أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صبحي حديدي - الشاعر السوري حازم العظمة: قصيدة ناضجة في معترك تجريب بلا ضفاف















المزيد.....

الشاعر السوري حازم العظمة: قصيدة ناضجة في معترك تجريب بلا ضفاف


صبحي حديدي

الحوار المتمدن-العدد: 1028 - 2004 / 11 / 25 - 09:30
المحور: الادب والفن
    


لا أعرف إذا كانت المجموعة الثانية للشاعر السوري حازم العظمة قد صدرت بعد، لكنّ مجموعته الأولي هذه، "قصائد أندروميدا" (1)، تحمل الكثير من الإشارات الدالة على صاحبها. إنها تقدّم للقارىء براهين أكيدة على شاعر خبير، متمرّس في بلوغ صياغات شعرية ذات خواصّ مميّزة، عالي السيطرة على أدواته الكتابية، بارع في تسخير وظائف اللغة وألعاب التصوير وتشكيلات الإيقاع وكيمياء النصّ، فضلاً عن صعوده أكثر من مركب وعر في غمرة هذه المزايا كلّها.
والعظمة طبيب وأستاذ جامعي، الأمر الذي قد يفسّر جزئياً غيابه النسبيّ عن المنابر الأدبية، السورية والعربية في آن. وهو ينتمي إلى صفّ شعري تسعينيّ، في توصيف زمني ـ أجيالي قد يكون آمناً بعض الشيء ومقبولاً، يبدو الأكثر نشاطاً وحيوية وإشكالية في المشهد الشعري السوري الراهن. وهذا الصفّ يضمّ، على سبيل الأمثلة لا الحصر، أسماء مثل عابد اسماعيل، خضر الآغا، حسين بن حمزة، أحمد تيناوي (رغم إصدار مبكّر سنة 1984)، ابراهيم الجبين، عارف حمزة، محمد صارم (الذي قد يكون أبرز شعراء التفعيلة في هذا الجيل)، حسين درويش، محمد دريوس، لقمان ديركي، بشير العاني، محمد فؤاد، فواز القادري، عمر قدور، هالا محمد، ندي منزلجي...
وهذا جيل قد يُقال الكثير في توصيف عثراته، أو تثمين حصيلته التي توشك على اختتام عقدين من حراك شعري خاصّ، هاديء تارة ورتيب طوراً وصاخب بين حين وآخر. غير أنه الجيل الذي ليس في الوسع، بعد تفصيل كلّ ما عليه، تجريده من فضيلتين جوهريتين تُحسبان له دون منازعة: أنه ترعرع وشبّ ونضج ضمن حراك غير منقطع وغير راكد من جهة، وأنه من جهة ثانية انتزع لقصيدة النثر السورية المعاصرة أرضاً عريضة ( في تنوّع الموضوعات والأشكال، كما في تعدّد المناطق والجغرافيا) لم تمتلكها هذه القصيدة من قبل، على هذا النحو الجليّ الواضح المهيمن.
صحيح أنّ آباء هذه القصيدة الروّاد (على الناصر، أورخان ميسّر، خير الدين الأسدي) أطلقوا نماذجها منذ زمن مبكّر يعود إلى ثلاثينيات القرن الماضي؛ وأنّ في تراثها المحلّي قامة شامخة ومعلّم كبير هو محمد الماغوط، وأسمــاء ذات شأن مثل سنية صالح واسماعيل عامود، فضلاً عن الصفّ السبعينيّ والثمانينيّ الذي ضمّ أمثال سليم بركات ونزيه أبو عفش ودعد حدّاد وعادل محمود... إلا أنّ أرض الحداثة الشعرية السورية منذ الستينيات وحتى مطالع التسعينيات كانت مُفردة لشكل قصيدة التفعيلة أساساً، بسبب علوّ شأن ــ واستقرار وسطوة ــ المنجز الشعري لأمثال علي الجندي وممدوح عدوان وعلي كنعان ومحمد عمران.
وهكذا فإنّ "قصائد أندروميدا"، بوصفها أحدث ــ وفي تقديري بين أفضل ــ وثائق هذا الصفّ الشعري، تعكس عدداً من الخصائص المشتركة التي تتتبدّى بهذه الوجهة أو تلك في معظم نتاج الجيل التسعيني الذي ينتمي إليه العظمة. هنالك أوّلاً سمة "اليُتْم"، إذا جاز التعبير، حيث تمتلك القصائد نبرة أسلوبية عامّة مستقلّة أو ربما منعزلة، يصعب ردّ أصولها إلى أب شعري سوري معروف القسمات، أو إلى سلالة شعرية سورية واضحة بيّنة. وهنالك ثانياً هذه اللغة الشعرية المنسرحة، الطليقة العابثة في نماذج عديدة، المهجّنة في نماذج أخرى على نحو عشوائي مزاجي، والتي بين أفضل محاسنها أنها تُعنى بتغريب اللفظ عن مدلولاته وتشريد المعنى المألوف أكثر ممّا تُعنى بالتسابق علي نبش المستطرف أو تسخير القاموس لصالح المجاز المبتكَر. وهنالك ثالثاً هوس التجريب المفتوح الذي يبدو بلا ضفاف حقاً، متحللاً من أيّ أعراف "مخبرية" تحدّد مبدأ التجريب أو تحكم شروط تنفيذ التجربة، وربما بلا اكتراث ملموس بما يمكن أن تسفر عنه حال التجريب في مآلاتها القصوى أو نتائحها المنظورة.
خذوا علي سبيل المثال هذا المقطع من قصيدة "عشب طري بحفرة دبّابة":

ليس من دليلٍ
يسمح باشتباه كسورٍ
تُمدّدُ من حفر قديمةْ
، من بيادر قشٍ
تُركت مائلة ـ هكذا ـ تحت النجومْ
من مقاطع حجر أبيضَ
تبهر رجلاً يسوق أحزانه
حتى حوافّ التلالِ
*
حيث تمضي
تتبعكَ الحروف الحادةُ
من مقاطع حجر تشحبُ
، من حفرة دبابةٍ
، من حوافها
من ارتعاشٍ سريع
بأعشابَ يابسةٍ

ولاحظوا، في البدء، أنّ من الصعب العثور على مرجعية تأثّر صريحة تشي بصوت شعري آخر، أو تحيلنا إلى نبرة مألوفة لدينا، حتى إذا كان النصّ لا يصلنا من منطقة شعرية مجهولة تماماً لدينا (وهذا أمر طبيعي، في الواقع). ولاحظوا، ثانياً، أنّ صياغات مثل "اشتباه كسورٍ تُمدّدُ من حفر قديمة" و"بيادر قشٍ تُركت مائلة" و"مقاطع حجر تشحبُ من حفرة دبابة" لا تُعنى باقتناص استعارة غير مسبوقة تشدّنا وتدهشنا وتجذبنا، بقدر ما تجهد إلى تحطيم العلائق الدلالية المألوفة بين "اشتباه" و"كسور"، وبين "مقاطع حجر" و"تشحب" و"حفرة دبابة"، وبين "تمضي" و"تتبعك" و"الحروف الحادّة".
ولاحظوا، ثالثاً، أنّ نزعة التجريب الحرّ المتحرّر من كل عرف تبلغ درجة كسر الموضع المألوف لعلامة وقف مثل الفاصلة، وحشرها في مطلع السطر (كما في السطور 4 و 12 و 13)، وإلغاء النقطة، ولكن ليس الامتناع عن استخدام خَطَّيْ الاعتراض في السطر 5! والناشر يضع، في الصفحة 4 المخصصة للمعلومات الببليوغرافية عن الكتاب، ملاحظة مدهشة حقاً: "علامات الترقيم في كامل النصّ وُضعت من قبل الشاعر وبناء على رغبته وتوزيعه"! ومن جانبي، وبمعزل عن التماس السبب في التجريب كيفما اتفق وبلا قيد أو شرط، أعترف أنني لم أفلح في العثور على أية قيمة جمالية أو أسلوبية أو دلالية أو طباعية في خيار كهذا.
في مستوى آخر، يبدو التشكيل الإيقاعي هاجساً جوهرياً عند العظمة، وذلك في حرصه على تحريك أواخر الكلمات حيث ينبغي التحريك من أجل تسهيل انسياب جملة إيقاعية هنا، أو اللجوء هناك إلى التسكين بغية إيقاف التراكم الرتيب أو حتى قطع الانسياب. وليس ثمة هندسة واضحة في أمثلة كهذه، إذْ يحدث أن يحرّك العظمة حيث ننتظر منه علامة السكون، أو يفعل العكس في مثال آخر، أو يترك الأمر معلّقاً ورهن تقدير القارىء.
كذلك يتبدى الهاجس الإيقاعي في هذه العناية الفائقة باختتام السطور على نحو يوحي بأنه إنما ينحت النهايات نحتاً، أو يسبكها سبكاً متأنياً محاذراً في آن، وهذه سمة يندر أن يلتفت إليها شعراء قصيدة النثر لأسباب تخصّ أواليات الكتابة نثراً في الأساس، أو تخصّ ميل هذا الشاعر أو ذاك إلى "تفتيت" و"خلخلة" التركيب اللغوي عن سابق قصد وتصميم. أمّا في القصائد التي تعتمد التفعيلة وحدها (وثمة منها الكثير!) فإنّ العظمة لا يتنازل البتة عن نزعة النحت هذه، ولكنه في الآن ذاته يلبّي حاجة الإيقاع دون أن ينزلق إلى التكلّف ودون أن تصطاده غواية القافية (رغم أنه يبدو قادراً على التبريز فيهما معاً!)، كما في هذا المثال من قصيدة "هذيان بالمذنب، بمواكب، بعجلات تسير إلى الأفق الحجري":

كنتَ تعبرُ...
، لا شيءَ بعد الهضابِ الطباشيرِ
لا شيء بعد انهدامٍ أمام
الهضاب الطباشيرِ
لا شيء يعني المرانَ النحيلَ
، السرخسَ المنحني بالنذورِ
كنتَ تعبرُ
، لا غروبَ لتمضيْ
يرنّحكَ القصبُ البرزخيّ
، لا حقولَ لتولمَ للبحرِ
لتأتي وأنتَ تقولُ سرابكَ

وفي المجموعة 41 قصيدة، بين قصيرة جداً (أربعة سطور، كما في غيم ) وقصيرة (8 ـ 12 سطراً)، ومتوسطة (20ـ 25 سطراً)، وطويلة (أكثر من 130 سطراً، كما في "فصول بنهايات مقطوعة"). ومسألة الحجوم هذه ذات مغزى خاصّ في الواقع، لأنّ العظمة يبدو مرتاحاً في مختلف الأطوال، وسيطرته على أدواته عالية حين يضغط أو حين يبسط، وكذلك براعته في تشديد أو تخفيف الديناميات التي تصنع الحركة الداخلية في القصيدة (كما في توزيع ضمائر المتكلم والمخاطب والغائب مثلاً). وهو شاعر سطر طويل مستفيض مرّة، وسطر قصير مجزوء مرّة أخرى، شرط أن تكون المعادلة الإجمالية في الحالَيْن لصالح ميزان القصيدة على صعيدَيْ المعنى والمبنى معاً.
وللمسألة مغزاها الخاصّ في أمر آخر ليس أقلّ أهمية، وهو مهارات العظمة في استخدام التكرار ــ علي صعيد الألفاظ أو التراكيب النحوية أو حتى الأنساق الحروفية ــ ضمن تشكيلات متعددة متباينة، يندر أن ينقطع عندها الخيط الرفيع بين الصنعة الجميلة والرتابة الغثّة، أو يزلّ التوازن بين اقتراح الإيقاع أو قسر التنميق. هنا مثال في القصيدة القصيرة "محارة":

لا يبدّدُ الليلُ ما ينتهي منكِ
ما ينتهي، للّيل منكِ
ما ينتهي من مياهٍ
عند طوقِ المحارةِ،
ما ينتهي منكِ ليْ

حيث لا يقتصر تشكيل التكرار على "ينتهي" و"ما" و"منك"، وثمة ألعاب مادّتها حروف اللام والميم والياء، ومغايرة في التقديم والتأخير بين "الليل" و"ما ينتهي"، فضلاً عن صيغة النفي التي لا تبدو كذلك تماماً في ظلالها الدلالية الأخرى، الأبعد من المعطيات النحوية.
سمة أخرى، جوهرية أكثر، في "قصائد أندروميدا" هي ذلك الحسّ البصري المدهش الذي يحكم علاقة العظمة ليس بعناصر العالم الخارجي وتفاصيله وحدها، بل أيضاً وأساساً بتلك الظلال الخافتة المكتومة المبطّنة التي ترتسم طيّ الصورة ومن حولها وخلفها وأمامها. وحين ينجح في صناعة نصّ تصويري متعدّد السطوح تعدّدي العناصر وشاقّ الفرز، فإنّ العظمة إنما يكون قد بلغ الذروة في ترميز نصّه بصرياً وزجّ اللغة الشعرية في معترك الصراع لاستخراج المعنى الدلالي من باطن مشهدية تشكيلية صرفة أو تكاد. وثمة هنا ما يشبه ارتطام الهيئة المادية بتكوينها الرمزي واللغوي، حتى أنّ المرء أحياناً يحار في إدراك الصلات، أيّة صلات في واقع الأمر، بين المجسّد وتجسيداته وبين المصوَّر والتصوير. وليس هذا الارتطام ببعيد عن نزوعات العظمة الفلسفية والتأملية والميتافيزيقية من جانب، وإدراكه من جانب ثانٍ أنّ النصّ الذي يكتبه ينبغي أن يكون شعراً في المقامّ الأوّل. هنا مقطع من القصيدة الطويلة "أندروميدا أثرٌ بصخرة بيضاء كانت لبحر قديم":

ثمة أخذٌ خفيفٌ
لأطيافَ نهريةٍ
تعبرُ من الليل وراء الصخرةِ
، حين خفيفاً وراء الحياة الثقيلةِ
تمضي الجبالُ من الأزرقِ
إلى الرملِ
، أنك تُؤخذُ بالضوءِ
مائلاً بالسنابلِ
بالهشيمِ
بالمشهد المتداعيْ
بسطوحٍ تُمدّدُ من الشرفةِ
، بسَمامات تُدفعُ
من حافة في الصخورِ
ـ من أزيز تُمدّده الحافةُ الحادةُ ـ
تاركة في الحفيف الصخورَ
، حفيفٌ خفيضٌ
لتبقي معلّقةً من نجومِ السّراةِ

وثمة في عناوين قصائد العظمة دلائل إضافية على حسّ التشكيل الخاص الذي يهيمن في قصائده: "ذرق الطيور عليها تضيئه النجوم"، "ظلٌّ بشراع بين صخرتين"، "أدراج بعد خمائل زرقاء ورماح"، "جدار أبيض يمدّد بالكحلي"، "مائية بأدراج"، "هذيان بالمذنب، بمواكب، بعجلات تسير إلى الأفق الحجري"... وقد يدهشنا، أو يدهشني شخصياً بالتأكيد، أن يمتلك العظمة بعد هذا قسطاً متقدّماً من القدرة على التقاط روح المكان الجغرافي الفعلي، المعلوم المعرّف، مثل بلدات "كربت تلي" و"خلخلة" و"شبعا"، أو مدن "المفرق" و"الحفة" و"مرمريتا"، أو جبل الأقرع، أو برج إيفل وساحة الـ "تروكاديرو"...
غير أنّ الاقتباس الشعري السابق يدلّنا أيضاً على فضيلة إضافية في قصائد العظمة، وهي فصاحته دون تقعّر، واشتغاله على إحياء مفردات قديمة وإدخالها في سياقات فاتنة، وذلك حتى حين يبدو أحياناً وكأنّ فتنة اللفظة ذاتها هي التي تقود التركيب. وعلى غرار السَمامات (ضرب من الطيور الغبراء، نتذكّر معه بيت بشار بن برد: تَنوّهُ أنقاضٍ كأنّ هُويّها/ هُويّ سمامات بنجدٍ طرائدِ)، يذكّرنا العظمة بجمال مفردات مثل الرتم (نبات من الفصيلة القرنية)، والهتنة (السماء هطلت وتتابع مطرها)، والثيّل (عشب من فصيلة النجيل معمّر ويمتدّ على الأرض)، والديسة (الكثرة من الشجر)، والعرار (بهار البرّ والنبت طيّب الريح، كما في البيت الساحر للصمّة القشيري: تمتّعْ من شميم عرار نجدٍ/ فما بعد العشيّة من عرار)... الأمر الذي لا يمنعه من الذهاب إلى التراث الميثولوجي الإغريقي من أجل تسمية المجموعة! وأندروميدا حكاية اجتذبت الكتّاب والفنّانين على مرّ العصور، لأنها إنما تنطوي على موضوعات المغامرة والبطولة والخلاص والغيرة والحسد ومعنى الجمال وصراع البشر مع الآلهة. وهي تروي أنّ الملكة الحبشية كاسيوبيا تجاسرت فقارنت جمالها بجمال حوريات البحر، فأنزلت الآلهة بها عقاباً رهيباً تمثّل في تقديم ابنتها أندروميدا قرباناً للوحش البحري. وقبيل لحظات من انقضاض الوحش على الصبيّة، يصل البطل الإغريقي الشهير برسيوس (قاتل ميدوزا) فيقتل الوحش وينقذ أندروميدا. وبين أشهر الأعمال الفنية التي التقطت الحكاية لوحة الرسام البريطاني اللورد فردريك ليتون، التي تعود إلى ثمانينيات القرن التاسع عشر، وتصوّر برسيوس يمتطي الحصان الطائر بيغاسوس، ويجهز على الوحش، أمام أنظار أندروميدا المقيّدة المستسلمة.
وبالإضافة إلى القصيدة الطويلة التي اقتبسنا مقطعاً منها أعلاه، ثمة قصيدة أخرى ــ قصيرة هذه المرّة ــ تحمل اسم أندروميدا عنواناً لها:

المرأةُ المتسللةُ في حلمكَ العشبيْ
كانت تغوي الأقمار والأشجارَ
وصخوراً تواجه المتوسط
في الليالي المقمرةْ
، ... أو تبتلّ من غبش النجومْ

المرأةُ المتسللةُ في حلمكَ العشبيْ
تأتي من زوايا مفاجئةٍ
تعبث بين الشجيراتِ
أو تعابث شعرَها الريحُ

وهنا أيضاً، أعترف أنني شخصياً لم أفلح في إدراك رمزية أندروميدا هذه! وإذا لم يكن غرض العظمة هو أندروميدا المجرّة (التي تضمّ 300 مليار نجم وتبعد عن "درب التبّانة"، مجرّتنا، بمليونين ومئتي سنة ضوئية!) وليس أندروميدا صبيّة الأسطورة الإغريقية، فإنّ دلالات هذه الشخصية الأخيرة لا تتجسّد بوضوح كافٍ في النصوص التي تتكيء على اسمها، أو هي دلالات لم تصلني أنا شخصياً، كما أرادها الشاعر في أقلّ تقدير. وليس من مبالغة، ربما، في إرجاع الأمر برمّته إلى هوس التجريب الحرّ المتحرّر المفتوح إياه، أو المزاج المحض، أو إيقاع الاسم الذي قد يكون اجتذب العظمة، أو لعلّ الرجل لا يريد استدراج القاريء إلى أيّة دلالات خاصة مستنبطة من الاسم، سواء أكان يعني أندروميدا الإغريقية أم أندروميدا المجرّة!
ما همّ، في نهاية المطاف... هذا صوت شعري متميّز ناضج جسور يزوّدنا بالكثير من البهجة، ولا بأس من أن نجد مشقّة هنا أو عسراً هناك في تذوّقه على الوجه الأفضل الممكن!


(1) حازم العظمة: قصائد أندروميدا . بيت الشعر السوري، دمشق، 4002. 811 ص.



#صبحي_حديدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دائرة الطباشير الأمريكية
- حين تولد الفاشية العسكرية الأمريكية في الفلوجة: مَن يكترث بو ...
- قائد قال -لا- حين كانت الـ -نعم- هي المنجاة:عرفات: ترجّل -ال ...
- ما لا يُفهم
- الديمقراطية الأمريكية: مأزق قوّة كونية تتكلّم كالأساقفة
- ميشيما 9/11
- كولومبيا والإرهاب الآخر الذي تصنّعه الولايات المتحدة
- رامبو الأفضل
- المؤسسة الصهيونية: فحشاء القوّة في الطور البربري
- رحيل الفيلسوف الفرنسي جاك دريدا (1930 ـ 2004): مَن بعده سيتو ...
- جدران محاكم التفتيش
- في أيّ سوق نصرف وعيد إياد علاوي ودموع برهم صالح؟
- دريدا والزرقاوي
- التعديل الوزاري في سورية: مَن سيرمي رامي مخلوف بباقة زهور؟
- أشواق المستهام
- توني بلير الأحدث: صوت سيّده أكثر فأكثر
- ما الذي يمنع سيّد العالم من اعتلاء العالم
- طبيب -طاسة الرعبة-
- واشنطن ودمشق: الضجيج الذي قد ينذر بالعاصفة
- العمل الفني الأعظم


المزيد.....




- تابع مسلسل صلاح الدين الايوبي الحلقة 22 .. الحلقة الثانية وا ...
- بمشاركة 515 دار نشر.. انطلاق معرض الدوحة الدولي للكتاب في 9 ...
- دموع -بقيع مصر- ومدينة الموتى التاريخية.. ماذا بقى من قرافة ...
- اختيار اللبنانية نادين لبكي ضمن لجنة تحكيم مهرجان كان السينم ...
- -المتحدون- لزندايا يحقق 15 مليون دولار في الأيام الأولى لعرض ...
- الآن.. رفع جدول امتحانات الثانوية الأزهرية 2024 الشعبتين الأ ...
- الإعلان الثاني.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 158 على قناة الفجر ...
- التضييق على الفنانين والمثقفين الفلسطينيين.. تفاصيل زيادة قم ...
- تردد قناة mbc 4 نايل سات 2024 وتابع مسلسل فريد طائر الرفراف ...
- بثمن خيالي.. نجمة مصرية تبيع جلباب -حزمني يا- في مزاد علني ( ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صبحي حديدي - الشاعر السوري حازم العظمة: قصيدة ناضجة في معترك تجريب بلا ضفاف