أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - السمّاح عبد الله - حسان علي . . الذي رَأَى فَتَرَقَى














المزيد.....

حسان علي . . الذي رَأَى فَتَرَقَى


السمّاح عبد الله
شاعر

(Alsammah Abdollah)


الحوار المتمدن-العدد: 3520 - 2011 / 10 / 19 - 20:20
المحور: الادب والفن
    


حسان علي . . الذي رَأَى فَتَرَقَى
السمّاح عبد الله
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المسافةُ التي تفصل بين عينيْ الرائي وسطح لوحة حسان علي، هي المُجمِّعة لكل حالات الدهشةِ التي تشيعها تكتلاتُ الأسودِ والبنيِّ المحروق والرماديِّ الهاديء، حتى لكأن الرائي يُؤْخَذُ لنقطة بعيدة تُعْقَدُ ما بين التراث والرمز، وما بين التجريد والتجريب، وما بين تماهي الجسد الإنساني في الموجودات وتداخل الموجودات في جسدانية ليست خالصة ولا مشغولة .

ثمة جدلٌ دائمٌ وكأنه نارٌ محروقةٌ بين تجسد الكائنات المرسومة وما يمكن أن تسكبه اللوحات من إحساس داخلي في نفسية الرائي، هي نفسها الحوارية التي تشتعل بين المرجعية المعرفية للفنان نفسه وطرائقه المتباينة للتعبير، وكأنه لا يبدأ لوحاته إلا من بقع لونية ضئيلة مسكونة بفكرة في اللا شعور سرعان ما تتمدد وتستطيل حتى تستوي على هيئة خطوط غير متشابكة لا تسعى للاكتمال، وكأنما تستمد كمالها من نقصانها غير المرئي .

التراث عند حسان علي مُسْتَلْهَمٌ بإيماءات حداثية، والحداثة مدلولٌ عليها بتشكلات تراثية، لذا فالرائي ذو النظرة الناقدة، سيحار في الإطار أو المنهج الذي يقرأ به هذه اللوحات، فالفنان لا يحكمه القانون المدروس ولا المذهب السَّيَّار، لكنه يتبع هوى اللون وهوى الفكرة .

ولأن البيئة مشكلةٌ للوجدان ولأن ذكريات الصبا مكونةٌ للفكرة فإن الرائي سيضع إصبعه على سطح اللوحة ويهتف : إنها النوبة، ولن يدله شيء مُتَعَيَّنٌ عليها، ولكنه الحدس والإحساس، ففي الوقت الذي يحصر فيه النقاد الأكاديميون فناني الجنوب الإفريقي في الزخارف النوبية أو الخطوط الصوفية إلا أن حسان علي سيخطف بصر الناقد إلى آفاق أكثر انفتاحا على العالم وأكثر تحررا من القيود المحلية وهو ما ساهم في ذيوع وانتشار فنه على الصعيد الدولي .

قد تبدأ اللوحة عنده من مجرد موتيفة صغيرة كالحةِ اللون شاهدها ذات نهار بعيد على جدارية كنيسة فرس النوبية أو في تجويف جبل النوبة، تنهض الذاكرة البصرة لتستحضر خطا موازيا لها أو تعرجا ملتفا عليها أو خطوطا خارجة منها، هو لا يُسَيِّرُها بقدر ما يتبعها وكأنها عارفة طريقها بمعزل عنه، فقط يحرسها، ويرش عليها حاجتها من عجائن لونية يفردها ويُمَسِّدُها ويساوي أطرافها، كأنما هي خبزة طرية داخلة جوف الفرن الملتهب، حتى تستوي في أصابعه كالجواهرجي المتمرس بُنِّيَّةً من غير سوء، ليبدأ بعدها جدل اللون والخامة، وجدل الضوء والموسيقا، وجدل التجسد والفراغ، مقررة مصائر شخوصه الناحلة .

رائي هذه اللوحات سيبتعد خطوة أو خطوتين عنها ويتساءل بينه وبين نفسه :

هل السيد حسان علي طفل في الحادية عشرة من عمره ؟

نعم هو طفل ولكنه غادر الحادية عشرة وغادر الخمسين لكن حواسه الفنية – كلها – لم تغادر الحادية عشرة ولا غادرت ذواكرُه تشكلات الكتل العفوية في طرقات الصبا، لذا فليس غريبا أن يصعد بريشته وكأنه طائر حوَّامٌ إلى عالم الأطفال ليرسم لهم ويقلد شخبطاتهم بعفوية الصبية وحرفة التشكيليين .

حسان علي، فنان ضد الانتزاع، سياسيا وفنيا، وضد الأطر، أكاديمية وشكلانية، وضد القبح، اجتماعيا وتشكيليا، إنه خالص للون وحده، فيه كيانه وكينونته ومكانه .
و " الكتابة الأخرى " وهي تستعلن مطبوعاتها التشكيلية بهذا الكتاب الاستثنائي للفنان حسان علي ، إنما تستكمل ما ابتدأته في متن المجلة من ملفات وأطروحات تعنى بالفن التشكيلي ورموزه ومذاهبه المتباينة محليا وعربيا وعالميا، ليصبح للفن التشكيلي فيها شرفةٌ وإيوان.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
السمّاح عبد الله
القاهرة أوائل 2011
مقدمة كتاب " الانتزاع " الصادر مؤخرا عن دار " الكتابة الأخرى " والذي يضم لوحات الفنان حسان علي



#السمّاح_عبد_الله (هاشتاغ)       Alsammah_Abdollah#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- وجه حسن طلب
- مرثية للعمر الجميل
- الذكرى ناقوس يدق في عالم النسيان
- ديمومة العاشق
- آمال الديب تكتب عن ديوان أحوال الحاكي للشاعر السمّاح عبد الل ...
- سيد حجاب العرّاف الذي رأى الطوفان
- رأيت أمل دنقل
- علي منصور .. التحولات والموقف
- عن جريدة القاهرة وصلاح عيسى
- لن أتخلي عن الموسيقي‏
- كمال عبد الحميد يكتب عن ديوان الرجل بالغليون للشاعر السمّاح ...
- الدكتور عبد الحكم العلامي يكتب عن ديوان الواحدون للشاعر السم ...
- حامل الدم
- اكتمال الحال
- الدكتور جمال الجزيري يكتب عن ديوان متى يأتي الجيش العربي للس ...
- الدكتور صلاح فضل يكتب عن ديوان أحوال الحاكي للسمّاح عبد الله
- عبد المنعم رمضان يكتب عن السمّاح عبد الله
- قراءة في ديوان - الواحدون - للشاعر السمّاح عبد الله
- ثلاثون عاما مع مجلة الشعر
- أَلاَ يَا سَقَى اللهُ تِلْكَ الْأيَّامْ


المزيد.....




- مرتديًا بذلته الضيقة ذاتها .. بينسون بون يُصدر فيديو كليب سا ...
- -الزمن المفقود-.. الموجة الإنسانية في أدب التنين الصيني
- عبور الجغرافيا وتحولات الهوية.. علماء حديث حملوا صنعاء وازده ...
- -بين اللعب والذاكرة- في معرض تشكيلي بالصويرة المغربية
- مفاجأة علمية.. الببغاوات لا تقلدنا فقط بل تنتج اللغة مثلنا
- بيت المدى يستذكر -راهب المسرح- منذر حلمي
- وزير خارجية إيران: من الواضح أن الرئيس الأمريكي هو من يقود ه ...
- غزة تودع الفنان والناشط محمود خميس شراب بعدما رسم البسمة وسط ...
- شاهد.. بطل في الفنون القتالية المختلطة يتدرب في فرن لأكثر من ...
- فيلم -ريستارت-.. رؤية طبقية عن الهلع من الفقراء


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - السمّاح عبد الله - حسان علي . . الذي رَأَى فَتَرَقَى