حسن يوسف عبد العزيز
الحوار المتمدن-العدد: 3402 - 2011 / 6 / 20 - 08:47
المحور:
الادب والفن
هولاء الذين يمنحون للحياة طعما ومعنى
ربما تكون قد قابلت احدهم على محطة المترو
وانت فى حاله اكتئاب
ربت على كتفيك بيديه
ونظر فى عينيك بحنين غريب
وكانك احد ابنائه
ثم قال لك وهو يبتسم
غدا سيكون اجمل
ثم رحل
ربما تكون تلك السيدة التى جلست بجوارها فى القطار
وانت قادم من معسكرات الجيش
اقتسمت معك الطعام والماء
وحين نمت وشاهدت ارتعادك من البرد
خلعت جاكتها الجلدى ووضعته على جسدك
لم تسال نفسها من تكون
من اى بلد
باى دين تدين
لوحت لك بيديها
ثم ودعتك بابتسامه عريضه على باب القطار
ورحلت
ربما يكون ذلك الرجل العجوز
الذى قابلته فى احدى طوابير الخبز الطويله
كان العرق يجرى على جنبات وجهك
مد يده فى جيبه واعطاك منديلا
كان اخر منديلا فى العلبه
سالت نفسك وقتها لم يؤثرك على نفسه
ثم التفت لتشكره
فوجدته قد غاب فى الزحام
ربما تكون تلك السيده ذات الملامح الريفيه
كانت تجلس على الرصيف المقابل للجامعه
تبيع المناديل والمسابح والاقلام
كانت تبتسم رغم هجير الصيف
تبتسم رغم البرد القارس
كانت تمنحك ابتسامتها الامل فى الغد
كنت كلما تشترى منها
ترفع يديها بالدعاء لك
رغم انها لا تعرف حتى اسمك
ربما يكون ذلك الفتى
بملابسه الرثه وشعره الكثيف
كنت فى البدايه تتأفف من منظره
من طريقه نطقه للكلمات
من الفاظه البذيئه
فى المظاهره وقف حاجزا بين هراوة العسكرى
وبين جسدك
تحمل ضرباته الغبيه عنك
لم يفكر من تكون
باى ايدلوجيا تؤمن
باى مذهب تعتقد
ابتسم وهو يودعك فى مشهد النهايه
قائلا سلام يا صديقى
هولاء الذين يمنحون للحياة طعما ومعنى
يرحلون بلا ضجيج
لا تعزف الموسيقات العسكريه فى جنائزهم
لا يعلن الحداد الوطنى
ولا الحداد القومى
لا ينشر النعى على صفحات الجرائد
يرحلون ويتركون فراغا كبيرا
هم يرحلون من الحياه
ويتركوننا نحن الذين قد رحلت منهم الحياه
#حسن_يوسف_عبد_العزيز (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟