أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - عمر دخان - شعوب مُستَبِده














المزيد.....

شعوب مُستَبِده


عمر دخان

الحوار المتمدن-العدد: 3476 - 2011 / 9 / 3 - 01:54
المحور: المجتمع المدني
    


لطالما آمنت بأن الدولة ماهي إلا انعكاس للشعب، و أن شعبا متحضرا لا يمكن له أن ينتج سوى دولة متحضرة، بينما لا يمكن لشعب متخلف سوى أن ينتج دولة متخلفة مهما كثرت المحاولات و التجارب، و هو ما قد يفسر ما نراه واقعا مُعَاشا في معظم الدول العربية اليوم، من حيث وجود أنظمة سياسية قمعية دكتاتورية تحكم شعوبا هي في حد ذاتها قمعية دكتاتورية حتى في معاملات أفرادها بين بعضهم البعض على المستوى اليومي، و هو نفس التفسير الذي يجعلني لا أستبشر خيرا لمستقبل الدول التي نجحت في إزالة رؤوس الأنظمة الدكتاتورية مثل تونس و مصر و ليبيا، إن هي لم تنجح في رفع مستوى الوعي لدي شعوبها و تغيير أخلاقها إلى الأفضل، قبل الحديث عن أي ديمقراطية أو مستقبل أفضل.

الواقع يقول أن الشعوب في تلك الدول لا يمكن لها أن تتغير بين عشية و ضحاها، و هي لازالت نفسها الشعوب التي بنت تلك الدكتاتوريات و ساعدتها على البقاء طوال كل تلك المدة، و هي نفس الشعوب التي لا تنتج شيئا و تستورد كل شيء، و لا يمكننا أن نلوم ذلك أيضا على الدكتاتوريات التي كانت قائمه، لأن الدكتاتورية لا تعيق الأفراد من تنميه أنفسهم على صعيد شخصي، فدكتاتورية مثل التي في الصين مثلا لم تعق الشعب الصيني من أن يكون شعبا عاملا مبتكرا، و شعبا لا تجد لمصطلحات مثل “الكسل” و “التواكل” أثرا في قاموسه، على الرغم من أنه يعيش تحت نظام دكتاتوري أشد قمعا من الأنظمة العربية.

بدون ثورة أخلاقية و علمية لا يوجد أي معنى للثورة السياسية، و لن تعدوا كونها مجرد فوضى ساهمت في نقل الحكم من يد دكتاتور إلى جماعة من الدكتاتوريين، لأن الشعب الذي لا يملك مستوى علميا و أخلاقيا عاليا لا يمكن له بأي حال من الأحوال أن ينتج أفرادا أفضل من مبارك و بن علي و القذافي، و هي حقيقة يجب أن لا تغطيها فرحة التخلص من الأنظمة الاستبدادية السابقة، لأن تغيير النظام السياسي دون تغيير جوهر الشعب المولد لتلك الأنظمه لا يمكن له أن يأتي بأي نتائج إيجابيه، و لن يكون هناك جديد سوى استبدال دكتاتورية مسنه بدكتاتورية شابه.

لم تذهب الشعوب مع مبارك و بن علي و غيرهما، و هذا معناه أنها نفس الشعوب التي كانت تحت تلك الدكتاتوريات، شعوب تمجد التخلف و الظلم الاجتماعي و التحرش الجماعي و التطرف الديني و كل ما إلى ذلك من أشياء لا يمكننا أن نلصقها جميعا على النظام السياسي القمعي مهما بلغ عتيه، بل الملام الأول هو تلك الشعوب في حد ذاتها و التي لا يمكن لثورة سياسية مهما بلغ زخمها أن تمنحها التطور العلمي و الأخلاق الحميدة التي لم تملكها من قبل و لن تملكها لمجرد أنها أزالت حاكما دكتاتوريا، فالأمر ليس بتلك السهولة و ثورة سياسيه مثل التي حدثت في مصر أو تونس لن تزيل التخلف الأخلاقي و العلمي الذي ساهمت في صنعه تلك الشعوب بنفسها.

الخلل يكمن في طريقة تفكير الشعوب العربية، و لا يمكن أن نحصره في دكتاتور أو آخر، خاصه عندما يكون ذلك الدكتاتور انعكاسا لأفراد مجتمعه، فهم لصوص مثله، نصابون مثله، مستهترون مثله، ساديون و دمويون مثله، دكتاتوريون مثله، و مع ذلك يعارضون وجوده و يفرحون لذهابه، على الرغم من أنه لو كان أي منهم في مكانه لما كان أفضل منه إطلاقا. هذا هو الواقع الأليم، فهذه أفضل النماذج التي يمكن للعرب تقديمها سياسيا، و مالم نقم بعملية إصلاح كامله للقاعدة لا يمكن لنا أن نطالب القمه بأن تكون نموذجيه، و أي مُنَظر أو ناشط سياسي يريد فعلا الإصلاح يجب أن يعالج الأساس أولا، و يبدأ من معالجه المجتمع و تصرفاته و أخلاقياته على المستوى اليومي، و سنرى جميعا كيف أن كل إصلاح على مستوى القاعدة سيكون له انعكاس إيجابي على القمة ولو بعد حين، المهم أن يبدأ الإصلاح الاجتماعي و الأخلاقي قبل الحديث عن أي إصلاح سياسي.

ختاما، لا يمكن أن يكون مستقبل أي دولة من الدول التي نجحت في إزالة أنظمتها القمعية مشرقا أو إيجابيا دون أن يصاحب ذلك التغيير السياسي تغيير أخلاقي و ثورة علميه، لأنه بدون ذلك سيظهر العرب أنهم فعلا من هواة الحلول السهلة و إلقاء اللوم على الغير دائما، حيث بدل أن يصلحوا أنفسهم كأفراد، يلقون اللوم على النظام القمعي في كل شيء، و كأن النظام القمعي أجبرهم على ممارسة الكسل كوظيفه، و أجبرهم على معاملة الآخرين بسوء، و على عدم المحافظة على نظافة الشارع و أشياء أخرى يعتبرها العرب تفاهات فقط لأنهم أكسل من أن يقوموا بإيجاد حلول لها أو يلتزموا بتلك الحلول إن وجدت. إن الأفكار و المبادئ التي ينشأ عليها المواطن العربي هي التي بحاجة لأن يتم تغييرها، الأفكار التي تشجع الكسل و التواكل و تحارب العلم و العمل و تقمع الرأي الآخر و تعلم الإنسان العربي أن يكون آلة حقد و دمار، تلك هي الخطر الحقيقي، و بدون عملية استئصال و تطهير لها، كل مواطن عربي مؤهل لأن يكون قذافي أو مبارك أو بن علي جديد.



#عمر_دخان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الشقاء المقدس
- ليبيا الحره
- وكالين رمضان
- و تريدون دولة أخرى؟
- أنا شرير إذا أنا موجود!
- تحريضٌ ممنهج
- رضي الله عنه!!
- الإلحاد المتطرف
- كرات اللهب البشريه
- بريطانستان
- جمعية إنتهاك حقوق الإنسان
- إنفصام الشخصيه
- العلمانيه الثيوقراطيه في الجزائر
- الوطن أولا
- الولاء المزدوج
- حس الفكاهة المفقود
- كلام فارغ
- الأسطوره


المزيد.....




- العفو الدولية: الحق في الاحتجاج هام للتحدث بحرية عما يحدث بغ ...
- جامعات أميركية تواصل التظاهرات دعماً لفلسطين: اعتقالات وتحري ...
- العفو الدولية تدين قمع احتجاجات داعمة لفلسطين في جامعات أمري ...
- اعتقالات بالجامعات الأميركية ونعمت شفيق تعترف بتأجيجها المشك ...
- منسقة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية تؤكد مسئولية المجتمع ال ...
- ارتفاع حصيلة عدد المعتقلين الفلسطينيين في الضفة الغربية منذ ...
- العفو الدولية: المقابر الجماعية بغزة تستدعي ضمان الحفاظ على ...
- إسرائيل تشن حربا على وكالة الأونروا
- العفو الدولية: الكشف عن مقابر جماعية في غزة يؤكد الحاجة لمحق ...
- -سين وجيم الجنسانية-.. كتاب يثير ضجة في تونس بسبب أسئلة عن ا ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - عمر دخان - شعوب مُستَبِده