أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الطب , والعلوم - جواد بشارة - الكون المرئي وألغازه العصية 1 و2















المزيد.....



الكون المرئي وألغازه العصية 1 و2


جواد بشارة
كاتب ومحلل سياسي وباحث علمي في مجال الكوسمولوجيا وناقد سينمائي وإعلامي

(Bashara Jawad)


الحوار المتمدن-العدد: 3528 - 2011 / 10 / 27 - 18:13
المحور: الطب , والعلوم
    


فرض النموذج القياسي أو المعياري modèle standard نفسه على الساحة الكوزمولوجية بفضل هيمنة نظرية النسبية العامة والخاصة لآينشتين Einstein ونظرية الكم أو الكوانتا التي طرحها بلانك Plank أولاً وطورها بوهر Bohr وهيزنبيرغ Heisenberg وغيرهم، ورسم لنا هذا النموذج القصة المتخيلة والمعروفة للتطور الكوني منذ لحظة الفرادة الأولى singularité المتمثلة بحدث الانفجار الأعظم Big Bang قبل حوالي 14 مليار سنة، ومازال هذا النموذج قائماً وصالحاً حتى يوم الناس هذا. بيد أن هذه القصة الجميلة لولادة الكون كانت وستظل مليئة بالثغرات والتساؤلات الجوهرية والتي ما تزال تبحث عن أجوبة، وهي ثغرات مليئة بالطلاسم والألغاز، ولعل أشهر تلك الألغاز هو ما عرف في وسائل الإعلام بجسيمات الله particules de Dieu والمقصود بها علمياً بوزونات هيغز Bosons de Higgs ، وكان الذي أطلق عليها هذه التسمية مازحاً هو العالم الفيزيائي الحائز على جائزة نوبل للفيزياء ليون ليدرمان Léon Lederman ، وقد اعتبر عدد من العلماء هذه البوزونات بمثابة المفتاح لفهم وإثبات صحة نظرية الانفجار الأعظم وإنه بدون إثبات وجودها فإن كل شيء سينهار في الفيزياء المعاصرة. وبذلك أصبحت بوزونات هيغز الجسيمات الأكثر أهمية في الكون المرئي والتي يبحث عنها العلماء دون كلل منذ عقود طويلة لكنها تقاوم هذا الهجوم وتأبى الكشف عن نفسها أو السماح لأحد بالكشف عنها، فوجودها بحد ذاته لغز يستعصي على الباحثين حتى الآن، إلا أن مطاردتها مستمرة . فحسب عدد من علماء الفيزياء المعروفين الذين اجتمعوا مؤخراً في بومباي في الهند، يوجد أمل للاقتراب من لحظة الكشف عن أشياء مهمة وجوهرية في مصادم أو مسرع الجسيمات العملاق LHC الموجود على الحدود الفرنسية ـ السويسرية على عمق 100 متر تحت الأرض. وقد باشر علماء يعملون في المنظمة الأوروبية للأبحاث النووية سيرن CERN منذ ثلاث سنوات بإجراء عمليات تصادم لفوتونات بسرعة تقرب من سرعة الضوء وتحت درجة حرارة وصلت، خلال بضعة أجزاء من الثانية، إلى مائة ألف مرة أكثر من درجة حرارة الشمس ــ C 6000 كمعدل متوسط ــ بغية خلق الظروف التي وجدت في أعقاب حدث الانفجار الأعظم بقليل وفي سياق هذه التجارب يأمل العلماء بالعثور على تلك الجسيمات الغامضة التي لا تولد إلا في ظروف مماثلة لتلك التي سادت إبان لحظة ولادة الكون المرئي ومن بينها بالطبع بوزونات هيغز المشار إليها أعلاه والضرورية جداً لإثبات صحة هذه النظرية لأنها هي التي تعطي الكتلة لباقي الجسيمات حسب اعتقاد العلماء، فلو لم تكن موجودة فسينبغي على العلماء تقديم تفسير آخر غير السائد حالياً بشأن سبب امتلاك بعض الجسيمات لكتل، وافتقار جسيمات أخرى للكتلة كالفوتونات التي تشكل الضوء. واليوم يعتقد العلماء المشرفون على مسرع أومصادم الجسيمات LHC أنه لم يعد بإمكان تلك البوزونات الاستمرار في الاختفاء، فإما أن يعثر عليها وإما أن يثبتوا أنها غير موجودة وبالتالي يتعين عليهم أن يبدءوا من الصفر ويعيدوا النظر بكافة النظريات والفرضيات العلمية القائمة والمستندة على نظرية الانفجار الأعظم.
هناك اللغز الأبدي والأزلي ألا وهو سر الحياة وكيفية ظهورها في الكون المرئي ، على كوكبنا الأرض وعلى غيره من الكواكب المنتشرة بالمليارات في مجرتنا درب التبانة وفي الكواكب التي لا تعد ولا تحصى في باقي المجرات التي تزين الكون المرئي . المسألة لا تتعلق فقط بظهور الحياة وإنما بوجود حياة ذكية vie intelligente ومن هنا يطرح السؤال التالي: من أين جاء الوعي والعقل وملكة التفكير والذكاء؟ وبالتالي يبرز لغز الوعي le mystère de la conscience إلى جانب لغز الحياة le mystère de la vie. كما يأتي سؤال آخر في هذا السياق وهو: هل الحياة مقتصرة على الأرض فقط، وهو الكوكب العادي جداً من بين مليارات المليارات من الكواكب داخل كوننا المرئي؟. لقد تشبعت المخيلة البشرية بفكرة وجود عوالم مأهولة أو مسكونة بكائنات ومخلوقات حية خارج الأرض منذ عصور سحيقة ـ وكان الفيلسوف الإغريقي أبيقور Epicure قد كتب للمؤرخ الشهير هيرودوت Hérodote في سنة 300 قبل الميلاد بهذا الشأن قائلاً:" إن عدد العوالم لا متناهي وسوف نتمكن يوما ما أن نثبت وجود كائنات تشبهنا أو مغايرة لنا لكنها تتمتع بالذكاء والحكمة"، ثم أردف قائلاً:" أعتقد أن هناك في تلك العوالم البعيدة ما يناظر الحيوانات والنباتات وباقي الكائنات والمخلوقات التي تجاورنا في الحياة على الأرض ". كذلك أشار الفيلسوف لوكريس Lucrèce بحوالي قرن قبل الميلاد إلى وجود مخلوقات فضائية des extraterrestres في كتابه natura rerum وقال فيه:" إذا كانت نفس القوة و نفس الطبيعة مستمرة وباقية subsistent لكي تجمع في كل مكان هذه العناصر الجوهرية، وبنفس النظام الذي رتبت فيه في عالمنا الأرضي، فعليك أن تعترف أن هناك ، في مناطق أخرى من الكون ، في الفضاء، أراضي أخرى غير أرضنا وأنواع أو أجناس أخرى من البشر أو المخلوقات تختلف عنا، وبعضها في حالة متوحشة، غير التي نعرفها". وفي كتاب " مأدبة الرماد la banquète du cendre لشهيد الفكر الحر جيوردانو برونو Giordano Bruno 1600 -1548 ، الذي أحرقته الكنيسة الكاثوليكية حياً بتهمة الهرطقة والزندقة، أشار إلى إمكانية وجود سكان متطورون في عوالم أخرى قد تكون فيها الحيوانات تتمتع بالذكاء والوعي وتكون أذكى من إنسان الأرض وفيها عدد لا يحصى من الأنواع والأجناس، البسيطة والمركبة ، وفيها حيوات نباتية وحيوانية تتمتع بالفهم والإدراك والقدرة على اكتساب العلوم بالتفكير مثلما هو حاصل في عالمنا الأرضي". كما نشر برنارد لوبوفيه فونتنيل Bernard le Bouvier Fontenelle سنة 1686 كتاب تحت عنوان" محادثات حول تعدد العوالم Entretiens sur la pluralité des mondes" ، وكذلك نشر العالم الفيزيائي والفلكي الهولندي كريستيان هويجينز Christian Huygens سنة 1698 كتاب Kosmothéoros ذكر فيه اعتقاده أن الكون لم يخلق عبثا لحفنة من البشر فقط على كوكب لا أهمية له من بين عدد لا متناهي من الكواكب تفصل بينها مسافات لا يمكن تخيلها أو إدراكها، في حين تجدر الإشارة إلى أن الفيلسوف وعالم الرياضيات عمانويل كانط Emmanuel Kant كان من المتحمسين والمدافعين عن أطروحة وجود حياة ذكية خارج الأرض. وفي القرن العشرين استمرت هذه الفكرة تغذي مخيلة البشرية وأدب الخيال العلمي Science Fiction. واليوم تتيح لنا معرفتنا العلمية المعمقة والتقدم العلمي المذهل الذي تحقق في كافة المجالات العلمية وخاصة علم الحياة، على الأرض وخارجها exobiologie، وتطور أجهزتنا ومعداتنا العلمية، وتكنولوجيا الرصد والمراقبة والمشاهدة والقياس الموجودة تحت تصرف العلماء، وكذلك الاكتشافات الحديثة لأكثر من 500 كوكب خارج مجموعتنا الشمسية تدور حول نجومها في أنظمة شمسية تشبه أو تختلف عن نظامنا الشمسي، كل ذلك يسمح لنا أن نتعرض لموضوع سر الحياة، أحد ألغاز الكون المرئي الدائمة، والبحث في كيفية نشأتها على الأرض وخارجها، مما يعني مناقشة ودراسة موضوع الحياة الذكية والعاقلة في الفضاء الخارجي خارج منظومتنا الشمسية وداخل مجرتنا درب التبانة la voie lactée، وبصورة عقلانية وجدية وعلمية. لنتساءل مرة أخرى: هل نحن وحيدون في هذا الكون المرئي؟ أو هل نحن وحيدون في مجرتنا ؟ أسئلة تثير القلق ولا يتقبلها العقل السليم. فكيف يعقل أن تكون مجرة ــ من بين مليارات المليارات من المجرات الأخرى في الكون المرئي ــ تضم أكثر من 300 ألف مليار نجمة كشمسنا، وحول كل نجمة تقريباً توجد مجموعة من الكواكب ، الغازية أو السائلة أو الصلدة الصخرية، وتوابعها من الأقمار كقمرنا، تفصل بينها مسافات تقاس بمليارات المليارات من السنوات الضوئية، تكون كلها خالية من الحياة، عدا كوكب صغير هامشي لا قيمة له من بين مليارات المليارات من الكواكب؟ فهذا إن دل على شيء فهو يدل على عبثية الخلق، إن كانت هناك عملية خلق حقاً، فما بالك فيما يتعلق بباقي مليارات المليارات من المجرات الأخرى المكتشفة لحد الآن في كوننا المرئي، والذي هو بدوره ليس سوى جسيم صغير من بين عدد لا يعد ولا يحصى من الأكوان في إطار الكون المطلق الحي والعاقل والدائم التكوين والخلق المستمر إلى ما لا نهاية والذي لا بداية له ولا نهاية ولا حدود؟ لو قلنا أننا وحيدون في هذه المجرة أو في الكون المرئي برمته، فلنا أن نتخيل المسؤولية الملقاة على عاتقنا وحجم الكارثة في حال قام الجنس البشري بتدمير نفسه في حرب إبادة نووية حمقاء تأتي على الأخضر واليابس وعلى كل شيء حي عندها نتساءل ما معنى أن يوجد هذا الكون المرئي فارغاً وميتاً وخالياً من الحياة وبلا كائنات أو مخلوقات تسكنه لأن الكائنات الحية الوحيدة التي وجدت فيه، أي نحن البشرية، دمرتها نفسها واستأصلت وجودها؟ أما إذا كان الجواب بالنفي، أي أن هناك حتماً حضارات كونية عاقلة وذكية ومتطورة ومتقدمة علينا بملايين السنين، تنتشر في أرجاء هذا الكون المرئي الشاسعة، داخل مجرتنا وخارجها، عند ذلك تتالى الأسئلة المنطقية الأخرى، من قبيل: لماذا أهملت تلك المخلوقات الفضائية المتقدمة les extraterrestres الأرض وما عليها ولم تتصل بها علناً؟ وأين تتواجد تلك الحضارات الكونية المتطورة، وما هي نواياها تجاهنا وهل ستسمح لنا تلك الحضارات الكونية، بعد بضعة قرون من التطور والتقدم التكنولوجي، أن نغزو الفضاء ونستعمر كواكب مهجورة وخالية من الحياة في نظامنا الشمسي وخارجه لنهب ثرواتها الطبيعية؟ وفي حال ثبت وجود تلك الحضارات الفضائية أو الكونية علمياً، وحصل الاتصال الفعلي بيننا وبينهم، فهل سيكون ذلك عائقاً أمام تطورنا المستقبلي أم العكس هو الصحيح، وهل ستتغير مفاهيمنا حيال الأديان وأطروحاتها الغيبية؟. الجميع على هذه الأرض طرح على نفسه مثل هذه الأسئلة وتكفل الخيال العلمي من خلال الأفلام والرويات بتقديم إجابات فنطازية fantastiques عن الكون المرئي المسكون والمليء بالحضارات الفضائية المتقدمة L’univers habité. ولكن من الناحية العلمية البحتة لم يقدم العلم ، في مستواه الحالي، أية إجابات شافية على كل تلك التساؤلات والألغاز الكونية إلا أنه واصل، ويواصل تقدمه، كما قدم لنا تصورات عن إمكانية ظهور الحياة على كواكب تشبه كوكبنا الأرض خارج منظومتنا الشمسية في إطار علم حديث سمي بعلم رصد واكتشاف الكواكب المأهولة أو غير المأهولة خارج النظام الشمسي الذي يضم الأرض Science de éxoplanètes وهنا يتعين علينا طرح سؤال آخر: عن أي شكل من أشكال الحياة نبحث وأين يتوجب علينا أن نبحث؟ في عام 2000 نشر كتاب للعالمين بيتر وارد Peter Ward ودونالد براونلي Donald Brownlee المتخصصين في الفيزياء الفلكية astrophysicien و البيولوجيا الفضائية biopaléontologue في جامعة واشنطن عنوانه: ، "الأرض النادرة Rare Earth " ، وهو بمثابة اختبار للبيولوجيا الفضائية وافترضا فيه أن الحياة معقدة ونادرة ، ويمكن لها أن تكون وحيدة في هذا الكون المرئي. وقد أحدث الكتاب جدلا واسعاً في مجتمع صغير من علماء البيولوجيا الفلكية astrobiologists لأن معظمهم لا يشاطر وجهات نظر هذين العالمين. وتعليقاً على السؤال هل يمكن أن توجد حياة ذكية على كوكب آخر مشابه لكوكب الارض؟ يرد بيتر وارد Peter Ward، :" نحن نتظاهر بالاعتقاد بأن هناك العديد من الحضارات خارج كوكب الأرض. وفي الواقع، إنها وسائل لنريح أنفسنا بأن نعتقد أننا لسنا وحدنا في هذا الكون، وأنه قد يكون مستقبلنا أكثر إشراقا مما يتصوره البعض. لكن فكرة أننا نحن البشر وحيدون في هذا الكون تتناقض مع النتيجة التي تحددها معادلة دراك équation de Drake الشهيرة نفسها بهذا الصدد، والتي تم تعديلها لاحقا من قبل فرانك دراك وكارل ساغان Frank Drake et Carl Sagan . ساد تفاؤل سنة 1970 حينما توصل هذا العالمان إلى وضع قيمة للثابت ن N في صيغة دراك formule de Drake والذي أعطي قيمة أكثر من واحد 1 مما يعني أنهم استنتجوا وجود حوالي مليون من الحضارات الذكية في مجرة درب التبانة وحدها la Voie Lactée وفيما بعد تم تعديل القيمة واستنتج العالمان أن عدد الحضارات الذكية قد يصل إلى 600 .
واستنتج العلماء العاملون ضمن برنامج SETI استناداً لصيغة دراك أننا لسنا وحيدون في هذا الكون المرئي. ويستند تقييم دراك ، ساغان وغيرهم على أفضل تخمين لعدد الكواكب في المجرة ، فهناك نسبة من تلك الكواكب التي يمكن أن تؤوي الحياة ونسبة أخرى من الكواكب التي لا يمكن أن توجد فيها حياة في حين أن هناك بعض الكواكب من الفئة الأولى ليس فقط فيها حياة فحسب ، بل وأيضا وصلت فيها الحياة إلى مرحلة متطورة جداً من التقدم الثقافي. وبما أنه توجد هناك مليارات المليارات من المجرات مثل درب التبانة في الكون المرئي، فإنه ينبغي علينا أن نقدر عدد الحضارات الكونية الذكية بالمليارات. إذا كانت هناك حضارات كثيرة خارج الأرض ، ففي هذه الحالة يكون عدد الكواكب التي تؤوي الحياة يشكل حقا رقماً فلكياً. وماذا لو كان دراك وساغان خاطئين؟ وكانت حضارتنا في واقع الأمر ، فريدة من نوعها في المجرة؟، ألاينبغي لنا أن لا نقلل قيمةN؟ فلقد اطلعنا على رأي العالمين بن زوكرمان Ben Zuckerman وجيمس ترفيل Trefil James الذين اعتبرا منذ 1980، أن N = 1 أو أقل تقدير غير دقيق واجتهاد شخصي وغير علمي، وبالتالي فمن المحتمل أن نكون وحدنا في هذا الكون. واعتقد بيتر وارد أنه قد يكون هناك شكل من أشكال الحياة الميكروبية أو ما يعادلها شائع جداً في الكون ، بل وربما أكثر شيوعا مما تصور دراك وساغان. ولكن بيتر وارد يعتقد أن الحياة المعقدة نادرة إن لم تكن مفقودة. ومن الواضح أنه ليس الوحيد الذي يعتقد ذلك.
مرت أكثر من ثلاثة عقود بعد ابتكار معادلة أو صيغة دراك ، وبعد الاكتشافات في علم الفلك وعلم الكواكب مع استكشاف المريخ والكواكب العملاقة ، والمذنبات والكويكبات ، بات عدد كبير من الفلكيين يعتقدون الآن وبشكل ملموس بوجود أي شكل من أشكال الحياة الميكروبية أو المعقدة في أماكن أخرى من الكون. وقد عبر عن ذلك أشهر العلماء العاملين في وكالة ناسا NASA وبرنامج SETI. كريستوفر مكايChristopher P. McKay عالم فيزياء الجغرافيا الفلكية astrogéophysicien الذي يعمل في مركز الأبحاث Ames التابع لوكالة الفضاء الأمريكية ناسا NASA المتخصص بالغلاف الجوي لتيتان l atmosphère de Titan ومؤلف العديد من الكتب بما في ذلك Terraforming Mars عن جغرافية المريخ يقول، :" ليس هناك أي دليل على أن هناك أشكال حياة أخرى في الكون ، ولكن هناك عدة عوامل تشير إلى أن ذلك أمر شائع. فالمواد العضوية متوفرة على نطاق واسع في الوسط ما بين النجوم، وفي نظامنا الشمسي. لقد اكتشفنا بالفعل نظم الكواكب الأخرى التي تدور حول نجوم شبيهة بالشمس. أما على الأرض فيبدو أن الحياة الميكروبية قد ظهرت في وقت مبكر جداً، في فترة ربما تتجاوز 3.8 مليار سنة. بالإضافة إلى ذلك ، نحن نعرف أن النظم الايكولوجية الميكروبية les écosystèmes microbiens يمكن أن تبقى على قيد الحياة في طائفة واسعة من البيئات ، شريطة توفر الماء السائل ، وتوفر مصدر من الطاقة الكيميائية أو الكهرومغناطيسية (الضوء). هذه العوامل تشير إلى أن الحياة الميكروبية ، طغت على الأرض خلال الملياري سنة الأولى ، ثم انتشرت على نطاق واسع في الجوار الفلكي للأرض. لكن كريس مكاي لا يجزم حتى الآن بوجود المخلوقات الفضائية ، بل على العكس. أما ديفيد غرينسبون David Grinspoon ، أستاذ الفيزياء الفلكية وعلوم الكواكب في جامعة كولورادو ، وهو مؤلف كتاب الأرض وحيدة" Lonely Earth " فقد تساءل عما إذا كانت مسألة حياة خارج كوكب الأرض ليست سوى مرآة للحساسية البشرية ، وتعبير عن رغبات البشر وإمكاناتهم الكامنة. ففي نظره هناك دائما تقييمات محفوفة بالمخاطر في حالة تعميم نتائج تجربة واحدة. علينا أن نكون أكثر حذرا بعض الشيء عندما نملأ الكون بالمخلوقات استناداً على النطاق الزمني لتاريخ الأرض (حيث ظهر التطور بسرعة وسهولة)، أو على أساس الموارد الأساسية للحياة، أي توفر المياه. ويشكل ذلك بالطبع قصة نجاح ومثالا رائعا لنشوء الحياة على الأرض ولكن لا يوجد دليل على تعميمها إلى كواكب أخرى مشابهة لكوكب الأرض. ولكن عندما تستند الحجج على مثل هذه البيانات غير المستقرة ، على غرار من يبني قصر كارتوني حيث يعتمد الاستقرار التوازن على إحدى البطاقات الكارتونية التي بني منها القصر الكارتوني في أساسه ، ونحن نخاطر بذلك على بناء هياكل وبنى أكثر اتقاناً من خلال رغباتنا بدلاً عن الأدلة العلمية، وبعبارة أخرى ، إن دافيد غرينسبون Grinspoon غير مقتنع بأن الكون مليء بالمخلوقات والكائنات الفضائية des extraterrestres.
2

وكما سبق أن ذكرنا فإن من الألغاز العصية على البحث العلمي لغز الحياة ولغز ظهور الوعي وملكة التفكير والذكاء، وعلى حد علمنا، أن الإنسان هو الكائن الوحيد من بين جميع الكائنات على الأرض من يمتلك وعياً متطوراً وعقلاً متطوراً وقدرة على التفكير مما ساعده على تكوين حضارة تكنولوجية متطورة إلى حد ما على الأرض. فما الذي أدى إلى وجود إمكانية ظهور الحياة على الأرض، ومن ثم تطورها إلى حياة عاقلة متطورة، وما هي الصيرورات الفيزيائية والكيميائية التي وجدت كقاعدة وأساس لحدوث هذا التطور من الخلية الأولى إلى الحياة الذكية الحالية ؟ وما الذي يمنعنا من تخيل وجود حياة ذكية وعاقلة ومتطورة، يمكن أن تتواجد خارج أرضنا لكنها تختلف كلياً عن الحياة التي نعرفها؟ ولكن قبل المضي علينا أن نتساءل ما هي الحياة، على الأقل الحياة التي نعيشها ونعرفها والتي ظهرت وتطورت على أرضنا ؟ فكل شيء مرتبط ببعض في هذا الوجود وكما قال الروائي الفرنسي الشهير فيكتور هيغو Victor Hugo :" إن قراءتنا الجيدة للكون تعني قراءتنا الجيدة للحياة".
التعريف الأولي للكائن الحي هو عبارة عن نظام مادي قادر على التكاثر والاستنساخ la La capacité ou la capabilité de se dupliquer والقدرة على إعادة إنتاج نفسه بنفسه la capacité reproduction بطبق الأصل أو بتغيير طفيف، وهذه خاصية جوهرية لتفسير البقاء والاستمرارية لحفظ النوع sauvegarde de l’espèce والقدرة على نقل المعلومة الجينية والوراثية للأجيال القادمة وهذا المجال من اختصاص علم الوراثة والجينات الوراثية في سياق معقد ومنظم خاضع لدراسة وفك طلاسم الشفرة الوراثية . هناك دورة أرضية ودورة كونية. ففي الدورة الأولى هناك نباتات ، وهناك كائنات تعيش على أكل النباتات Herbivores وهناك كائنات تعيش على أكل الكائنات النباتية carnivores وعندما تموت هذه الأخيرة توجد أنواع عديدة من الكائنات البسيطة أو البكتريا تفكك جثثها مثلما تفكك بقايا النباتات الميتة وتحولها إلى مواد عضوية أولية تستعيدها التربة وتستغل النباتات تلك المواد العضوية لتعيش وتنمو لتكتمل الدورة. وهكذا فالإنسان ليس سوى حلقة maillon ضمن دورة الحياة مثلما هي النملة داخل مستعمرة أو مملكة النمل، وكما هو حال الخلية في جسم الإنسان، حيث لكل خلية وظيفة محددة. ومجموعتنا الشمسية ليست سوى حلقة من حلقات مكونات مجرتنا درب اللبانة وهذه الأخيرة ما هي إلا حلقة من الحلقات المكونة للكون المرئي، والكون المرئي الذي نعجز عن إدراك أبعاده ومكوناته، ليس سوى حلقة بحجم يقل عن ذرة غبار، أو لا يتجاوز حجم جسيم غير مرئي من مكونات الجسد الكوني المطلق واللامتناهي الأبعاد، والحي الذكي الذي يعرف كل شيء حدث ويحدث وسوف يحدث في الوجود، لأنه هو الوجود كله، الذي لا بداية له ولا نهاية، دائم وأزلي وابدي، وفي عملية خلق دائمي. ويحضرني في هذا الصدد قول عالم الفيزياء الشهير بوهرBohr حينما قال:" علينا أن نعي أننا لسنا مشاهدين بل ممثلين على مسرح الحياة التي منحتنا العقل لكي نفكر فيها".
هناك فرضيتان حول أصل الحياة وكيفية وأسباب ظهورها على كوكب الأرض : الأولى تتحدث عن الإنتاج الذاتي للأرض نفسها ومن تفاعل مكوناتها التي أنتجت التركيبة العضوية الحية الأولى ووفرت لها عوامل النمو والتطور كما عرضتها وشرحتها نظرية داروين في التطور والانتخاب الطبيعي . والفرضية الثانية تتحدث عن مصدر فضائي من خارج الأرض، حيث تتوفر الأسس المادية المكونة للخلايا العضوية في الكون برمته، والتي أوصلت تلك الخلايا العضوية بطريقة ما إلى الأرض ـ سقوط الشهب والنيازك أو الكويكبات الصغيرة الهائمة في الفضاء والتي ارتطمت بالأرض وكانت حاملة للخلايا العضوية الحية، أو عن طريق زيارة حضارات فضائية للأرض وزرعها لمقومات الحياة فيها ـ وقد حدث ذلك قبل مليارات السنين.
أطلق بعض العلماء تسمية غايا Gaia على هذه الكينونة الحية السديمية التي تتصل بكل الموجودات المادية والطاقوية في الكون المرئي ولا أحد يعرف ما إذا كانت كائناً حياً عاقلاً أم مجرد وسيط ناقل للكينونة الحية، لكن من المؤكد أنها بنية معقدة ومركبة ومنظمة جداً ، كما لا يعرف أحد على وجه البسيطة ما إذا كانت تلك الكينونة قادرة على التكاثر وإعادة إنتاج ذاتها se reproduire. وليس مستبعداً أن تنعكس الآية يوما ما وتقذف الأرض ببعض الخلايا الأرضية الحية إلى الفضاء الخارجي بطريقة ما ـ عبر مركبة فضائية غير مأهولة تنطلق في أرجاء الكون المرئي الشاسعة وتتنقل من مجموعة شمسية إلى أخرى ومن مجرة إلى أخرى عبر ملايين السنين، على سبيل المثال ـ وتكون بمنأى عن تأثير الإشعاعات الكونية المهلكة وتحتمي داخل تركيبة مادية ما، وتظل تسافر لملايين السنين في الفضاء الخارجي ثم تهبط في وقت ما فوق أحد الكواكب التي تدور حول شمسها حيث تكون ظروف هذا الكوكب ملائمة لاستقبالها واحتضانها وتطورها كما حدث الأمر في الأرض حسب الفرضية الثانية، خاصة إذا توفرت الشروط اللازمة لنشأة الحياة وتطورها . وعكس هذا السيناريو يمكن أن يكون قد حدث، ووصلت خلية الحياة الأولى من كوكب ما، فيه حضارة متطورة تشبه حضارتنا الحالية لكنها أكثر تطوراً وتقدماً من الناحية العلمية والتكنولوجية، وبوصولها إلى كوكب الأرض وجدته ملائما لاستقبالها وديمومتها وبقائها وتطورها فيه خلال مدة زمنية استغرقت مليارات السنين كما أوضحت لنا نظرية التطور والانتخاب الطبيعي التي سطرها داروين في كتابه الرائع " أصل الأنواع " ، مع حدوث بعض الطفرات التطورية من أجل التلاؤم والتكيف عبر الزمن، والتأقلم مع التغيرات المناخية المستجدة والمتقلبة على امتداد الزمن، مما يعني في نهاية المطاف أن الـ " غايا Gaia " تمتلك صفات وخصائص ومزايا الكائن الحي حسب النظرية التي تطرقت لذلك وعرفت بإسم " Panspermic " . ويكون الوعي، حسب هذه النظرية، مزروعاً ومخفياً في ثنايا المعلومة الحاسوبية المعلوماتية التي تحملها وتخزنها الخلية العضوية الحية الأولى.
وبدون الخوض في علم البيولوجيا ومطبات نظرية التطور وتعقيداتها، وما أثارته في الماضي وتثيره اليوم من جدل علمي، فإننا نفترض صحة هذه النظرية، ولنتقبل فكرة تطور الحياة من الخلية الأولى إلى الإنسان الكامل العاقل والذكي والواعي، الذي سوف يتطور بلا شك إلى مرحلة الإنسان ـ الإله، بعد بضعة ملايين من السنين. الشرط الأساسي لهذا التحول هو تطور الوعي والعقل والدماغ البشري، وكما نعرف فإن الوعي Conscience، والعقل raison، والذكاء intelligence،وملكة التفكير faculté de penser والتأمل réfléchir، هي السمات التي تميز الإنسان عن باقي الكائنات التي تعيش على سطح الأرض شرط أن تكون هذه الخصائص متطورة جداً مقارنة بما هو موجود الآن. فالحياة مرتبطة ارتباطاً عضوياً بالوعي في أذهاننا لأننا وضعنا الإنسان فوق قمة الهرم الحياتي، التي تدهشنا وتحيرنا بأسرارها وألغازها لأنها هي التي أتاحت ظهور كائنات تتحلى بالوعي والتفكير والذكاء. ولكن من الصعب جداً، إن لم نقل من المستحيل، تحديد أو تشخيص الأعضاء organismes، التي تحتوي الوعي والضمير والذكاء. من المؤكد أن الوعي موجود لدى البشر ولكن ليس بديهياً أنه موجود لدى الكائنات الأرضية الأخرى الأقل تطوراً كالشمبانزي، كما أنه ليس مستحيلاً انعدام وجوده لديها . إذ أن الكائنات الأرضية الأخرى مرت بنفس الصيرورة التطورية التي مر بها الإنسان. إذاً من الممكن الاعتقاد أن لدى القرد لا سيما فئة الشمبانزي وعي، قد يكون غير متطور جدا، لكنه يمكن أن يكون موجوداًً، والمقصود بالوعي هنا ملكة التفكير والاستبطان وليس الفعل الغريزي، لكنه قد يكون معدوماً عند البكتريا على سبيل المثال.
هناك عدة مستويات من الوعي حتى عند الإنسان نفسه. فوعي الإنسان وهو يحلم يختلف عنه وهو في حالة اليقظة بل يمكن أن يتفاوت مستوى الوعي من حلم لآخر، وهذه مجرد عمليات تماثل وتشبيه وليست حقائق علمية دامغة ومثبتة ، أي لا تتجاوز التخمينات والافتراضات. ومن بين الفرضيات السائدة أن منشأ الوعي لدى الإنسان يكون في الدماغ cerveau ، أو على الأقل يكون الدماغ مستقره وقاعدته ، إذ أن الدماغ البشري هو العضو الأكثر تعقيداً، ويعتبر البنية الأكثر تطوراً على سطح الأرض. ومن خلال اتصال وتفاعل وتداخل أو تشابك مائة مليار عصب، يعمل دماغ الإنسان، وعبره ينشط الوعي بصورة طبيعية. ولو توصل الإنسان إلى فك لغز المنظومة العصبية في الدماغ البشري وكشف أسرارها وكيفية عملها بدقة لا متناهية، فإنه ربما سيتمكن من خلق الوعي في أعضاء صناعية organismes artificielles كالحواسيب أو الكومبيوترات المتطورة جداً أو في الإنسان الآلي droides أو الروبوتات les robots على أساس أن الذكاء هو القدرة على الربط بين عدد كبير جداً من المعطيات والمعلومات واستنتاج معطى جديد منها. فالإنسان الذكي ليس فقط هو الذي يعرف أشياء كثيرة ، لأن هذا الأمر يتعلق بالذاكرة والحفظ وخزن المعلومات، ولكنه لا يدل على الذكاء، بل يتعين أن يكون المرء الذكي قادراً على الاستفادة من مخزون المعلومات وتراكم المعطيات لكي يصل إلى استنتاج جديد، عندها يمكننا القول أن هذا الإنسان يتمتع بذكاء بسبب امتلاكه لخصائص وسمات الذكاء الذي لا يرتبط بالضرورة بالوعي. فهناك ذكاء صناعي intelligence artificielle يمكن أن يتمتع به كومبيوتر متطور ويسمونه الحاسوب الذكي ordinateur intelligent ، حيث يمكنه أن يتعامل مع عدد كبير من المعطيات المخزونة فيه ليستنتج الخطوة التالية التي يجب القيام بها ويقدم إجابات بناءاً على المعطيات والمعلومات المخزونة فيه دون أن يكون بالضرورة واعياً. فقوة الذكاء ودرجته تعتمد على القدر على الاستنتاج والتجديد والابتكار وتقديم المعطيات الجديدة الأكثر تطوراً. بناءاً على ما تقدم افترض بعض العلماء، ممن يؤمنون بالأصل الفضائي للحياة الذكية والعاقلة، أن هناك حضارات تمكنت من صنع رواد فضاء آليين يستطيعون إصلاح أعطالهم التقنية بأنفسهم بل وإنتاج رجال آليين مثلهم لتأدية مهام محددة في سياق رحلات فضائية كونية بين المجرات تستغرق ملايين السنين الأرضية. ومن بين هؤلاء العلماء والكتاب الذين يعتقدون بوجود الحضارات الكونية وبالأصل الفضائي للحياة، كامي فلاماريون 1842-1925 Camille Flammarion في ثلاث من كتبه " تعددية العوالم المأهولة pluralité des mondes habités، و " العوالم الخيالية والعوالم الواقعية Les Mondes imaginaires et les mondes réels"، و "أراضي السماء les Terres du ciel" و العالم ج آلين هينيك J Allen Hynek ، وكارل ساغان Carl Sagan، وإسحق آسيموف Issac Asimov، وهيوبر ريفز Hubert Reeves، وألبيرت يوكروك Albert Ducrocq و إريك فون دانكين Erich von Däniken، صاحب كتاب عربات الالهة، وكتاب عودة إلى النجوم retour aux étoiles، و والتر سوليفان Walter Sulivan صاحب كتاب لسنا وحيدين في الكون Nous ne somme pas seuls dans l’Univers، وبالطبع فرانك دارك Frank Drake صاحب المعادلة الشهيرة عن احتمال وجود حضارات فضائية وكونية متطورة جداً منتشرة في الكون المرئي. والمعروف أن فرانك دراك Frank Drake، أستاذ فخري في علم الفلك والفيزياء الفلكية ، والرئيس الفخري وعضو في معهد SETI المتخصص ببرنامج الاتصالات الراديوية والموجية مع الحضارات الكونية ، وهو يعتقد أن مسألة ما إذا كانت هناك حياة معقدة في أماكن أخرى من الكون هي المسألة الرئيسية، وهي التي تتيح لنا الفرصة لإعادة النظر في مفاهيمنا الكونية وتطبيق الأداة المعروفة بإسم شفرة أوكام rasoir d’Occam. فعندما ننظر إلى أصل الحياة على الأرض كما يقول، يبدو أنه لم يتم فرض أية شروط مطلوبة سلفاً أو غير عادية. ولكن حتى لو لم يكن علماء الكيمياء هم المسئولين عن التركيبة الكيميائية للحياة الأرضية، فقد وجد العديد منهم طرقاً أخرى تقود إلى كيمياء الحياة. فالتحدي لا يتمثل في ما يبذل للعثور على الطريق، بل معرفة ما هي الوسائل الأسرع والأكثر إنتاجا. المسار الأكثر شيوعاً وشهرة بين العلماء هو المسار الذي يتعلق بالأشغال التي أجريت على الأرض، والتي أستناداً إليها وقعت نفس السيرورات على الكواكب الأخرى، أي على غرار ما حدث على الأرض. ومن ثم، وبفضل استخدام مبدأ شفرة أوكام rasoir d’Occam يمكننا القول بأن أصل الحياة على الأرض ليست سوى نتيجة للعمليات التي تحدث عادة على أي كوكب آخر، ما أن تتوفر الشروط اللازمة والضرورية لذلك ، حيث ينبغي، والحالة هذه، أن تظهر، على نحو متكرر، حياة على كواكب أخرى مشابهة لكوكب الأرض. ينبغي أن تكون هناك حياة على الأقل في صورتها الميكروبية بالقرب من النظام الشمسي. لكن فرانك دراك لا يتوسع في فرضياته إلى مسألة الحضارات الأرضية. ففي معادلته أن N تتأرجح ما بين 1 و 600 في ضوء الصراعات التي توجد في جميع أنحاء العالم. هذا يعني أنه يعتبر ، في أسوء الأحوال، أننا وحيدون، وبالتالي ينضم إلى الفكرة التي أعرب عنها زوكرمان ترفيل Trefil Zukerman و وارد Ward و غرينسبون Grinspoon ، لكنه يعتقد في أعماقه بوجود كائنات فضائية أو كونية تعيش في أماكن بعيدة جداً عنا.
يرى دونالد دراونلي Donald Drownlee، وهو عالم الفيزياء الفلكية في جامعة واشنطن والباحث الرئيسي لبعثة ستاردست Stardust في مختبر الدفع النفاث، بشأن التقاء المسبار المذنب Wild2 في عام 2004، والذي شارك في تأليف كتاب الأرض النادرة Rare Earth ، أنه :" على الرغم من أن لدينا أمل في العثور على حياة خارج كوكب الأرض ، فإن الغرض من كتابي هو توضيح أن الكون معاد جوهريا لظهور الحياة بطريقة تلقائية مبتذلة أوبصورة بديهية". وهو يعتقد أن معظم الكواكب وأغلب الأجزاء أخرى من الكون المرئي ، لا تصلح لإيواء المخلوقات التي تسكن الأرض. الكون واسع بحيث حتى لو كانت هناك عوالم أخرى تشبه الأرض، فإن هذه الكواكب بعيدة جداً بعضها عن البعض الآخر فإنها تبدو وكأنها معزولة في الفضاء. إلى ذلك يجدر التساؤل ما هي النسبة المئوية من النجوم التي تحتوي على كواكب مثل الأرض قابلة لاستضافة شكل من أشكال الحياة سواء كانت مماثلة للحياة على الأرض أو مختلفة عنها؟ هل هناك واحد في المليون من النجوم، أو أقل من ذلك بكثير تتوفر فيها الشروط اللازمة لنشأة الحياة فيها؟ يجب أن نعترف بأن أكثر الناس تفاؤلا عليه أن يعترف بأن البيئات الأرضية الملائمة لظهور الحياة فيها يمكن أن تكون نادرة في الكون المرئي.
في كتابهما الأرض النادرة Rare Earth ، طرح وارد Ward ، و دونالد دراونلي Donald Drownlee الفكرة التي تقول أنه قد توجد حياة خارج كوكب الأرض وعلى مسافة قريبة منا بيد أن وجود أشكال معقدة من الحياة ، والحيوانات على سبيل المثال ، أمر نادر الحدوث ، وربما لن تكون موجودة في جوارنا المباشر. السؤال المهم عن الحياة هو تحديد البيئات اللازمة لها لكي تظهر وتتطور مع مرور الوقت؟ ولكن و للأسف فإن الأرض تشكل التجربة الوحيدة الناجحة التي نعرفها في هذا المضمار. إن تقييم ما إذا كانت هناك حياة في مكان آخر تطرح إشكالية، وفي الوقت الحاضر لا يوجد أي شكل من أشكال الحياة قابل للكشف العلمي في كوكب آخر في النظام الشمسي. أخيرا نستنتج أن ديفيد غرينسبون David Grinspoon ، ليس مقتنعاً بأن نموذج كيمياء الكربون والماء الذي تسبب في نجاح الحياة على الأرض، منذ ما يقرب الأربعة مليارات سنة، هو الطريقة الوحيدة التي وجدت في الكون من أجل حل لغز الحياة. والحديث عن عنصر السيليكون silicium ، ليست فكرة سيئة ، ولكنه يمكن أن يكون أحد النظم الكيميائية المعقدة التي لم نكن نفكر بها والتي قد لا تحدث في درجة حرارة متوسطة في جو غني بالأكسجين.
الكون هو أكثر ذكاء منا ، عندما نقوم بدراسة الظواهر المعقدة مثل الحياة ، عن طريق الاستكشاف أكثر مما هو عن طريق النظرية والنمذجة أو التنظير. ويعتقد دافيد غرينسبون David Grinspoon أن هناك على الأرجح أشكال أخرى للحياة في مكان آخر ، مبنية على أساس قواعد كيميائية مختلفة عن تلك الموجودة على الأرض ، لكننا لن نعرفها إلا عندما نعثر عليها أو نكتشفها ، أو عندما هي التي تجدنا أو تكتشفنا.
لم يخترع أحد نظاماً آخر يعمل بنفس الجودة والإتقان مثلما هو نظام الكربون في الماء." يرد دافيد غرينسبون Grinspoon David: " هذا صحيح ولكن نحن لم نخترع هذه الكيمياء ،بل اكتشفناها فحسب". و في الواقع هو لا يعتقد بأننا معشر البشر أذكياء بما يكفي لتصور الحياة على أساس الأحماض النووية والبروتينات لو لم يكن لدينا أمثلة في متناول اليد. كما يعتقد دافيد غرينسبون بأن الكون من الروعة بمكان بحيث يمكنه ذلك من صقل تعقيد التطور، ويطور حياة معقدة في ظروف تبدو معادية لشكل الحياة التي نعرفها.
أخيرا ، يعتقد فرانك دراك Frank Drake أن جميع الأدلة الأكثر بدائية للتطورات الكيميائية على الأرض حدثت خلال السنوات 700 مليون سنة الأولى وقد ضاعت على ما يبدو ، حسب ما أكده العلماء المختصون micropaléontologues الذين يكافحون من أجل العثور على آثار حفريات أقدم من 3.8 مليار سنة.
يتبع



#جواد_بشارة (هاشتاغ)       Bashara_Jawad#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل هناك نظرية جامعة وموحدة للكون المرئي ؟
- الكون والأسئلة الجوهرية 3
- الكون والأسئلة الجوهرية ( 2-2 )
- الكون والأسئلة الجوهرية ( 1-2 )
- الفيزياء الحديثة بين الممكن والمستحيل
- الكون المرئي : متى يتجاوز الإنسان عقبة الأصل؟
- صراع العلم والدين ومعركة الأصل والمصير
- الأطروحة الماركسية عن الكون المرئي
- الإنسان بين إله العلم وإله الدين والخوف من المجهول 5
- الإنسان بين إله العلم وإله الدين والخوف من المجهول 4
- العراق: ألم يحن وقت النضوج بعد؟
- الإنسان بين إله العلم وإله الدين والخوف من المجهول3
- الإنسان بين إله العلم وإله الدين والخوف من المجهول2
- العراق بلد المفاجآت والمناورات
- الإنسان بين إله العلم وإله الدين والخوف من المجهول
- هنيئاً للحوار المتمدن
- هل سيسمح الوسط العلمي بتجاوز آينشتين يوماً ما؟الكون ذلك المج ...
- الكون ذلك المجهول؟
- هل نحن على مشارف الأفق الكوني؟
- الزمن المتخيل والضوء المتحجر و لغز الفرادة الكونية؟


المزيد.....




- دراسة تحدد شكل الجسم الذي يزيد خطر الإصابة بسرطان القولون
- ثبتها الآن.. تردد قناة الفجر الجزائرية على الأقمار الصناعية ...
- “أمتع قنوات الطبيعة“ تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك 2024 نايل ...
- روسيا تمنع تمرير مشروع قرار أمريكي حول عدم نشر الأسلحة النوو ...
- موسكو: رفضنا المشروع الأمريكي حول منع نشر أسلحة الدمار الشام ...
- موسكو: نريد فرض حظر شامل على نشر الأسلحة في الفضاء
- روسيا تمنع تمرير مشروع قرار أمريكي في مجلس الأمن الدولي حول ...
- الديوان الملكي يُعلن مغادرة الملك سلمان المستشفى بعد إكمال ا ...
- طريقة عمل الآيس كريم في المنزل مثلجات صيفية بمذاق الفاكهة ال ...
- واتساب تختبر خاصية لنقل الملفات دون الحاجة إلى اتصال بالإنتر ...


المزيد.....

- المركبة الفضائية العسكرية الأمريكية السرية X-37B / أحزاب اليسار و الشيوعية في الهند
- ‫-;-السيطرة على مرض السكري: يمكنك أن تعيش حياة نشطة وط ... / هيثم الفقى
- بعض الحقائق العلمية الحديثة / جواد بشارة
- هل يمكننا إعادة هيكلة أدمغتنا بشكل أفضل؟ / مصعب قاسم عزاوي
- المادة البيضاء والمرض / عاهد جمعة الخطيب
- بروتينات الصدمة الحرارية: التاريخ والاكتشافات والآثار المترت ... / عاهد جمعة الخطيب
- المادة البيضاء والمرض: هل للدماغ دور في بدء المرض / عاهد جمعة الخطيب
- الادوار الفزيولوجية والجزيئية لمستقبلات الاستروجين / عاهد جمعة الخطيب
- دور المايكروبات في المناعة الذاتية / عاهد جمعة الخطيب
- الماركسية وأزمة البيولوجيا المُعاصرة / مالك ابوعليا


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الطب , والعلوم - جواد بشارة - الكون المرئي وألغازه العصية 1 و2