أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - عزيز الحاج - رحلة مع تحولات مفصلية - الفرات















المزيد.....

رحلة مع تحولات مفصلية - الفرات


عزيز الحاج

الحوار المتمدن-العدد: 3476 - 2011 / 9 / 4 - 12:09
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


الفصل الأول

الفرات!
خلال الحرب العالمية الأولى تنادى علماء الدين الشيعة وقبائل نهر الفرات إلى الجهاد بجانب العثمانيين ضد القوات البريطانية.

الاستعمار العثماني احتل العراق أربعة قرون، لم تشهد غير بعض الإصلاحات في عهد مدحت باشا وفي أواخر العهد العثماني. لكن "فضيلة" العثمانيين عند المجاهدين العراقيين كونهم مسلمين ودولة الخلافة برغم ممارسة منهج تمييز طائفي ضد الشيعة في مجرى صراعات وحروب مرت بين الدولة الصفوية والدولة العثمانية. أما الإنجليز، فكانوا غرباء و"كفارا"، وحاملي قيم وتقاليد معادية للإسلام، ولذا كانت محاربتهم من فروض الدين؟

وهكذا، وكما كتب مثقف عراقي معروف، قرر فقهاء الشيعة الوقوف إلى جانب المسلم التركي الجائر والخاسر، وزج أبناء طائفتهم في حرب غير متكافئة محسومة النتائج سلفا. فدفع الشيعة الثمن.
وبعد تأسيس الدولة العراقية الحديثة، التي كانت من نتائج ثورة العشرين، التي قامت بها قبائل الفرات الأوسط، وبدفع من رجال الدين، اتخذت القيادات الشيعية، والقيادات الدينية خاصة، مواقف التشنج والرفض من كل التدابير التي اتخذت لبناء أركان دولة حديثة، من انتخابات المجلس التأسيسي، فالتجنيد الإجباري، فالمدارس الحديثة، التي طالبوا بعدم إرسال أبناء الشيعة إليها، كما رفضوا وظائف الدولة، وطالبوا بخروج القوات البريطانية حالا، وعارضوا الاتفاقيات العراقية – البريطانية التي فرضها الأمر الواقع. وهكذا، دفعت القيادات الدينية الشيعية وكثرة من ساسة الشيعة جماهير الشيعة ومثقفيها للانكماش عن الوضع الجديد، بما فيه دخول وظائف الدولة، التي كان قبولها معرضا لفتوى تحريم الزوجة! وهذا ما استغله الفريق المتعصب من ساسة السنة، ممن تربوا وتخرجوا في المعاهد العسكرية العثمانية، لتبرير ممارسة نهج طائفي مقنع برغم أن الدستور كان ينص على عدم التمييز.

وفي الثلاثينات كانت قبائل الفرات الأوسط الشيعية في تمردات مسلحة دائمة بتشجيع من رجال دين كبار: منها ما كان مبررا لحد كبير كتمرد سوق الشيوخ عام 1935، ومنها ما كانت نتيجة استخدام رجالات الحكم للقبائل لتصفية حساباتهم في الصراع على السلطة، وأعني خاصة محور علي جودت الأيوبي وجميل المدفعي بمقابل محور رشيد عالي الكيلاني وياسين الهاشمي. وبسبب هذا الصراع على السلطة، باستخدام القبائل الشيعية، وبمباركة بعض كبار رجال الدين في النجف، انقسمت القبائل عامي 1935 و1936 على نفسها من "موال" لياسين الهاشمي ومن موال للمحور الآخر. وكان زج رجال دين كبار، كالشيخ محمد الحسين آل كاشف الغطاء، خطأ كبيرا في انحيازه أولا للهاشمي، مما جلب عليه نقد العشائر الأخرى ونقد مثقفين شيعة كالمرحوم جعفر الخليلي الذي ذكر في كتابه الموسوم (هكذا عرفتهم، ص 236) عن لقائه مع الإمام كاشف الغطاء وهو يناقشه عن تاييد الهاشمي، فقال: " قلت له ليس لديَّ اعتراض أن تمضي في تاييد من تريد من الساسة لو كنتَ سياسيا. أما وانك زعيم روحاني فلا يسوغ لك بأي وجه من الوجوه ان تميل الى جهة دون جهة وأنت في هذا المركز من الزعامة الروحية." وكان العلامة كاشف الغطاء قد عرف المعضلة فترك التدخل في السياسة.

وهكذا استطاع ساسة سنة، ومنهم من المدرسة العثمانية، تسخير الشيعة لأغراضهم السياسية [ ياسين الهاشمي أثناء حكومته منع خروج المواكب الحسينية في الشوارع]. وأستدرك للمقارنة بين تلك المواقف المتشنجة ذات العواقب الضارة وبين مواقف معظم نخب السنة بعد سقوط صدام، ولفترة طويلة نسبيا، وصدودهم عن النشاطات السياسية من انتخابات وكتابة الدستور، ولجوئهم للتحامل وإدانة "الاحتلال والمحتلين". والنتيجة؟ النتيجة ما حصل من إضعاف لدورهم في الحياة السياسية، كما حصل شيء مماثل، من قبل، للدور الشيعي.

فهل اتعظوا؟ لا يزال كثيرون يعتبرون القوات الأميركية أصل البلاء ولا يتساءلون عن دورهم هم!
ومعظم ساسة الشيعة اليوم، هم أيضا لم يستوعبوا تماما دروس تجارب الأسلاف السلبية وذلك على ضوء ما نشهد من ممارسات وسياسات. نعم، لقد ظلم الشيعة كثيرا، ولكن الظلم كان "عادلا" في تعميم نفسه وبدرجات مختلفة. واليوم فإن الأحزاب الشيعية تمسك بمقاليد الحكم مع الجبهة الكردستانية، فيكفي الحديث عن المظلومية والحاكمية، وعليهم الانطلاق من مبدأ المواطنة لا من قوقعة الطائفة. نعم الظروف معقدة، والطبقة السياسية عموما لم تبرهن على كونها لدى مستوى المسؤوليات، والأعداء متعددون. ولكن هذا لا يبرر محاولة الاحتكار، وانتشار الفساد، وتهاوي الخدمات.

وبصدد مظلومية الشيعة في العهد الملكي، فنحن نعرف أن فيصل الأول عمل على تصحيح الوضع لصالح مشاركة شيعية أكبر في عتلات الدولة، ولكن رحيله المفاجئ عرقل مواصلة الإصلاح، رغم أن الوصي عبد الإله حاول في السنوات العشر الأخيرة من العهد الملكي مواصلة نهج فيصل الأول، وذلك بإسناد تشكيل أربع حكومات لساسة من الشيعة. كما نعرف أن عبد الكريم قاسم كان فوق جميع نزعات التمييز الطائفي والديني، خلافا لما مارسه النظام البعثي في عقده الأخير من تمييز منهجي، طائفي وعرقي.
أما ماذا كان رد فعل الأحزاب الشيعية التي تمكنت من الساحة بفضل الأميركيين والإنجليز: رفع شعار " الحاكمية للشيعة في الخطب الدينية والسياسية، وظهور أمثال مقتدى الصدر ومليشياته التابعة لإيران وصراخه اليومي باسم مقاومة الاحتلال، وصراعات القوى، والتشبث بعباءة المرجعية، وسن دستور مهلهل ومتناقض مختلف على تفسيرات بنوده، ويقوم تشريعه على أحكام الشريعة المناقضة للديمقراطية. ومحاولة الالتفاف على هدف الدولة المدنية والديمقراطية سلوك تنهجه كل أطراف الإسلام السياسي أينما كانت. فإخوان مصر مثلا تظاهروا بأنهم مع هدف الدولة المدنية ولكنهم سرعان ما أضافوا " بمرجعية إسلامية". ونتذكر رئيسا سابقا لمجلس النواب العراقي حين قال إنه سيضرب كل قانون لا يتطابق مع أحكام الشريعة بالقندرة [الحذاء]، مبرهنا على "عظيم إيمانه بالديمقراطية!"

لقد تراجع مبدأ المواطنة لصالح القواقع المذهبية والعرقية والحزبية والشخصية، وهذا وباء تساهم فيه مختلف القوى وليس الإسلاميون الشيعة وحدهم.
حقا، لم يستوعب معظم ساسة العراق تجارب الحركة الوطنية وتجاربهم، وتجارب أسلافهم نفسها. فوا أسفا! ولنا عودة لاحقا في هذا الكتاب.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* الفصل الأول من كتاب: رحلة مع تحولات مفصلية، ينوي المؤلف نشره فيما بعد
** رحلة مع تحولات مفصلية- نقطة ضوء [مدخل]
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=273889



#عزيز_الحاج (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رحلة مع تحولات مفصلية- نقطة ضوء [مدخل]*
- هل يسير الشارع العربي فعلا نحو الحداثة والديمقراطية؟! [ مقال ...
- ملاحظات عن المسألة الديمقراطية [ 2 ]
- ملاحظات عن المسألة الديمقراطية.. [ المقال الأول]
- مقاربة عن الثقافة العربية ، والثقافة السياسية بالذات
- أيديولوجية الإسلام السياسي: استئصال الأخر وهدم الثقافة...
- المسجد: نعم، لماذا في هذه البقعة بالذات؟!!
- نعم كانوا شهداء وأكثر!
- مقدمة الجزء الأول من كتاب - من أوراق الرحيل- [راحلون وذكريات ...
- ميناس ميناسيان.. الصديق الذي لم ألتقِ به... راحلون وذكريات
- الدكتور جعفر محمد كريم... راحلون وشخصيات..
- الدكتور علي بابا خان.... راحلون وذكريات
- راحلون وذكريات ...الجواهري، أبو فرات، لو كان بيننا !!
- راحلون وذكريات: -رحلتي- مع عبد الكريم قاسم
- راحلون وذكريات: عبد الفتاح إبراهيم، والحاجة لدراسة وتقييم ال ...
- راحلون وذكريات.. عبد الرحمن قاسملو..
- راحلون وذكريات ... زاهد محمد زهدي
- كتاب راحلون وذكريات [الفصل الثالث] - هكذا عرفت جعفر الخليلي
- من كتاب عزيز الحاج [ راحلون وذكريات]2
- من كتاب -راحلون وذكريات- لعزيز الحاج (1)


المزيد.....




- مطاردة بسرعات عالية ورضيع بالسيارة.. شاهد مصير المشتبه به وك ...
- السفير الروسي لدى واشنطن: الولايات المتحدة اختارت الحرب ووضع ...
- الشرطة الأسترالية تعتقل 7 مراهقين متطرفين على صلة بطعن أسقف ...
- انتقادات لرئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي بسبب تصريحات -مع ...
- انهيار سقف مدرسة جزائرية يخلف 6 ضحايا وتساؤلات حول الأسباب
- محملا بـ 60 كغ من الشاورما.. الرئيس الألماني يزور تركيا
- هل أججت نعمت شفيق رئيسة جامعة كولومبيا مظاهرات الجامعات في أ ...
- مصدر في حماس: السنوار ليس معزولًا في الأنفاق ويمارس عمله كقا ...
- الكشف عن تطوير سلاح جديد.. تعاون ألماني بريطاني في مجالي الأ ...
- ماذا وراء الاحتجاجات الطلابية ضد حرب غزة في جامعات أمريكية؟ ...


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - عزيز الحاج - رحلة مع تحولات مفصلية - الفرات