أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد عمامي - ديموقراطية الحكماء وديموقراطية الدهماء














المزيد.....

ديموقراطية الحكماء وديموقراطية الدهماء


محمد عمامي

الحوار المتمدن-العدد: 3477 - 2011 / 9 / 5 - 10:30
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


من منا لا يعيش هذا البون الشاسع بين مسارين متظادين في الثورة الجارية في كل بلدان المنطقة العربية؟ والأمر يصبح أكثر جلاء وسفورا في كل من تونس ومصر أين تقدّم هذا المسار نحو انجاز مرحلة أوّلية من مراحله، ألا وهي إسقاط الدكتاتور وفرض بعض الإصلاحات الديمقراطية على النظام القائم دون النجاح، مع ذلك، في إسقاطه وإرساء نظام اجتماعي وسياسي جديد.

إن الوضع في البلدين لا يزال يتسم بتباين شديد ومخاض سياسي معقّد ومتعدد الأبعاد والتجاذبات. إنّ جذرية الشباب الثائر وتخلّص المواطنات والمواطنين في الجهات الداخلية وفي الأحياء الفقيرة للمدن الكبرى وكل الفئات الخارجة عن دائرة تأطير أحزاب ونقابات الالتفاف، من عقدة الخوف والجمود واستعدادها المتجدد للتّحرك واحتلال الشارع، يقابله دولة لم تفقد بعد تماسك قواها وهياكلها المسلحة بأعتى وسائل القمع والاحتواء، معزّزة بأجهزة جل منظمات وأحزاب العالم القديم التي نصّبت نفسها شريكا للسلطة القائمة "لإنجاز مهام الثورة" على طريقتها الحكيمة، بعيدا عن غوغاء الدهماء التي يكفيها موتا كي تفتح لهؤلاء طريق السلطة والجاه والمال.

وكما اتّحدت، بعفوية، جميع فئات الشعب المسحوقة من نساء وشباب ومواطنات ومواطني الجهات والطبقات المحرومة من اجل استكمال مسارها الثوري بطرد المسؤولين الفاسدين والضالعين في القمع والاستغلال والنهب، اتّحدت قوى الالتفاف على الثورة من أجل إيقاف مسارها عند طرد الدكتاتور وبعض عائلته ومعاونيه، مقابل حماية مجمل النظام القائم وتوسيع قاعدته وتطعيمه بقوى كانت بالأمس القريب ضمن المعارضة بشقيها الموالية و المهمّشة.

جنين ازدواجية سلطة، لم يتجاوز المستويات المحلية والجهوية وبعض المؤسسات، يبرز، من حين لآخر، إلى السطح، فينبري الجيش لوأده بأكثر مرونة ممكنة، وإن استعصى عليه ذلك، فبالقمع المفتوح. وتسفّه، بذلك، المؤسسة العسكرية أوهام الإصلاحيين الذين يكيلون لها المدائح ويخلعون عنها حلّة الحياد والوطنية والوفاء للجمهورية وللشعب. ورغم عناد المتزلفين، تكشف البيروقراطية العسكرية، يوما بعد يوم، عن طبيعتها كسند حاسم للبوليس الذي لا يزال، بأمر من "حكومة هيبة الدّولة"، ينكّل بالثوريين والثوار باسم حماية الثورة.

إنّ "المسار الديمقراطي" الذي فصّله الامبرياليون وزبائنهم المحلّيون على القياس، وانخرط فيه الإصلاحيون بكل أطيافهم، يهدف إلى قطع الطريق أمام عملية الهدم الجذري لأسس النظام الرأسمالي السائد وتفكيك هياكل دولته. وهو يقدّم على أنه النتيجة المنطقية لثورة تجنّدوا لوأدها، في هالة من دخان التهليل والتكبير والتعظيم والمباركة.

وفي ما كان المواطنون يشكلون لجانهم الشعبية، ويتظاهرون ويعتصمون من أجل طرد ممثلي السلطة المركزية الدكتاتورية، ويطالبون بمحاسبة المجرمين في حق الشعب، كان الائتلاف الملتف على الثورة يؤسس لديمقراطية نيابية شكلية استوردت جاهزة من البلدان الامبريالية ويضع ضوابطها وأصولها التي تحصر الحق في المشاركة في الحكم، في الأحزاب والجمعيات والمنظمات التي يتماشى برنامجها مع مصالح الطبقة البرجوازية المسيطرة ورعاتها الامبرياليين، ويقصي إرادة الشعب في إرساء سلطته واستعادة أملاكه وثرواته المنهوبة.

وتكتمل المسرحية بالانتخابات الفوقية المدبّرة بإحكام من قبل خبراء التنويم الديمقراطي، المسلحين بوصفة معدّة سلفا في مصانع تفريخ الديمقراطية، المنتصبة في مراكز القرار الدولي. وهو منتوج مصبّر بدون مدّة قصوى للصلوحية، ومعدّ للاستهلاك القسري. وتتلخّص تلك الديمقراطية في سرك انتخابي تتبارى فيه أحصنة سياسية تحركها قوى عالمية بما لها من قدرة على المزج بين التطويق والإرهاب الفكري والمادي والتوظيف والإرشاء والتشويش الإعلامي.

لأجل ذلك ترصد أموال طائلة، وترسم سيناريوهات وتنتدب أحصنة ومهرّجين من كلّ الألوان والكفاءات. عندئذ، تكرّم الثورة الفاسدة المباركة وتكلّل، فعلا وعن جدارة، بلقب "ثورة الياسمين" ويخلع على الشعب الوديع المطيع لقب "شعب النعام". و"يعود الدّرّ إلى معدنه" بهدوء.. بهدوء.. بهدوء...

هو ذا حلمهم. فهل سنسمح لكرنفالهم بالتحقّق؟ وأين نحن من حلمنا؟



#محمد_عمامي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الإسلاميون وحالة الكمون الجديدة
- تونس في مفترق الطرق
- المطالب الاجتماعية الملحة والمهام الثورية
- ليسقط جلاد الشعب لنستكمل مهام ثورتنا!
- اعتصام المصير: استقالة النقابيين لا يجب أن تستمر
- رسالة مفتوحة لأعضاء المؤتمر الوطني لحماية الثورة
- بعض الملاحظات السريعة على بيان جبهة 14 جانفي
- ليس هذا ما يحدث في اتحاد الشغل !
- المعارضة البرجوازية الليبرالية والديمقراطية


المزيد.....




- نور عمرو دياب تثير الجدل في فيديو متداول حول علاقتها بوالدها ...
- إيران تحذر مواطنيها من استخدام واتساب وتيليغرام لتفادي الاغت ...
- غالانت يكشف لـCNN الشروط الـ4 التي تحققت لشن هجوم على إيران ...
- قطر تعلن تواصلها يوميا مع أمريكا لإنهاء الصراع الإسرائيلي- ا ...
- مراسلة CNN لترامب: هل ستدمر قنبلة أمريكية برنامج إيران النوو ...
- هل تلبّي أمريكا رغبة نتنياهو وتدمّر منشأة فوردو وأي نوع من ا ...
- التصعيد الإيراني الإسرائيلي - ترامب يدعو إلى -استسلام غير مش ...
- متى تستدعي إيران حلفاءها بوجه إسرائيل؟
- جدارية ضخمة في طهران تكريما للمذيعة الإيرانية بعد القصف الإس ...
- الخارجية الروسية: إجراءات إسرائيل ضد إيران غير قانونية وتنذر ...


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد عمامي - ديموقراطية الحكماء وديموقراطية الدهماء