أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - يوسف نكادي - من وحي ما حدث في تونس و مصر أو اختلال العلاقة بين عنف الطرف الحاكم و استكانة الخاضعين لسلطته














المزيد.....

من وحي ما حدث في تونس و مصر أو اختلال العلاقة بين عنف الطرف الحاكم و استكانة الخاضعين لسلطته


يوسف نكادي

الحوار المتمدن-العدد: 3346 - 2011 / 4 / 25 - 16:44
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


من وحي ما حدث في تونس و مصر
أو
اختلال العلاقة بين عنف الطرف الحاكم و استكانة الخاضعين لسلطته




لاشك أن ما وقع في تونس و مصر من احتجاجات، تحولت إلى انتفاضات ثم إلى ثورات عارمة، يعني أن شرخا عميقا حدث في علاقة القوى الشعبية في القطرين بالأطراف التي كانت تحكمها.
أستحضر و أنا أقول هذا الكلام وجهة نظر موريس ﯕودوليي (Maurice Godelier) عن العنف وعن القبول بالخضوع (le consentement) التي أوردها في مؤلفه : "الفكراني و المادي" (L’idéel et le matériel, Paris, Fayard, 1984).
و ملخص وجهة النظر هاته هو أن السلطة المهيمنة تقوم، في جميع الأزمنة و في جميع الأمكنة، على عنصرين متلازمين يمدان تلك السلطة بالقوة و هما : العنف و القبول بالخضوع، أو ما أصطلح شخصيا على تسميته باﻹستكانة (le consentement). و يميل ﯕودوليي إلى الاعتقاد بان العنصر الأكثر تأثيرا في هذين الزوجين لا يتمثل في العنف الذي يمارسه الطرف المسيطر،و إنما في استكانة القوى الاجتماعية الخاضعة له. و الحصيلة هي أن العنف، أو ما يشاكله من طغيان و جبروت، ليس هو الذي يساعد الطرف المسيطر على ممارسة السلطة و السيادة، و إنما اﻹستكانة التي تبديها القوى الخاضعة و استعدادها للتعاون. لتسهيل مأمورية المسيطر.
و مما لا شك فيه، أن هذا الأمر ينطبق على تونس و على مصر ما قبل الثورة. فقد ظل الطرف المسيطر يمارس السلطة (القائمة على العنف الظاهر حينا و الخفي أحيانا أخرى) لمدة عقود من الزمن؛ و ظلت القوى الشعبية الخاضعة له مستكينة و متعاونة.
و رغم أن اﻹستكانة قد تكون في بعض الحالات مصطنعة و قد تكون مفروضة بالقوة حين يتعرض موطن مجتمع من المجتمعات للاحتلال الأجنبي، فإنها تتخذ في أغلب الحالات أشكالا تلقائية، كأن يستكين معظم النساء المتزوجات في العالم لسلطة أزواجهن، بغض النظر عن طبيعة سلطة أولائك الأزواج، التي تتراوح طبعا بين اللين هنا و التشدد هناك.
و في جميع الحالات، فان اﻹستكانة، بعيدا عن أن تكون مجرد قبول أو موافقة فردية أو جماعية سالبة، فهي موقف فاعل ناتج عن تربية و عن منظومة فكرية و ثقافية، هي بدورها وليدة فعل مستمر لمجموعة رجال و نساء قادرين على إعادة إنتاج مجتمعهم.
و الأهم من ذلك ربما، هو أن العلاقة بين العنف و اﻹستكانة ليست دائما علاقة ود و امتنان. و تكاد من هذه الوجهة تشبه العلاقة بين الزوجين. و لكي يسود الهدوء أطول مدة ممكنة بين العنف و اﻹستكانة، فان الطرف المسيطر يجتهد دوما لكي يظل التآلف قائما بين عنصري هذه الثنائية. و يندرج هذا الاجتهاد ضمن الوظائف اليومية التي يقوم بها الطرف المسيطر و هو يمارس السلطة و السيادة. و يكون هذا الاجتهاد مكثفا أحيانا و يخف أحيانا أخرى تبعا للظروف و المتغيرات الداخلية في البلد أو الحاصلة في محيط البلد؛ و معنى ذلك أن " لعبة شد الحبل " بين العنف و اﻹستكانة لا تختفي أبدا من رزنامة مهام الطرف المسيطر في هذا البلد أو ذاك، حتى و إن وصل هذا الطرف إلى سدة الحكم عن طريق صناديق الاقتراع و بتثمين من مختلف أطياف شعب البلد، لأن استخدام العنف ضرورة يتم اللجوء إليها حين تتراجع اﻹستكانة. و يتصاعد استعمال العنف حين يتحول تراجع استكانة القوى الخاضعة إلى رفض. و قد يتزايد تصاعدا حين يتحول الرفض إلى عصيان أو إلى انتفاضة.
و تستغرق الانتفاضة أمدا قصيرا من الزمن. و قد بطول أمدها أحيانا بفعل عوامل داخلية متصلة بالطرف المسيطر الحاكم أو متصلة بالقوى الشعبية المنتفضة ، أو عوامل خارجية متصلة بقوى أجنبية متدخلة في مجريات الانتفاضة. و يحدث أن تتحول الانتفاضة إلى ثورة حين تنجح القوى الشعبية المنتفضة في الإطاحة بالطرف الذي يحكمها. و تبدي القوى المنتفضة و هي تقوم بالثورة استعدادها للاستكانة لطرف "جديد" يمارس عليها السلطة و السيادة بعد نجاح الثورة.



#يوسف_نكادي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من تداعيات الظاهرة البوعزيزية في المغرب
- مساهمة في اثراء النقاش حول امكانية اطلاق فضائية تقدمية
- أضواء حول حق الملكية في الأندلس
- الفيودالية و النظام الفيودالي في غرب أوربا


المزيد.....




- البلجيكي ياسبر فيليبسن يفوز بالمرحلة الأولى لسباق فرنسا للدر ...
- عشرات الشهداء في غزة والاحتلال يستهدف محطة تحلية مياه
- الشرطة البريطانية تعتقل مؤيدين لـ-حركة العمل من أجل فلسطين- ...
- الأمين العام للناتو: روسيا تعيد بناء نفسها عسكريا بسرعة غير ...
- حماس: المشاورات مع القوى الفلسطينية أنتجت الرد على مقترح اله ...
- مرحلون من أميركا يصلون إلى جنوب السودان
- -هونر- تكشف عن أنحف هاتف قابل للطي لديها
- قائد الجيش الأوكراني يحذر من هجوم روسي وموسكو تتصدى لمسيّرات ...
- فيديو.. خامنئي في أول ظهور منذ انتهاء الحرب مع إسرائيل
- قبل ناسا وأوروبا.. الصين تسرع خطواتها لجلب -صخور المريخ-


المزيد.....

- نقد الحركات الهوياتية / رحمان النوضة
- الوعي والإرادة والثورة الثقافية عند غرامشي وماو / زهير الخويلدي
- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - يوسف نكادي - من وحي ما حدث في تونس و مصر أو اختلال العلاقة بين عنف الطرف الحاكم و استكانة الخاضعين لسلطته