أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - عادل الامين - سيرة مدينة:الشعب يريد اسقاط النظام














المزيد.....

سيرة مدينة:الشعب يريد اسقاط النظام


عادل الامين


الحوار المتمدن-العدد: 3359 - 2011 / 5 / 8 - 11:21
المحور: سيرة ذاتية
    


العمة زينب من كائنات الرمال بين كرمة وكريمة التي تحفر بصمة عميقة في روحك..كنت في طفولتي البعيدة
عندما ننزل البلد تاخذني لاقيم عندها .. امرا ة غاية في الجمال و الذكاء واحاديثها الحكيمة التي تعززها بامثال من مخيلتها الخصبة "كل زول يعدل راسو ويشوف خلاصو" او من البيئة"العندو حنة يحنن جعز حماروا" كنت انزل معها الى المزارع على حمارتها السوداء حيث حقول القمح والبرسيم الممتد في بساط لا نهائي من الخضرة واشجار النخيل والليمون الذى تعطر الجو بازهارها البيضاء واشجار المانجو ...تتركني ارتع بين الحدائق وضجيج الطبيعة من شدو البلابل وسجع القماري في اعالي النخيل وحشرات الشتاء البغيضة "النمتي" التي تجعل حياتنا نحن الاطفال جحيم وتاخذني زينب الى شفخانة البلدة لعلاج عيوني المنتفخة والدواء الوحيد القطرة التي تشفي جميع امراض الطفولة دون منازع والدليل اني لازلت على قيد الحياة حتى الان لاقدم هذه الشهادة للبلد زمان..اما الان عندما عدت الى البلد بعد تعيني معلم في كريمة اختلف الامر كثيرا لم يبقى من تلك المزارع سوى النخيل الذى ادركه الهرم يشد بعضه باذر بعض وكما هو معروف ان الاشجار تموت واقفة واضحى الناس هناك يعيشون على ما يجود به من تمر وعلى ما يرسله الابناء والاحفاد من المنافي البعيدة او دول النفط..
وجدت عمتي زينب تقيم مع ابنها الوحيد هناك في بيتها المهدم و النظيف والانيق لازالت تزخرف الجدران بالصور التي على غطاء علب الحلوى وتصنع من علب السجائر شموس واقمار ذهبية تعلقها على الجدران ..كعادتها المرحة اخبرتني عن رحلتها الى الخرطوم وعن زواجها وطبعا هي امراة لها موقف من الحياة شهدته لها منذ امد بعيد ،لا تحب ان تعيش ابدا في ظل اوضاع مفروضة او تتنازل على قدر من حريتها مقابل لا شيء فما كان الا انها انفصلت عن زوجها وعادت الى البلد لتعيش حريتها الفقيرة معا ابنها الذى كان يدرس في مدرسة البلد التي جرفها فيضان 1988 وشاهدته مع الطلاب والمدرس يصارعون خيمة الفصل التي تعبث بها الاتربة وانا في طريقي الى السوق لاحضار الطعام الذى ستبطخه لنا العمة في مطبخها العجيب والنظيف جدا..ويمكنك ان تجري فيه عملية جراحية دون ان يتسمم المريض...
اخبرتني العمة زينب بالمختصر المفيد"لم اعد اطيق البقاء في الخرطوم بحرها وضجيجها واحاديث سكانها السمجة والممجوجة التي لا توقظ فكرة ولا تهذب شعور...وبمشاكلها المتعددة والبغيضة واخترت العودة الى البلد"عشان ابرد اضاني".
وجاءت الى هذا الصمت المطبق مع ابنها والراديو الذى لا يفارقها ابدا منذ زمن بعيد تسمع اغاني عثمان حسين من ام در مان وما يدور في العالم من البي بي سي...زينب امراة كوكبية من احفاد كوش عند جبل البركل العظيم وتعرف ان الانسان وحدة ذاتية مهمة تسهم في انسجام العالم...وهي امراة مرهفة الحس في علم الجمال ،ترى البساطة جمال والتعقيد قبح وتنفعل بقضايا العالم رغم تلقيها تعليم محدود على يد العمة سكينة طيب الله ثراها التي انطفات في ريعان شبابها..في زمن بعيد وكنا نحن في خارج السودان وابقت اثرا في تعليم العديد من نساء البلدة...منهم العمة المبجلة زينب..
فهي تتحدث عن زواجها وعن طلاقها بمرح وبانه امر عادي يحدث وفقا لسنن الكون...ولا يشكل لها الامر حالة من عدم الاتزان الذى يعاني منه مزيفون البنادر والخرطوم..
اكتب هذه الخاطرة والذكريات وان اقف في هذا الركن المنسي من العالم..واتذكر موقف العمة زينب واتساءل:ما الذي يجعل امراة تعيش في ظل اوضاع مهينة دون تتخذ القرار الصائب وان كان ابغض الحلال؟؟!!..بل ما الذى يجعل شعب باكمله يعيش في ظل اوضاع مشينة دون ان يتخذ القرار"الشعب يريد اسقاط النظام"...رعا الله العمة زينب وابنها البار..والدروس التي قدمتها لي من زمن سحيق يمتد سبعة الف عام في حضرة ملوك كوش العادلين الورعين حتى قبل دخول الاديان للسودان...ولماذا هفت جيناتها الكوشية للحرية بين رمال وعادت لتتنسم اريج نسمات الشمال وتعيش حرة...مجسدة قول المسيح عليه السلام"ماذا يفيد الانسان اذا ربح العالم وخسر نفسه"
.......
دنيا لا يملكها من يملكها
أغنى أهليها سادتها الفقراء
الخاسر من لم يأخذ منها
ما تعطيه على استيحاء
والغافل من ظنّ الأشياء
هي الأشياء!
تاج السلطان الغاشم تفاحه
تتأرجح أعلى سارية الساحة
تاج الصوفي يضيء
على سجادة قش
صدقني يا ياقوت العرش
أن الموتى ليسوا
هم هاتيك الموتى
والراحة ليست
هاتيك الراحة.......



#عادل_الامين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لماذا كان د.جون قرنق وحدويا؟!
- موت الدولة المركزية
- انتخابات جنوب كردفان وافاق التغيير
- شاهدواالفكرة....وفناؤها
- مصر والسودان وافاق التنمية البشرية
- ثورات الفيس بوك....وكسل السودانيين
- هل ما يحدث تغيير ام اعادة تدوير؟!
- الاخوان المسلمين والديموقراطية
- هكذا تكلم د.جون قرنق
- الرسماليون الاسلاميون
- محاضرات سودانية:الشريعة والدستور
- الحالة الليبية
- سيرة المفكر السوداني الراحل محمود محمد طه
- الاخوان المسلمين والدستور
- الرجل التونسي الشجاع
- الثورة واشكاليات التغيير في مصر والسودان
- اوراق عمل سودانية:استفتاء جنوب السودان 2011 ومآلاته
- مجموعة قصصية:الامام الاخضر
- تونس الحمراء
- انهم ياتون عند الفجر


المزيد.....




- طبيب فلسطيني: وفاة -الطفلة المعجزة- بعد 4 أيام من ولادتها وأ ...
- تعرض لحادث سير.. نقل الوزير الإسرائيلي إيتمار بن غفير إلى ال ...
- رئيسي: علاقاتنا مع إفريقيا هدفها التنمية
- زيلينسكي يقيل قائد قوات الدعم الأوكرانية
- جو بايدن.. غضب في بابوا غينيا الجديدة بعد تصريحات الرئيس الأ ...
- غضب في لبنان بعد تعرض محامية للضرب والسحل أمام المحكمة الجعف ...
- طفل شبرا الخيمة.. جريمة قتل وانتزاع أحشاء طفل تهز مصر، هل كا ...
- وفد مصري في إسرائيل لمناقشة -طرح جديد- للهدنة في غزة
- هل ينجح الوفد المصري بالتوصل إلى هدنة لوقف النار في غزة؟
- في مؤشر على اجتياح رفح.. إسرائيل تحشد دباباتها ومدرعاتها على ...


المزيد.....

- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن
- بصراحة.. لا غير.. / وديع العبيدي
- تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - عادل الامين - سيرة مدينة:الشعب يريد اسقاط النظام