|
حرب المياه..الحرب القادمة / الجزء الخامس
رائدة الغرباوي
الحوار المتمدن-العدد: 3387 - 2011 / 6 / 5 - 17:33
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
حرب المياه ..الحرب القادمة الجزء الخامس الانهار والمياه في القانون الدولي اولا : مفهوم النهر في القانون الدولي ويقصد بالنهر في القانون الدولي ((وحدة مائية)) تتكون من [جميع مجاري المياه والبحيرات التي تتصل بعضها مع بعض. وتجري في منطقة معينة تكون حوضاً واحداً، وينتهي حوض النهر في البحر أو في بحيرة داخلية لا تتصل بالبحر. كما يدخل في حوض النهر كذلك، مجاري المياه التي تسير تحت الأرض وتكون متصلة بالنهر. وإذا كان حوض النهر واقعاً برمته في إقليم دولة واحدة، فهو يخضع لسيادة تلك الدولة ويكون النهر في هذه الحالة نهراً وطنياً. ولكل دولة الحق في تنظيم استغلال موارد نهرها الوطني، تقتصر الملاحة فيه على بواخرها وحدها، ومن أمثلة الأنهار الوطنية نهر التايمز في بريطانيا.* أما إذا كان النهر دولياً، أي كان حوضه يمر في إقاليم دول مختلفة أو يفصل بين إقليمي دولتين، أصبح له حُكم مختلف. فكل دولة تباشر سيادتها على ما يمر في إقليمها من النهر أو ما يجاوره من مجراه، ولكنها تتقيد بأن تراعي مصالح الدول الأخرى التي يمر بها حوض النهر، وبصفة خاصة فيما يتعلق بالانتفاع المشترك بمياه النهر لأغراض الزراعة والصناعة وبالملاحة النهرية الدولية ومن أمثلة الأنهار من هذا النوع نهر النيل ونهر الكونغو ونهر الدانوب. تتطور القوانين الدولية الخاصة بالمياه تبعاً للحاجة الملحَّة التي يفرضها الوضع الدولي، خاصةً بعد تزايد المنافسة على الموارد المائية العالمية وتداخل المصالح الدولية، فزيادة عدد السكان والتغيرات المناخية الجديدة التي طرأت على العالم زادت من وتيرة التنافس الدولي على المياه. وعليه، أصبحت الحاجة ماسة لتطوير الأعراف والقوانين الدولية للمياه لتتناسب والواقع الجديد. وعلى العموم، فأن الأنهار في العالم حسب المعيار الجغرافي: يمكن أن تكون أنهار محلية أو دولية. وحسب المعيار الملاحي: أما أن تكون ملاحية أو غير ملاحية وبغض النظر عن كونها محلية أو دولية. ووفقاً لمعيار جريانها: يمكن أن تكون حدودية تفصل دولتين أو أكثر أو مشتركة تخترق دولتين أو أكثر. ---------------------------------------------------------------------------- د. محمد حافظ غانم (( مبادئ القانون الدولي لعام 1967)) دار الهدى، بيروت 1967 ص 235،236. مصادر ومبادئ قانون المياه الدولي أقرت الجمعية العامة للأمم المتحدة بقرارها المرقم 1803 تاريخ 14/ 12/ 1962 حق السيادة الدائمة على الموارد الطبيعية قانون المياه الدولي في النظام الاساسي لمحكمة العدل الدولية يستند الى: 1: المعاهدات العامة والخاصة: وتشكل بمجملها المرجع الأساس للقانون الدولي، ولها الأرجحية على مصادر القانون الدولي الأخرى باعتبارها تشكل (( سابقة إطارية)) صياغة قانونية ثنائية أو جماعية بين دول حوض مائي مشترك. ولا بد من الإشارة إلى الفرق بين المعاهدات العامة والخاصة، فالأولى تعبر أو تصيغ تقاليد شائعة ومُلزمة حتى بالنسبة لغير الموقعين عليها من دول العالم في حين الثانية تعبر أو تصيغ العلاقة بين دولتين أو أكثر في حوض مائي مشترك، وتعبر عن خصوصية الحوض المائي في تلك الدول وهي مُلزمة للدول الموقعة عليها فقط. ومن المفيد التذكير، بأن القانون الدولي (( أتخذ)) أو قد يتخذ من تلك الاتفاقيات الثنائية مرجعاً لفض النزاعات بين الدول ذات الحوض المائي الواحد باعتبارها ممارسة ((دولية)) برهنت على حل خلاف بين دولتين أو أكثر*. 2: والعُرف الدولي: ويستمد شرعيته من العادات الدولية المتبعة والتي دَّل عليها تواتر الاستعمال. إن تكرار مبادئ قانونية عامة على مدى العقود الماضية في جميع دول العالم، سواء في المعاهدات الثنائية أو العامة [يضفي عليها شرعية دولية، وبالتالي عرفاً دولياً يعبر عن الممارسات الدولية بالتزامها بتطبيق القواعد القانونية الدولية وبتكرار تلك المبادئ القانونية، وأن تلك الدول باعتمادها هذه المبادئ في معاهداتها تنسجم وتطبيق القانون الدولي، تلزم مبدئياً الأطراف الموقعة وتصلح دليلاً لتكرار وجود قواعد قانونية عامة. ومن أهم تلك القواعد العرفية التي ترسخت في التشريع الدولي في القرنين التاسع عشر والعشرين هي: تحريم إجراء أية تغيرات على المجرى المائي الدولي، من قبل دول
--------------------------------------------------------------------------------------- سليم حداد في بحث له مع مجموعة من الباحثين الآخرين في كتاب (( مشكلة المياه في الشرق الأوسط)) مركز الدراسات الإستراتيجية والبحوث والتوثيق، الجزء الثاني، بيروت 1994 ص 214، 215.
المجرى، من شأنه إحداث تأثير مباشر أو غير مباشر على الحقوق المائية للدول المتشاطئة إلا بعد موافقة الأطراف المعنية. كذلك نصت القواعد العرفية الأخرى على منح دول المجرى المائي الحق في استخدام المجرى المائي على أساس المساواة التامة في الحقوق. وجوب التعاون وتبادل المعلومات. وأخيراً مبدأ التفاوض بين الأطراف المعنية.
3: المبادئ العامة للقانون الدولي: يمكن إعطاء تعريف عام لمبادئ القانون الدولي: هي جملة الأحكام والقواعد القانونية التي تنظم العلاقة بين مجموعة من البشر، على أساس مبدأ التحكيم العادل لفض المنازعات بينها. وعليه، تعتبر جميع الأنظمة القانونية لبلد ما جزءاً من القانون الدولي العام. فالمجموعات العرقية والأثنية لها أنظمتها الخاصة، وفي العموم قد تكون غير مكتوبة، تحتكم إليها في فض نزاعاتها. إن المبادئ العامة للقانون الدولي، استمدت شرعيتها وأساسها من تلك الأنظمة البسيطة التي صاغتها الضرورات الموضوعية للتجمعات العرقية والأثنية.. وغيرها. وهناك ثلاثة مبادئ قانونية عامة، اعتبرت مصدراً للقانون الدولي وهي: مبدأ السيادة المطلقة والسيادة المقيدة ووحدة الأراضي المطلقة. رابعاً- دراسات فقهاء القانون الدولي وتوصيات الجمعيات والمنظمات القانونية الدولية: إن الدراسات التي تقوم بها لجنة ورابطة القانون والجمعيات ( الحكومية وغير الحكومية) تعتبر إحدى مصادر القانون الدولي. وقد جاءت الدراسات التي قام بها فقهاء القانون الدولي في تفسير القواعد والمبادئ القانونية في حل عدد كبير من الإشكاليات التي رافقت تطبيق تلك المبادئ في حل النزاعات الإقليمية. اعتمد مؤتمر معهد القانون الدولي في العام 1911 المنعقد في مدريد سبع قواعد لتنظيم استخدام مياه الأنهار الدولية غير الملاحية. حيث تبنت رابطة القانون الدولي في مؤتمرها الثاني والخمسين المنعقد في هلسنكي عام 1966 تلك القواعد الستة وسميت بقواعد هلسنكي المتعلقة باستخدام مياه الأنهار الدولية. وما اتفق عليه عبر المراحل الزمنية المختلفة ان النهر الدولي هو نهر يخترق بمجراه او بمصادره من المياه الجوفية، دولتين او دولاً عدة، سواء بالتتالي أم بالمشاطأة. وهذا ما ينطبق على الأنهار التالية: الفرات ودجلة والعاصي والنهر الكبير الجنوبي وفروعها. ومن بين المبادئ التي تم الاتفاق عليها عالمياً: 1- التقسيم العادل والمنصف للموارد المائية المشتركة، على اساس مراعاة الحاجات الاجتماعية والاقتصادية لدول حوض المجرى المائي الدولي، والطبيعة الجغرافية للحوض واستعمالاته القديمة والمستجدة. 2- التعاون بين دول المجرى المائي، في سبيل تنمية وحماية الموارد المائية المشتركة وترشيد استخدامها لمصلحة دول المجرى جميعاً. 3- الالتزام بعدم إحداث ضرر ملموس، عند ممارسة الدولة الحوضية حقوقها المتفرعة من سيادتها – دول المجرى الاعلى على سبيل المثال – على جزء المجرى المائي الواقع في اقليمها. 4- الالتزام بالتشاور والتفاوض عند الشروع في أشغال هندسية، والالتزام بإخطار دول المجرى الأخرى بحقيقة هذه المشروعات وتأثيراتها في مستوى تدفق مياه المجرى. إلا ان تركيا – دولة المنبع بالنسبة الى نهري الفرات ودجلة والمصب بالنسبة الى نهر العاصي بعد احتلال تركيا لواء الاسكندرون عام 1939، بعد ان كان تابعاً لسورية. وإيران دولة منبع، الى حد ما، بالنسبة الى فروع نهر دجلة النابعة من أراضيها، وأهمها وأشهرها نهر قارون. ولكل من الدولتين وجهة نظر مختلفة، فوجهة النظر التركية تعتبر مياه نهري دجلة والفرات عابرة للحدود، فلا تنطبق عليهما تعريفات الأنهار الدولية، وبذلك فإن مياه النهر خاضعة حصراً للسيادة التركية الى حين وصولها الى الحدود. وتعتبر تركيا ان النهر الدولي هو النهر الذي يرسم حدوداً بين دولتين متشاطئتين، وبالتالي– بحسب هذا الرأي – لا يصبح نهر الفرات نهراً دولياً إلا حين ينضم الى دجلة في الاراضي العراقية، ليشكل شط العرب الذي يحدد الحدود العراقية - الايرانية. توكيداً للآراء التركية في هذا المجال، فإن الرئيس التركي الاسبق سليمان ديميريل ذكر في تصريح مشهور: «اذا كانت الثروة الطبيعية في بلدنا، فلنا الحق في استعمالها بالطريقة التي نراها مناسبة. ان المياه تنبع في تركيا ولا يمكن لدول المجرى الأدنى ان تعلمنا كيفية استعمال ثرواتنا. هناك منابع نفط في كثير من البلدان العربية، ونحن لا نتدخل في كيفية استعمالها». اختلاف حول التسمية (المياه العابرة للحدود) ام المجرى المائي الدولي ؟ ان لجنة القانون الدولي التابعة للأمم المتحدة ذكرت في تقرير لها «في ما يتعلق بالاقتراح الداعي الى استخدام مصطلح «المياه العابرة للحدود» بسبب استخدامه في اتفاقية معقودة أخيراً فتلك مسألة صياغة ولا يوجد اختلاف جوهري بينه وبين المجرى المائي الدولي، ولا يترتب على استعمال هذا التعبير او ذاك أية آثار قانونية. وبالنسبة الى إيران فقد لجأت الى تحويل اغلب الروافد المائية التي تغذي نهر دجلة في الأراضي العراقية نحو أراضيها، مما خفض المياه المتدفقة باتجاه الأراضي العراقية، وأساء الى نوعية المياه التي ما زالت متدفقة.
#رائدة_الغرباوي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
حرب المياه ..الحرب القادمة / الجزء الرابع
-
حرب المياه ..الحرب القادمة / الجزء الثالث
-
حرب المياه ..الحرب القادمة / الجزء الاول
-
حرب المياه .. الحرب القادمة / الجزء الثاني
-
هل المؤسسة الدينية مجتمع مدني ؟
-
هل هي صحوة ام غفوة ؟
-
المجتمع المدني في العراق
-
مابين الفلسفة والديمقراطية
-
العلمانية وفكرة الفصل بين الدين والدولة
-
بيان تاسيس البرلمان الشعبي للمرأة العراقية
-
العمامة العلمانية
المزيد.....
-
أمريكا تعلق على موقفها من تصنيف هيئة تحرير الشام كـ-منظمة إر
...
-
بلينكن: حريصون على تجنب تقسيم سوريا والنزوح الجماعي منها
-
الخارجية السعودية تصدر بيانا بشأن استيلاء إسرائيل على المنطق
...
-
إدارة العمليات العسكرية للمعارضة السورية المسلحة تعلن افتتاح
...
-
صحافي إيرلندي: أوكرانيا تشكل أكبر تهديد لأوروبا
-
الأردن يرسل معدات عسكرية إلى لبنان
-
أردوغان يوجّه رسالة بالعربية للسوريين
-
واشنطن: لم نتوقع سقوط حكومة بشار الأسد
-
إيران تدعو مجلس الأمن الدولي إلى -منع إسرائيل من احتلال الأر
...
-
مشاهد لآثار الاستهداف الإسرائيلي الواسع لسوريا (فيديوهات)
المزيد.....
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
المزيد.....
|