساهمة في اثراء النقاش حول امكانية اطلاق فضائية تقدمية
- أضواء حول حق الملكية في الأندلس
- الفيودالية و النظام الفيودالي في غرب أوربا


المزيد.....




- صدمة في الولايات المتحدة.. رجل يضرم النار في جسده أمام محكمة ...
- صلاح السعدني .. رحيل -عمدة الفن المصري-
- وفاة مراسل حربي في دونيتسك متعاون مع وكالة -سبوتنيك- الروسية ...
- -بلومبيرغ-: ألمانيا تعتزم شراء 4 منظومات باتريوت إضافية مقاب ...
- قناة ABC الأمريكية تتحدث عن استهداف إسرائيل منشأة نووية إيرا ...
- بالفيديو.. مدافع -د-30- الروسية تدمر منظومة حرب إلكترونية في ...
- وزير خارجية إيران: المسيرات الإسرائيلية لم تسبب خسائر مادية ...
- هيئة رقابة بريطانية: بوريس جونسون ينتهك قواعد الحكومة
- غزيون يصفون الهجمات الإسرائيلية الإيرانية المتبادلة بأنها ضر ...
- أسطول الحرية يستعد للإبحار من تركيا إلى غزة


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - يوسف نكادي - حول المصالحة بين اليسار و الاسلام السياسي في المغرب