أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - يوسف نكادي - حول البلطجية و البلطه جي و بلنطجني أو تسخير فتوة الشباب للهدم أو البناء















المزيد.....

حول البلطجية و البلطه جي و بلنطجني أو تسخير فتوة الشباب للهدم أو البناء


يوسف نكادي

الحوار المتمدن-العدد: 3502 - 2011 / 9 / 30 - 00:12
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


دخلت كلمة البلطجية إلى قاموسنا اللغوي نحن المغاربة بمناسبة تتبعنا لمجريات الانتخابات التشريعية التي جرت في مصر في نونبر- دجنبر 2010. فقد حدثت خلال الحملة الانتخابية التي سبقت الجولتين الأولى و الثانية من تلك الانتخابات أعمال عنف و اعتداءات على مرشحين و ناخبين قام بها مجموعة شباب نعتهم بعض الساسة و بعض الصحفيين المشاركين في تغطية تلك الانتخابات "بالبلطجية".
و أخذت الكلمة تستعمل بكثافة من فبل مذيعي القنوات الفضائية المصرية و مراسلي بعض القنوات الخليجية أسابيع قليلة بعد بداية اعتصامات ميدان التحرير بالقاهرة. و اتضح لدى المتلقي و مشاهد القنوات بشكل خاص البعد الإجرائي للكلمة بعد أن تناقلت مختلف المحطات ذلك المشهد المأثور، الذي ظل حديث المجامع لفترة طويلة. و أعني هنا حادث اقتحام ميدان التحرير من قبل مجموعة شباب يمتطون الخيول و الجمال أتوا لترهيب و تعنيف جموع المعتصمين و المعتصمات.

و اتضح بعد التحريات بأن المهاجمين تحركوا بإيعاز من بعض أعضاء الحزب الوطني الديمقراطي الذي كان يحكم البلاد آنذاك. كما اتضح أيضا بأن المهاجمين كانوا معروفين لدى الدوائر الأمنية؛ معظمهم من ذوي السوابق، أو من العناصر النشطة في الأوساط التي تتعاطى لتجارة المخدرات أو التي تنشط في مجال الجريمة المنظمة.
ينعت المصريون هجمات "واقعة الجمل" و عمليات الترهيب و التعنيف التي حدثت بمناسبة الانتخابات التشريعية "بالبلطجة"، و يطلقون تسمية "البلطجية" على أبطالها. و "البلطجية" هم عبارة عن مجموعات من الشباب الأقوياء، موزعين على شكل فرق مدججة بالسلاح الأبيض. يمتهن هؤلاء الشباب الترهيب و التعنيف المؤدي أحيانا إلى الموت، و ينشطون في مناسبات خاصة كالتجمعات و الاعتصامات و المظاهرات بإيعاز من بعض الخواص أو بإيعاز من بعض القوى السياسية أو القوى الاجتماعية مقابل أجر.
يذهب الباحثون القلائل الذين تناولوا موضوع البلطجية في مصر إلى القول بأن هذه التسمية ذات أصول قديمة نسبيا تعود إلى العهد العثماني. فقد أشرفت على إدارة الإمبراطورية العثمانية ، في المركز كما في الولايات، مؤسسات إدارية و عسكرية كثيرة ضمت عددا كبيرا من الموظفين، الذين لا زالت أسماء بعض وظائفهم متداولة إلى يومنا هذا في الوطن العربي مثل الباشا و الجمركي و الشاويش... كما أن بلاط السلطان كان يضم بدوره جيشا عرمرما من الموظفين و الخدام من بينهم المرقدار وهو الخادم المكلف بمطابخ البلاط و الشانجي باشا حامل الأختام السلطانية و حكيم باشا طبيب السلطان و قفطان أغاسي المسؤول عن ألبسة و هندام السلطان و البلطه جي ، و هو شخص يحضر جلسات السلطان يحمل بلطة قد يحتاج إليها السلطان لتأديب أحد الحضور. و الحقيقة أن عملية التأديب كان من الممكن أن تتم بغير استعمال البلطة، التي كانت عبارة عن أداة حادة شبيهة بالساطور، كما كان من الممكن أيضا أن لا يحتاج استعمالها إلى قوة بدنية، و مع ذلك، فقد كان يشترط في الشخص الذي توكل إليه مهمة حملها و استعمالها أن يكون طويلا قوي البنية ربما بقصد الترهيب. كما هو الشأن اليوم في مدننا حيث توكل مهمة حراسة بعض الوكالات البنكية أو الملاهي الليلية إلى شباب أقوياء البنية، رغم أن السلاح الناري الذي يتوفرون عليه أو درايتهم بفنون القتال قد تغنيهم عن القوة الجسمانية.

و على أي، فان فتوة بلطجي البلاط الغير وظيفية قدر لها يوما أن تكون بناءة إلى حد ما في شخص أحدهم يدعى بلطجي محمد باشا، الذي شغل منصب الصدر الأعظم في عهد السلطان أحمد خان الثالث الذي حكم الإمبراطورية العثمانية بين سنتي 1703 و 1730.
فقد اشتهر بلطجي باشا بقوة شكيمته و حبه للجهاد في سبيل الله و الوطن. و شاءت الظروف أن تنشب خلال فترة توليه مهام الصدر الأعظم حرب بين العثمانيين و الروس، فقاد جيوش بلاده في تلك الحرب التي مالت فيها الكفة لصالح العثمانيين. و كان من الممكن، حسب شهادة المؤرخين، أن تنتهي وقائعها بنصر بين يعزز موقع الإمبراطورية في علاقاتها مع أقطار أوربا، غير أن بلطجي محمد باشا فضل الاكتفاء بما تحقق من مكاسب و لجأ لتوقيع معاهدة صلح فلكزن 1711 التي وضعت حدا لتلك الحرب و وزعت أهل النظر في بلاده بين فريق مؤيد للإجراء و فريق معارض له. فرجحت كفة الفريق المعارض و ترتب عن ذلك عزل بلطجي الصدر الأعظم المحارب و نفيه.

و إذا كان مصير البلطجي العثماني قد انتهى بهذه الصورة المؤلمة دون أن يكتمل البناء، فان بلنطجنيا من إحدى مقاطعات غالة أو غاليا (أي فرنسا الحالية) قدر له أن يحقق مجدا ما بعده مجد لعائلته و لبلاده .
و تفصيل الأمر هو أن فولك الخامس (Foulque V) الذي كان على رأس قمطية أنجو (Anjou) و في نفس الوقت ملكا يدير مملكة بيت المقدس رزق سنة 1113 م. بمولود ذكر سماه جوفروا (Geoffroy).
و قد تدرب هذا الأخير منذ صباه على فنون الحرب و القتال، شأنه في ذلك شأن الذكور من أبناء الأسر النبيلة. فأبان منذ نعومة أظافره عن قوة و شكيمة لافتتين سواء أثناء عمليات التدرب على استعمال السلاح أو خلال رحلات القنص التي كان يقوم بها بمفرده أو بمعية رفقائه و أصدقائه. و بما أنه كان يخرج للقنص كثيرا و يخترق نطاقات غابوية تغطيها أنواع كثيرة من الأشجار و الشجيرات و النباتات، فقد أعجب بجنس من تلك الشجيرات يعرف "بالجني" (le genêt) المنتمي لفصيلة الفباصيا (Fabaceae) و المعروف في الأوساط العلمية باسم Planta genesta . فانتزع يوما غصنا من شجيرة زين به خوذته. و منذ ذلك اليوم دأب على القيام بنفس العملية و لم يعد غصن الجني يفارق خوذته و كل غطاء يتخذه على رأسه حتى أن خاصة و عامة قمطية أنجو أصبحوا يلقبونه بجوفروا بلنطجني (Geoffroy Plantagenêt).
و تفيد الروايات بأن فتوة و شكيمة بلنطجني بدأتا تأتيان أكلهما منذ أن بلغ سن الخامسة عشرة عندما اقترح عليه أبوه الاقتران بماثيلدا (Mathilde) ابنة هنري الأول ملك انجلترا و أرملة هنري الخامس إمبراطور الإمبراطورية الرومانية المقدسة رغبة من الأب في وضع حد للصراع الدائر منذ أمد بين فمطية أنجو و دوقية نورمانديا التابعة للتاج الأنجليزي .
و الواقع أن المصاهرة لم تفض إلى إصلاح ذات البين كما لم يحقق الزوج من وراءها مكاسب مادية أو معنوية آنية، بل إن بلنطجني وجد نفسه يربط مصيره بمصير امرأة تكبره بإحدى عشرة سنة و مجردة من أي شيء. فقد تدخلت الأسر الأرستقراطية الأنجلو- نورماندية بكل ثقلها لدى الأسرة الحاكمة في انجلترا لحرمان ماثيلدا من تركة أبيها التي آلت إلى ابن عمها. فحز ذلك في نفس زوجها الذي اضطر إلى خوض سلسلة حروب استغرقت حوالي عشرين سنة قبل أن يحقق النصر المبين بسيطرة محاربيه على إقليم نورمانديا سنة 1144، و تتويجه دوقا عليه. و رغبة منه في تأكيد سلطته على الدوقية ، لم يتردد في تقديم فروض الولاء لملك فرنسا لويس السابع و إعلان نفسه فصلا (أي تابعا) لهذا الملك. فكان هذا الإجراء الذكي من قبل بلنطجني مقدمة لإرساء دعائم كيان سياسي قوي سرعان ما تحول في السنوات الأولى من عهد ابنه هنري الثاني إلى إمبراطورية شمل نفوذها عدة قمطيات و دوقيات في غالة بالإضافة إلى انجلترا. و قد عرفت هذه الإمبراطورية في التاريخ الأوربي الوسيط بإمبراطورية بلنطجني و اشتهر حكامها باسم البلنطجنيين (les Plantagenêts) (the Plantagenets).



#يوسف_نكادي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من وحي ما حدث في تونس و مصر أو اختلال العلاقة بين عنف الطرف ...
- من تداعيات الظاهرة البوعزيزية في المغرب
- مساهمة في اثراء النقاش حول امكانية اطلاق فضائية تقدمية
- أضواء حول حق الملكية في الأندلس
- الفيودالية و النظام الفيودالي في غرب أوربا


المزيد.....




- فيديو لرجل محاصر داخل سيارة مشتعلة.. شاهد كيف أنقذته قطعة صغ ...
- تصريحات بايدن المثيرة للجدل حول -أكلة لحوم البشر- تواجه انتق ...
- السعودية.. مقطع فيديو لشخص -يسيء للذات الإلهية- يثير غضبا وا ...
- الصين تحث الولايات المتحدة على وقف -التواطؤ العسكري- مع تايو ...
- بارجة حربية تابعة للتحالف الأمريكي تسقط صاروخا أطلقه الحوثيو ...
- شاهد.. طلاب جامعة كولومبيا يستقبلون رئيس مجلس النواب الأمريك ...
- دونيتسك.. فريق RT يرافق مروحيات قتالية
- مواجهات بين قوات التحالف الأميركي والحوثيين في البحر الأحمر ...
- قصف جوي استهدف شاحنة للمحروقات قرب بعلبك في شرق لبنان
- مسؤول بارز في -حماس-: مستعدون لإلقاء السلاح بحال إنشاء دولة ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - يوسف نكادي - حول البلطجية و البلطه جي و بلنطجني أو تسخير فتوة الشباب للهدم أو البناء