بين الفساد والإنتخابات وأوجاع الظَهْر!!

سليم الحكيم

الحوار المتمدن-العدد: 1048 - 2004 / 12 / 15 - 10:30
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    

إلتقيته و هو على موعد مع طبيب ؛ بعد عودته من زيارة ما تبقى له، من الأحياء و الأشياء في العراق ولأول مرة بعد ربع قرن من حياة المنافي.
بدأ بسرد قصته عن ثلاثين يوما قضاها كلها لإنجاز معاملاته في دوائر التسجيل العقاري ،و الأحوال المدنية ،و الجنسية و ما بينهم من دوائر فرعية.
و حتى لا يفوته موعد الطبيب، و لايقضي ثلاثين يوما أُخرى لسرد قصته، رجوته أن يكون حديثه على شكل نصائح لكل من يقوده سؤ الطالع الى مراجعة دائرة عامة في العراق.
قال قريبي :
+إحمل معك حقيبة فيها جميع وثائقك العراقية وصورها، منذ الولادة وجتى يوم المراجعة.
+ضع فيها ايضا البوم بنسخ من كل صورك الملصقة على وثائقك جميعا، فإذا ما طبع الزمن الأغبر أثره على وجهك فا صابه صداء التغيير بالنسبة للصورة في الوثيقة، فسيشك موظف الدائرة بصدقية عائديتها لك؛ مثلما حصل لقريبي و في مراجعته مثلا "دائرة الجنسية".
+إحمل حقيبة ثانية؛ وضع فيها؛ ملزمة لأوراق الكتابة ،و أقلام جاهزة لإستعمال الموظف في دائرة "الطابو" التسجيل العقاري ، لأنها عاجزة حسب طلبه عن توفير ذلك.
+أحمل معك - في جميع مراجعات الدوائر- مبالغ من الدولارات الأمريكية ، و رزم من الدنانير العراقية من مختلف الفئات ، و وزعها على كافة جيوبك لتكون في متناول يديك عند الطلب ، و لكن لا تنسى نفسك و للأمان ، ضع مبلغا، في حقيبة نقودك في جيب داخلي ، و تذكر أنك مواطن عراقي مرفوع الرأس ،يجب ان تتسم بالكرم والبذخ ، و أن تكون في خدمة موظفي الدوائر العامة، الموجودة في الأصل لتكون في خدمتك.
+إحذر من التلكؤ و التهاون، في الإستجابة لطلباتهم حتى لا تخدش كرامتهم و رقة إحساسهم ، و قد تجد من بينهم من يساومك فهذا من حسن حظك عسى أن تخفض قيمة طلبه.
+خذ معك محفظة، تحتوي على جميع نسخ القرارات والقوانين الصادرة منذ 9 نيسان 2003 و لحد لحظة مراجعتك، رتبها حسب أبجدية المواضيع ، حتى لا يربكك إدعاء موظفي الدوائر الجهل أو التجاهل ، حيث أن معظم الدوائر العامة تواجهك بهدوء الأموات؛ إنها لا تعترف إلا بالقرارات الصادرة أيام حكم الفأر الجريح الشرعي! فالبعض بشكل خاص... إذا كنت تراجع دائرة الجنسية؛ لايزال في قرارة نفسه يصرخ، صدام حسين يليق بهم ! و هو بالنسبة لهم لا يزال عز العرب وما عداه كلهمو عجم!!!.
أما في دائرة كاتب العدل فهم يطلبون منك البصمة بالإبهام ويرفضون حسب التعليمات!!! توقيعك تحت إسمك الشريف!!.
فلما عبرت عن إستغرابي لأن محدثي غير أُمي !! خرجت كلماته سريعة " إذا لم تصدقني فاذهب وجرب بنفسك الحقيقة".
أما في الدوائر المستعصية جدا فقد تحتاج مضطرا الى نعال موديل "نعال أبو تحسين" حتى لا تترك الدائرة خائبا مدحورا.
و هنا تذكر قريبي موعده مع الطبيب للوجع المستعصي في ظهره أصابه في العراق- بسبب مراجعاته المنكوكية بين الدوائر العامة أثناء الدوام، بل حتى تجاوزا بعد أوقات فطور رمضان- لأنه قد تسلق في تلك الأيام الثلاثين من المراجعات عدد من الدرجات لم يتسلقها في كل أعوام منفاه.
و قبل أن أتمنى له الشفاء وأودعه ؛ كانت آخر نصيحة منه : لا تنسى أن يرافقك في المراجعات شخص يساعدك في جلب كل مايحتاجه الموظفين من طلبات إستثنائية و من كتب رسمية ومستمسكات، تستلزمها معاملتك من الدوائر الفرعية الأخرى أثناء الإنتظار في الدائرة الأصلية؛ فمن دون هذه المساعدة؛ ستعود من دون معاملة منجزة و بظهر موجوع، إضافةً لإستهلاك آخر قطعة نقدية إقترضتها لتغطية الزيارة الى وطنك العراق.
و مع كل ما رأه بطلُنا - من تلكؤ سفارة العراق في دولة الجوار، ورشاوى موظفي الحدود وغيرهم في دوائر الخدمة العامة، ومخاطر التفخيخ في الطريق، والتفجيرات ،والفساد المستشري ، و التكاليف الخيالية في مسار إنجازه معاملة إحياء سجله المدني المجمد من قبل النظام الساقط،،والمنزل الذي كاد أن يختفي في سجلات " الطابو" – لكنه ومع كل ما رأ ه؛ ظل يكرر: كل شيئ في العراق بخير!! و تسلل بظهره المحني و الموجوع ليلتقي الطبيب ..
قلت في نفسي سيكون العراق بخير؛ عندما يدافع الشعب عن دولة القانون ويفقئ عيون الفساد، ويوحد نضاله ضد الإرهاب ويشارك إيجابيا لترسيخ الأمن، وعندما يتميز بالوعي الذي يجعله ينتخب الممثلين الحقيقيين له من بين المدافعين عن الدمقراطية و التعددية والفدرالية في العراق، و عندما يكون له رأي مستقل عن التأثر العاطفي بالفرد القائد أو غيره لسبب ديني أو قومي أو طائفي!
فلنتعشم للعراق ألف خير!!!

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات