آفاق استخدام اللغة الانجليزية في كردستان

مؤيد عبد الستار

الحوار المتمدن-العدد: 1050 - 2004 / 12 / 17 - 10:05
المحور: القضية الكردية
    

إن الواقع السياسي الذي فرض على الشعب الكردي، جعل الكرد أمام مصاعب ليس من السهل ايجاد الحلول السريعة لها، و ان أي حل سيكون على حساب جانب من جوانب حياتهم السياسية او الثقافية او الاجتماعية.
يعيش الشعب الكردي بين دول مختلفة في منطقة الشرق الاوسط، وأهم اللغات التي تحيط بالكرد هي اللغات الفارسية، التركية، والعربية، وتمتاز الفارسية مثلا، بكونها من أخوات اللغة الكردية ، فهي من العائلة الهندوايرانية التي تنتمي لها اللغة الكردية ، المتفرعة من العائلة الاكبر الهندواوربية، فالقرابة بين اللغتين الكردية والفارسية، تجعل الكثير من المفردات والتراكيب مشتركة بينهما، ومن السهولة على أبناء احدى اللغتين تعلم اللغة الاخرى، ولهذا توجد روابط أدبية وثقافية قوية بينهما، والسؤال هو هل يتخذ الكرد في ايران اللغة الفارسية، لغة ثانية لهم بعد الكردية ؟ إن هذا الاختيار سيجعل من الصعب على الكرد الذين يعيشون في كردستان تركيا والذين يستخدمون اللغة التركية الى جانب الكردية الاستفادة من اللغة الثانية التي يستخدمها الكرد في ايران. وكذلك بالنسبة للكرد في العراق، سوف لن يستفيدوا من اللغة الثانية ( التركية) التي يستخدمها الكرد في تركيا لنفس الاسباب. وان استخدم الكرد في العراق للغة العربية لغة ثانية لهم، سيحرم استفادة الكرد في تركيا وايران منها، لعدم معرفتهما بها.
كما يجدر بنا أن نشير الى أن اللهجات الكردية الرئيسة التي تبلورت خلال العقود الاخيرة في أجزاء كردستان، عانت من العزل القسري الذي فرضته الدول التي يعيش ضمن حدودها الشعب الكردي ، ففي الوقت الذي تطورت فيه وسائل الاتصال ووسائل الاعلام الجماهيري، فرضت على اجزاء كردستان اشكال التخلف المبرمج، ولم يسمح بقيام أواصر ثقافية بين أجزاء كردستان المختلفة، مما زاد من مصاعب تبلور لهجة واحدة تشمل كردستان عامة كي تصبح اداة التفاهم الاولى بين الكرد جميعا.
ولذلك فان على الشعب الكردي اختيار لغة تصلح لاستخدام الجميع والاستفادة منها أفضل استفادة ، وقد عانت الشعوب الهندية من مشكلة مماثلة، اذ ان تباين اللهجات الهندية ، والفروقات الكبيرة بينها، وتباعد المقاطعات الجغرافية ، ادت الى نشوء لغات هندية عديدة ولدت من رحم اللغة الام السنسكريتية. وتعترف الحكومة الهندية حاليا باثنتي عشرة لغة في الهند لمقاطعات مختلفة مثل البنغال وبنارس والبنجاب وغيرها ، ولهذا السبب استفاد الهنود من اللغة الانجليزية، واصبحت اللغة الثانية في الهند ، اضافة الى كونها لغة عالمية، وهو المكسب الذي حصل عليه الهنود بسبب الاستعمار البريطاني لبلدهم ، والذي ترك ثماره فيما بعد ، اذ استطاعت الهند ان تحقق تقدما علميا ملحوظا بين بلدان العالم الثالث ، وكانت اللغة الانجليزية احد تلك العوامل المساعدة على هذا التقدم.
ومن حق الكرد، وخاصة في كردستان العراق، الاستفادة من عالمية اللغة الانجليزية، وان تكون اللغة الثانية بعد الكردية، الى جانب اللغة العربية في العراق ، واللغة الفارسية في ايران ، واللغة التركية في تركيا. وبهذا الخيار يحقق الكرد في عموم كردستان رابطة نافعة لهم ولشعوب الشرق الاوسط ، خاصة البلدان المحيطة بالكرد وكردستان، وان هذا الخيار يجعل من السهل على شعوب المنطقة ان تتفاهم اكثر ، ويصبح الكرد حلقة وصل بين جميع شعوب المنطقة ، ولغاتها الرئيسة ، العربية والفارسية والتركية والكردية .
كما ارى ضرورة التوسع في استخدام الحرف اللاتيني في كتابة اللغة الكردية، فلدينا الان تجربة ناجحة في كردستان تركيا التي تستخدم الحرف اللاتيني، وقد لمسنا الفائدة الكبيرة التي حصل عليها الكرد في كردستان تركيا بسبب استخدام الحرف اللاتيني، فالحرف اللاتيني ملائم وسهل الاستخدام في كتابة جميع الاصوات الكردية، و من السهل نشر الكتب التي تستخدم الحرف اللاتيني في اوربا باللغات الاوربية، اضافة الى فائدة استخدام الحرف اللاتيني في وسائل الاعلام والطباعة الالكترونية ، وسهولة تعلم اللغات الاجنبية التي تستخدم الحرف اللاتيني، كما ان الدعوة لاستخدام الحرف اللاتيني في العربية موجودة منذ اواسط القرن الماضي ،وهي دعوة كان لها ان تدرس بجد، وبمعزل عن الاطروحات الاستعمارية ، او التشكيك بنوايا اصحابها.
ان استخدام الحرف اللاتيني يوفر سهولة كبيرة في الكتابة والقراءة ، وبالامكان تجاوز بعض الاشكالات التي تظهر اثناء استخدامه، اما اذا كان هناك من يحتج بجمالية الحرف العربي، وضرورة استخدامه في الرسم والزخرفة ، فبالامكان المحافظة عليه في الفنون المختلفة مثلما يحتفظ الفن التشكيلي باي رمز فني مثل الطغراء والقوس والفراغ والكتلة وغير ذلك . ان استخدام الحرف اللاتيني في الكتابة لا يلغي استخدام الحرف العربي في الرسم والفن.

#مؤيد_عبد_الستار (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل