أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فرج بيرقدار - ربيع الشعوب.. خريف الطغاة














المزيد.....

ربيع الشعوب.. خريف الطغاة


فرج بيرقدار
(Faraj Bayrakdar)


الحوار المتمدن-العدد: 3535 - 2011 / 11 / 3 - 22:23
المحور: الادب والفن
    



عقودٌ من ظلماتٍ طاغيةٍ تأكل حتى نجومها.
عقود لا معاني لها ولا تفاسير ولا تأويلات، أبعد من كونها استبداداً وقحاً وشرساً ودامياً، وفي المحصِّلة بهيمياً.
أي عالم عربي كان؟
بجنازاته الممتدة من انطفاء غروب الشمس في مراكش إلى جمر شروقها المخنوق في العراق.
وأي عالم عربي نراهن مع شعوبنا على ولادته الآن؟!
رغم تشابه الظروف ما بين البلدان العربية شعوباً وأنظمةً، فلكل ثورة في الواقع شرارتها الخاصة.
خصوصية الشرارة في سوريا تتلخص في أن بعض أطفال مدينة درعا، هم من قدح شرارة الثورة.
في ليلة ما من أواسط شهر آذار 2011، اعتقلت السلطات السورية 15 طفلاً من مدينة درعا، أعمارهم ما بين 10 و 16 عاماً، كتبوا على جدران مدينتهم ومدارسهم شعاراتٍ مشابهة لتلك التي سمعوها ورأوها على القنوات الفضائية في تظاهرات تونس ومصر، من مثل: الشعب يريد إسقاط النظام.
* * *
حاول الأهالي الاتصال بالمسؤولين الأمنيين والسياسيين لإطلاق سراح الأطفال، غير أن السلطات لم تكتفِ برفض الاستجابة فقط، وإنما أيضاً ألحقت بأهالي الأطفال إهانات بالغة الغباء والصلف والنذالة، ليس أدناها شتم أعراضهم.
حين التقى وجهاء وشيوخ عشائر مدينة درعا ب "عاطف نجيب" رئيس فرع الأمن السياسي في مدينتهم، وهو بالمناسبة ابن خالة الرئيس السوري، قال لهم: أنسوا أطفالكم الذين هم عندي واذهبوا إلى زوجاتكم لتنجبوا منهن أطفالاً آخرين، فإن كنتم لستم رجالاً وغير قادرين على ذلك فإن رجالي يستطيعون أن يقوموا بالمهمة نيابة عنكم.
شعور الوجهاء والشيوخ بالإهانة جعلهم يقومون بفعل رمزيّ معروفة دلالته في تقاليد الشعب السوري، فقد رفعوا عقالاتهم التي على رؤوسهم ووضعوها على طاولة رئيس الفرع كإشارة إلى إحساسهم بالمهانة التي لن يصفحوا عنها إن لم يتدبّر رئيس الفرع حلاً للمشكلة، غير أن رئيس الفرع لم يدرك أو لم يكترث لفعلهم الرمزي، بل إنه أمعن في الإهانة عندما جمع عقالاتهم عن طاولته ورماها في سلة المهملات، وهكذا خرج من عنده الوجهاء والمشايخ وهم ينوون الانتصار لكرامتهم.
بعد أسبوعين أُفرِج عن الأطفال، ليكتشف الجميع أنهم تعرضوا لتعذيب وحشي بلغ حد تكسير الأسنان وقلع الأظافر، فاندلعت الانتفاضة في هذه المدينة على نحو شامل، إذ نزل شباب المدينة إلى الشارع، ثم تبعهم الآباء والأمهات والإخوة والأخوات.
كان جواب السلطات على تلك التظاهرات رصاصاً حياً أودى بحياة مئات المتظاهرين، ثم انتشرت النار في الهشيم على كامل مساحة سوريا.
* * *
سبق لي وتوقَّعتُ أن يُرَشِّحنا المستقبل كأصحاب أكبر تراث عالمي في أدب السجون.
لم أزل عند توقُّعي، ولكني أضيف الآن أنه ربما سيرشِّحنا المستقبل القريب كأصحاب أحدث ثورات وأكثرها رقياً وإبداعاً.
حتى الآن هي ثورات سياسية سلمية تستهدف طيَّ صفحات سلطات الاستبداد، ولكن أليست هذه هي البوابات الإجبارية، أوالضرورية، من أجل المواصلة في اتجاه إنجاز الثورات بمعناها الشامل سياسياً واقتصادياً واجتماعياً وثقافياً؟
* * *
لم أشكِّك بتفاؤلي حتى عندما كنت في السجن لأربعة عشر عاماً متواصلاً تحت وطأة تعذيب يوميّ منظَّم، أعني حتى عندما كان كل شيء يعوي عواء مقلوباً من شدة التعذيب والألم، ولكن ذلك التفاؤل كان كما يسميه رفاقي "تفاؤلاً تاريخياً" لا كرامة واقعية له.
وكنت أعتقد أن لا شيء يمكن أن يعوِّضني عن سنوات السجن، غير أن الربيع العربي، أو تسونامي العربي إن شئتم، الذي بدأ من تونس بذاكرتها الخضراء، وبلغ ذروته في أم الدنيا مصر، لتتقصَّف بروقه وأمواجه وتصل بعدهما إلى ليبيا واليمن وسوريا، يوشك أن يعوَّضني عن كل ما نزفتُه من دمٍ وأحلام وذكريات.
أهلاً بربيع الشعوب.
أهلاً بخريف الطغاة.
في ودي أخيراً أن أقول: لم تعنِني حرية الإبداع في حياتي، لا قبل السجن ولا خلاله ولا بعده. كنت مكتفياً بحريتي الداخلية.
الآن أيضاً لا تعنيني "حرية الإبداع".
إن تركيزي منصبٌّ على المشاركة في "إبداع الحرية" الذي تشرِّفنا به شعوبنا على أجمل وأعلى أشكال ممكنة.
السلام على الشعوب ولها ومنها، بتشابك أغصانها وأديانها وأمانيها.
* النص العربي لكلمتي التي قدمتها على مسرح الدراما الملكي في ستوكهولم بمناسبة احتفائه بالربيع العربي، وذلك في مساء يوم الإثنين 24 نوفمبر/ تشرين الثاني 2011.



#فرج_بيرقدار (هاشتاغ)       Faraj_Bayrakdar#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- النضال السوري من السويد
- أول ثورة في التاريخ يقدح شرارتها أطفال
- إبداعات سورية في روتردام
- أوروبا.. قليلاً من الأصول يا أصيلة!
- غداء من لحم الأيِّل، ثم أصبحت سوريا حرَّة
- نادي القلم العالمي يحتفي بخمسين كاتباً خمسة منهم عرب
- إنعكاسات مظلمة في قصائدي
- ترجمة أولية لرقيم مسماري
- رياض الصالح الحسين.. خبز وزيتون وسياط*
- يوم في أحد سجون السويد
- حرية الإبداع أم إبداع الحرية؟!
- عمتَ معلِّماً يقظاً آمناً متجدِّداً. آمين*
- قصيدة النهر
- النص الكامل لكلمة الشاعر السوري فرج بيرقدار
- شريعة غاب نعم.. ولكن أين الغابة؟!
- وردتنا الأسيرة.. ها يدي أرفعها كمئذنة
- أقل سوءاً ولكن أكثر عاراً
- يوم في حياة فرج بيرقدار
- في سوريا: حرية الصمت ممنوعة أيضاً!
- أنصاب


المزيد.....




- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فرج بيرقدار - ربيع الشعوب.. خريف الطغاة