أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية - باسمة موسى - مصر وحلم الديمقراطية – البعد الروحانى (6)














المزيد.....

مصر وحلم الديمقراطية – البعد الروحانى (6)


باسمة موسى

الحوار المتمدن-العدد: 3463 - 2011 / 8 / 21 - 00:07
المحور: العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية
    



من سلسلة المقلات السابقة يتضح لدينا إنّ السّياسة التّنافسيّة لها مساوئ أخرى غير ملموسة يمكن تسميتها بالخسائر الرّوحانيّة. فالديمقراطيّة في بعدها التّنافسي مبنيّة على نظريّة أن الإنسان بطبيعته أناني ويميل إلى التّنافس. وأيضاً أن الناس يتكونون من مجموعات مختلفة لها مصالح متضاربة، وأن أفضل طريقة للحكم الديمقراطي أمام هذا التّحدّي هي إقرار عمليّة تنافس بين هذه المجموعات. تنظيم الشئون العامة على أساس هذه النظريّة يجعل من الأنانية والتّنافس صفات تتأصّل تدريجيّاً في المجتمع، ويحول دون ترويج روح الإيثار والتعاون.
المشهود في التعاليم الدينيّة والتقاليد التربويّة بأن الأنانية والتّنافس تعتبران من بين الصفات المذمومة في حين أن الإيثار والتعاون من الصفات المحمودة المرغوبة. من المعلوم أنّ صفات الإنسان تتكوّن من الثقافة. ولأنّ السياسة التّنافسيّة مبنيّة على الأنانية والتّنافس فثقافتها تجعل الأنانية والتّنافس من الصفات الحميدة، طارحة جانباً صفتي الإيثار والتعاون. بذلك تكون السّياسة التّنافسيّة قد قلّبت الأولويّات وجعلت من المذموم محموداً، ومن المحمود ... لا قيمة له.
تبديل الأولويات بهذه الكيفيّة ينمّي الهمجيّة في الحديث الحزبي وفي المجتمع. لذلك أصبحت السّياسة وكأنّها ميدان حرب تستعمل فيه الألفاظ غير الخلاّقة للوجدان البشرى الذى خلقه الله سبحانه وتعالى عليه . فا "الحملات" الانتخابيّة، و"خوض" "معركة" و"صراع" الانتخابات، و"حرب الكلام"، و"المواقف الحصينة"، كلها عبارات تردّي للخطاب السّياسي، لها انعكاساتها القاتمة على الجو الاجتماعي.
النقاش والمناظرة في أي ميدان أو موضوع، هو عبارة عن تبادل وجهات النظر حول الآراء والأفكار، ليس حول الأشخاص. في نطاق الهيكلة التّنافسيّة للمنظومة الديمقراطيّة، يختفي عمليّاً الخط الفاصل بين الرأي والشخص. لأن مستقبل الشخص السّياسي يتوقف على فوز أرائه، وإلاّ فقد مكانه السّياسي. لهذا السبب سرعان ما ينزلق الخطاب السّياسي الى الأنانية والخشونة. في الأثناء ينتاب العموم من القوم الشعور بالسخرية والاستياء، ويفقد المجتمع الرّوحانيّة والتحلّي بالقيم المعنويّة.
ختاما فمن مضاعفات الديمقراطيّة التّنافسيّة الثمن الباهظ الذي يدفعه المجتمع من جراء التفرقة التي تتفاقم بين فئاته المختلفة التي تكون لديها حساسيات خاصّة، بدلاً من العمل على التقارب بينها. كل نظام قائم على غالب ومغلوب لا يمكن إلاّ أن يكون سبب التفرقة. وكل نظام سياسي قائم على عمليّة التّنافس بين فئات المصالح، يجعل السعي وراء المنافع الماديّة مقدّم على تنمية العلاقات الاجتماعيّة ذات المنافع المتبادلة. وإضافة إلى ذلك، فإن تكوين الأحزاب السّياسية التي تجمع كل منها اهتمامات متفرقة وفي مجالات واسعة، يؤدّي مع مرور الزمن إلى تحصن كل حزب وراء نظريته، بحيث عندما يكون هناك حزبان أساسيان مثلاً، ينقسم المجتمع إلى معسكرين : "يسار" ضدّ "يمين" و"لبرالي" ضدّ "محافظ". لكن الحياة الاجتماعيّة لها مشاكلها الكثيرة والمعقّدة، كل مشكلة يمكن النظر إليها من عدّة رؤى وليس من وجهتي نظر فقط. ولكي يتمكن الحزبان من إيجاد مجال للتباري، وتُخْتَزَََل المشاكل إلى صراع ثنائي بسيط وتجمّع الآراء حول المسائل المتباينة في معسكرين كبيرين متصارعين. مع مرور الوقت أصبحت عمليّة المعسكرين هذه شيء طبيعي بالنسبة لعدد كبير من الناس. وحتّى أولئك الذين لا ينتمون بطبيعتهم إلى فكرة المعسكرات يجدون أنفسهم، بدافع من الحديث السّياسي الذكيّ، منجذبين إلى معسكر أو آخر. هذا الانقسام في المجتمع يعد من المساوئ الروحيّة للديمقراطيّة.

والآن وقد علمنا نقائص الديمقراطيّة، ماذا بعد ؟
هل وصلت الإنسانية إلى نهاية التاريخ في الإبداع السّياسي ؟
الواقع هو أنّه قد استقر في العالم ما يمكن أن يعرف بثقافة الديمقراطيّة التنافسيّة. هذه الثقافة كانت النتيجة الحتميّة لصراع بدأ خلال النهضة الصناعيّة عندما سعت الطبقات السياسيّة الصاعدة إلى اقتلاع السلطة من يد الطبقة الأرستقراطيّة. فالديمقراطيّة التنافسيّة ضمنت حقوق هذه الطبقات الصاعدة وفي نفس الوقت حافظت على مصالح الطبقة الثريّة والقويّة. وفتحت أمام التجار والملاّّك الصّغار وآخرين إمكانيّة المشاركة في الحكم. ووصل تفكير المفكرين والسياسيين إلى ما لدينا اليوم من ديمقراطيّة مبنيّة على ضرورة إقامة عمليّة تنافس بين المجموعات ذات المصالح الخاصّة لأنّ الإنسان بطبيعته أناني وتواق إلى المنافسة. وقام قادة الفكر والسّياسة بترويج هذه الثقافة بين طبقات الشعوب المتوسطة والضعيفة وجعلتها "المهيمنة" على العقول.
ولكننا رأينا كيف أن الديمقراطيّة التنافسيّة قد أثبتت عدم جدارتها لعصر يزداد فيه باضطراد ترابط المصالح الوطنيّة والدّوليّة على نطاق عالمي، في حين أنّ إصلاحها غير ممكن لأنّ عيوبها موجودة في صلب الفكرة التي افترضتها لنفسها. فالفساد الناتج عن المال، وإقصاء الأمور إلى النظرة الواحدة، والعجز على حلّ المشاكل المستعصية، والتخطيط القصير المدى، وفقدان التعاون عبر الحدود، وفقدان اللياقة في التعامل والخطاب ، وتفاقم التفرقة في المجتمع، وازدياد السخرية والاستياء من العمليّة السياسيّة عموماً بين أهل المجتمع، وبصورة عامة التأثير السلبي على الروح الإنساني – تلك هي ذروة تلك المنظومة: ثمرة بذرتها المرّة.

فما هو البديل ؟ الى لقاء فى المقال القادم .



#باسمة_موسى (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مصر وحلم الديمقراطية - مسألة الزمان والمكان ( 4)
- آفاق الإقصاء وتهميش المشاكل
- مصر وحلم الديمقراطية - المال والديمقراطية والفقر والغنى ( 3)
- 28 شعبان استشهاد حضرة الباب
- مصر وحلم الديمقراطية - الديمقراطسة التنافسية (2)
- مصر وحلم الديمقراطية ( 1)
- الفقراء امانتى بينكم
- معاهدة تاريخية للعمالة المنزلية
- دور العبادة فى الدين البهائى
- جنة الكلمة الالهية
- مصر فجر النبوات
- عالم بلا تدخين
- 29 مايو ذكرى صعود حضرة بهاء الله يوم حزين للبهائيين فى العال ...
- حماية الاقليات
- أكثر من مائة مثقف مصرى يطالبون بانشاء لجنة لمكافحة الطائفية ...
- بداية الرحلة الطويلة فى اخر الرضوان
- فليكن للعمال فى عيدهم دور مأمول لنبذ التعصب الدينى
- قبول التنوع الدينى فى المجتمع المصرى بمبدأ الوحدة فى التنوع ...
- كتاب عباس افندى ( عبد البهاء )
- عيد الرضوان اعظم الاعياد البهائية


المزيد.....




- التنظيمات الليبراليةَّ على ضوء موقفها من تعديل مدونة الأسرة ...
- غايات الدولة في تعديل مدونة الاسرة بالمغرب
- الرفيق حنا غريب الأمين العام للحزب الشيوعي اللبناني في حوار ...
- يونس سراج ضيف برنامج “شباب في الواجهة” – حلقة 16 أبريل 2024 ...
- مسيرة وطنية للمتصرفين، صباح السبت 20 أبريل 2024 انطلاقا من ب ...
- فاتح ماي 2024 تحت شعار: “تحصين المكتسبات والحقوق والتصدي للم ...
- بلاغ الجبهة المغربية لدعم فلسطين ومناهضة التطبيع إثر اجتماع ...
- صدور أسبوعية المناضل-ة عدد 18 أبريل 2024
- الحوار الاجتماعي آلية برجوازية لتدبير المسألة العمالية
- الهجمة الإسرائيلية القادمة على إيران


المزيد.....

- مَشْرُوع تَلْفَزِة يَسَارِيَة مُشْتَرَكَة / عبد الرحمان النوضة
- الحوكمة بين الفساد والاصلاح الاداري في الشركات الدولية رؤية ... / وليد محمد عبدالحليم محمد عاشور
- عندما لا تعمل السلطات على محاصرة الفساد الانتخابي تساهم في إ ... / محمد الحنفي
- الماركسية والتحالفات - قراءة تاريخية / مصطفى الدروبي
- جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية ودور الحزب الشيوعي اللبناني ... / محمد الخويلدي
- اليسار الجديد في تونس ومسألة الدولة بعد 1956 / خميس بن محمد عرفاوي
- من تجارب العمل الشيوعي في العراق 1963.......... / كريم الزكي
- مناقشة رفاقية للإعلان المشترك: -المقاومة العربية الشاملة- / حسان خالد شاتيلا
- التحالفات الطائفية ومخاطرها على الوحدة الوطنية / فلاح علي
- الانعطافة المفاجئة من “تحالف القوى الديمقراطية المدنية” الى ... / حسان عاكف


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية - باسمة موسى - مصر وحلم الديمقراطية – البعد الروحانى (6)