أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أميمة أحمد - حماه الشهيد .. ثلاثون عاما بين مجزرتين














المزيد.....

حماه الشهيد .. ثلاثون عاما بين مجزرتين


أميمة أحمد

الحوار المتمدن-العدد: 3452 - 2011 / 8 / 10 - 09:24
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


حماه الشهيدة .. ثلاثون عاما بين مجزرتين

د. أميمة أحمد
6 أغسطس 2011

في عام 1982 هجم رفعت الأسد بقواته " الباسلة" على مدينة أبي الفداء الوادعة على ضفاف العاصي بنواعيرها الأربع ، التي أعطت المدينة رمزها بالخصب والعطاء، كان في المدينة حي قديم يسمى " الحاضر " أزقة ضيقة ، مقبية في معظمها ، تشعر بالدفء عند ولوجها، لأن أيدي الحمويين ترحب بمرتاديها دفئا رغم الجو المحافظ للحي .
اعتبر رفعت الأسد هذا الحي العتيق " قلعة الأمارة الإسلامية " التي تهدد "الثورة" حسب الخطاب الرسمي آنذاك، فقصفته قوات رفعت الأسد بالمدفعية والمروحيات وجعلته أرضا، وعلمت فيما بعد أن كثيرين من الصديقات اللواتي درسنا سوية في حماه ماتوا وأهلهن تحت القصف الذي راح ضحيته أكثر من ثلاثين ألف قتيل و15 ألف مفقود . استمرت الحملة العسكرية أسبوعين متواصلين، فأصبحت المدينة الجميلة خرابا . وحدثني أناس نجوا من المجزرة التقيتهم خارج سورية أن الجثث في ساحة العاصي غطت الأرض ، عندما بحثوا عن ذويهم كانوا يمشون فوق الجثث .

تلك المجزرة لم تغير معالم المدينة فقط ، بل غيرت الخريطة النفسية للسوري ، حيث زرعت الخوف حد الرعب في قلوب السوريين ، خاصة وأنها جاءت بعد حملة اعتقالات شملت كل الطيف السياسي من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار، وأحصت منظمات حقوق الإنسان آنذاك أكثر من عشرة آلاف معتقل سياسي ، أمضوا عشرات السنين دون محاكمة .

صورة الخوف التي دامت عقودا مزقها جيل " طلائع البعث " الذي تعلم منذ نعومة أظفاره الخوف من أهلهم ، وتعلموا في مرحلة التعليم الأولى التحضيري أناشيد تأليه القائد ، وأن الرئيس القائد " أب السوريين، إلى أن وصل مرتبة التجريم من يذكر اسم القائد بطرفة ، فأصبحت النكتة على " القائد " تودي براويها إلى السجن .

لكن عندما جاء الوريث بشار ابن أبيه ، وقدم وعوده " بالتغيير والاعتراف بالرأي الآخر في يمين القسم " استبشر الناس خيرا ، خاصة مع ربيع دمشق بفتح المنتديات للحوار والتعبير . وباعتبار السوريين على مدى ثلاثين عاما كانوا محرومين من التعبير حتى داخل الحمام خوفا من الوشاية ، لذا عندما جاءت منتديات ربيع دمشق أطلقوا العنان لأنفسهم ليريحوا أنفسهم من عبء صمت السنين المرهق، لكن هذا الربيع أصبح يبابا وأغلقت المنتديات وسجن النشطاء ، وخرج عبد الحليم خدام عن صمته وكان نائب رئيس الجمهورية وقدم "موعظة " للمثقفين في مدرج جامعة دمشق ، يهدد فيها ويتوعد من يتحدث عن الرئيس الأب والأبن في محاضرة ألقاها أمام هيئة التدريس الجامعية مساء الأحد 18 شباط عام 2001، يومها قال " ..هل نحن مجتمع مدني؟ طيب، ترفضون كمثقفين هذا المجتمع، ما هو البديل؟ هل المجتمع الجزائري؟ هل ما حدث في الجزائر؟ هل ما حدث في يوغسلافيا؟ هل ما حدث في الصومال؟....
"قد يكون هناك خلل ما في هذه المؤسسة أو تلك، نناقش الخلل، لكن لا ننسف ما هو قائم لأن لا يملك أحد البديل ولا يملك أحد القدرة على نسف ما هو قائم. هذا يجب أن يكون واضحاً، لأننا لن نسمح بأي شكل من الأشكال أن تتحول سورية لا جزائر ولا يوغسلافيا ولا غيرها. هذا الأمر يجب أن يكون واضحا، ومسئولية المثقفين أن يساعدوا في تعزيز الوحدة الوطنية وفي تطوير المجتمع الوطني في البلاد، في نقد ما هو قائم ماشي الحال لكن ليس بتجريم ما هو قائم لا ولن نسمح ..".
وبعد عامين على هذا التهديد أصبح خدام " معارضة " كما أصبح رفعت الأسد معارضة أيضا .

اليوم وبعد ثلاثين سنة تعود حماه للواجهة ، ويقصفها ماهر الأسد شقيق الرئيس كما فعل عمه رفعت قبل ثلاثين سنة ، الفرق بين المجزرتين أن مجزرة الألفية الثالثة نقل جزء منها " المواطن الصحفي " وكانت الصور مروعة ووصمة عار في جبين الإنسانية ، أن تطفأ عيني طفلة لاتتجاوز العامين ، وأن يُذبح شاب اسمه عمر القاشوش الذي صدح بالمظاهرات في جمعة " ارحل" ، ولم تكتف قوات الشبيحة والأمن والجيش بذبحه بل اقتلعوا حنجرته ورموا جثه بالعاصي . وتدك أحياء مدينة حماه على ساكنيها ، وتقصف مآذن المساجد، هل هذه هي مهمة الجيش العربي السوري في وقت لازالت فيه الجولان تحت الاحتلال الإسرائيلي ؟
الحصيلة الأولية لمذبحة حماه الثانية نحو 500 شهيد ، لكن هناك مئات الآلاف من المعتقلين وغير معروف إن كانوا يعودون، لأن هناك آلاف المعتقلين المفقودين ، وتسربت أنباء عن إعدام معتقلين ميدانيا .
لماذا كل هذا القتل ؟ لماذا هذا الإجرام ضد شعب أعزل نفترض أن الدولة تحميه لاتقتله؟ .
حماه لازالت محاصرة، يعيش أهلوها أقسى الظروف من شحة المواد الغذائية والماء والدواء وحليب الأطفال ، والحاله نفسه في دير الزور وحمص ودرعا وريف دمشق داريا وعربين والزبداني ودوما ، وإدلب ومعرة النعمان ، جسر الشغور وإدلب وبلدات أخرى تحت القصف والحصار، أيعقل أن السلطة تستحق كل هذا الدم ؟ أمعقول لايوجد عاقل في هذا النظام لوقف آلة القتل الوحشية والاستجابة إلى مطالب الشعب بالحرية ؟

إن إصرار النظام السوري على الحل الأمني والإيغال بالقتل والمجازر ضد الشعب السوري الأعزل سيدفع البلاد دفعا للتدخل الخارجي ، ونبهنا لمخاطر ذلك منذ البدء، وسيكون النظام وحده مسؤولا عما تنزلق إليه الأوضاع في سورية، المرشحه لولوج المجهول إذا استمر الحل الأمني، وهذا مايهدد الاستقرار الإقليمي برمته .



#أميمة_أحمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الوحدة الوطنية في سورية لن ولن تتصدع
- دعما للسياحة في مصر وتونس
- النظام السوري يعيد أمجاد الموت في حماه الباسلة
- سورية -الممانعة- حريصة على أمن إسرائيل
- على النظام السوري وقف المجازر ضد المتظاهرين
- سورية .. التغيير أو الرحيل
- إطلاق فضائية علمانية يسارية
- الأصولية والعنف في الجزائر
- مريم مهدي إحدى ضحايا الشركات الأجنبية بالجزائر
- إلى روح الإعلامية السورية سلوى الأسطواني
- حفاظا على لبنان وسورية نقول
- عفواً سيادة الرئيس الأسد الابن
- هل النظام السوري جاد في التحول الديمقراطي؟


المزيد.....




- وزير الدفاع الأميركي يجري مباحثات مع نظيره الإسرائيلي
- مدير الـ -سي آي إيه-: -داعش- الجهة الوحيدة المسؤولة عن هجوم ...
- البابا تواضروس الثاني يحذر من مخاطر زواج الأقارب ويتحدث عن إ ...
- كوليبا: لا توجد لدينا خطة بديلة في حال غياب المساعدات الأمري ...
- بعد الفيتو الأمريكي.. الجزائر تعلن أنها ستعود بقوة لطرح العض ...
- السلاح النووي الإيراني.. غموض ومخاوف تعود للواجهة بعد الهجوم ...
- وزير الدفاع الأميركي يحري مباحثات مع نظيره الإسرائيلي
- مدير الاستخبارات الأمريكية يحذر: أوكرانيا قد تضطر إلى الاستس ...
- -حماس-: الولايات المتحدة تؤكد باستخدام -الفيتو- وقوفها ضد شع ...
- دراسة ضخمة: جينات القوة قد تحمي من الأمراض والموت المبكر


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أميمة أحمد - حماه الشهيد .. ثلاثون عاما بين مجزرتين