أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جميل السلحوت - الأحلام الحرة في -سجن السجن-














المزيد.....

الأحلام الحرة في -سجن السجن-


جميل السلحوت
روائي

(Jamil Salhut)


الحوار المتمدن-العدد: 3420 - 2011 / 7 / 8 - 08:37
المحور: الادب والفن
    


جميل السلحوت:
الأحلام الحرة في "سجن السجن"
في كتابه(سجن السجن) الصادر في نيسان 2011 عن وزارة الثقافة الفلسطينية في رام الله،يطرح لنا الأسير عصمت منصور قضية أحلام السجناء، وكيفية "التكيف" بالعيش في زنزانة ضيقة وكريهة.
سجن السجن: هو عنوان الكتاب، وقد أوضح لنا الكاتب الأسير قصده من ذلك في الصفحة قبل الأخيرة من الكتاب، فبعد أن حفر بطل"روايته" عبدالله سعيد اسمه على جدار الزنزانة بمعدن سحاب بنطاله، فكر بكتابة شيء من النصيحة لمن سيحل في الزنزانة بعده، فكتب("سجن السجن" هنا يسجنون السجين، يسجنون الظل، دون أن يدركوا أن هذا يحرره من أبشع أسر "الوهم") ص167.
إذن فالزنزانة هي سجن السجن، ومع وحشية وقسوة العيش فيها، إلا أن السارد يبغي كسر قضية الخوف من الزنزانة..
الإهداء: والكاتب يهدي روايته إلى زملائه الأسرى، المغيبين قسرا خلف القضبان، لكن غيابهم ليس عبثا، بل إنهم"يوقدون بغيابهم السلس الهادئ قنديل الأمل". فأي أمل يقصده الكاتب؟ إنه أمل تحرير الوطن والشعب، فللحرية ثمنها.
البكاء:عندما أدخل المحتلون بطل الرواية الى الزنزانة الوضيعة، والتي لا شيء فيها سوى البرش وقنينتين، وجد نفسه خارج الزمان"لم يكن بإمكاني أن أتعرف على الوقت والإحساس وحده هو الذي كان يعينني على معرفة الزمن وتقديره"ص26 وهو هنا وجد نفسه وسط ثلاثة جدران إسمنتية صماء وباب حديدي مصفح، إنها تطبق عليه بكل ما تحويه من "الرائحة الكريهة...كانت تنبعث من كل مكان ورائحة آسنة هي مزيج من الرطوبة والعفونة، ولا خيار أمامه سوى أن يبقى وحيدا"أنت لا يمكن أن تكون إلا وحيدا في ذلك المكان الرهيب"ص5 ويدفعه هذا الضيق النفسي الذي وجد نفسه فيه الى الرغبة في البكاء ليريح نفسه، "إلا أن عادات غير بدائية منعتني"ص5 وهنا انتقاد لاذع للتربية وللعادات الخاطئة التي ترى في البكاء انتقاصا للرجولة، حتى أنه يعود بذاكرته الى طفولته عندما كانت والدته تردعه عن البكاء في طفولته بقولها له"أي رجل قوي وجميل أصبحت"؟ص7.
البوح: يأخذ النص شكل البوح الذي يأتي سردا على لسان المتكلم، ومن عجيب هذا البوح أنه يأتي من داخل زنزانة وضيعة تنتهك حرية الإنسان، وحقه ليس في الحياة فحسب، بل في تنفس هواء نقي، أو شربة ماء نقية أيضا،أو في الحركة، إنها ليست سجنا فقط، بل هي"سجن السجن" كما وصفها الكاتب، إنها تسلب الإنسان إنسانيته، بوضعه في قبر يسمى زنزانة، وما عليه سوى التأقلم مع الواقع الجديد المفروض عليه عنوة وظلما، والمرء في الزنزانة لا يملك التواصل مع أي شيء في الخارج، وإذا ما أراد التواصل مع أقرانه في الزنازين المجاورة فلا سبيل له ولهم سوى الضرب على الجدران، والزنزانة عقاب لنزيلها صيف شتاء، ففي الصيف ترتفع الحرارة فيها الى درجة الإختناق، وفي الشتاء يلسع البرد ساكنها إلى درجة التجمد.
القنينتان: ومن الأمور التي تمتهن إنسانية الإنسان في الزنزانة، وجود قنينتين فيها لاستعمالات السجين، واحدة للتبول فيها، والثانية ليشرب الماء فيها ايضا، وهو لا يستطيع تحديد أيهما للبول وأيهما للشرب؟ حسبما استعمله أسير الزنزانة السابق له.
جابر: شاب أسود البشرة، سجين جنائي، اختاره قامعو حريته لتوزيع الطعام والسجائر على نزلاء الزنازين، وهذا امتياز له ليخرج قليلا من زنزانته، وكي يحافظ على هذا الإمتياز فعليه أن يتخلى عن لسانه، وعن قدراته الكلامية، فممنوع عليه أن يتحدث مع أي سجين، وممنوع عليه أن يرد على أسئلة السجناء أو أن ينظر داخل الزنزانة، كل ما عليه هو فتح الكوة وإلقاء الطعام الضئيل للسجين بالسرعة الممكنة، وقد استغل السارد حالة جابر بشكل جيد، بحيث أنه تعلم منه الصمت، فاذا كان جابر ممنوعا من الكلام مع السجناء، فإن نزيل الزنزانة لا يجد من يتكلم معه وعليه أن يلتزم الصمت.
أبو شمس: وهي شخصية مثيرة وموجودة على أرض الواقع في مختلف السجون وخارجها، وابو شمس هنا رجل فقد عقله، ويعيش تناقضات العقلانية والجنون، وإذا لم يستطع أبو شمس التعايش مع السجناء الآخرين، فإنه استطاع التعايش مع الحمام الذي كان يضع له الخبز على نافذة غرفة سجنه، ولا أعرف كيف شطح خيال الكاتب الى الحمام هنا، فالحمام رمز السلام لا يستطيع دخول السجون أو الوصول الى نوافذ غرفها....لكن أبا شمس هذا يثور على حراس السجن وعلى السجناء، وكأني بالسارد هنا يريد ان يقول لنا بأن نمط الحياة المفروضة على الأسرى هو نمط قاتل ومجنون، ولا خروج عليه إلا بالجنون.
وفاة الوالدة: من أكثر الأحداث اثارة في هذه الرواية هي وفاة والدة السارد الأسير، وهو في الأسر،فمعروف مدى تعلق الانسان بوالدته، وحبه لها، فتتضاعف الأحزان عندما تنتقل الى جوار ربها وهو في الأسر، وتتضاعف مرات ومرات عندما يزوره الأهل ويخبرونه بالخبر الفاجع، ويحملونه بجهل منهم مسؤولية وفاتها"أمك ماتت بسببك"ص124، فهي لم تحتمل فراقه، وتتعذب لعذاباته في الأسر، الى أن يتوفاها الله، فهل لا تكفي الأسير عذاباته ومعاناته من قبل جلاديه وسارقي حريته، حتى يتم تحميله سبب وفاة عزيز عليه؟
ملاحظة:الأخطاء المطبعية واللغوية الموجودة في الكتاب، وسوء الإخراج ظاهرة بشكل واضح، وهذه قضية معيبة يتحملها الناشر الذي هو وزارة الثقافة.
وماذا بعد؟
تطرح هذه الرواية جزءا من معاناة الأسرى الذين يعزلهم جلادوهم في زنازين العزل الانفرادي التي لا تصلح للحياة البشرية، وهذه الرواية تدق جدران الخزان بضرورة بذل الجهود الكبيرة من أجل اطلاق أسرانا من معتقلات الموت البطيء المفروض عليهم.
2-تموز 2011
مدونة جميل السلحوت: http://www.jamilsalhut.com



#جميل_السلحوت (هاشتاغ)       Jamil_Salhut#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الثنائيات الإجتماعية ولغة الشعر في النثر في مجموعة(الأفعى وا ...
- قصة أطفال لكاتب سويدي عن جدار التوسع الاسرائيلي
- بداية أدبية جادة ولافتة لأنوار سرحان
- القدس لن تكون إلا عربية
- تكريم الأديب محمود شقير في القدس
- محمود شقير مدرسة أدبية
- قلبي على الثورات العربية
- في 5 حزيران غابت شمس العرب
- أما آن لطاغية اليمن أن يرحل؟
- بدون مؤاخذة-احمد رفيق عوض وزيرا
- فن إدارة الصراع وكسب الوقت
- معالجة الموت في قصة أطفال لرفيقة عثمان
- الصدق في المواقف والكذب في الحقائق
- أرنب رفيقة عثمان المفقود
- -جمرة الماء- في ندوة اليوم السابع
- ميلاد... يا بشارة الفرح القادم
- مروان البرغوثي في القدس
- بلادنا مقدسة لا يخفى فيها شيء
- -البوسطة- رواية الناشئة التربوية والتعليمية
- مروان البرغوثي إنسان قبل أيّ صفة أخرى


المزيد.....




- وفاة المخرج ميشائيل فيرهوفن وساسة ألمانيا يشيدون بأعماله الف ...
- -الماتريكس 5-.. حكاية المصفوفة التي قلبت موازين سينما الخيال ...
- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جميل السلحوت - الأحلام الحرة في -سجن السجن-