أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - نادية حسن عبدالله - العهد السياسي الجديد ودور الإرادة الشعبية في تأسيس المعارضة الحقيقية















المزيد.....


العهد السياسي الجديد ودور الإرادة الشعبية في تأسيس المعارضة الحقيقية


نادية حسن عبدالله

الحوار المتمدن-العدد: 3417 - 2011 / 7 / 5 - 22:16
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


دور المعارضة الحقيقية في الحياة السياسية

يعيش وطننا العربي ثورات شبابية ابتدأت في تونس ومصر وما زالت مستمرة في ليبيا واليمن وسورية؛ ويثور شبابنا العربي مطالبا بالحرية والكرامة والديمقراطية، بسبب الغياب الشامل والكلي لنموذج الدولة الحديثة؛ التي تقوم على أساس الديمقراطية وسلطة المؤسسات والحق والقانون، فليس هناك تداول سلمي وديمقراطي على السلطة؛ و ليس هناك فصل واضح بين السلطات؛ ناهيك عن غياب جميع أشكال الحريات العامة وتوسع كبير للدولة الأمنية التي تسيطر على كافة أوجه الحياة؛ أما الأحزاب السياسية –إن وجدت- فهي هياكل فارغة ولا حياة فيها؛ لا يتحرك منها إلا الحزب الحاكم؛ الذي يحتكر السلطة.

أن الأحزاب السياسية الفاعلة في وطننا، بشكل عام تعاني من الضعف والتردي وعدم القدرة على ممارسة دورها في المشاركة السياسية. وبنظرة سريعة نرى عدم وجود معارضة سياسية في سورية بالشكل المطلوب ووفقا للدور الذي تقوم به المعارضة الحقيقية. إن غياب المعارضة إنما تندرج تحت مفهوم ما يسمى بالشمولية (مذهب السلطة الجامعة) وفيها يسيطر حزب واحد للسلطة بكل أشكالها. حيث أن النظام الشمولي يقوم على إذابة جميع الأفراد والمؤسسات والجماعات في الكل الاجتماعي (المجتمع أو الشعب أو الأمة أو الدولة) عن طريق العنف والسلطة الأمنية ويسيطر يه النظام الحاكم على كل شيء في الدولة. وعادة النظام الشمولي لا يقبل بمبدأ الفصل بين السلطات أو بأي شكل من أشكال الديموقراطية التي يعرفها الغرب وكل معارضة لهذا الكل يتم القضاء عليها، فلا رأي ولا تنظيم ولا تكتل خارج سلطة الدولة.

إن النظام الحاكم في سورية يتسم بالشمولية وعدم قبول الآخر ولا يؤمن مطلقاً بالاختلاف ... وأن الاختلاف والتنوع في الرأي غير مقبول ولذلك يسود نظام الحكم الواحد، وسيادة الرأي الواحد لحاكم واحد قد يندفع تحت بريق السلطة إلى أن يكون متحكما بشعبه.

إن ضعف الأحزاب وتبعيتها بالإضافة إلى ضعف مؤسسات المجتمع المدني يعتبر أحد أسباب عدم وجود معارضة سياسية حقيقية في سورية، حتى وإن وجدت فهي في صف الحاكم أو النظام وتسير في مكان الحكومة وغالباً ما تنضم إلى الحزب الحاكم (على سبيل المثال النقابات العمالية والمهنية لا تعدو عن كونها نقابات تدافع عن ممارسات الحزب الحاكم ضد مصالح الأعضاء ) .

وأما العلاقة القائمة بين السلطة والمعارضة التابعة له؛ والتي يتم وصفها “بالعلاقة التكميلية"؛ حيث يستمر الاستقرار في النظام من جهة؛ و ترسم المعارضة لنفسها نوعا من الخطوط تقف عندها ولا تتخطاها أبدا؛ من جهة أخرى. وتتشارك الحكومة والمعارضة التابعة لها، معا بسبب مصالح مشتركة يتابعانها داخل النظام السياسي؛ و هذه التكميلية في المتابعة من شأنها أن ترسخ الدولة؛ إذ كل واحد منها يخدم مصالح الآخر في أدائه لدوره. وحتى يوفر النظام الشرعية له فهو يبتدع أساليب لمشاركة أحزاب يسيطر عليها، كتجربة (الجبهة الوطنية التقدمية) التي تضم هياكل أحزاب منقرضة لا واقع لها على الأرض ولا قواعد تمثلها، تم صنعها من قبل النظام ليقول للعالم أن النظام في سورية نظام ديمقراطي يقوده مجموعة من الأحزاب لها مكاتب ونشرات داخلية ولها ممثلين في الوزارة وفي مجلس الشعب. ومهمة هذه الأحزاب توفير الدعم للنظام والتأمين على قراراته ومراسيمه.

إن مشكلة المعارضة عندنا هي مشكلة نظم حاكمة في الأساس فالنظام الحاكم يضع الكثير من المعوقات أمام تحقيق الإصلاح السياسي والتحول الديموقراطي وبعض هذه الأسباب يرتبط بالموروثات التاريخية المرتبطة بالفكر العشائري القبلي والذي ينبع أساساً من ثقافة الخضوع والاستسلام لزعيم القبيلة وعدم الخروج عن طاعته وهي في العادة ثقافة يعود أساسها إلى الفكرة الأبوية التي نعيشها اليوم. كما أن هناك قناعة لدى الحاكم بأن مجرد وجود قوى معارضة تعني تهديداً لامتيازات الفئة الحاكمة ومصالحها وكشف فسادها.

ومن الأسباب الأخرى لعدم وجود معارضة سياسية حقيقية في وطننا هو الضعف المؤسسي فكل ما يتم اتخاذه من قرارات سياسية واقتصادية... إلخ تتم بصورة شخصية / فردية فالسلطة الحاكمة هي التي تملك آلية القرار السياسي والانفراد به ويبقى دور باقي المؤسسات السياسية دوراً شكليا وفي بعض الأحيان يكون معدوماً .

أن من أهم أسباب ضعف المعارضة هو التداخل بين الدولة والأجهزة الحكومية أو الحزب الحاكم، وفي هذا الصدد فإن النظام الحاكم لا يوفر للقوى المعارضة إمكانية التحرك النشط بين الجماهير بل وتنتهج سياسات القمع لإخافة النشطاء السياسيين أو المعارضين مما يخلق لدى الناس شعوراً بالخوف وابتعادهم عن الانخراط في العمل السياسي.

وهذه هي مشكلة الديموقراطية في عالمنا فهي تقابل من النظم الحاكمة بالعنف والقمع، ولا شك أن نهج الإقصاء ورفض دور المعارضة وعدم تسليم النظم الحاكمة في الحق في الاختلاف تمثل أسساً ومرتكزات أساسية للعنف ولسيادة الدولة الأمنية... وتصبح السجون والمعتقلات هي مكان المعارضين التي تتسم بانتهاكات حقوق الإنسان .

إن مفهوم التعددية السياسية (Pluralism) في منطقتنا العربية غير واضح حيث يتم التلاعب به من قبل الحكام من خلال إيجاد أساليب بديلة وغير حقيقية وصورية للمعارضة السياسية.

والمفهوم كما عرفه مونتسكيو، المفكر الفرنسي الذي يعتبر من أوائل المفكرين الذين صاغوا مفهوم التعددية السياسية، في كتابه (روح القوانين) مبدأ الفصل بين السلطات، بمعني إنها مصدر للاختلافات بكافة أوجهها. والتعددية تعني مشروعية التعدد، وحق جميع القوى والآراء في التعايش، وفي التعبير عن نفسها والمشاركة في تسيير الحياة في الدولة، ويمكن تعريفها بأنها "مشروعية تعدد القوى والآراء السياسية وحقها في التعايش والتعبير عن نفسها والمشاركة في التأثير على القرار السياسي في مجتمعها". وقد اقترن مفهوم التعددية السياسية بالديمقراطية والليبرالية التي تتسم بتعدد التنظيمات السياسية مثل الأحزاب والنقابات ومنظمات المجتمع المدني ،وتعني أيضاً وجود الأحزاب والفصائل والتيارات السياسية التي تمثل آراء ومواقف قياداتها.

إن مفهوم المعارضة السياسية الفاعلة في الدول الديمقراطية، يتحدد من خلال كونه الجهة أو الجهات السياسية التي لم تستطع الوصول إلى سلطة الحكم من خلال الانتخابات فأصبح دورها متمثلا بكونها معارضة سياسية للنظام الحاكم تعمل ضمن أطر وقواعد اللعبة السياسية المتمثلة بالكشف عن أخطاء الحكومة وتعثراتها ومدى الفشل أو النجاح الذي تحققه في مجالات التنمية والتطور الاجتماعي والاقتصادي والثقافي. والمعارضة في هذه الدول، تمثل مجالا سياسيا عموميا مستقلا نسبياً عن الدولة يتوسط ما بينهما وبين المجتمع، وان من الخطورة بمكان انعدام المعارضة الحقيقية في أي مجتمع حيث أن ذلك يعنى انسداد آفاق التعبير الديمقراطي السلمي فيه، حيث يعتبر وجود المعارضة من أهم مظاهر الممارسة الديمقراطية الحقيقية وجود المعارضة الفاعلة المعترف بها من جانب السلطة وتملك القدرة على ان تبحث وتناقش هذه السلطة (الحكومة) وتنافسها نحو الوصول إلى السلطة ( الحكم).

إن وجود المعارضة ضرورة كقيمة سياسية ديموقراطية لأجل تقويم وأداء عمل الحكومة فيما إذا أخفقت، ومن هنا يبرز دور وأهمية المعارضة في المراقبة والمسائلة ومن ثم التقويم العام فالمعارضة أخيرا هي ليست لأجل الصراع من اجل البقاء بل تنافس لخدمة الصالح العام. وتعد المعارضة إحدى الآليات الفاعلة والضامنة لعدم وقوع انحرافات مع التزام الحاكم وأجهزته بالدستور وقواعد الحكم السليم فضلا عن الدور الرقابي على أداء الحكومة ونقده ومحاسبته عند التقصير وان أي مجتمع لا يعتمد قطاعه السياسي على مبدأ الشراكة السياسية والتعددية بين المواطنين هو نظام استبدادي يعتمد القهر اسلوبا للحكم ووسيلة للكبت وتقييد الحريات وعدم الاهتمام بالرأي الآخر من حيث إسكات لصوت المعارضة وإغفال متعمد لرأيها.

وكما يقول د. برهان غليون إن وجود المعارضة هو التعبير الأبسط عن وجود السياسة ذاتها وهى صمام الأمان الوحيد ضد احتمال تحول النزاعات الداخلية إلى صراعات وحروب.

أن أهمية المعارضة السياسية الحقيقية والفاعلة يمكن أن تتلخص فيما يلي:

- وجود المعارضة الحقيقية في البلد يوفر صورة واضحة حول النظام السياسى القائم في هذا البلد أو ذاك وهى بالتالي تعطى صورة دقيقة على درجة تطور التجربة السياسية أو ضمورها.

- يمكن أن تتحدد شرعية النظام السياسي القائم وفقا لقوة المعارضة أو ضعفها.

- تتوقف قوة النظام السياسى على مدى قبوله بالمعارضة ودعمه لها انطلاقا من حرص النظام على رقابة وتصحيحات المعارضة نفسها – وبهذا الفهم تتحول المعارضة إلى مصدر قوة للنظام بدلا من ان تكون مصدر تهديد لإزالته .

- من ايجابيات المعارضة الحقيقية إنها ترفض الاحادية والشمولية وتعمل بصورة حثيثة على بناء دولة المؤسسات .

وفي سورية هناك أنواع مختلفة للمعارضة، منها ما هو تابع للنظام الحاكم حيث تكون معارضة شكلية ديكتاتورية المضمون والمعنى ومن حيث الوجود والممارسة الاجتماعية0 وهناك المعارضة السرية الفاعلة بعيدة عن الظهور العلني بسبب منع التعددية السياسية، وتتعرض هنا هذه المعارضة للملاحقة والنفي والإقصاء؛ وهناك معارضة ذات وجهين فهي تختلف حسب درجة المصالح والغايات من السياسة، وما تحصل عليه من نفوذ وسلطات وهذا الشكل من المعارضة تعمل وفقا لقاعدة التغيير الدوري في التحالفات والتكتلات السياسية.

إن أداء المعارضة بشكل عام في سورية، كانت وما زالت مفككة ومختلفة، ولذلك لا بد من توحيد وجهات نظر الحركات السياسية والأحزاب وهيئات المجتمع المدني ومجموعات المثقفين الناشطين والمنخرطين في العمل العام ، ليكون هناك إجماع عام حول دورها المستقبلي وكيفية تنظيمها ومشاركتها السياسية.

إن ما يحدث في سورية خلال الثورة قد يؤدي إلى تطوير معارضة جديدة شعبية بديلا للمعارضة التابعة للنظام، حيث أن النموذجين (التونسي و المصري) أكدا بالملموس و الواضح؛ أن هذه المعارضة الشعبية تتميز بقسط كبير من التهافت؛ لأن التغيير الذي عجزت عن تحقيقه المعارضة السياسية المستخدَمة تنجح في تحقيقه –أخيرا- الإرادة الشعبية؛ التي لا تدين بأي تأطير أو تنظير لهذه المعارضة؛ التي أصدرت لعقود؛ الكثير من الجعجعة؛ لكن بلا طحين؛ كما يقول المثل العربي.

إن الثورتين الشعبيتين ( التونسية و المصرية) فتحا المجال لعهد جديد في العالم العربي؛ ليس فقط من حيث النتائج السياسية المحققة؛ و لكن كذلك من حيث تغيير المنطق السياسي؛ الذي ساد لعقود في العالم العربي؛ و هو منطق يربط أي تغيير سياسي محتمل بفعالية المعارضة السائدة؛ و بما أن هذه المعارضة تدخل في علاقة استخدامية مع الأنظمة الحاكمة؛ فإن التغيير يظل صعبا إن لم يكن مستحيلا – حسب هذا المنطق- !

لكن المرحلة الجديدة التي تعيشها سورية؛ تؤسس لنظرية سياسية جديدة؛ لا تربط التغيير بفاعلين سياسيين محددين؛ بل تربطه بالإرادة الشعبية الغير خاضعة لأية قيادة؛ لأن القيادة تصنعها ساحة الميدان؛ حيث يحضر التغيير السياسي كممارسة؛ و ليس فقط كتنظير . وفي سورية ظهرت بعض المبادرات التي تعبر عن الإرادة الشعبية مثل " لجان التنسيق السورية" في المحافظات.

وقد تأسست لجان التنسيق المحلية في كل مدنية وقرية سورية، وهي تمثل عمل تنظيمي يتم بين القائمين على المظاهرات، وتتشكل لجان التنسيق من مجموعات صغيرة نشطت بشكل أساسي عبر الانترنت ومواقع التواصل الاجتماعي، ثم تطورت لتعمل على الأرض ومع أفراد المجتمع المحلي لتنظيم الثورة، وضمت مجموعات من الشباب السوري المثقف كممثلين عن نشطاء العمل الميداني في معظم المدن السورية وكثير من مناطقها، وأخذت على عاتقها مهمة الاجتماع والتخطيط والتنظيم على الأرض وفي نطاقها المحلي للتظاهرات. وقد تطورت هذه اللجان التنسيقية إلى ما يسمى بتنسيقيات المدن التي يمكن أن ترتقي إلى انتخاب ممثلين لأي حوار سياسي محتمل، وتم تعريفها بأنها " عبارة عن مجموعات من الشباب الذين يشاركون في الثورة، وهم يقومون حاليا بانتخاب قياداتهم لتكون هذه القيادات ممثلة للتنسيقيات، وفي حال أي اجتماع أو لقاء مستقبلي يكون هناك قيادات لكل مدينة أو لكل منطقة"، هذه القيادات هي قلب الثورة، ودور المعارضة - حتى الأحزاب السياسية الفاعلة - دورها دعم هذه التنسيقيات لأنها أصل الحراك السياسي".

وقد تم توحيد جهود هذه التنسيقيات من خلال "اتحاد التنسيقيات السورية"، الذي تم تأسيسه في حزيران 2011 ليتولى قيادة الثورة الشعبية، حيث ركز بيان التأسيس باجتماع ممثلي عدد من التنسيقيات في مدينة دمشق، وريفها ودرعا ودير الزور وحمص التي اتفقت تلك التنسيقيات على قرار الاتحاد في تجمع تمثيلي يشكل نواة لتأسيس « اتحاد تنسيقيات الثورة السورية ». والذي سيضم كافة تنسيقيات الثورة السورية الإعلامية والميدانية. ويعتبر الاتحاد شخصية اعتبارية تضم التنسيقيات التي تنضم إليه ومهمته تمثيل الحراك المدني على الأرض سياسياً وإعلامياً وتنسيق وتوحيد العمل ميدانياً، بالإضافة إلى تشكيل قاعدة لمجلس من شباب وناشطي الثورة لحماية أهدافها وضمان تحقيقها بشكل كامل. ويؤكد بيان التأسيس على أن تضم هيئة الاتحاد تجمعات التنسيق المحلية من كافة المناطق والمدن والأحياء السورية.

وهناك مبادرة أخرى قامت بها مجموعة من الأحزاب السياسية في الداخل السوري تحت تسمية إعلان دمشق بهدف إحياء لجان المجتمع المدني، وهي مدعومة من قبل بعض الأحزاب السياسية المعارضة والتي لا يتوفر لديها إي ترخيص رسمي للعمل في سورية. حيث تم إطلاق وثيقة وقع عليها عام 2005 شخصيات بارزة من المجتمع المدني والإسلاميين والليبراليين السوريين. وقد خرج هذا الإعلان بتوقيع خمس قوى سياسية معارضة، هي لجان إحياء المجتمع المدني والتجمع الوطني الديمقراطي ويضم خمسة أحزاب أهمها الاتحاد الاشتراكي وحزب الشعب الديمقراطي (الاسم الجديد للحزب الشيوعي) ووقعه أيضاً التحالف الديمقراطي الكردي والجبهة الوطنية الكردية وكل منهما يضم خمسة أحزاب كردية، إلى جانب حزب المستقبل وعدد من الشخصيات العامة.

ووثيقة إعلان دمشق هي الجامعة لقوى التغيير الوطنية المعارضة في سورية وتتضمن على بنود أساسية ترسم خطوطا عريضة لعملية التغيير الديمقراطي في سوريا, وكيفية إنهاء النظام الأمني الشمولي الذي سيطر على الشعب السوري وقدراته، وتميز إعلان دمشق بأنه أول إعلان معارض يصدر عن جهات سورية معارضة في الداخل السوري بعد ان كانت هذه البيانات تأتي من المعارضة خارج سورية.

ولأول مرة يتحد المعارضون في الداخل، على مفهوم دولة المواطنة الحاضنة لبشر متساويين في الحقوق والواجبات بغض النظر عن انتماءاتهم. لقد قصد الإعلان أيضا من حيث يدري أو لا يدري أن يطمئن الشارع السوري إلى أن القوى والفعاليات المعارضة على اختلاف فئاتها ومذاهبها وطوائفها وقومياتها ومشاربها الإيديولوجية قادرة على التوافق وعلى احترام تنوعها والاحتكام إلى قواعد العملية الديمقراطية السلمية وأنه يمكن الوثوق بها لتجنيب البلاد الاحتمالات الأسوأ كالصراع الأهلي والتفكك.

نعم؛ يمكن لأي محلل سياسي؛ أن يستخلص من هذه المبادرات في سورية والتي تفرض نفسها بقوة، لأنها تعمل من الميدان ووفق الإرادة الشعبية الحقيقية، انها ستكون مستقبلا المعارضة السورية الحقيقية التي ينظر لها الشعب بعيون الأمل للمستقبل.

لقد استثمرت المعارضة السياسية التابعة للنظام لوقت طويل في تسويق الأوهام؛ سواء في علاقتها بالنظام الحاكم أو في علاقتها بالإرادة الشعبية؛ لكنها في الحقيقة لم تحقق الاستقرار والمشروعية للنظام الحاكم؛ ولم تحقق الديمقراطية والحرية للفئات الشعبية؛ الشيء الذي حولها إلى عائق كبير؛ في وجه أي تحول ديمقراطي محتمل. فهي من خلال علاقتها المشبوهة مع النظام الحاكم؛ لن تتمكن من تقديم نفسها كبديل عن الإرادة الشعبية؛ التي بإمكانها لوحدها أن تمنح الشرعية السياسية لأي نظام حاكم .

إن البديل الذي أصبح متاحا أمام الشعب السوري؛ للخروج من الاستبداد السياسي؛ لم يعد مرتبطا الآن بمشاريع المعارضة السياسية الوهمية التابعة للنظام؛ لأنها مشاريع لا تخدم سوى مصالح أصحابها؛ و هي في الأخير تعتبر امتدادا مباشرا لمشاريع الأنظمة الحاكمة؛ في السيطرة على الشعوب العربية.

لكن البديل يظل مرتبطا بالإرادة الشعبية؛ التي تصنع رموزها و قياداتها في ساحة الميدان؛ والشعب بمختلف فئاته؛ لا يمكن أن يجتمع سوى من أجل مصلحة وطنه؛ التي يمكنها وحدها؛ أن تتوحد في رؤيتها ضد جميع أشكال الفساد والدولة الأمنية. ولهذا البديل الوحيد امام الشعب السوري هو التوحد لدعم التنسيقيات السورية التي تقود الثورة الشعبية نحو التحرر من الخوف ومن الدولة الأمنية.

إن هذا التحول الذي نعيشه؛ عبر انتقال فعل التغيير؛ من المعارضة السياسية الوهمية أو الأشخاص المعارضين إلى الفئات الشعبية العاملة على الأرض سيوفر للشعب قوى معارضة جديدة وشابه تعمل في مصلحة الوطن. وذلك لأن أي تغيير شعبي؛ تقوم به لجان التنسيق المحلية واتحادها وأحزاب المعارضة الوطنية، تعمل من اجل دولة مدنية تقوم على أساس حرية الرأي وحرية التعبير والحريات العامة؛ والمشاركة السياسية الواسعة؛ والانتخابات النزيهة؛ نحو دولة مدنية دولة الحق والقانون والمؤسسات، توفر العدالة الاجتماعية للجميع، والمساواة لكافة المواطنين. ولا يمكن لهذه القنوات أن تكون صالحة –طبعا- إلا إذا التزمت فصلا واضحا بين السلطات؛ و تداولا سلميا على السلطة.

ان التحول نحو الديمقراطية؛ أصبح اليوم رهانا حتميا؛ ان الإرادة الشعبية للتغير والعمل الديمقراطي تتكون في خلال العمل الميداني الشعبي الذي يشارك به شبابنا الثوري، ان الامل كبير في ان تتحول لجان التنسيق المحلية - التي تتوحد وتنسق جهودها لقيادة الثورة السورية - ان تصبح هي المكون الأساسي للمعارضة الحقيقية السورية، التي ستقود العمل الوطني الحقيقي في تشكيل معارضة حقيقية فاعلة، تقود العمل السياسي في سورية وتلعب دورا أساسياً في قيادة المعارضة وبالتنسيق مع الأحزاب السياسية الحقيقية في التحول نحو الديمقراطية. إن ضرورة وجود معارضة سياسية ضمن النسق السياسي المعاصر أيا كانت طبيعته هام جدا للحياة السياسية الحديثة.... ولذلك أملنا كبير في ان يتوفر الدعم اللازم لهذه التنسيقيات لتتمكن من لعب الدور السياسي الذي يتوقعه الشعب السوري منها لأنها أساس الثورة الميداني والفاعل على الأرض.

إن الحتمية التاريخية قادرة على تحقيق نجاح الثورة؛ وان الشعب قادرا على الانتصار وتحقيق الديمقراطية التي يطمح اليها والتي ستوفر له الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية، لا يمكن ان يعود التاريخ للوراء، إن نضال شباب الثورة ابتدأ بحصاد ثماره، فحتمية نجاح الثورة أكيد مهما طال الزمن وهذا ما أثبته التاريخ في تجارب كافة دول العالم التي انتصرت وحققت حريتها وكرامتها.
الدكتورة شذى ظافر الجندي
دكتوراه في العلوم السياسية
حقوق الانسان ومكافحة الفساد
الجامعة الامريكية



#نادية_حسن_عبدالله (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المعارضة الصامتة
- الدولة المشخصنة
- هل تحولت ثقافة الفساد إلى ثقافة للإفساد؟
- الآثار النفسية والسلوكية والتعليمية والاجتماعية لممارسات الأ ...
- اليوم العالمي لحرية الصحافة -آفاق جديدة حواجز جديدة-
- سورية يا حبيبتي…
- دور الأحزاب السياسية العربية في المرحلة المقبلة
- الجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب وجرائم العدوان انتهاك لميث ...
- ننتمي كلنا الى وطن واحد سورية
- عيد الجلاء في سورية: الشعب يطالب بالحرية واحترام الكرامة الا ...
- العصابات المسلحة في الدول العربية: الرأي العام محصن من هذه ا ...
- ثورات شبابنا العربي .. عززت روح المواطنة في المنطقة العربية
- كيف سنكافح الفساد في سورية؟
- الفساد في سورية
- يتهمون شبابنا الذي يشارك في الثورة بأنه غير وطني... بل وصل ب ...
- الاعلام العربي والثورات العربية
- استخدام اللغة الخشبية للتعامل مع شبابنا العربي
- ثورات شبابنا العربي تطالب بالاصلاح السياسي
- الفوضى الخلاقة وثورة الشباب العربي
- ثورات الشباب العربي لاسقاط الدولة الأمنية - التحرر من الخوف


المزيد.....




- سقط سرواله فجأة.. عمدة مدينة كولومبية يتعرض لموقف محرج أثناء ...
- -الركوب على النيازك-.. فرضية لطريقة تنقّل الكائنات الفضائية ...
- انتقادات واسعة لرئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي بسبب تصريح ...
- عقوبات أمريكية جديدة على إيران ضد منفذي هجمات سيبرانية
- اتحاد الجزائر يطالب الـ-كاف- باعتباره فائزا أمام نهضة بركان ...
- الاتحاد الأوروبي يوافق على إنشاء قوة رد سريع مشتركة
- موقع عبري: إسرائيل لم تحقق الأهداف الأساسية بعد 200 يوم من ا ...
- رئيسي يهدد إسرائيل بأن لن يبقى منها شيء إذا ارتكبت خطأ آخر ض ...
- بريطانيا.. الاستماع لدعوى مؤسستين حقوقيتين بوقف تزويد إسرائي ...
- البنتاغون: الحزمة الجديدة من المساعدات لأوكرانيا ستغطي احتيا ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - نادية حسن عبدالله - العهد السياسي الجديد ودور الإرادة الشعبية في تأسيس المعارضة الحقيقية