أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - شاكر النابلسي - اليمن بين مثقفي الطليعة وفساد السياسيين















المزيد.....

اليمن بين مثقفي الطليعة وفساد السياسيين


شاكر النابلسي

الحوار المتمدن-العدد: 3391 - 2011 / 6 / 9 - 07:39
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


اليمن كأي بلد عربي، فيه الكثير من المثقفين الطليعيين الصامتين. ولكن مشكلة اليمن في إعلامه الفقير والضعيف، والذي لا يستطيع إيصال صوت هؤلاء الطليعيين إلى بقية أنحاء العالم العربي، كما يفعل الإعلام المصري، أو الإعلام الخليجي النشط مؤخراً.
فاليمن ليس الشيخ عبد المجيد الزنداني ولا مجموعة كبيرة من شيوخ الدين السلفيين والأصوليين. كما أن اليمن ليس في حاملي "فيروس" الإرهاب والأفكار السلفية التكفيرية، والتي تبث عدواها بين عدد أكبر من أعداد المنضوين فعلياً تحت لواء الجماعات الإرهابية، وهو ما يمكن تسميته بالخلايا النائمة، التي تتعلم الأفكار الراديكالية من خطباء وشيوخ منعمين في اليمن أو غير اليمن، وهؤلاء لا يقلون خطورة عن الانتحاريين، بل ربما يزيدون خطورة، فالانتحاري سيفنى بينما ناشر الفيروس سيظل ليبث سمومه بين المغرر بهم ومن هنا دعت بعض الدول العربية إلى الأمن الفكري وليس الأمن السياسي فقط لمجابهة هؤلاء.

اليمن ليس حفنة من السياسيين الفاسدين فقط
واليمن ليس حفنة من السياسيين الفاسدين، ولكن اليمن هو شعراؤه من أمثال عبدالله البردوني، وعبد الحكيم الفقيه، ورمزي الخالدي، وعبد العزيز المقالح، وميسون الارياني، وعبد السلام الكبسي، ومحمد المنصور، وغيرهم.
واليمن ليس علي عبد الله صالح، ومن حوله، ولكنه الأدباء اليمنيون الذين قدموا للثورة اليمنية الحالية الفكر الحديث والطليعي والليبرالي، وعلى رأس هؤلاء صبري مسلم، ووجدان الصائغ، وعبد الرحمن إبراهيم، وآمنة يوسف، وغيرهم.
واليمن هو هؤلاء الروائيون الذين أنشأوا في الأمس عصبة من الروائيين سموها (نلتقي أمساً) وهم : علي المقري، وجدي الأهدل، نادية الكوكباني، وسمير عبد الفتاح. والرئدان الروائيان: محمد عبد الولي، وزيد مطيع دماج، واللذان لاقت بعض أعمالهما مواقع عالمية، وتمت ترجمة بعض أعمالهما للغات أخرى، مثل رواية "الرهينة" للروائي زيد مطيع دماج.
ويقود الفكر اليمني المعاصر أكاديميون ليبراليون من أمثال خالد طميم رئيس جامعة صنعاء، وأحمد باسردة، أحمد الكبسي، وعبد الله الغيثي، ومحمد عبد الله صالح، وعبد السلام المخلافي. وبعض الأكاديميين اليمنيين الذين يعملون في الجامعات العربية كمحمد علي قاسم الشامي عميد كلية الإدارة والإعمال في جامعة عجمان، وكذلك الذين يعملون في الجامعات الغربية، وخاصة الجامعات الأمريكية.
أخيراً: الرئيس صالح في المصيدة
قالت الأخبار مؤخراً، أن وتيرة المعارك بين القوات الحكومية الموالية للرئيس اليمنى على عبد الله صالح ومسلحي قبيلة "حاشد" من أنصار الشيخ صادق الأحمر، وتحولت الاشتباكات الليلية الدموية إلى حرب شوارع فى العاصمة صنعاء ومدينة تعز، أسقطت نحو ١٦ قتيلا فى ساعات معدودة وصولاً إلى احتشاد آلاف المسلحين القبليين بالقرب من المداخل الشمالية للعاصمة استعدادا لدخولها بهدف مساندة أنصار الأحمر ضد نظام عبد الله صالح. وقد تم هجوم على القصر الجمهوري قتل فيه عدد من الحرس الجمهوري وأصيب صالح ورئيس الوزراء وبعض المسئولين الذين نقلوا إلى السعودية للعلاج، وربما للبقاء هناك في المهجر الطبي/السياسي.
ومع تفجر الوضع الميداني على هذا النحو، أدانت الولايات المتحدة الاشتباكات الدائرة فى صنعاء وأعلن البيت الأبيض، أن هذه الأحداث المأساوية تبرز الحاجة الماسة لتوقيع الرئيس اليمنى على المبادرة الخليجية، والبدء فورا بعملية انتقال السلطة.

حقائق المجتمع اليمني
والرئيس صالح ومن يحكم اليمن، عليه أن يدرك أن اليمن مجتمع قبلي بدائي، كما عرضه الباحث والأكاديمي اليمني نجيب غلاب، في كتابه الممنوع في اليمن " لاهوت النخب القبلية". ونجيب غلاب كأستاذ للعلوم السياسية في جامعة صنعاء، وكمؤلف لثلاثة كتب ممنوعة في "يمن علي عبد الله صالح" ومهمة في الثقافة اليمنية المعاصرة هي: "لاهوت النخب القبلية ..تقديس الشيخ ولعن الدولة"، و "الصراع على العرش..اليمن في ظل التحولات الديمقراطية"، و " الإسلامويات بين تخريب السياسة وتشويه الدين..اليمن المحاصر بين إخوان القبيلة، والقاعدة، وأموال الملالي"، حلل الوضع الاجتماعي اليمني التالي في كتابه "لاهوت النخب القبلية":
1- إن المجتمع اليمني مجتمع أمي وبدائي، يهيمن عليه وعي القبيلة والثقافة التقليدية القبلية، وهي بنية راسخة. ولم يتمكن التعليم من مواجهتها، ولا من الحد من انتشارها. بل إن القوى المتعلمة أعادت أدلجة وعي القبيلة من خلال القيم الجديدة، لتظهر الصراعات السياسية بقيم حديثة، مؤسسة على وعي عصبوي قبلي.
2- القوى القبلية هي أكثر تنظيماً، وتمتلك قوى معسكرة خارج الدولة. لذا فقد فرضت وعيها، ومصالحها، على الجميع. وأصبح أي حاكم يريد أن يستمر في حكمه، مجبراً على أن يتحالف مع القوى الفاعلة في الساحة.
3- لم تتمكن النخبة الفكرية والمثقفة من بناء منهجية نقدية للثقافة التقليدية. على العكس من ذلك، فقد تمَّ إنتاج دراسات للقبيلة، عملت على التأصيل لها بمناهج علمية.
4- لقد أضعفت القوى التقليدية القوى الحديثة في الدولة. وقد تمكنت القوى التقليدية من امتلاك السلطة والثروة. ولأن المجتمع فقير، والقطاع الخاص ضعيف، وهش، ويعتمد على الدولة، وجزء كبير منه من إنتاج الدولة، وأغلب أطرافه جزء من لعبة الفساد الذي يحكم الدولة.
5- إن نجاح الفرد المتعلم بفكره الجديد، ارتبط بتحقيق النجاح، من خلال مراكمة الثروة، وبناء النفوذ، لا من خلال نضاله من أجل التغيير. وفي معركة البحث عن الوجود، من خلال الدولة، أصبح ولاء القوى الحديثة للفئة المنتجة للقوة والنفوذ، مدخلاً أساسياً لفوزها بالثروة.
6- الدولة في اليمن هي مصدر الثراء، لذا فقد وقعت كل القيادات الحديثة والنشطة في آلة الدولة، وتمكنت الدولة من توظيف هذه القيادات، في تسيير شؤون الدولة، وتوظيفها في عمليات النهب والفساد.
7- ولأن الدولة اليمنية دولة ريعية، ومع تعمق الفساد والصراعات المتلاحقة على الموارد بين النخب، لم يحدث أي تراكم للثورة. ولأن المجتمع اليمني مجتمع لا علاقة له بالإقطاع، والقطاع الخاص ربما ينهار بدون الدولة، لم تتشكل نخبة غنية قادرة على تكوين مصالح كبيرة، تستند في استمرارها على دولة منظمة يحكمها القانون.
8- رغم وجود طبقة غنية في اليمن، إلا أن تأثيرها سلبي، لأن القوى النخبوية الغنية في المجتمع القبلي والدولة، لم تتمكن من تراكم الثروة، حتى تُحدث تحولات فعلية لصالح الإنتاج.
ولا أخفي بأنني عندما قرأت كتاب نجيب غلاب، حزنتُ على هذا الجهد الضائع والعبثي والمجاني في هذا الكتاب، الذي يمتدح الحاكم علي عبد الله صالح مدحاً مجانياً مقرفاً، يريد من ورائه المنفعة المادية على ما يبدو، وهو أشبه بمدح الفرزدق للأمويين، أو المتنبي (اليمني الأصل) لكافور الإخشيدي ولعضد الدولة البويهي في شيراز، أو نزار قباني لصدام حسين، أو أي شاعر قديم أو حديث، يريد عطاءً، أو منصباً، أو مطلباً. فقد مدح نجيب غلاب الرئيس علي عبد الله صالح مدحاً كثيراً، وجعل منه الحاكم الصالح والفالح، ربما طلباً لترقية ما في جامعة صنعاء، أو تحقيقاً لمأرب لا نعلمه، ولكن نجيب غلاب يعلمه. ورغم هذا كله، فلم يشفع له هذا المديح، الذي ملأ كتابه به، من منع هذا الكتاب من دخول اليمن ومصادرته. تزوير للواقع ومدح رخيص
فهل يعقل أن يكون الرئيس صالح الذي رفض الاستجابة – حتى الآن - للمبادرة الخليجية لإخراج اليمن من نفق الحرب الأهلية والمذابح الوحشية، هو الشخصية المتحفزة والمتفائلة، ويمتلك سمات القائد، كما وصفه نجيب غلاب؟
وهل صحيح أن الرئيس صالح – كما وصفه غلاب – قد أثبت وجوده في بنية الجمهورية من خلال المؤسسة العسكرية، كبنية حديثة، مستنداً إلى ملكاته، وقدراته. والثورة بمبادئها وقيمها، هي القوة الفعلية، التي فتحت له المجال لإثبات ذاته كفرد قادم من خارج النخبة؟
وهل صحيح أن الرئيس صالح، بعد هذه الانتفاضة الشعبية الغامرة في اليمن، هو – كما وصفه نجيب غلاب – لا يمكن أن يخون ثورته، التي رفعته مقاماً علياً؟
وأسئلة كثيرة يطرحها الأكاديمي نجيب غلاب على نفسه وعلينا، ونرى أن إجاباتها كلها واضحة، فيما انتهى إليه حال اليمن الآن، وفيما انتهى إليه الرئيس صالح نفسه الآن، وهو الذي وضع نفسه بنفسه في هذا المأزق الحرج.
وعي أكثر للمثقفين
إن المثقفين في العالم العربي – وليس في اليمن فقط – بحاجة إلى شيء من الاتزان في امتداح السلطة السياسية العربية ورجال هذه السلطة، وإن كان مديح السلطة ورجالها من سمات الثقافة الإنسانية عموماً في الشرق والغرب، في أزمنة مختلفة، بسبب حاجة المثقفين إلى السلطة ورعايتها وريعها كذلك، خاصة في أزمنة هيمنة السلطة على وسائل الإعلام التي تعتبر المنفذ الوحيد للمثقفين للوصول إلى الجمهور العريض، كما هو الحال الآن. ولكننا نرى في الزمن الحاضر أن المثقفين في العالم العربي، يسرفون أشد الإسراف، ويذهبون مذاهب بعيدة ووعرة، ويغالون في قلب الحقائق أشد المغالاة، وكثيراً ما كُتب عن "أزمة المثقفين" ، و"أزمة الثقافة" في هذا الشأن، إلا أن فقر المثقفين المادي، وسيطرة النظم الحاكمة على معظم وسائل الإعلام المرئي والمسموع والمقروء، وحرمان المثقفين المعارضين من الاشتراك في هذه الوسائل، ومطاردة الكثير منهم أمنياً، أجبر عدداً كبيراً من المثقفين إلى مسايرة السلطة الحاكمة، ومدحها بما ليس فيها، كما فعل المتنبي وغيره من الشعراء الفحول. فتلك ظروف أزمنة، وأمكنة، ونظم حكم، لم يعد لها مثيل الآن، مما يستوجب نظرة مختلفة وفهم جديد لطبيعة السلطة وسلطة المثقفين، الذين لا يلبثوا أن يصبحوا ملكيين أكثر من الملوك عندما يتسلموا السلطة.



#شاكر_النابلسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل يصبح عبد المنعم أبو الفتوح الرئيس المصري القادم؟!
- هل أصبح مبارك رمزاً يختصر تاريخ الدكتاتورية؟!
- مصر: هبوب نسائم الدولة الدينية
- مصر: من استبداد الدولة الى استبداد الفوضى
- لكي لا تتحول الثورات الى أزمات!
- يا كاهنة المعبد: كفى عبثاً!
- لماذا كانت وعود الدكتاتوريات كاذبة؟
- لنتعلم قليلاً من أخطاء الثورات في التاريخ
- حطمنا طوطم الإرهاب.. فماذا عن تفسير الظاهرة؟
- ماذا عن ثعالب الغابة الأخرى؟
- من مظاهر غباء الدكتاتوريات العربية
- لماذا تخلو بعض الثورات من المفكرين والفلاسفة؟
- لماذا تخلو بعض الثوؤات من المفكرين والفلاسفة؟
- عندما ترتدي الدكتاتورية جلود الحملان وتستعطف!
- أسئلة المستقبل المصري بعد ثورة 25 يناير
- الثورات والمفكرون والحريات
- ليبيا: من ثورة بيضاء الى حرب دموية!
- ما مستقبل الديمقراطية في مصر؟
- عسل الدكتاتوريات المُرّ!
- الدكتاتوريون الكاريكاتوريون


المزيد.....




- رمى المقص من يده وركض خارجًا.. حلاق ينقذ طفلة صغيرة من الدهس ...
- مسيّرة للأمن الإيراني تقتل إرهابيين في ضواحي زاهدان
- الجيش الأمريكي يبدأ بناء رصيف بحري قبالة غزة لتوفير المساعدا ...
- إصابة شائعة.. كل ما تحتاج معرفته عن تمزق الرباط الصليبي
- إنفوغراف.. خارطة الجامعات الأميركية المناصرة لفلسطين
- مصر.. ساويرس يرد على مهاجمة سعد الدين الشاذلي وخلافه مع السا ...
- تصريحات لواء بالجيش المصري تثير اهتمام الإسرائيليين
- سيدني.. اتهامات للشرطة بازدواجية المعايير في تعاملها مع حادث ...
- ليبيا وإثيوبيا تبحثان استئناف تعاونهما بعد انقطاع استمر 20 ع ...
- بحضور كيم جونغ أون.. احتفالات بيوم الجيش في كوريا الشمالية ع ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - شاكر النابلسي - اليمن بين مثقفي الطليعة وفساد السياسيين