أحمد أوحني
الحوار المتمدن-العدد: 3470 - 2011 / 8 / 28 - 01:11
المحور:
مقابلات و حوارات
الزمان : صيف 2010 ، المكان : زقاق ضيق بباب الأحد بمدينة الرباط المغربية حيث يوجد فندقي . نزلت في غرفة بسيطة جداً تناسبني من حيث ثمنها الذي لا يتجاوز خمسين درهماً . كان الجو حاراً ’ أقفلت علي باب الغرفة و تمددت على سرير مهترئ طلباً للراحة والاستراحة من عناء السفر و دوار الحافلة .
انتظرت النوم لأكثر من ساعة ، إلا أنه غاب عني . بدأت أحك جلدي تحت لسعات البراغيث أو القمل أوأشياء أخرى . لم أحتج على صاحب الفندق لأنني عرفت جوابه مسبقاً . استسلمت للأمر و نسيت لسعات الحشرات . الوقت يقارب غروب الشمس ، فتحت نافذة الغرفة التي تطل على الزقاق .
صرت ألمح المارة ، فتلقفت عيناي رجلاً في الستين من العمر جالساً و متكئاً على حائط البناية المقابلة ،ملابسه بالية ، أنفه معقوف و لحيته طويلة . الرجل يردد أشعاراً غريبة كأنني أسمعه يسرد قصة من الواقع ، كلماته نواقيس ترن في أذناي .
قلت في نفسي :" أمر هذا الرجل غريب ، هناك وراء كلامه حادث أو حوادث أوصلته الى هذه الحال" .
خرجت من الغرفة و قصدته مباشرة : " يا عمّ ، سمعت أشعارك ، لا شك أن شيئاً ما قلب حياتك إلى ما أنت عليه الآن . ما اسمك؟ و من أين انت؟ "
أجابني : " اسمي بوشعيب ، و لا يهم من أين أتيت . ما يهم أكثر هو لماذا أنا هنا ؟ "
ناولته ورقة نقدية من فئة عشرين درهماً ، نظر إليها ثم إلي و قال لي :" أنت من رجال الشرطة؟ " أقسمت له أني رجل بسيط ، فقط أثرت أشعاره كثيراً في نفسي . صار الرجل يحدثني عن ماضيه ، ففهمت أنه كان ينتمي إلى عائلة غنية ، طرده إخوته إثر وفاة والدهم ، ففضل الاستقرار في هذا الزقاق منذ سنين ، يعيش مما يجود به عليه المارة المحسنون .
هذا هو ما بقي من رجل كان يحلم في شبابه في تأسيس أسرة في إحدى بوادي ناحية مدينة الجديدة المغربية .
د. أحمـد أوحنـي ـ أفـورار - المغرب
#أحمد_أوحني (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟