أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - عمر دخان - كرات اللهب البشريه














المزيد.....

كرات اللهب البشريه


عمر دخان

الحوار المتمدن-العدد: 3421 - 2011 / 7 / 9 - 09:24
المحور: المجتمع المدني
    


انتشرت في الآونة الأخيرة ظاهرة قيام أشخاص في أنحاء متفرقه في الجزائر بحرق أجسادهم أحياء، في محاولة منهم للفت أنظار السلطات أو الرأي العام إلى مشاكلهم الشخصية، أو أشياء يعانون منها، و أصبحت أخبار قيام شخص هنا أو هناك بصب البنزين على جسده و محاولة الانتحار حرقا أمرا عاديا في الصحف الجزائرية، و انتشر الأمر بشكل رهيب ليصبح ليس لمجرد لفت القضايا، بل للحصول على حقوق قد لاتكون من حقه، و إمتلاك امتيازات يعرق أناس آخرون و يجتهدون من أجل الحصول عليها، بينما يعتقد هو أنه بمجرد صب البنزين على جسده سَيفزَعُ الناس لتحقيق كل ما أراد، و هو ما يحصل غالبا في بلد لا تسير وفق قانون أو منهج واضح و معين.

بدأت هذه الموضة مع قيام شخص تونسي يدعى محمد العزيزي بحرق نفسه، و ما ترتب على ذلك من قيام حراك تونسي أدى في الأخير إلى الإطاحة بالنظام السياسي التونسي و فرار رئيسه زين العابدين بن علي، و في غمرة تلك الأفراح بقيام الحراك و فرارا أوجه النظام السياسي، تم تحويل محمد العزيزي إلى بطل، على الرغم من أنه يبقى مذنبا من الناحية القانونية و الدينية، و لا يشفع له إيقاظ ضمير الشعب التونسي، لأن التشريع يبقى تشريعا، و إزهاق النفس يبقى جرما بغض النظر على الأسباب و النتائج.

تحويل العزيزي إلى بطل و شهيد، و مهاجمة كل من قال غير ذلك، و لو من دون أي محاولة للانتقاص من قيمة ما تسبب فيه هذا الشخص، جعل الكثيرين يعتقدون أن هذه هي الطريقة الأسهل لتغيير الأنظمة السياسية و تحقيق المطالب و الحصول على لقب البطوله، و جعل الكثيرين في صفوف شعبنا الجزائري الشهير بالأنانية و "تخطي راسي" يعتقد أنها الطريقة الأسهل لتحقيق المنافع الشخصية، فانتشرت حوادث قيام أشخاص بإحراق أجسادهم في كافة أنحاء الجزائر، و تحول مشهد الأشخاص المهددين بإحراق أنفسهم مشهدا عاديا في يوميات المواطن البسيط، بل إن النصيحة المقدمة لكل من تأخرت معاملاتهم الإدارية هي " اذهب و في يدك قارورة بنزين" و غالبا ما ينتهي الأمر بحامل القارورة معززا مكرما في مكتب رئيس المصلحة التي قصدها، و يتم قضاء حاجاته في بضع دقائق، متجاوزا أشخاصا آخرين من أصحاب العقول، و الذين يمضون ساعات طوال من الانتظار.

هذا التعامل اللامسؤول مع كل من حاول إحراق نفسه، يهدد بتحويل البلد بأكملها إلى كرات من اللهب تتراقص في الشوارع، و يجعل قارورة البنزين إحدى أهم مكونات أي ملف يقدم للمصالح الإدارية، بل يمكن له أن يصبح بديلا للواسطة و "المعرفة" و التي لا يمكنك قضاء الحاجه في الجزائر بدونها، و الأخطر من ذلك، أنه يمكن له أن يحول البلد إلى سيرك كبير، حيث يصبح كل من يجازف أكثر يحقق المزيد، و كل من يجيد القيام بتمثيلية محاولة حرق النفس أو يحرقها فعلا يصبح نجما اجتماعيا باستطاعته الحصول على أي شيء يرغب فيه لمجرد أن يجيد إشعال عود ثقاب!

القانون و التشريعات الدينية واضحه تماما فيما يتعلق بموضوع تعدي الإنسان على الروح البشرية و لو كانت روحه الشخصية، و لا يمكن للظروف الاجتماعية و الاقتصادية أن تكون مبررا و مسوغا مهما بلغ سوئها، أضف إلى أن استخدامها للتحايل، و إجادة التمثيليات من أجل تخطي الصفوف و الحصول على أشياء هو ليس بأهل لها، هو أمر لا يجب أن يُقبل إطلاقا، خاصه و أن الموضوع انتشر ليصل إلى درجة أن ولي أمر طالب مدرسة من المدارس أن تنجح ابنته الأخرى بعد نجاح الأولى و إلا هو أحرق نفسه، و هذا المثال الحقيقي من مدينتي يدل على خطورة هذه الظاهرة التي يبدوا أن مسؤولينا يقومون بعلاجها بأسوأ طريقة ممكنه، و بشكل غير مدروس يزيدها استفحالا و انتشارا.



#عمر_دخان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بريطانستان
- جمعية إنتهاك حقوق الإنسان
- إنفصام الشخصيه
- العلمانيه الثيوقراطيه في الجزائر
- الوطن أولا
- الولاء المزدوج
- حس الفكاهة المفقود
- كلام فارغ
- الأسطوره


المزيد.....




- بالصور..اعتقال عشرات الطلاب في تكساس بسبب مشاركتهم في مظاهرا ...
- تأييدًا لغزة.. طلاب وأساتذة يتظاهرون في جامعة سيدني
- شبح المجاعة لا يغيب.. غزيون يشتكون شح السلع وغلاءها
- الحكم على مغنٍ إيراني بالإعدام على خلفية احتجاجات مهسا
- الإعدام لـ11 شخصا في العراق أدينوا -بجرائم إرهابية-
- تخوف إسرائيلي من صدور أوامر اعتقال بحق نتنياهو وغالانت ورئيس ...
-  البيت الأبيض: بايدن يدعم حرية التعبير في الجامعات الأميركية ...
- احتجاجات أمام مقر إقامة نتنياهو.. وبن غفير يهرب من سخط المطا ...
- الخارجية الروسية: واشنطن ترفض منح تأشيرات دخول لمقر الأمم ال ...
- إسرائيل.. الأسرى وفشل القضاء على حماس


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - عمر دخان - كرات اللهب البشريه