أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد سعيد الريحاني - أول رواية عن ثورة 17 فبراير الليبية: “عدو الشمس، البهلوان الذي صار وحشا” – الفصل العاشر (ما قبل الأخير)















المزيد.....

أول رواية عن ثورة 17 فبراير الليبية: “عدو الشمس، البهلوان الذي صار وحشا” – الفصل العاشر (ما قبل الأخير)


محمد سعيد الريحاني
أديب وباحث في دراسات الترجمة

(Mohamed Said Raihani)


الحوار المتمدن-العدد: 3560 - 2011 / 11 / 28 - 23:23
المحور: الادب والفن
    


جلس العقيد على كرسي هزاز في شرفة قصره بمدينة سرت، رشف من فنجان قهوته ثم سبح بنظره في صفرة الصحاري الممتدة نحو الأفق الأزرق في عناق سماوي-أرضي عَشِقَهُ منذ كان طفلا صغيرا. وانتبه فجأة إلى أنه حكم هذه المنطقة لمدة أربعين عاما ولا زالت الصحراء صفراء قاحلة، ولا زال الأفق عاريا لا نهائيا في عريه، ولا زالت خرائط الطفولة على حالها فأفلتت منه دهشة أخمدها للتو:
- ألم أنجز شيئا خلال كل هذا العمر على كرسي الحكم؟!...

دون سابق إذن أو إشعار، اقتحم خلوته عسكري غريب من المقاتلين الغرباء الذين بقوا معه لقاء المال الوفير. التفت إليه متوجسا. لقد صارت أخبار رجال المرتزقة كلها سيئة لأنهم يريدون العودة إلى ديارهم سالمين قبل وصول الثوار إلى رقابهم. لذلك فهم يكبرون الأخطار المحدقة تكبيرا يدرك العقيد حجم المبالغة فيه ولكنه يصدقها ويتحرك على خلفيتها طلبا لسلامته الجسدية:
- أيها الزعيم، المعركة ضارية عند مداخل المدينة والثوار يحاصرون المدينة من كل جانب ويتقدمون من الجهات الأربع...
- حسنا، لغموا المسالك ووزعوا القناصة على الأسطح العالية واستعدوا...
- ألن تسهر على توزيع الجنود بيدك، أيها الزعيم؟
- لا، أنا سأسهر على كتابة رسالة لعائلتي في موضوع أهم. يمكنك أن تنصرف الآن....

انصرف الجندي دون تحية، تاركا العقيد يفتش في جيوبه عن ورقة وقلم. لم يجد العقيد في كل جيوبه غير علبة سجائر أمريكية ألقى بها إلى الشارع ثم قام من كرسيه الهزاز مبتعدا عن الشرفة نحو مكتبه حيث غاب ثلثا جسده وراء خشب مكتبه بينما غاب الثلث الباقي في الورقة التي استلها من ملف مجاور ليكتب رسالة لعائلته:
"عائلتي العزيزة،
تحية طيبة
أما بعد،
فأرجو أن تصلكم هذه الرسالة وأنتم في منأى من كل سوء. كما أرجو أن تكونوا قد بدأتم التأقلم مع الوضع الجديد على الحدود.
لقد عشنا الحلم، يا أبنائي، وحان وقت الرحيل الذي لا بد منه. سنرحل جميعا ولكن ستكون لكل واحد منا وجهته:
عائشة، اذهبي مع عائلتك إلى الجزائر لتضعي حملك هناك وتجنبي تنشئة مولودك تنشئة الأبطال فذلك وهم زائف
صفية، لا تتزوجي بعدي برجل يسحق صورتي بقدمه على حافة فراشك
هانيبال، اعتن بأمك وترحم على إخوتك وأبيك حين تتذكر بأنه كانت لك عائلة حولك
محمد، حافظ على ثروة العائلة في الخارج...
ستسبقكم شاحنة محملة بسبائك الذهب رشوة لمن يقف في وجهكم على الحدود. بعد ذلك، ستتبعكم شاحنات أخرى محملة بسبائك أخرى لتكون لكم مددا ولتعيشوا بقية حياتكم غير محتاجين لإعانة من أي جهة. أما أنا فقد قررت الوفاء لروح السلومون في أعماق دواخلي: لقد قررت أن أموت هنا في مدينتي، سرت، كريما شريفا...
سأظل هنا وحيدا وسط المرتزقة
غربتي هنا لا يكفي لوصفها مداد الأرض"...

دخل فيها جنود غرباء على القذافي ليطلبوا منه الانتقال إلى شقة أخرى أكثر أمانا لأن الثوار اقتربوا...

قطع انسيابية عواطفه ومشاعره ثم استدار جهتهم مستفسرا:
- ما الجديد؟
- الثوار يتقدمون بسرعة أكبر مما يمكن تصوره وهم على مشارف حي القصر!...
- وما العمل؟
- لا بد من تغيير إقامتك هنا في قصرك إلى إقامة جديدة في شقة من شقق الأحياء الخلفية...
- ويحك، ألا تضرب الحساب لوشاية الوشاة من السكان الجيران؟!
- لم يبق في كل مدينة سرت غيرك أيها الزعيم. كل الناس فرت بجلدها إلى المدن والقرى المجاورة طلبا لطوق النجاة...
- شقة من تقترح كملجأ آمن، أيها العسكري؟...
- أنا لا أقترح شقة من الشقق، أيها الزعيم. كل الشقق في سرت فارغة. يكفي ركل إحداها لتقيم فيها قبل اقتراب الثوار...
- وإذا ما اقتربوا من منطقتها؟...
- آنئذ، سنركل باب شقة أخرى لتقيم أنت فيها. المهم هو سلامتك لأطول مدة ممكنة...
- لأطول مدة ممكنة؟!...

أومأ الجنود برؤوسهم وهم لا يعون المقصود من السؤال فأمرهم العقيد بالانصراف كي يتفرغ ثانية لكتابة الرسالة:

هرول الجندي دون تحية، تاركا العقيد وراءه يجمع قواه لترتيبها على ورقة الرسالة:
"في الحقيقة، كنت دائما وحيدا. لكن وحدتي كانت حافزا يدفعني لحب الحياة. أما اليوم، فوحدتي تحفزني لارتكاب أشياء أخرى...
كل الشبيهين ممن استعملتهم طيلة حياتي في فترة الرفاه والرخاء هربوا اليوم من يدي في لحظات الشدة. ولذلك، فإن أول طلقة رصاص تطلق في الهواء ستصيبني حتما فلم تعد لي الدروع البشرية التي كنت أتمتع بدفاعها عني...
لقد صرت أتنقل في الظلام وصارت ألد أعدائي هي الشمس. وحدها الشمس تكشف تواجدي واتجاهاتي وتحركاتي...
صرت أكره الشمس كما صرت أغير باستمرار أماكن نومي. وأنا الآن أتساءل:
ما جدوى الحياة؟
عماذا أدافع؟
هل انتحر وحدي كما فعل هتلر؟
هل انتحر مع أعدائي كما فعل شمشون؟
هل انتحر مع شعبي كما فعل بانيبال؟
الحقيقة، أنه لو كانت لي قنبلة ذرية، لكنت انتحرت ونحرت معي الجرذان ممن يحسبهم القانون الدولي كشعب له علي حقوق...

اقتحم المكان زمرة من الجنود يستعجلون انتقال العقيد إلى شقة أخرى أكثر أمانا لأن الثوار صاروا على بعد أمتار فقط...

في الشقة الجديدة، كان العقيد منهمكا في كتابة رسالته التي تطلبت منه أياما من التحرير وإعادة التحرير في فضاءات شقق مفروشة وثانية نصف مفروشة وثالثة عارية ورابعة مهدمة... لكن الأسلوب في كتابة الرسالة ظل ثابتا:
"سأكون صادقا إذا ما قلت بأنني على يقين بأنني سأخرج ناجيا من كل هذه المعارك والدسائس والمؤامرات...
نعم، سأخرج منها حيا بفضل المسدس الذهبي الذي لا يفارق حزامي. طبعا هو ليس مسدسا للدفاع عن النفس ولكنه محل التمائم السحرية الواقية من شرور الأشرار.
لقد سلك الطريق قبلي نابوليون بونابارت الذي كان يتمنطق بسيف من الألماس يتفاءل به إذ لم يخسر معركة واحدة من معاركه منذ أول يوم تحزم به. كان ذلك زمن السلاح الابيض أما اليوم فزمن السلاح الناري. لذلك، أحذت فكرة نابوليون ولم آخذ بأذاته.
لقد صنع لي سحرة إفريقيا تميمة تقيني من الغدر بكل الأسلحة وأغمدوها في قلب مسدس ذهبي لا يصدأ كشعار "الفاتح إلى الأبد" الذي لا يبلى ولا يصدأ. وفي اختبار التميمة، وضع المسدس الذهبي كقلادة على عنق خرفان وماعز وبغال وحمير وجياد وعند تمرير الشفرة على أعناقهن لذبحهن أبت الشفرة إراقة نقطة دم واحدة وظلت المواشي والبهائم المقترحة للذبح حية ترزق إلى يومنا هذا"...

اقتحمت هذه المرة المكان كوكبة كبيرة من الجنود الذين انتشلوا العقيد من كرسيه وحملوه بالتناوب على ظهورهم مسرعين الخطى في دروب ضيقة ومهجورة يصفر الرصاص في فراغاتها يمينا ويسارا:
- إلى أين انتم هاربون بي؟...
- لقد سقطت سرت بالكامل في يد الثوار وحين تشرق الشمس سيعرفون بأنهم استولوا على أرض محروقة...
- والوجهة الآن؟
- إلى أي مكان في الصحاري...


اضغط هنا لتحميل الرواية كاملة: http://raihani.free.fr/ebooks/the_enemy_of_the_sun.pdf



#محمد_سعيد_الريحاني (هاشتاغ)       Mohamed_Said_Raihani#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أول رواية عن ثورة 17 فبراير الليبية: “عدو الشمس، البهلوان ال ...
- أول رواية عن ثورة 17 فبراير الليبية: “عدو الشمس، البهلوان ال ...
- أول رواية عن ثورة 17 فبراير الليبية: “عدو الشمس، البهلوان ال ...
- أول رواية عن ثورة 17 فبراير الليبية: “عدو الشمس، البهلوان ال ...
- أول رواية عن ثورة 17 فبراير الليبية: “عدو الشمس، البهلوان ال ...
- أول رواية عن ثورة 17 فبراير الليبية: “عدو الشمس، البهلوان ال ...
- أول رواية عن ثورة 17 فبراير الليبية: “عدو الشمس، البهلوان ال ...
- أول رواية عن ثورة 27 فبراير الليبية: “عدو الشمس، البهلوان ال ...
- أول رواية عن الثورة الليبية: “عدو الشمس، البهلوان الذي صار و ...
- عن الشطط الإداري الذي لا ينتهي في نيابة وزارة التعليم بإقليم ...
- -عَبْزْفْ-، اَلْقِرْدُ الهَجَّاءُ (قصة قصيرة)
- حوار صحفي: *2011، عام الثورة* هي آخر مجاميعي القصصية لداكنة ...
- صدور كتاب *رسائل إلى وزير التعليم المغربي* (الجز الثاني من ك ...
- فين ْ غَادي بي َ خُويَا؟ قصة قصيرة جدا مهداة إلَى زَكَريَاء ...
- شعرية الضياع: صدور أضمومة -حوار الجيلين-، مجموعة قصصية مشترك ...
- رسالة أخيرة مفتوحة إلى وزير التعليم المغربي: ثورة قطاعية في ...
- الديمقراطيات الجديدة في العالم العربي
- ثورة اللوتس ورحيل آخر الفراعنة (قصة قصيرة)
- ثَوْرَةُ البُوفْرَيْحِيّين (قصة قصيرة)
- ثورة الياسمين ولويس الرابع عشر العربي (قصة قصيرة)


المزيد.....




- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!
- مهرجان بابل يستضيف العرب والعالم.. هل تعافى العراق ثقافيا وف ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد سعيد الريحاني - أول رواية عن ثورة 17 فبراير الليبية: “عدو الشمس، البهلوان الذي صار وحشا” – الفصل العاشر (ما قبل الأخير)