أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - ياسين الحاج صالح - الثورة السورية تنظر في نفسها















المزيد.....

الثورة السورية تنظر في نفسها


ياسين الحاج صالح

الحوار المتمدن-العدد: 3559 - 2011 / 11 / 27 - 19:09
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


غطى السوريون ثورتهم بينما هم يقومون بها. وقد لا يكون هناك حدث في تاريخ العالم كله قبل الثورة السورية اعتمد في تغطيته حصريا وبالكامل على المنخرطين المباشرين فيه، على خطورة ذلك على المعنيين. الثائر الجمعي السوري هو ذاته الإعلامي الجمعي. ولقد أدرك منذ البداية أن حياة الثورة في تغطيتها ونشر أخبارها، فبهذا وحده تمسي حدثا عربيا وعالميا، بل بهذا وحده تمسي حدثا سوريا عاما. ورغم أن المصورين والإعلاميين المختصين نادرون في أوساط الثائرين، فقد أظهر هؤلاء أنهم أبناء عصر المعلومات والإعلام والإعلان، وقانون هذا أن ما لا ينشر أو يعمم لا يوجد. وبعرض ثورتهم أبطلوا نهجا عريقا لنظام هو من الأكثر سرية في العالم في حجب المعلومات واحتكار تقديم ما يقدم منها عن البلد. قبل حين، نسب حسام العريان، وهو مشارك في أحد الوفود التي التقاها الرئيس السوري في شهور الثورة الأولى، إلى الأخير أنه مستاء ممن يصورون المظاهرات ويوصلون الصور إلى الفضائيات أكثر من فعل التظاهر نفسه. ومعلوم كم يثير غيظ النظام تغطية الفضائيات العربية الأحظى بالمتابعة للحدث السوري، حتى ليكاد الرد على هذه القنوات يكون الشاغل الأول في القنوات السورية. هذا علما أن الفضائيات العربية تعتمد بصورة حصرية على ما يصوره الثائرون السوريون.
لكن إذا كان صحيحا أنه "لم يسبق لمجرم أن اصطحب شهودا إلى مكان جريمته"، على ما قال تقرير للجان التنسيق المحلية صدر قبل حين (وسنتوسع في الكلام عنه فورا)، فستكون تغطية الضحايا لممارسات المجرم ضربا من الحماية الذاتية لا ينتظر الشرعية من أحد، ليس من المجرم بخاصة، وسيكون إنكارها عليهم إمعانا صفيقا في الجريمة: أقتلكم، وتخرسون!
بحصيلة التغطية الذاتية للثورة السورية توفرت مادة مصورة هائلة، صارت تطرح مشكلة خاصة بها. نعم، لم نعد في الظلام، لكننا في شهر الثورة التاسع مغمورون بطوفان من الصور والأخبار والمعلومات، يهدد بأن ننجرف في تياره أو أن نغرق فيه. هناك وقائع تنسى، ووقائع تختلط بغيرها، ووقائع تحل محلها تقديرات أو تفضيلات ذاتية، وتتجزأ صورة الثورة في الأذهان، فلا تكاد تكون لها وجهة أو شخصية عامة محددة.
تلح الحاجة اليوم إلى تغطية ثانية لتغطيتنا الأولى للثورة، إدخال قدر من النظام والترتيب في هذا الواقع الجديد الذي خلقه الإعلامي الجمعي السوري الثائر. ليس فقط بغرض إحاطة أفضل بمسار الثورة وعملياتها، وإنما أيضا من أجل إتاحة مفهومها وصورتها للعموم. هذا يتعذر إن بقيت تغطية أولى، وفيرة، لكن لا شكل لها.
تستجيب لجانب من هذه الحاجة سلسلة تقارير صدرت منذ منتصف شهر تشرين الأول الماضي عن "لجان التنسيق المحلية"، ترصد "بعض أبرز الانتهاكات التي ارتكبها النظام السوري". يغطي أول التقارير الفترة ما بين 15 آذار و15 تشرين الأول، تلاه تحديثان نصف شهريان له، وتقرير مستقل عن شهداء الثورة من الأطفال، بعنوان: الأطفال... ضحايا النظام السوري. والتقارير مزودة بكثافة بالصور والروابط لصفحات تتضمن معلومات أو فيديوهات (متاحة كلها بالعربية والانكليزية على هذا الرابط http://www.lccsyria.org/ar).
تعتمد التقارير تنظيما بسيطا لمعلوماتها: توزع الانتهاكات على المدن والشهور، وتورد الوقائع بالتفاصيل المتاحة عنها، وتذكر من قتلوا تحت التعذيب بالأسماء وتواريخ الاعتقال والجهة الأمنية التي اعتقلتهم (قصب السبق في القتل لجهاز "الأمن الجوي"، لكنه جميع الأجهزة مشاركة)، وتستند إلى قائمة أسمية موثوقة بأسماء جميع الشهداء (متاحة هنا http://vdc-sy.org/) .
ويتضمن التقرير الأول شهادات من منظمات حقوقية محلية أو دولية أو شهود مباشرين، مثلا طبيب يتحدث تعذيب جنسي يتعرض له المعتقلون من بانياس بإدخال عصا في الشرج، أو إجبار المعتقلين على أن يقولوا إن بشار هو ربهم. ويذكر التقرير أنه جرى يوم 16 تموز الماضي إغلاق مشفى الحكمة في قطنا قرب دمشق بالشمع الأحمر لمدة شهرين بحجة "علاجه الجرحى دون إذن". كذلك يستعيد التقرير وقائع معلومة، لكنه يضعها في زمانها ومكانها ويوفر معلومات إضافية عنها أحيانا، مثل واقعة قتل الدكتور صخر حلاق تحت التعذيب في حلب في أواخر أيار، مع كسر أضلاعه وقلع عينيه وتشويه إحليله وخنقه، ثم منع عائلته من تصوير الجثة، ونقله إلى القبر بسيارة المخابرات ودفنه بإشرافهم.
وبمحصلة التقرير نعلم أن عدد الشهداء حتى منتصف تشرين الأول هو 3356، بينهم 660 عسكريا، لا يقول التقرير للأسف كيف قتلوا، أو يقدر نسبة من قتلوا لرفضهم قتل المتظاهرين ومن يحتمل أنهم قتلوا بأيدي محسوبين على الثورة. وبين 16 و31 من الشهر نفسه سقط 384 شهيدا، وفي نصف الشهر اللاحق سقط 401 شهيدا. والمجموع تاليا هو 4141 (4490، حتى يوم الأربعاء، 23/11). ومن بين من سقطوا حتى منتصف هذا الشهر هناك 197 قتلوا تحت التعذيب، و101 امرأة بالغة. ويقول التقرير الخاص بالأطفال إن 280 طفلا سقطوا خلال 8 أشهر من الثورة، بينهم 51 طفلة، و229 طفلا. وهناك دوما قوائم بالأسماء، مع أماكن وتواريخ سقوط الشهداء.
وبنظرة مجملة تبدو معلومات الناشطين السوريين أوثق مما تتيحه الأمم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان الدولية، وهامش الخطأ فيها أصغر (وهو خطأ بالإغفال وليس بالزيادة، حسب السيدة رزان زيتونة، المحررة الرئيسية لتقارير لجان التنسيق المحلية). وهي تضع بين أيدي عموم المهتمين زادا معلوماتيا موثوقا، يمكن الاستفادة منه لمراجعة جانب من مهم من مسارات الثورة السورية.
على أن تنظيم وعينا بالثورة يحتاج إلى ما هو أكثر بكثير من رصد الجانب الإنساني والحقوقي.
سيكون مهما وصف الثورة، الأنشطة والمبادرات المبتكرة التي قام به جمهور الثورة في بؤرها الكثيرة. الثورة ليست مظاهرات فقط، ولا انشقاقات للجيش فقط. هناك مبادرات ميدانية متنوعة عظيمة الأهمية: منشورات، كتابات على الجدران، تلوين البحيرات بلون الدم، أعمال إغاثة، صحف شبابية، تنسيق أنشطة، اتصالات، نشاط على الانترنت. هذا فضلا عن المظاهرات ذاتها، واللافتات والهتافات و"العراضات" والأغاني. سيكون مفيدا نشر وتعميم تقرير موسع عن هذه الأنشطة منذ بداية الثورة.
يلزم بالقدر نفسه تغطية التطور السياسي للثورة منذ انطلاقها، على نحو ما تعبر عنه شعاراتها وهتافاتها وأسماء أيامها، والصيغ التنظيمية التي ولدت في نطاقها (التنسيقيات المتنوعة) والمجموعات الشبابية، وأنشطة المعارضة التقليدية ونوعية مشاركتها في الثورة وصيغ تفاعلها معها.
سيتحقق للثورة السورية تقدم أكبر في وعي الذات، ونقد الذات، إذا أمكن تحقيق هذه المراجعات. هذا أيضا من الثورة.



#ياسين_الحاج_صالح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من الشخصي إلى العالم الواسع: حوار في شأن الثورة السورية
- ملامح طور جديد للثورة السورية...
- في أصول انقسامات المعارضة السورية وخصوماتها
- المبادرة العربية والمعارضة السورية
- -قنطرة-...
- جوانب من سيرة المجتمع المفخخ
- حوار في شؤون الثورة السورية
- حوار في شان السجن والثورة والمثقفين
- الثورة السورية بوصفها كثورة وطنية
- جبهات عمل المجلس الوطني السوري
- في الكذب والخوف وصناعة الطبيعة... والتمرد
- -دولة البعث- و-سورية الأسد- والحروب السورية
- حوار في شأن الثورة السورية والمجلس الوطني...
- المجلس الوطني السوري وتحدياته الملحة
- حوار متجدد حول الثورة السورية
- من المملكة الأسدية إلى الجمهورية الثالثة
- في تكوين الثورة السورية و-طبائعها- وتحولاتها المحتملة
- في شأن الثورة السورية ولاءاتها الثلاثة
- ثورة العامة: قضايا أخلاقية وثقافية وسياسية في شأن الانتفاضة ...
- غياث مطر من دارَيَّا...


المزيد.....




- مؤلف -آيات شيطانية- سلمان رشدي يكشف لـCNN عن منام رآه قبل مه ...
- -أهل واحة الضباب-..ما حكاية سكان هذه المحمية المنعزلة بمصر؟ ...
- يخت فائق غائص..شركة تطمح لبناء مخبأ الأحلام لأصحاب المليارات ...
- سيناريو المستقبل: 61 مليار دولار لدفن الجيش الأوكراني
- سيف المنشطات مسلط على عنق الصين
- أوكرانيا تخسر جيلا كاملا بلا رجعة
- البابا: السلام عبر التفاوض أفضل من حرب بلا نهاية
- قيادي في -حماس- يعرب عن استعداد الحركة للتخلي عن السلاح بشرو ...
- ترامب يتقدم على بايدن في الولايات الحاسمة
- رجل صيني مشلول يتمكن من كتابة الحروف الهيروغليفية باستخدام غ ...


المزيد.....

- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح
- حزب العمل الشيوعي في سوريا: تاريخ سياسي حافل (1 من 2) / جوزيف ضاهر
- بوصلة الصراع في سورية السلطة- الشارع- المعارضة القسم الأول / محمد شيخ أحمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - ياسين الحاج صالح - الثورة السورية تنظر في نفسها