أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - تقنية المعلمومات و الكومبيوتر - نضال نعيسة - سوق عكاظ .........الالكترونية















المزيد.....

سوق عكاظ .........الالكترونية


نضال نعيسة
كاتب وإعلامي سوري ومقدم برامج سابق خارج سوريا(سوريا ممنوع من العمل)..

(Nedal Naisseh)


الحوار المتمدن-العدد: 1038 - 2004 / 12 / 5 - 08:30
المحور: تقنية المعلمومات و الكومبيوتر
    


سوق عكاظ..........الالكترونية
لطالما كانت تطربني وتشعرني بنشوة عارمة تلك الكلمات الساحرة العذبة والالحان الرقيقة وذاك الكنز الهائل من المعاني والمشاعر والاحاسيس المرهفة الشفافة والجياشة والعواطف الصادقة الفياضة التي تلامس سرائر القلب و اعماق الروح ومغاورالوجدان العميقة والبعيدة والتي تبعث في دفائنك المنسية والموحشة نكهة الصحراء بامتداداتها اللامتناهية وصمتها الابدي وسرها الدفين الساكن .ولطالما كنت اغمض عيني في نوبة سكر روحية عندما تتدفق تلك الاحرف الرائعة الموزونة صائغة سيمفونيات خالدة من قلب البيداء والفيافي المقفرة بقمرها المضيء ونجومها المتلألئة ورمالها العذراء. اولئك الناس الذين ابدعوا تلك اللوحات الادبيةوالذين وصمهم خلفهم الصالح بصفةالجاهليين, كانوا يتجمهرون سنويا في مربع اطلقوا عليه اسم سوق عكاظ.وكان هذا السوق بمثابة مهرجانات التسوق والسياحة التي نراها في ايامنا هذه. كانت هذه الاسواق تعرض كل شيء واخر ما تم التوصل من وسائل حياتية وبضائع وفكر وادب . وكانت تتم عمليات المبادلة والتنافس والمقايضة في ما يشبه المزادات العلنية وكانت- كالعادة- البضاعة الجيدة تطرح البضاعة الفاسدة ويظهر الغث من السمين ويعود كل بما غنم.ولعل اهم ماوصلنا وما تبقى من تلك الحقبة السالفة هو روائع الادب والشعر التي تركها العمالقة من شعراء العرب الاوائل الذين دام ذكرهم حتى يومنا هذا بكل فخر واعتزاز. ويحكى انه كانت تنصب خيمة للشاعر الفذ النابغة الذبياني ويتبارى فيها الشعراء والشويعريون واشباه الشعراء والمتطفلون على الشعر امامه وكان يختار الافضل والاجمل لتاخذ طريقها فيما بعد الى مكان اسمى وتكرم بوضعها على جدارن الكعبة المشرفة المباركة. وكان لا يسمح الا بتعليق كل ما هو انساني ونبيل وسام وجميل واما الغث والرديء كان الناس انفسهم لا يتجشموا عناء النظر اليه. ومن منا لايتذكر المعلقات السبع –ويقول البعض بانهم عشر- لفطاحل الشعرالعربي من امثال امرؤ القيس الكندي وعنترة بن شداد العبسي ومطلعها الاخاذ هل غادر الشعراء من متردم؟ وعرفنا من خلالها عبلة وقصة الحب الخالدة, مع بعض الماخذ على نواح معروفة فيها, والنابغة الذبياني وطرفة بن العبد وعمر بن كلثوم ولبيد بن ربيعة العامري وزهير بن ابي سلمي. وكلنا يعرف ويتذكر تلك المطالع الرائعة والقوافي الموزونة والحكم المأثورة التي كانت تكتنزها تلك الاعمال الادبية التي صمدت وبقيت على مر الايام. ومهما قيل ويقال عن تلك المرحلة الافلة من تاريخنا بقضها وقضيضها وحلوها ومرها وعجرها وبجرها فانها وبلاشك-مع بعض التحفظات هنا وهناك- تضمنت شذرات مضيئة ولمحات انسانية لايستطيع احد انكارها . وكلها كانت تعرض لمعان جميلة من الغزل والحب والذكرى والحنين والكرم والفروسية والبطولة والفخر والاعتزاز بالنفس والقوم والجمال والحياة بشكل عام. كما ارخ بعضها لاحداث وقعت وحروب اندلعت هنا وهناك. وقد عبر رسول الاسلام الكريم(ص) عن ذلك حين افصح عن رغبته برؤية عنترة لكثرة ما قيل ونقل عنه. وقد ازدهرت الحياة الادبية والفكرية ووصلت الى درجة معينة من الرقي والعلاقات الانسانية بحيث كان الشاعر هو الناطق الرسمي باسم مجموعة بشرية يمثلها ويؤرخ لها. وكان هؤلاء الشعراء مهابي الجانب ومحترمين ولهم مكانة اجتماعية خاصة. وكان ادبهم يمثل طريقة تفكيرهم وحياتهم وتطورها ومدى ما صلت اليه من مراحل انسانية.
لقد كانت مقدمة موجزة جدا ومكثفة الا انها وفي الوقت نفسه توطئة ضرورية لا بد منها لما الت اليه حالة بعض بني العربان وقبائلهم وبطونهم وافخاذهم وتشظياتهم المخجلة الاصولية والمتطرفة والظلامية الغيبية الارهابية السوداء بعد الف وخمسمئة عام من تلك المرحلة التي وصفت بالجهل ووصمت بالعار. ولا بد هنا من الاشارة والتاكيد دائما على الاحترام والتقدير الكامل الذي لا يقبل النقاش والمساومة لملايين المسلمين الطيبين والمسالمين المحبين للخير ويمارسون الاسلام النقي الناصع الشريف عن يقين وايمان باله رحمن رحيم رؤوف عادل وسلام. وانا شخصيا اعرف الكثيرين من هؤلاء البشر الذين يعولون اسرهم ويؤدون فرائضهم ويعيشون بسكون وطمأنينة وهدوء في مجتمعاتهم ويخدمونها بكل شرف وصدق وتفان . فبعد التطور التقني والعلمي المبهر والاختراعات المدهشة وثورة المعلومات والبث الفضائي نقل اولئك الظلاميون نضالهم وجهادهم ومنابرهم من على الارض الى اثير الفضاء الرحب والى صفحات الويب والانترنت الالكترونية الواسعة الانتشار.ومع بعض الاستثناءات الخاصة هنا وهناك والتي لا يخلو منها الامر بطبيعة الحال والتعميم دائما لغة الحمقى, فانك عندما تزور مواقعهم الكثيرة والمنتشرة على الشبكة العنكبوتية ترى مالا تصدقه العيون وتسمع مالاتستسيغه الاذان وتقبله النفس السوية المستقيمة. ولم يحدث مانراه في تاريخ البشرية على الاطلاق من هذه الفورة الاعلامية الرهيبة والطيش والرعونة والتجييش الاسود السائب والمنفلت من كل عقال. لا بل انه ليتبع كل عملية دموية قاتلة بيانات منسوبة لاناس بعينههم ومجموعات محددة تتفاخر وتتباهى وتعلن مسؤوليتهاوبلا خجل عن هذا الموت المجاني الفاجر والرخيص والاستعراضات الوحشية التي تطال المسلمين البسطاء المساكين اكثر من غيرهم ولو قرانا احصاءات الموت المفجعة لهؤلاء الضحايا في بؤر التوتر المشتعلة حاليا لعرفنا الارقام الفلكية لما خسرناه من ابناء جلدتنا وديننا ومواطنينا. وحتى "غزوتي نيويورك وواشنطن" التي يتغنى بها البعض, كانت اعداد المسلمين بها باعثة على القلق والحزن والاسى. اولئك البسطاء المساكين الذين هجروا بؤرالشمولية الدولية المشهورة ليعولوا اطفالهم ويطعموهم من جوع, كانت رؤوس القتل واساطين الارهاب بانتظارهم وزهقا لارواحهم البشرية التي كرمها الله.. ولعل اول مايصادفك ذاك الكم الهائل المكتنزمن الحقد والكراهية والتشفي والغل الموجه والمصوب على كل شيء ولا يعرف المساومة او المهادنة ولا يقبل اي نوع من النقاش والحوار.انهم ضد التحديث والليبرالية والعلمانية والقومية والشيوعية والعولمة والماركسية والراسمالية والامبريالية والاشتراكية والاديان السماوية وغير السماوية الاخرى والادب والعلم والفن والسينما والتاريخ والجغرافية وكل ما يخطر ببالك من نشاط وفكر انساني وحتة الانظمة الشمولية التي رعتهم ونشؤوا وكبروا قي احضانها لم تسلم من نقدهم وتكفيرهم. دعم وتاييد وتشجيع وتبرير للارهاب . دعوات علنية وصريحة ومباشرة للقتل والموت لامم واديان واعراق وطوائف وملل ونحل بكاملها وابادتها واستئصالها من على وجه الارض.تشهير وتمييزعنصري وتوعد وتهديد واضح ومباشر ضد شعوب وبشر واناس اخرين لم يرتكبوا اي ذنب ولم يقوموا باي اذى سوى رغبة اولئك برؤية الدم المسفوح واخراج فني بدائي ل "كليبات "الموت بدموية متوحشة وسادية قصوى لا تعرف الرحمة ولا الرأفة وغليان اجرامي لايهدا ولا يبرد الا برؤية الجماجم تتدحرج على الارض واندفاع وطيش وتهور اجرامي احمق.عروض مجانية ومستمرة وسخية لفتاوى سطحية ما انزل الله بها من سلطان.زوار متلهفون ومتشوقون وتواقون لرؤية مهرجانات الرعب وهدرالدماء وزهق الارواح البريئة ولا يشفي غليلهم الا بكاء الاطفال ونحيب الثكالى وعويل الارامل والمنكوبات. تسفيه وازدراء واحتقار وتهميش وسخرية وهزء من معتقدات وافكار وطقوس وشعائر وممارسات بشر اخرين. وتقيؤ لافكار سخيفة واجترار لمقولات سمجة وباليةوعسرة الهضم لا تبلع اصلا. تكفير حتى للاجنة في ارحام النساء, هل سمعتم بهذا من قبل؟.وترويج لفكرضال وغريب وشاذ عن كل الاديان والشرائع الاعراف. وتمجيد وتقدير وتعظيم وتفخيم وتهليل وتقديس لنجوم الارهاب ودعاته وممارسيه من المطاردين والفارين والمطلوبين للعدالة والمحاكم والقانون حتى في اشد الدول الاسلامية غلوا وتطرفا وتكفيرا. واذا كان العرب الاوائل قد عرضوا في اشعارهم الحب والغزل والفرح والحياة والوان اخرى مضيئة من النشاط البشري والانساني الملازم لاستمرار الحياة, فهنا وفي هذه المرابع الالكترونية العجيبة التي فرختها شموليات الاستبداد القهرية كل شيء محظور وممنوع ومبتور ومحرم ومجرم ومكفر ولا اثر لاي نشاط انساني خلاق ومبدع.
هذا جرد سريع وموجز لما قد يصادفه المرء في عكاظات الالفية الثالثة.هذه الحقبة الحضارية التي وصلت الى مراحل مدهشة عند بشر اخرين هدفها الاول والاخير سعادة ورفاهية واطالة عمر الانسان ما امكن حتى اصبح جل هذه الشعوب من كبار السن والعجائز فيما تقصف اعمار الفتية والصغار والرجال مجانا في ركن اخر كئيب وحزين. والان هل تمكن المقارنة بين بضاعة سوق عكاظ البدوية الغابرة وبضاعة سوق عكاظ الالكترونية؟والجواب ان لا جواب.

سوق عكاظ الالكترونية.................الفرجة بلاش.

نضال نعيسة كاتب وصحفي سوري



#نضال_نعيسة (هاشتاغ)       Nedal_Naisseh#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اللعب مع الكبار
- الحلقة المفقودة في حلقة الاتجاه المعاكس
- الفرق الضالة..............سياسيا
- 2-2العلمانية والجهل
- شموليات القهر الجاهلية في الالفية الثالثة
- مثلثات الموت القادمة
- اوهام الاصلاح المستحيلة
- العلمانية والجهل
- مجتمعات الاقصاء الشامل
- وعاظ السلاطين وبيان الليبراليين


المزيد.....




- فرنسا تعتزم المشاركة في مشروع مغربي للطاقة في الصحراء
- غوغل ومايكروسوفت تؤكدان أن الاستثمارات الضخمة في الذكاء الاص ...
- سلي أطفالك ونزليها ..  تردد قناة توم وجيري الجديد 2024 على ا ...
- كيف تظهر صور الأقمار الصناعية آثار الضربات المتبادلة بين إير ...
- طلاب معهد العلوم السياسية بباريس ينددون بالحرب الإسرائيلية ع ...
- «شاهد توم وجيري» استقبل الآن تردد قناة سبيس تون الجديد على ا ...
- «وحش الهواتف الذكية»….تعرف على مواصفات ومميزات هاتف vivo X10 ...
- -كلنا فلسطينيون-.. هتافات مؤيدة لغزة تصدح في أعرق جامعات فرن ...
- رابط التقديم في شركة المياه الوطنية 2024 لحملة الثانوية العا ...
- لأول مرة منذ 56 عاما.. قطار روسي يشق الصحراء عابرا إلى سيناء ...


المزيد.....

- التصدي للاستبداد الرقمي / مرزوق الحلالي
- الغبار الذكي: نظرة عامة كاملة وآثاره المستقبلية / محمد عبد الكريم يوسف
- تقنية النانو والهندسة الإلكترونية / زهير الخويلدي
- تطورات الذكاء الاصطناعي / زهير الخويلدي
- تطور الذكاء الاصطناعي بين الرمزي والعرفاني والعصبي / زهير الخويلدي
- اهلا بالعالم .. من وحي البرمجة / ياسر بامطرف
- مهارات الانترنت / حسن هادي الزيادي
- أدوات وممارسات للأمان الرقمي / الاشتراكيون الثوريون
- الانترنت منظومة عصبية لكوكب الارض / هشام محمد الحرك
- ذاكرة الكمبيوتر / معتز عمر


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - تقنية المعلمومات و الكومبيوتر - نضال نعيسة - سوق عكاظ .........الالكترونية