أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - نضال نعيسة - اللعب في الوقت الضائع















المزيد.....

اللعب في الوقت الضائع


نضال نعيسة
كاتب وإعلامي سوري ومقدم برامج سابق خارج سوريا(سوريا ممنوع من العمل)..

(Nedal Naisseh)


الحوار المتمدن-العدد: 1043 - 2004 / 12 / 10 - 05:16
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    


الحياة هي مجموع كل تلك الثواني والدقائق والساعات والايام والاسابيع والشهور والسنوات والعقود التي يعيشها الانسان هنا وهناك.فالثانية وهي اصغر وحدة زمنية تشكل في مجاميعها الدهر كله.فهل عرفنا الان قيمة الثانية الواحدة؟ومن المعروف ان معظم الناس لا يستغلون اوقاتهم بالشكل الانسب.وتراهم لساعات يجلسون ويلعبون ويلهون دون النظر الى الساعة.وعندما يتذكرون اعمالهم تراهم يهبون مسرعين محاولين تعويض ما فاتهم اثناء لهوهم وانشغالهم. هذا الركض في هذه اللحظات الحرجة هو لتعويض الوقت الضائع الذي فات.ولقد ادركت بعض الامم الراقية اهمية الوقت فاخترعت لذلك الساعات الرقمية الدقيقة التي تظهر اجزاء الثانية الواحدة ويتم تحريك القطارات واقلاع الطائرات وفقا لذلك.فيما لايزال اناس اخرون في ركن ما تحدد مواعيدها واعمالها ولقاءاتها ب "بعد المغرب واثناء الحج وفي الليل ومن يوم طهور المحروس". ومن المعروف في لعبة كرة القدم ان يحتسب وقت ضائع كان قد اهدر اثناء وقت اللعب الاصلي لاسباب كثيرة منها الاصابة وخروج الكرة خارج الملعب او تعمد اضاعة الوقت من قبل بعض اللاعبين المشاغبين وذلك للتعويض عما فاتهم من وقت ثمين في مرحلة ما لم يدركوا وقتها اهمية ذلك الوقت المهدور. وتزداد اهمية الوقت الضائع اذا كان احد الفريقين خاسرا ويريد التعويض باي ثمن. ومهما يكن من امر فان الوقت المهدور قد ضاع وولى ولا يمكن تعويضه باي شكل من الاشكال الا باجترار معجزات في زمن انعدمت فيه المعجزات .وكما قالت العرب الوقت كالسيف ان لم تقطعه قطعك. وقطعك هنا تحتمل اكثر من معنى اترك هذه الاحتمالات لخيال القارىء وحصافته التي لا اشك فيهما اطلاقا. وهناك دائما اوقات ضائعة ومهدورة في الحياة بشكل عام.فكم نضيع من الوقت على اشارات المرور وفي الانتظار في الدوائر الحكومية ودفع الفواتير والمساجلات والمناوشات الزوجية والحوارات البيزنطية والثرثرة الفاضية واثناء بحثك عن اي شيء داخل البيت فانك تفقد وقتا ثمينا ولذلك انت بحاجة لتعويض هذا الوقت ومواكبة الاخرين لكي تبقى على نفس السوية الزمنية معهم. او عندما تتعطل سيارتك او يحصل لك اي تاخير لسبب او لاخر فانك تفقد وقتا هاما وثمينا من ثواني العمر الذي يتناقص بسرعة مدهشة وبنفس سرعة مرور الثانية الواحدة.ونلاحظ ان الوقت الضائع لمن يتابع المباريات الرياضية بانه يتسم بالتسرع والطيش وعدم التركيز وانعدام التخطيط والرعونة والحمق احيانا .وغالبا مايفشل اللاعبون في تحقيق اية اهداف في هذه المرحلة المصيرية والحاسمة من اللعب وخاصة اذا كان الفريق من الخاسرين.
وكما ان هناك اوقاتا ضائعة في الرياضة ايضا هناك اوقاتا ضائعة في السياسة وفي حياة الشعوب والبشر لايمكن تعويضها او تسجيل اية اهداف في هذه الاوقات العصيبة والحساسة. وغالبا ما يجد اللاعبون الاغبياء والمبتدؤون بالسياسة انفسهم وقد خسروا المباراة والجمهور معه والذي يكون قد بدأ للتو باظهار الامتعاض والصراخ والسباب احيانا لعجز هؤلاء اللاعبين عن تحقيق اية نتيجة تعيد الفرحة والهدوء والبسمة للجمهور العريض الذي شاءت اقداره وظروفه التعيسة ان يحضر مباراياتهم ويتفرج على ادائهم السيء ويشاهد هذا العرض المخزي والمخجل والمشين من اللعب الطائش والبهلوانيات الخرقاء والقفزات الفارغة في الهواء و(دوبل كيكاتdouble kicks ) مضحكة وتافهة وعدم الالمام باساسيات اللعب المحترف "والنظيف"((fair play.وذلك بسبب الترهل السلطوي والشيخوخة السياسيةوالخرف العقلي وانعدام اللياقة الادارية. لا بل ان البعض تعرض للطرد "بالكارت الاحمر" من قبل حكم دولي بارع وصارم بسبب غبائه ورعونته وطيشه وقلة ادبه السياسي وقيامه بحركات فاضحة عسكريا وارتكابه الكثير من الاخطاء ال)فاولات (fouls المقصودة بعنجهية وتيه وغطرسة جوفاء ضد اللاعبين الاخرين بما فيهم زملاؤه ورفاقه في نفس الفريق وكانت هذه المباراة تجري على "استاد رملي متحرك". ولم يستمع بشكل جيد لنصائح المدربين والخبراء والمحترفين في هذا المجال. وقد منيت كثير من هذه الفرق الهزيلة والضعيفة والهاوية والطالبة للذة السلطة ومتعة الحكم بكثير من الاهداف في مراميها المكشوفة "والمفتوحة" ووقفت عاجزة تتفرج ولا تستطيع ان تفعل اي شيْ وتتعرض لخسائر مذلة ومهينة مع تتالي "دخول الاهداف السهلة" الواحد تلو الاخر. ففقدت من خلالها سمعتها ومصداقيتها امام الجميع وفي عدة مباريات ولقاءات حتى مع اندية ولاعبين من الدرجة الثانية وتعرضت للكثير من "الشرشحة والبهدلة" . وفي احدى المرات قام فريق مغمور من الاشبال بتسجيل عشرات الاهداف في مرماها وسط ذهول ودهشة الجمهور العريض المنكوب والمحبط والغير مصدق والذي كان يستدين النقود اصلا لحضور هكذا مباريات ماساوية وكارثية.وفي هذه الاثناء كان المعلق المسعور والخسيس المرتزق الذي كان يستلم راتبه الشهري ومكافآته وتعويضاته من هذه الفرق المهزومة المخذولة يعلن ان منتخباته المشهورةجدا جدا حققت الانتصارات الباهرة والخالدة لهذه الجماهير في كافة النزالات والمباريات الفضائحية التي خاضتها ولعبتها على ارضها وخارجها فيما كان قد فشل اصلا في الحصول ولو على "رمية تماس" يعوض بها عن خيبته الكبرى.
وعندما كانت شعوب ودول العالم المتحضر تستعد للمباريات والسباق والتنافس البشري الحضاري والانساني الراقي كانت هذه الاندية الشمولية تضيع وقتها ووقت جمهورها العريض في عروض والعاب سخيفة وغير ممتعة على الاطلاق. وتمارس كل صنوف الاهمال والكسل وتبديد المال والوقت على اشياء تافهة محققة ارقاما قياسية في مجالات اخرى وتدخل بها الموسوعات العالمية بما فيها موسوعة غينيس للارقام القياسية المشهورة.وكانت تمارس كافة مهارات عدم الالتزام بقواعد اللعب في استعراض فاشي شرس لانفلات الاخلاق الارعن. وحين استفاقت من لوثتها الثورية وهلوساتها القومية وارتفاع ضغط التوتر العرباني وجدت ان وقت المباراة قد شارف على الانتهاء ولا مجال لتحقيق حتى التعادل السلبي ولو من باب التسلل. الا ان صافرة الحكم اعلنت انتهاء المباراة وخروجهم من هذه المنازلة الحضارية على اعتاب التصفيات التمهيدية دون الحصول على اية نقاط تذكر وقد ظهر انه مهما امتد وقت الزمن الضائع فهم الاعجز عن تحقيق اي شيء ولو ضربة حرة غير مباشرة في منتصف الملعب . واللعب في الوقت الضائع اضطر احدهم ان يبيع ثروة بلده وقوت شعبه على شكل كوبونات في اكبر عمليات الرشوة في التاريخ لبعض "حكام التماس الصغار" المرتشين الذين لم يفلحوا في تغيير الخسارة والنتيجة المذلة له.واضطر احدهم لبيع مشروع تقني وعلمي ضخم ومرعب وهو لايزال "بكرتونته" لاحد الخصوم التقليديين الذي اخذه وجعله فرجة على الملأ . كما اضطر فريق ظلامي اسود اخر ان يتخلى عن مشروع مشابه لكي لا يتعرض لخسارة مزرية امام الجميع بعد ان اشبع الجميع بدعوات لحضور هذا اللقاء التاريخي الذي لم يكن سوى فرقعات هوائية نتنة وهلوسات ديناصورية غيبية سخيفة. ولكن والحق يقال فان جميع هؤلاء اللاعبين بارعون في مباريات ال"ديربي"امام ابناء جلدتهم وكانت نتائجهم فيها باهرة وحققوا انتصارات كاسحة وساحقة ظهرت فيما بعد على شكل مقابر جماعية.
ويتصف اللعب بالوقت الضائع بالركض المحموم في جميع الاتجاهات وتوسيط الوسطاء ورجاء الزعامات والدعوة الى حضور المؤتمرات والاجتماعات السرية والعلنية وتقديم التنازلات وتبديل كثير من اللاعبين وتغيير الخطط والطيران من مطار لاخر والذهاب الى مقر "الفيفا" السياسية توسلا للصفح وتقديما لفروض الطاعة ورغبة في البقاء في الملعب وعدم الطرد منه كما حصل مع اخرين حين اعلن الحكم الذي كان يرتدي قبعة الكاوبوي عن انتهاء الوقت الاصلي والضائع للمبارة وانتهاء اللعب لتلك "المنازلة الكبرى" واسدال الستار على مسلسل فانتازيا الغوغائيات التهريجية التي حضرها سكان الكرة الارضية كلهم في بث حي ومباشر. واللعب في الوقت الضائع يجعل المدرب يزج بكل لاعبيه ويكشف كل خططه واوراقه ويلعب على المكشوف((hands free. ويقدم كل مالديه بدون فائدة. وتجلى اللعب بالوقت الضائع بالكثير من التصرفات والهلوسات الكلامية والضجيج واصدار الاصوات من اماكن "مختلفة" خوفا من ضياع الوقت .ففي الوقت الضائع صار الخاسرون يتكلمون عن اصلاح الفريق والانتخابات واشراك المرأة باللعب بالمباريات المحلية في المرحلة الراهنة على الاقل والكلام عن صحافة حرة ومستقلة ومحاسبة المفسدين والمقصرين والشفافية واشراك كافةاللاعبين الاصليين دون استثناء الذين همشوا وبقوا خارج الملاعب لفترات طويلة لا حول لهم ولا قوة و والدعوة لاحترام الجمهور المخذول البسيط.
وفي الوقت الضائع ايضا تكثر الوساطات والتوسيطات والتصريحات والتوسلات لاطالة عمر المباراة والنظر العصبي" للساعات المذهبة" والتنازلات عن استراتيجيات وعوائيات ومزماريات ودونكيشوتيات الفريق الاساسية التي كان يتغنى بها المدرب الفذ قبل المباراة والتي تحولت الى مرثيات وبكائيات وفضائحيات مزرية ومحزنة فيما بعد. انها لحظات التخبط والضياع والضلال بعينها وبشكلها المثالي فيما يكون الجمهور البائس قد بدأ يغادر هذا العرض الممل والمهين تاركا المدرب وفريقه لمصيرهم المحتوم كما حصل في "النهائي الاخير" المعروف والمثير حيث حُل الفريق وتشرذم جميعٌ اللاعبين وانصرفوا كل الى قدره ولن يسمح لهم باللعب بعد ذلك ابدا .
انه اللعب في الوقت الضائع...............إنسوه.

نضال نعيسة كاتب صحفي سوري



#نضال_نعيسة (هاشتاغ)       Nedal_Naisseh#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحوار المتمدن ........عفوا
- الثورة العالمية الثالثة
- سوق عكاظ .........الالكترونية
- اللعب مع الكبار
- الحلقة المفقودة في حلقة الاتجاه المعاكس
- الفرق الضالة..............سياسيا
- 2-2العلمانية والجهل
- شموليات القهر الجاهلية في الالفية الثالثة
- مثلثات الموت القادمة
- اوهام الاصلاح المستحيلة
- العلمانية والجهل
- مجتمعات الاقصاء الشامل
- وعاظ السلاطين وبيان الليبراليين


المزيد.....




- هدده بأنه سيفعل بأخته ما فعل به لإسكاته.. رجل يتهم قسيسًا با ...
- مصر تفتتح أكبر مراكز بيانات -مؤمنة- في تاريخها تحتوي على كل ...
- يوتيوبر أمريكي ينجو من الموت بأعجوبة (فيديو)
- السعودية.. جدار غباري يجتاح وادي الدواسر وزوبعة ضخمة تظهر ش ...
- بوريل: لسنا مستعدين للموت من أجل دونباس
- السيسي للمصريين: علموا أولادكم البرمجة بدلا من كليات الآداب ...
- محمد صلاح.. يلمح إلى -خطورة- الأسباب وراء المشاجرة الحادة بي ...
- الزي الوطني السعودي.. الحكومة توجه موظفي الحكومة بارتدائه اع ...
- الشرطة الليبية.. ردود فعل واسعة بعد تدافع رجال أمن خلف شاحنة ...
- حمزة يوسف أول رئيس وزراء مسلم لاسكتلندا يستقيل قبل تصويت مقر ...


المزيد.....

- فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال ... / المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
- الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري ... / صالح ياسر
- نشرة اخبارية العدد 27 / الحزب الشيوعي العراقي
- مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح ... / أحمد سليمان
- السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية ... / أحمد سليمان
- صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل ... / أحمد سليمان
- الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م ... / امال الحسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - نضال نعيسة - اللعب في الوقت الضائع