أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - نادية حسن عبدالله - هل نحن في حاجة إلى الديمقراطية التوافقية في المرحلة الانتقالية للتحول نحو الديمقراطية والدولة المدنية؟















المزيد.....

هل نحن في حاجة إلى الديمقراطية التوافقية في المرحلة الانتقالية للتحول نحو الديمقراطية والدولة المدنية؟


نادية حسن عبدالله

الحوار المتمدن-العدد: 3474 - 2011 / 9 / 1 - 08:33
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


اعتمدت الدول التي مرت في المراحل الانتقالية نحو الديمقراطية، الديمقراطية التوافقية، وذلك لعدم توفر البنية الذاتية والموضوعية لتحقيق ديمقراطية شاملة ، كناتج طبيعي عن غياب القوانين والتشريعات والآليات والمؤسسات المناسبة لانتخابات حرة ديمقراطية، وعدم التمكن من التأسيس لها بشكل قانوني في المرحلة الانتقالية . في هذا السياق تعتبر الديمقراطية الانتقالية الأداة الأساسية للتحول نحو الديمقراطية وذلك من خلال تأسيس مجلس أو تحالف انتقالي مؤقت يقوم بقيادة الثورة وتمثيل الشعب في المفاوضات والحوار الوطني للإجماع على أهداف الثورة واستراتيجياتها، (مجرد مرحلة انتقالية مؤقتة إلى عملية الدمقرطة الكاملة) حيث إن الثورة ليست مجرد انتفاضة على الحكم القائم وإنما هي تأسيس لدولة مدنية، دولة قادرة على إدارة البلاد في المرحلة الانتقالية للتحول نحو الدولة المدنية الديمقراطية.

إن كافة مؤسسات النظام لن تكون قادرة على الاستمرار في إدارة البلاد، مما قد يعرضها إلى فراغ تشريعي وقانوني ومؤسسي، وعليه سيكون من الضروري في المرحلة الانتقالية العمل على بناء المؤسسات القادرة على إدارة البلاد في المرحلة الانتقالية، المؤسسات القادرة على احترام حقوق الإنسان وتوفر العدالة الاجتماعية لكافة مواطنيها، وهذا يحتاج في هذه المرحلة إلى تهيئة البيئة التشريعية والقانونية والمؤسسية المناسبة للانتخابات الحرة الديمقراطية، وتعديل ، على الأقل مؤقت ، للدستور، وتشكيل الأحزاب السياسية، وبناء المؤسسات الديمقراطية للتحول نحو دولة مدنية.



وقد شهد العالم تجارب بلدان أوروبا الشرقية التي أسست إلى عملية الانتقال نحو نظم ديمقراطية جديدة حلت مكان النظم الشيوعية القديمة، وأسست نظماً ساعدت في بناء مؤسسات قادرة على إدارة البلاد وتحولها نحو الديمقراطية. حيث قامت دول أوربا الشرقية في المرحلة الانتقالية نحو الديمقراطية بالمرور في ثلاثة مراحل أساسية كما حددها الدكتور أسامة أبي مرشد (جامعة جورجتاون). الأولى، الديمقراطية التوافقية، التي كانت مرحلة تحضيرية من خلال تشكيل مجالس أو تحالفات لقيادة الثورة. الثانية، تضمنت التعزيز وتحضير البيئة التشريعية والقانونية وضخ الممارسات الديمقراطية إلى الحياة اليومية. وأخيراً، اختارت النخب أن تتبع القواعد والإصلاحات الديمقراطية القادرة على إدارة البلاد في المرحلة الانتقالية . ويشدد أبو مرشد على أن هذا التطور يعني أن الديمقراطية التوافقية التي اتبعت في أوربا الشرقية، ليست صيغة لنجاح طويل الأمد أو هدفاً بحد ذاتها، بل هي مرحلة مؤقتة يجب أن تتطور بالضرورة إذا ما أراد بلد ما تحقيق الانتقال نحو الديمقراطية.


إن استقرار مفاهيم العدالة وحقوق الإنسان والمساواة داخل القيم العميقة للمجتمع، تعد عاملا حاسما لجهة التحول الآمن لهذا المجتمع نحو الديمقراطية. من دون ذلك ربما لن تستطيع (الديمقراطية الوليدة) أو الناشئة ان تستمر وأن تصبح جزءا من النظام السياسي. حيث من الضروري أن تتمكن قوى المجتمع المدني من التطور والتنظيم خلال الفترة الانتقالية ، ولاسيما في شكل أحزاب سياسية مدعومة بشبكة واسعة من المنظمات العامة والخاصة، ومؤهلة أو قادرة على التمثيل السياسي وذلك عبر امتلاكها بنى تنظيمية متطورة فعلا وقاعدة جماهيرية مع وسائل أو آليات واضحة لاستقطاب أراء هذه القاعدة وإطلاقها على المسرح السياسي.

وحتى تصل الدول إلى هذه المرحلة من النمو السياسي لا بد من أن تمر من مرحلة انتقالية يتم فيها التأسيس للتنمية السياسية التي بقيت لفترة طويلة في غياب تام عن المجتمعات في الدول ذات النظام الشمولي. ولهذا نجد انه في المراحل الانتقالية نحو الديمقراطية، ان هناك حاجة ماسة إلى مجلس انتقالي للثورة يقود البلاد من خلال الديمقراطية التوافقية، التي تركز على حماية الأقليات والتمثيل الكامل لكافة فئات الشعب، وتحضير برامج واستراتيجيات لإدارة البلاد في المرحلة الانتقالية.

وقد يتساءل البعض عن مفهوم الديمقراطية التوافقية وآلياتها واستراتيجياتها، وكيفية اعتمادها وتطبيقها بشكلها الصحيح؟

تعود فكرة الديمقراطية التوافقية إلى المفكر الهولندي (آرنت ليبهارت) والذي يعد من أوائل المنظرين لها واعتبارها نظرية للحكم الديمقراطي في مجتمع متعدد. ويشير ليبهارت إلى ان الديمقراطية التوافقية تعبر عن إستراتيجية في إدارة النزاعات والأزمات والثورات في المراحل الانتقالية من خلال تأسيس مجلس انتقالي يؤسس ويسهل عملية التعاون والوفاق بين مختلف النخب بدلاً من التنافس واتخاذ القرارات بشكل عشوائي.

ولذلك تعد الديمقراطية التوافقية أو كما يطلق عليها البعض بالديمقراطية التكاملية أحد أبرز نماذج الديمقراطية الحديثة والتي ظهرت كنموذج لمعالجة بعض المشكلات والأزمات التي تعاني منها الديمقراطيات الحرة في العالم.
يفسر "آرنت ليبهارت" "الديمقراطية التوافقية"، بأنها تعني النظام الذي تتعدد فيه مصادر السلطة، ويكون أقرب إلى النظم الديمقراطية من دون التمكن من الوصول إليها. أما الاستقرار السياسي الذي يشكل شرطاً مفصلياً للديمقراطية التمثيلية عند "آرنت"، فيتحقق حين يضمن النظام السلم المدني، ويتأسس على المشروعية (Legitimite) والفعالية (Efficacite)، ويكون قادراً على تقليص الخلافات وتعزيز التوافق السياسي.
وقد حدد (آرند ليغبهارت) خصائص للديمقراطية التوافقية بأربع :


1ـ تكوين مجلس انتقالي أو تحالف كبير يضم المكونات الرئيسية للمجتمع التعددي، وقد نعود للتعددية فيما بعد وفق منظور (موريس دفرجة) .

2ـ وجود مبدأ الاعتراض أو (الفيتو) وفق نظام يتفق عليه بين الأطراف.

3ـ النسبية سواء على صعيد اللجان السياسية أو الاقتصادية أو أعضاء الحكومة أو الوظائف الهامة في الدولة.

4ـ النقطة الرابعة تتعلق بمدى قدرة كل مكون من مكونات الديمقراطية التوافقية على ضبط أمور مكونه وتمثيل هذا المكون بشكل جيد، وتضمن الديمقراطية التوافقية لكل مكون الاستقلال في إدارة شؤونه دون تدخل عموم المكونات الأخرى المشتركة في عقد الديمقراطية التوافقية.

إن السمة الأساسية للديمقراطية التوافقية هي أن زعماء القطاعات في المجتمع التعددي تتعاون في ائتلاف واسع لحكم البلاد، ويضم هذا الائتلاف أبرز وأهم الأحزاب أو الجماعات السياسية في البلاد أو الشخصيات الوطنية، والغرض منه - كما يقول التوافقيون - إقامة “كارتل حاكم” يوطد النظام الديمقراطي والوحدة الوطنية للبلاد. ويتطلب الائتلاف الكبير قيام تجمعات وتكتلات قادرة على تكوين أكثريات مستقرة، وتمتلك برامج واضحة تشكل أساساً للعلاقة مع المواطنين ولإقامة التحالفات. والائتلاف الكبير يتطلب اعتراف الأطراف الرئيسية ببعضها بعضاً واتفاقها على أساس البرامج والتطلعات والأهداف المشتركة.

إن قيام مجلس انتقالي مؤقت للثورة عملية أساسية وضرورية لقيادة البلاد في المرحلة الانتقالية ونظرا لعدم القدرة على تأسيس مجلس منتخب وفق الأسس القانونية والتشريعية في ظل النظام القائم، فيكمن الحل والخطوة الأولى للتحول نحو الديمقراطية في تأسيس هذا المجلس من خلال المشاورات والاجتماعات للتأسيس لمؤتمر وطني ومجلس انتقالي توافقي لإدارة البلاد يقوم بتحضير برامج وخطط عمل واستراتيجيات للثورة، يعمل على توحيد جهود القوى المعارضة واللجان والتنسيقيات الوطنية والمحلية.

والسؤال هنا، كيف يمكن تشكيل هكذا مجلس وطني انتقالي بتوافق بين كافة القوى المعارضة في الخارج والجهات الثورية والتنسيقيات المحلية في الداخل؟

لا يمكن تشكيل مجلس وطني انتقالي بدون تخطيط وتحضير وتوافق مسبق، حيث قامت العديد من الجهات الوطنية والقوى المعارضة بالإعلان عن تشكيل مجالس وهيئات وطنية بدون أي أرضية توافقية، وبدون أي هيكلية تنظيمية وبدون أي معايير واضحة لاختيار الأعضاء. ان أي مجلس يتم اقتراحه بدون ان يعتمد على أسس متوافق عليها مسبقاً قد يكون من نصيبه الفشل لصعوبة التوافق على أهدافه ومهامه وهيكلته بعد ان يتم تشيكله.

في البداية من الضروري أن يتم تحضير "مسودة وثيقة مشروع للنقاش لتشكيل المجلس الوطني الانتقالي"، يتم مناقشتها والتوافق عليها من خلال وسائل مختلفة، قد تكون من خلال مواقع الاتصال الاجتماعي، أو الاجتماعات والندوات ورشات العمل، ومن خلال كافة الوسائل الممكنة بهدف التوافق على تأسيس المجلس. وتتضمن هذه الوثيقة مبررات قيام المجلس، أهداف المجلس، مهام المجلس، الهيكل التنظيمي للمجلس واللجان التقنية، ونسبية ومعايير وآلية اختيار أعضاء المجلس من التنسيتقيات المحلية والمعارضة الخارجية، وآليات عمله المختلفة.

بعد التوافق على الوثيقة الوطنية لتشكيل المجلس الوطني الانتقالي، التي تتضمن الهيكل التنظيمي لأعضاء المجلس، يمكن تطوير خارطة سياسية وجغرافية للعضوية، تتضمن أسماء الشخصيات التي يمكن ان تشكل مؤتمر وطني من كافة الجهات وفق المعايير المتوافق عليها (حوالي 100 إلى 200 شخصية)، ويمكن ان يقام الاستفتاء على هذا المؤتمر من خلال صفحات التواصل الاجتماعي والاجتماعات واللقاءات وكل وسائل الاتصال الممكنة، للوصول لتسمية مجلس وطني انتقالي مؤقت توافقي..

ومن الضروري بمكان القول ان تجارب الدول أثبتت ان المجالس الانتقالية تتعرض للتعديل والتغيير بشكل مستمر وفق الاحتياجات الوطنية والتطورات الميدانية، ووفق ترشيح اللجان الثورية العاملة على الأرض، بهدف ان تصبح ممثلة لكافة فئات الشعب وخاصة التنسيقيات واللجان المحلية العاملة في الميدان. ويبقى الأساس لمجلس انتقالي توافقي هو التمييز الواضح المرحلي .. بمعنى آخر التأكيد على دوره في مرحلة الثورة وبداية إنتقال السلطة ( أيا كان أسلوب الانتقال _ قسري أو سلس _ ) ، ومهما كانت القرارات المتخذة من قبله فهي مرحلية قد تستمر مستقبلا ، وقد تلغى بعد استقرار أسس الدولة الديموقراطية المدنية .
الدكتورة شذى ظافر الجندي
أيلول 2011

*********************



#نادية_حسن_عبدالله (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حماية حقوق الانسان للمرضى والجرحى والمصابين وضحايا التعذيب ف ...
- الطريق للتغير نحو الديمقراطية في سورية
- انتهاك حقوق الإنسان كان الدافع الأساسي والمحرك الرئيسي للثور ...
- حقوق الإنسان العربي في العصر الحديث
- العهد السياسي الجديد ودور الإرادة الشعبية في تأسيس المعارضة ...
- المعارضة الصامتة
- الدولة المشخصنة
- هل تحولت ثقافة الفساد إلى ثقافة للإفساد؟
- الآثار النفسية والسلوكية والتعليمية والاجتماعية لممارسات الأ ...
- اليوم العالمي لحرية الصحافة -آفاق جديدة حواجز جديدة-
- سورية يا حبيبتي…
- دور الأحزاب السياسية العربية في المرحلة المقبلة
- الجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب وجرائم العدوان انتهاك لميث ...
- ننتمي كلنا الى وطن واحد سورية
- عيد الجلاء في سورية: الشعب يطالب بالحرية واحترام الكرامة الا ...
- العصابات المسلحة في الدول العربية: الرأي العام محصن من هذه ا ...
- ثورات شبابنا العربي .. عززت روح المواطنة في المنطقة العربية
- كيف سنكافح الفساد في سورية؟
- الفساد في سورية
- يتهمون شبابنا الذي يشارك في الثورة بأنه غير وطني... بل وصل ب ...


المزيد.....




- وحدة أوكرانية تستخدم المسيرات بدلا من الأسلحة الثقيلة
- القضاء البريطاني يدين مغربيا قتل بريطانيا بزعم -الثأر- لأطفا ...
- وزير إسرائيلي يصف مقترحا مصريا بأنه استسلام كامل من جانب إسر ...
- -نيويورك تايمز-: الولايات المتحدة تسحب العشرات من قواتها الخ ...
- السعودية.. سقوط فتيات مشاركات في سباق الهجن بالعلا عن الجمال ...
- ستولتنبرغ يدعو إلى الاعتراف بأن دول -الناتو- لم تقدم المساعد ...
- مسؤول أمريكي: واشنطن لا تتوقع هجوما أوكرانيا واسعا
- الكويت..قرار بحبس الإعلامية الشهيرة حليمة بولند سنتين وغرامة ...
- واشنطن: المساعدات العسكرية ستصل أوكرانيا خلال أيام
- مليون متابع -يُدخلون تيك توكر- عربياً إلى السجن (فيديو)


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - نادية حسن عبدالله - هل نحن في حاجة إلى الديمقراطية التوافقية في المرحلة الانتقالية للتحول نحو الديمقراطية والدولة المدنية؟