|
عن أغراض مؤتمر شرم الشيخ ، وأهمية المبادرات الوطنية الموازية ؟؟
أحمد الناصري
الحوار المتمدن-العدد: 1026 - 2004 / 11 / 23 - 10:13
المحور:
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
تتصاعد الكارثة الوطنية وتأخذ مسارات واتجاهات خطيرة ، ويتسع الحريق في كل يوم وكل ساعة ، وربما تصل الأمور حد الانفلات التام والانهيار الكامل لكل شئ في البلاد في أية لحظة ، حسبما تريد وتتمنى أطراف عديدة ، وتتجسد المشكلة الرئيسية في حالة الاحتلال ، وتصادمة مع المجتمع برمته ، وعملياته العسكرية الإرهابية والقتل الجماعي والرد العشوائي الهستيري الجبان الذي يمارسه ضد المدنيين العزل ، وتطويق وعزل المدن ، ومنع المساعدات الطبية والإنسانية للوصول إلى المدن المحاصرة ، وقتل الجرحى ، والانفلات الأمني والعمليات الإرهابية المشبوهة والغامضة التي تقودها وتنفذها جهات تعمل ضد مصلحة شعبنا ، وعجز وانعزال الهيئة المحكومة ، إضافة إلى تدهور حياة وأحوال الناس المعيشية اليومية ، وتدهور الخدمات الأساسية ، مما يدفعهم إلى حافة اليأس والقنوط ، والمخاطر والاحتمالات المجهولة في المستقبل من خلال تفاقم المشاكل الحالية ، أو المشاكل التي تتراكم وتمور تحت قشرة ربما تكون رخوة و هشة في بعض مناطقها وسوف تتكسر وتنهار بفعل الضغط الشديد للأحداث والتطورات الجارية ، أو ربما تستغلها جهات معينة لتنفيذ مصالحها الخاصة والضيقة ، من الداخل أو الخارج ، بعيدا عن المصلحة الوطنية ، والوحدة الوطنية المهددة!!
ومن جهة ثانية فإن مأزق الاحتلال يتصاعد ويتسارع بدرجات عالية وسريعة أيضا ، وربما سيدفعه هذا الوضع إلى اللجوء إلى عمليات عسكرية انتقامية أو تخويفية أو إستباقية ، كما حصل في مدينة الفلوجة المبادة ، والمدن المرشحة الأخرى كالرمادي والموصل وسامراء والصقلاوية وبلد واللطيفية ومناطق أخرى من بغداد والعراق، وإستعدادة لاستقدام أعداد جديدة من جنوده ومحاربيه ، وهو مؤشر كبير على تفكير المحتل بالبقاء والعمل على تثبيت الاحتلال ، أو ربما يلجأ إلى مناورات سياسية ومساومات أو تنازلات جزئية بسيطة للخروج من الورطة المتفاقمة ، أو يستمر بالعزف على نوتة الانتخابات الهزلية ، أو يحاول إشراك مجموعة من الدول لمساعدته في السيطرة على الوضع المتدهور ، و سيجرب كل شئ قبل أن يفكر بالانسحاب والهروب من المستنقع العراقي ، الذي يعني فشل المشروع الأمريكي في كل المنطقة العربية ، وربما في العالم أيضا ، وهذا يتوقف على تطور الأحداث وعامل الوقت الذي لا يسير لصالح الاحتلال !!
هنا يأتي دور مؤتمر شرم الشيخ الذي ينعقد اليوم وغدا في مصر ، بإعداد وإشراف أمريكيين وبمشاركة عدد من دول العالم ودول الجوار ، التي تحاول الإدارة الأمريكية تهديدها وتخويفها وابتزازها لإجبارها على التعاون معها ، وقد جرت صراعات شديدة على الإعداد والتحضير لهذا المؤتمر ومهماته وجدول أعماله والدول والقوى التي تشارك به ، انتهت إلى توافقات وصفقات لا علاقة لها بالمصلحة الوطنية العراقية ، حيث لم يجر إشراك أطراف وطنية عراقية معارضة للاحتلال ، ولم تتقدم عملية توسيع دور الأمم المتحدة ، وكذلك لم تجر مناقشة مسألة تثبيت سقف زمني محدد وواضح لخروج المحتل . ومن البديهي أن الإدارة الأمريكية أرادت السيطرة على هذا المؤتمر وجره بالاتجاه التي تريده هي لخدمة مصالحها ، ومساعدتها على البقاء والهيمنة والنجاح في تنفيذ مخططها ، ولكن يبدو إن الأمور لا تسير وفق رؤية الإدارة الأمريكية الخاصة تماما ، وإن تضارب المصالح بين الأطراف يلعب دورا مؤثرا في دور و شكل ومهمات المؤتمر ، وهذا ما يقلل من فرص نجاحه ، أو على الأقل فرص استغلاله من قبل الإدارة الأمريكية .
أن شعبنا وقضيتنا لا يحتاجان إلى مؤتمرات لمساعدة المحتل في البقاء على أرضنا ، ولا يحتاجان إلى مؤتمرات لتجميل وجه الاحتلال القبيح والقذر . ولماذا علينا القبول بهذه المؤتمرات والتسليم بها ، رغم قراءتنا ومعرفتنا لنتائجها مسبقا؟؟ هل المطلوب التسليم لكل ما يطرحه المحتل لكي يرضى عنا ؟؟ إن شعبنا بحاجة إلى مؤتمرات ونشاطات موازية ، مضادة للاحتلال ، تعمل على إنهاءه وطرده ، مؤتمرات ومبادرات ونشاطات متنوعة وفعالة في الداخل والخارج ، ينظمها ويقودها ويشرف عليها كل من يرفض الاحتلال ويقاومه من المفكرين والمثقفين والسياسيين الوطنيين العراقيين ، وسوف يأتي المحتل زاحفا يوما ما للتفاوض على وقت وطريقة خروجه من وطننا ، مثلما حصل في تجارب التاريخ !!
أنني أدعو جماعة المبادرة الديمقراطية العراقية ، وكل الجماعات الوطنية الأخرى ، وكل وطني عراقي يستشعر الخطر الداهم على وطننا ويرفض الاحتلال إلى التحرك الفوري وإطلاق مبادرات ونشاطات سياسية وإعلامية عراقية وعربية وعالمية ، ورفض ومقاطعة جميع المبادرات الرسمية التي لاتدعو الى إنهاء الاحتلال أو التي تساعده على الاستمرار والبقاء المفتوح في وطننا ، وأخذ المبادرة والإمساك بالوضع والتحرك السريع والفعال قبل فوات الأوان ، إننا أمام مهام وطنية كبيرة وجسيمة ، ولا يجوز الانتظار في هذا الوقت الحرج والضيق !!
إننا ندفع ثمن فشل الحركة الوطنية والسياسية العراقية في فرض حل وطني داخلي يطيح بالفاشية ويبعد الوطن عن خطر الاحتلال ، وكان من الأسباب الرئيسية التي أدت إلى هذه الحالة قسوة الفاشية المنفلتة ، والدعم الخارجي المفتوح لها ، وفشل الحركة السياسية في فهم طبيعة السلطة الفاشية وخصائصها وأساليبها الجديدة والمبتكرة في العمل والقمع للأستمرار في الحكم ، بينما استسهلت قوى معينة الاعتماد على العامل الخارجي تماما ، وتستمر إلى الآن في الدفاع عن هذا الخيار الذي أثبتت الأحداث الراهنة بطلانه وخطورته المدمرة لوطننا ، وها نحن ندفع فواتير جديدة تضاف إلى فواتير الفاشية الباهضة والمكلفة ، وتستمر خسائرنا التاريخية لمراحل وحقب مديدة كأنها لا تنتهي ولا تتوقف لا الآن ولا في المستقبل القريب أو المنظور .
لذلك فنحن بأمس الحاجة إلى موقف وطني فكري وسياسي ، بحاجة إلى عقل وطني جماعي متطور، يستطيع أن يشخص الحالة الخطيرة التي يمر بها وطننا وشعبنا ، ويقول كلمته الوطنية الجريئة بعيدا عما يجري من مهازل وردح وتنازل عن أبسط الثوابت الوطنية ، بحجج وشعارات وأفكار مزيفة وملفقة ، لنواجه ذات العجز المزمن والتاريخي !! إننا بحاجة إلى حوار وطني يتوصل الى برنامج وطني ، يحدد ويرسم أساليب وأدوات العمل السليمة والفعالة لمواجهة الاحتلال والتصدي له ، وإنقاذ الوطن من الكارثة الجارية الآن على أرضه ، بكل تفاصيلها الدامية والمحزنة والخطيرة !!
#أحمد_الناصري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
كيف تعرفت على شعر سعدي يوسف ؟؟
-
مبادرة وطنية ديقراطية عراقية
-
هموم شخصية وقضايا عامة ، عن الفلوجة والإرهاب وغياب أبو عمار
-
كلمة : زمن الهبوط ، زمن الغناء الهابط !!
-
كلمة : أمريكا وقرية مارقة جديدة !!
-
كلمة عن المفاجأت والصفعات لبوش و طاقمة الإنتخابي
-
تداعيات الوضع الأمني والسياسي والمدن المارقة
-
أوراق خاصة / الى الصديق م . ذ
-
عن الشيوعي الجميل طارق وتوت / أبو زياد
-
الحوار المتمدن والقضايا الفكرية الماركسية
-
موت الشاعر ، أو موت بلا شاهدة ، أسئلة إلى وعن آدم حاتم ؟؟
-
في الذكرى الخامسة والاربعين لإستشهاد فرج الله الحلو / لماذا
...
-
صورتان قلميتان لبوش وصدام
-
مؤشرات من الوضع السياسي العراقي
-
الناصرية مدينة من غبار ، أسسها أحدهم وندم 3
-
الناصرية مدينة من غبار ، أسسها أحدهم وندم ؟؟ 2
-
الناصرية مدينة من غبار ، أسسها أحدهم وندم ؟؟
-
قراءة أولية للقرار 1546 / دعوة للحوار الوطني من أجل موقف واض
...
-
شكر وتنوية /عن طاهر البكاء مرة أخرى
-
رسائل لم تصل /الى ستار غانم راضي ...............سامي
المزيد.....
-
الجيش الإسرائيلي يعلن مقتل فلسطينيين اثنين في جنين بعد مهاجم
...
-
رئيسي يندد بالعقوبات الغربية المفروضة
-
إزالة 37 مليون طن من الحطام المليء بالقنابل في غزة قد تستغرق
...
-
توسع الاتحاد الأوروبي - هل يستطيع التكتل استيعاب دول الكتلة
...
-
الحوثيون يعرضون مشاهد من إسقاط طائرة أمريكية من نوع -MQ9-..
...
-
-الغارديان-: أوكرانيا تواجه صعوبات متزايدة في تعبئة جيشها
-
هجوم صاروخي من لبنان يستهدف مناطق في الجليل الأعلى شمال إسرا
...
-
السيسي يوجه رسالة للعرب حول فلسطين
-
الأمن المصري يضبط مغارة -علي بابا- بحوزة مواطن
-
نائب نصر الله لوزير الدفاع الإسرائيلي: بالحرب لن تعيدوا سكان
...
المزيد.....
-
الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات
/ صباح كنجي
-
التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل
...
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو
...
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت
...
/ ثامر عباس
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3
/ كاظم حبيب
المزيد.....
|