آيا الجوهري
الحوار المتمدن-العدد: 3575 - 2011 / 12 / 13 - 11:43
المحور:
ملف مفتوح: مناهضة ومنع قتل النساء بذريعة جرائم الشرف
الجميع يعرف جرائم القتل بذريعة الشرف ولكن هل أحد يعرف أو سمع عن حالة واحدة من هذه الجرائم المجني عليه فيها ذكر؟؟!!
أعني أن أباً قتل إبنه مثلا بذريعة الشرف لأنه مارس علاقة غير شرعية أو خارج إطار الزواج!!
بالطبع لا! لا يوجد حالة واحدة الضحية فيها ذكر! إن وجد أحدكم أرجو منه أن يعلمني بها..
وإذا بحث أحدكم فسيجد أن أكثر من 25% من جرائم القتل هي جرائم شرف!! وهذه الجرائم هي مرتبطة دائما بالمجتمعات الإسلامية والشرقية عامة
ولكن إذا أتينا نحو الثقافة الدينية الإسلامية لنبحث فيها عن إباحة هذه الجرائم فسنجد الآتي..
أولاً سنجد أن الأمر هو مرتبط بالعرب في العصر الجاهلي حيث الظاهرة المعروفة "وأد الإناث" وهذه الجريمة كان يقوم بها الأب حيث يدفن إبنته حية وهي رضيعة
خوفاً من أن تقع مستقبلاً في العار فتلطخ شرف العائلة..!!!
جريمة بشعة وغير إنسانية بل أنه لا يوجد كائن على وجه الأرض يقوم بدفن طفل رضيع! ففي عالم الحياة الطبيعية الأولى والتي نراها الآن بين الحيوانات
الأم تعتني بصغارها دون النظر لنوع الصغار وتدافع عنهم بكل قوتها إن تعرضوا لخطر.. والطبيعي أن الأم هي من يفعل ذلك لأن الأطفال في حضانة الأم لأنها هي من أنجبتتهم هذه هي قوانين الطبيعة فلا علاقة للذكر بهم؛ بالتالي الذي يجب أن يخشى على أبنائه من شئ فهي الأم وليس الأب!!
فما علاقة الأب إذاً بالأبناء؟! وما العار الذي سوف تتسبب في حدوثه الأنثى دون الذكر!!
إن كان عاراً فهو سيلحق بالمرأة الأم التي أنجبت وكفلت الطفل حتى أصبح قادر على الإعتماد على نفسه؛ ما دخل الأب إذاً؟
في الحقيقة الفكرة نابعة أيضاً من المجتمع الذكوري الذي يهمش دور المرأة مخالفاً في ذلك قوانين الطبيعة؛ ففي الطبيعة لولا الأنثى لما أستمرت الحياة؛ من حيث أن الأنثى
هي من يعتني بالأطفال حتى يصلوا لسن يستطيعوا فيه الإعتماد على أنفسهم، فماذا مثلا لو أنجبتهم الأنثى وتركتهم وهم صغار أو قتلتهم كما يفعل الذكر البشري؟!
وما ماهية هذا العار الذي سوف تلحقه الأنثى به دون عن الذكر؟! إذا كان الجنس مباح للذكر فقط في شرعهم دون المرأة فعلى الذكر أن يمارسه وحده دون أن يشارك المرأة معه أي أن يتكاثر ذاتياً؛ بما أن الجنس مباح لها فقط وللمرأة ممنوع فليتكاثر ذاتياً إذاً حتى لا يلحق العار للمرأة!!
هذه الثقافة تجعلني أتسائل بماذا يفكرون أصحاب هذا الفكر؟! أعني بعقولهم أو بماذا؟! كيف يكون العقل ثابت ويخرج منه هذه الأفكار؟!
في الحقيقة أن الذكر الذي يفكر بهذا النمط يبيح لنفسه كل شئ ولكل النساء ماعدا "إبنته، أخته، أمه، زوجته" وكأنهن جماد!
ومن أعطاه حق الوصاية عليهن؟! إنه أيضاً المجتمع الذكوري الذي جعله رب الأسر وكفيل لهن؛ فهن عالة عليه لذلك لابد أن يفرض سيطرته على من يكفله!
إنها مجموعة تناقضات وإزدواجيات لا نهاية لها ولكنها أصبحت معروفة لدى الجميع فيماعدا المغيبين..
ثانياً ماذا عن النصوص الدينية التي تجيز قتل الإناث بذريعة الشرف دون الذكور؟!!
ماذا عن الشرف وما الشرف في القتل؟! هل القاتل هو من وهب المجني عليه حياته ليسلبها منه؟!
لم أجد نص ديني يجيز قتل الإناث بزعم لفظة "شرف" ولا أعرف ما سر ربط هؤلاء بين الشرف وبين الأعضاء التناسلية!!
ففي الإسلام رفض لهذه الجرائم ويعتبرها إرث جاهلي وتحدث عن الزنا ولم يربط بين لفظة "شرف" والعلاقات الغير شرعية
وهذه بعض النصوص الدينية:
" وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلا " "الإسراء 32"
" وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلايَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَوَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً " "الفرقان 68 "
وتأتي آيات مثل هذه الآية " أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَأْخُذُ الصَّدَقَاتِ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ " "التوبة 104"
فتطبيق مثل هذه الأحكام الدينية تتنافي مع حرية الإختيار التي قال بها نفس الدين..!
ونجد أن في أحكام تطبيق عقوبة على الطرفين لم يُذكر تفريق بين الطرفين في ذلك بل أن الشروط الموضوعة لإثبات الواقعة وتطبيق العقوبة شروط مستحيلة الحدوث..!
مستحيل أن تجد أربعة شهود على علاقة حدثت بين طرفين.. إذا فلا يوجد حكم ديني على العلاقات الغير شرعية فالأمر شخصي يخص الفرد وحده
فالمسائل العقيدية هي مسائل شخصية ولا أحد يملك الحق في أن يتدخل بها أو أن يتدخل في علاقة الإنسان بربه هذه مسألة تخصه وحده؛ فلكي يملك المسؤولية الكاملة عن إختياراته هذا يعني ملكيته الكاملة لحريته في الإختيار..
إذا جرائم القتل بذريعة الشرف للإناث فقط هي ثقافة عربية بحتة مصبوغة بصبغة دينية.. ربما السبب هو مسألة البكارة وربما السلطة الذكورية التي تقلل من شأن المرأة وربما المجتمعات الأبوية التي أتت بعد المجتمعات الأمومية والتي هي أصل الطبيعة وربما الفكر المتصحر الآتي من دول صحراوية لاتملك عقل أو حس إنساني وربما ثقافة الدول التي تتحدث العربية نتيجة إصطباغها بثقافة شبه الجزيرة.. في الحقيقة كل ما سبق..
هذا لا يعني أن ظاهرة وأد الإناث هي فقط القتل بذريعة جرائم الشرف..
يتمثل هذا الوأد في جريمة أخرى غير إنسانية أيضاً هي ظاهرة "ختان الإناث" هذه الجريمة أيضاً نابعة من الثقافة السالف ذكرها المزدوجة العنصرية ضد الأنثى والتي تعتبر الذكر إله مقارنة بالأنثى..!!
الجرائم في حق الإنسانية ليست شرفاُ بل هذه هي العار والخزي..
والإزدواجية ومعاداة الطبيعة والإنسانية من أجل أفكار لا تمت للعقل والإنسانية بشئ ليست شرفاً
وصبغ هذه الجرائم الوحشية بصبغة دينية -نظراً لقداسة الدين لدى الناس- ليس شرفاً
وسلب الإنسان حريته وحقوقه ليس شرفاً
ونمط التفكير الهمجي العنصري ليس شرفاً
والأنشغال في قضايا تعتبر شخصية لا احد يملك حق التدخل فيها أو بمعنى آخر التدخل في شئون الآخرين ليس شرفاً
الإنسان هو من يشارك في صنع الحضارات التي تفيد العالم كله، لكن من لاينفع الآخرين في شئ ووجوده يسبب إزعاج لهم لا يستحق أن ننعته بإنسان..
ملحوظة: إستخدامي لنصوص دينية إسلامية فقط هذا لأن جرائم الشرف مرتبطة بالمجتمعات التي بها أغلبية مسلمين وأيضاً بسبب نظرة مشايخ السلفية والوهابية للمرأة وأيضاً غالبية التيارات الإسلامية الظاهرة على الساحة في الأونة الأخيرة.. وأريد أن أقول لهم أن الحل هو بتر أعضائهم التناسلية لعلهم يستطيعوا التفكير بمعزل عن ميولهم وشهواتهم اللاإنسانية..
وأيضاً أريد أن أقول لمن يؤمن بفكرة القتل بزعم الشرف أن يراجع مفهوم لفظة "شرف" وأن يراجع نصوص الدين الذي يؤمن به ولكن بعقله وليس بعقل من يضلله..
والأكيد مما سبق أنه لايوجد علماني يقتل إنسان من أجل فكرة مؤمن بها.. أو يفجر دور عبادة أو منشآت من صنع الحضارة الإنسانية.. أو يفجر نفسه وسط الناس لأي سبب كان.. إذا العلماني لايوجد لديه خلل في عقله أو شخصيته؛ فلا يجب للعلمانيين أن يخفوا أنهم علمانيين بل عليهم بتوعية الآخرين بمعنى العلمانية.
#آيا_الجوهري (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟