أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد سعيد الريحاني - أول رواية عن ثورة 27 فبراير الليبية: “عدو الشمس، البهلوان الذي صار وحشا” – الفصل الثاني















المزيد.....

أول رواية عن ثورة 27 فبراير الليبية: “عدو الشمس، البهلوان الذي صار وحشا” – الفصل الثاني


محمد سعيد الريحاني
أديب وباحث في دراسات الترجمة

(Mohamed Said Raihani)


الحوار المتمدن-العدد: 3544 - 2011 / 11 / 12 - 09:03
المحور: الادب والفن
    


بعد انقلاب الفاتح من شتنبر بالتقويم الأخضر الذي يوافق نزول الإنسان على سطح القمربالتقويم الملون، وبث أول خطاب للعسكري الذي لا يعرفه أحد، تنفس الناس الصعداء لرؤية " بهلوان" يحكمهم وينفس عنهم كربهم وهمهم بتسليتهم وإضحاكهم. ومع مرور الأيام، صار الشعب برمته يطلبه لإضحاكهم بينما يرى العسكري بأنه مطلوب من لدن الجماهير للضرورة التاريخية، فراح يكتب خواطره حيثما تملكه الإلهام والوحي والمس ليجمعها مرتبة ومبوبة في كتاب لا يجمعه جامع ولا يربطه رابط وهو ما حيره لحظة قرار عنونته قبل دفعه للمطبعة. وبعد مخاض وجنون، قرر طبعه بلا عنوان...
لم تنتبه المطبعة إلى نواقص مخطوط قادم للتو من أعلى هرم في السلطة بالبلاد فغلفته على وجه السرعة باللون الأخضر وهمت بالشروع في الإجراءات الإدارية التي تسبق قانونيا النشر ولكنها واجهت مشكلة لدى المساءلة عند مصلحة الإيذاع في وزارة الثقافة إذ لا يمكن لكتاب أن يصدر دون عنوان فسماه القيم على المطبعة "كتابا أخضرا" نسبة إلى لون الغلاف:
- الأخ القائد العظيم، الكتاب الذي سلمتني إياه كان لابد له من عنوان فسميته ب "الكتاب الأخضر"، ملتمسا الصفح والغفران من جنابكم المعظم!
- حسنا فعلت! أخضر! هذا هو اللون الذي لم أره في طفولتي بين رمال الصحاري وكثبان الصحاري وعواصف الصحاري...
- ولقد ابتكرت لك إيماءة تليق بظهورك ك"ثائر" و"محرر" و"مخلص": إيماءة القبضتين المشدودتين إلى بعضهما البعض: رمز الوحدة!
- حسنا فعلت، أيها الخديم المطيع! الوحدة، هذا هو دوائي من الصراع الذي يعبث بأحشائي وأوصالي ودواخل ذاتي. الوحدة، هذه هي وصفتي!

أعجبت العقيد، زعيم الثورة، الفكرة فتبناها شعارا لحياته وسياسته وثورته وَلِبِشْرَةِ شعبه فصار ينسب كل شيء إلى الخضرة فحول العلم الثلاثي الألوان إلى علم أخضر وسمى الساحات باللون الأخضر ووسم الجرائد بالأخضر لكنه تردد كثيرا في تسمية ابنه البكر ب"الأخضر" لأنه علم بأن الاسم شائع في الجزائر، الدولة الجارة، إلى درجة العامية فعدل عن التسمية التي قد تضر بمستقبل ابنه:

"أيها الشعب العظيم، إن وحدة الشعوب من وحدة الخطاب المتداول بينها. لذلك، فقد عكفت مؤخرا على إعداد كتاب يكون مرجعا لكم في وضوئكم وصلاتكم وَحَجِّكم وشهادتكم وموتكم وبعثكم. وهذا سيتطلب مصادرة كل الكتب الوافدة من الخارج ومراقبة كل الكتب المطبوعة في الداخل. وحده "الكتاب الأخضر" حر في التداول وحاضر في كل ربوع البلاد حيثما انتصبت الرفوف: في البيوت ومقرات العمل والأرصفة والسهول والهضاب والوديان والتلال والجبال. وحده "الكتاب الأخضر" يقرأ ويشرح في كل مكان. ولهذا الغرض، تم فتحُ باب التطوع في وجه المناضلين والمكافحين والمجاهدين والمقاومين من الأحرار لتحمل المهمة. كما تم إحداثُ آلات ثابتة على جنبات الأرصفة على شكل "دجوك بوكس" جاهزة لقراءة "الكتاب الأخضر" مقابل إلقاء قطعة معدنية من فئة دينار واحد في شقة الجهاز الآلي أما تفسير "الكتاب الأخضر" فلقاء دينارين...
"الكتاب الأخضر" كتاب مقدس نزل على شخصنا الكريم هذا في بلدنا الحبيب هذا قبل أن يزحف على العالم قريبا وأهم نبوءاته: مفهوم الجماهيرية والعمل الجماهيري. إن مفهوم الجماهيرية مفهوم جديد يختلف عن الملكية الوراثية التي تستمد قوتها من شخص واحد ويختلف عن الجمهورية التداولية التي تستمد مشروعيتها من ممثلي الشعب. إن نبوة "الكتاب الأخضر" تتمثل في كون الجماهيرية تستمد مشروعيتها من الشعب مباشرة دون وصاية أو تمثيلية. وبهذه الطريقة، لن يبق ثمة حاجة إلى المنظمات أو الجمعيات أو الأحزاب أو النقابات. لقد أوقفنا التاريخ، فلا أحزاب بعد اليوم ولا نقابات ولا جمعيات، لا نقد ولا محاسبة ولا مطالب ولا أسئلة، لا كتب مقدسة، لا شيء غيري وغير كتابي وخطبي. نحن في عجلة من أمرنا فالتاريخ ينتظرنا ولا حاجة لنا بمحترفي وضع العصي في العجلات".

لم يخطر على بال العقيد في أي لحظة من لحظات الماضي القدرة السحرية لكرسي السلطة على تحقيق الأحلام المستحيلة. فبمجرد استيلائه على الكرسي عام نزول الإنسان على سطح القمر، صار "مُفَكّرا" بإصدار وحيد عنوانه "الكتاب الأخضر"، و"ثائرا" بفضل انقلاب على ملك بلغ من العمر عتيا، و"محبوب الجماهير" بفضل ظهوره اليومي على الشاشات: الكبرى والمتوسطة والصغرى... لكنه، حين كان يختلي بنفسه كان بالكاد يصدق بأنه "رئيس دولة". وخطرت على باله أفكار متناسلة:

"ما دام العالم سيعرف وضعي الجديد كرئيس، فَعَليَّ بترقيتي لنفسي كرئيس مدى الحياة بصفة مقبولة لدى كل الطبقات والفئات والأوساط: صفة "زعيم" تفي بالغرض. أما أجيال المستقبل، فعليها أن تعرف بأنني حكمت. لذلك، عليها إما أن تقرأ ذلك في أمهات الكتب ك"الكتاب الأخضر" أو أن يضع أحدهم يده على كنز يحمل اسمي في الصحراء أو البحرثم يشيع الخبر فيعود اسمي ثانية إلى الهواء ينعش المتنفسين ويغذي الجوعى للمعرفة والحقيقة. ولأنني صرت رئيس دولة، فقد وجب على العالم أن يعرف ذلك وأن يكتب الجميع عنه. هذا بالطبع سيعني حضوري يوميا على وسائل الإعلام ولو بسرد النكت أو خلق طرائف في المؤتمرات أو اقتراح المبادرات المضحكة......

ثورته على الملك تلتها ثورته على زوجته الأولى فكان أول ضحايا الثورة هو ابنه البكر من زوجته الأولى لأنه من جيل حكم الملك. أما الأولاد الذين ازدادوا في حضن الثورة فكانوا يحملون في جيناتهم لون الثورة: اللون الأخضر.

في تصميمه لقصور ما بعد الثورة على الملك وعلى زوجته الأولى، أطلق العقيد الثائر ثورته الثانية الخاصة بالمعمار. فقد بدأ يلح على تقوية "العالم السفلي" من القصور: السراديب. وفي تصميم الساحات، بدأ يلح على علو الجهة التي سيقف فوقها لإلقاء الخطب. أما في تصميم السجون، فقد بدأ يلح على ضرورة تبني تقنية الأقفاص الحديدية المستقلة المغطاة بالإسمنت المسلح...

بعد ثوراته الثلاث، التي قام بها لوحده ضد الملك وضد زوجته الأولى وضد نماذج العمارة التقليدية في تشييد السجون والقصور، قام العقيد بثورة رابعة: الثورة على الذكور من الجنود، بقايا رموز عهد الملكية البائد، معينا العسكريات النساء محلهم فكانت من بينهن نساء حارسات شخصية، ونساء طبيبات، ونساء ممرضات، ونساء مروضات، ونساء مدلكات، ونساء زيجات، ونساء خليلات...

وحين شعر الجنود الذكور بأنه لم يبق لهم نساءٌ، ثاروا عليه في انقلاب صاخب:
- "حراسه نساء، جيوشه مرتزقة... ولماذا نحن هنا؟ أمجرد ديكور؟!"

أحبطت الجنديات النسوة الانقلاب ورفعن أسهمهن في عيني العقيد الثائر الذي بدأ يفكر في ثورة خامسة. فقد كانت الشركات الأجنبية تأخذ تسعين في المائة وتترك للشعب الليبي عشرة في المائة. لذلك، قام العقيد ب "تأميم" النفط فصارت الشركات الأجنبية تأخد فقط عشرة في المائة بينما هو وأسرته يأخذون التسعين في المائة المتبقية ويجرون "العقود الخاصة" مع الدول تُحَوّلُ بموجبها الأموال إلى الحسابات الخاصة لعائلة القذافي المصغرة والممتدة حتى إذا ما اسْتُفِزَّ، استدعى الكاميرا والميكروفون وارتجل خطابا يقول فيه:
- "أنا المجد! لقد أممت النفط! لقد صيرت النفط في يد الشعب! أنا المجد والمجد لي! أنا هو الشعب والشعب هو أنا! صوت الشعب هو صوتي، وروح الشعب هي روحي، ومزاج الشعب هو مزاجي، وثروة الشعب هي ثروتي، وحساب الشعب البنكي هو حسابي، وتلفزته تلفزتي، وإذاعته إذاعتي، وما يريد الشعب قوله أو فعله أقوله وأفعله نيابة عنه. ولهذا السبب الأخير، رَبَطْتُ استوديو الإذاعة والتلفزة الليبية بغرفة نومي حتى أعيش لقضية بلدي في صحوي ونومي.."

قرب فراشه، ثبت زرا يرتبط آليا بمركز البث الإذاعي والتلفزي في العاصمة حتى إذا ما لم يعجبه برنامج من البرامج المباشرة والمسجلة، ضغط، من تحت غطائه على السرير، على الزر فتتوقف البرامج أو يتوقف البث برمته. أما عندما لا يروقه برنامج على فضائيات أجنبية، فيهاتف إدارة الاستخبارات التي تبدأ للتو برشق الفضائية المعنية في القمر المعين مباشرة من "فيللا الاستخبارات" بالرسائل الخاطئة والرموز المشوشة فتعطل عمل الفضائيات المزعجة أو تشل حركتها بالمرة...

وبينما بدأ العقيد الثائر يفكر في ثورة أخيرة يستبدل فيها رفاقه وأفراد نظامه وحكوماته بأبنائه الذي ولدوا بعد ثورته ونموا في حضنها وترعرعوا في قصورها وثرواتها وممتلكاتها، آنئذ عاوده الكابوس القديم ثانية، رجال بلباس روماني قديم يحاولون اللحاق به بجنون وهم يجرون في مكانهم متوعدين:
- "جايين لك، يا معمر! جايين لك!"...
- "من أنتم؟!"...

ثم تتوالى الأسماء والمسميات على مسامعه:
- "أنا نيرون!"
- "أنا كاليغولا!"
- "أنا كركللا!"
- "أنا...!"


اضغط هنا لتحميل الرواية كاملة: http://raihani.free.fr/ebooks/the_enemy_of_the_sun.pdf



#محمد_سعيد_الريحاني (هاشتاغ)       Mohamed_Said_Raihani#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أول رواية عن الثورة الليبية: “عدو الشمس، البهلوان الذي صار و ...
- عن الشطط الإداري الذي لا ينتهي في نيابة وزارة التعليم بإقليم ...
- -عَبْزْفْ-، اَلْقِرْدُ الهَجَّاءُ (قصة قصيرة)
- حوار صحفي: *2011، عام الثورة* هي آخر مجاميعي القصصية لداكنة ...
- صدور كتاب *رسائل إلى وزير التعليم المغربي* (الجز الثاني من ك ...
- فين ْ غَادي بي َ خُويَا؟ قصة قصيرة جدا مهداة إلَى زَكَريَاء ...
- شعرية الضياع: صدور أضمومة -حوار الجيلين-، مجموعة قصصية مشترك ...
- رسالة أخيرة مفتوحة إلى وزير التعليم المغربي: ثورة قطاعية في ...
- الديمقراطيات الجديدة في العالم العربي
- ثورة اللوتس ورحيل آخر الفراعنة (قصة قصيرة)
- ثَوْرَةُ البُوفْرَيْحِيّين (قصة قصيرة)
- ثورة الياسمين ولويس الرابع عشر العربي (قصة قصيرة)
- تُرَفْرِفُ تُونُس عالياً حينَ يَفِرُّ مَنْ لا أجْنِحَةَ لَهُ ...
- -أَنْتَمِي إِلَى شَعْبٍ مُخْتَلِفٍ- (حوار أجراه الإعلامي الس ...
- التسجيل الكامل والمفصل لوقائع جلسة الحوار
- رسالة رابعة مفتوحة إلى وزير التعليم المغربي
- رسالة/بيان حول فشل جلسة الحوار الأولى بين محمد سعيد الريحاني ...
- الأغنية الوطنية في المغرب: مسار فن يتطلع للمصالحة مع رموز بل ...
- صدور أنطولوجيا القصة الإفريقية المعاصرة بتمثيلية مغربية هامة
- إصدار جديد: -مَوْتُ الْمُؤَلف- مجموعة قصصية للكاتب المغربي م ...


المزيد.....




- من فاغنر إلى سلاف فواخرجي: ثقافة -الإلغاء- وحقّ الجمهور بال ...
- سيرسكي يكشف رواية جديدة عن أهداف مغامرة كورسك
- الأفلام السينمائية على بوصلة ترمب الجمركية
- الغاوون:قصيدة (وداعا صديقى)الشاعر أيمن خميس بطيخ.مصر.
- الشَّاعرُ - علاَّل الحجَّام- فِي ديوان - السَّاعَةِ العاشِق ...
- محمد الغزالي.. الداعية الشاعر
- تحقيق المخطوطات العربية.. بين إحجام العالم وإقدام الجاهل
- رواية -نيران وادي عيزر- لمحمد ساري.. سيمفونية النضال تعزفها ...
- فنانة تشكيلية إسرائيلية تنشر تفاصيل حوار خطير عن غزة دار بين ...
- مغني راب أمريكي يرتدي بيانو بحفل -ميت غالا- ويروج لموسيقى جد ...


المزيد.....

- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد سعيد الريحاني - أول رواية عن ثورة 27 فبراير الليبية: “عدو الشمس، البهلوان الذي صار وحشا” – الفصل الثاني