أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أحمد السيد علي - المبدع المسرحي كاظم السعيدي ...وداعا















المزيد.....

المبدع المسرحي كاظم السعيدي ...وداعا


أحمد السيد علي

الحوار المتمدن-العدد: 3356 - 2011 / 5 / 5 - 13:56
المحور: الادب والفن
    


المبدع المسرحي كاظم السعيدي ...وداعا

في أواخر شهرنيسان إنطفأت أنفاس المبدع الممثل المخرج المسرحي كاظم السعيدي في مدينة الاسكندرية_مصر، بعد أن مكث هناك قرابة خمس سنوات عجاف من مرضه النفسي، فقد إنتقل بعد تقاعده من ستوكهولم الى مصر في عام 2006.
ولد كاظم السعيدي في مدينة كركوك 31ـ12ـ1951، وكان شغوفا بالفن منذُ نعومةِ أظفاره.
جاء من كركوك الى بغداد في نهاية الستينيات ودرس في معهد الفنون الجميلة قسم التمثيل والأخراج وتفوق بالدراسة، وأكمل دراسته في أكاديمية الفنون الجميلة وابدع فيها كممثل ومخرج
وإشتهر بعمل دور هاملت لشكسبير وحصل على لقب أفضل ممثل وكان من جيله وسبقه بسنة المخرج الكبير جواد الاسدي بعده بسنه الدكتور فاضل الجاف.

، ومن ثم عمل في التلفزيون العراقي في بغداد كمخرج في البرنامج الثقافي أواسط السبعينيات، وكان معه في التلفزيون كوكبة مبدعة منهم... حميد الخاقاني... الراحل مؤيد نعمة... إعتقال الطائي...و. وكان يدعمه الاديب محمد مبارك وهو خال مدير الاذاعة والتلفزيون آنذاك محمد سعيد الصحاف.

لم يدم الربيع طويلا ففي عام 1978 إجتمع المٌدان طارق عزيز بالعاملين في الاذاعة والتلفزيون وهاج وصرخ بالحضور بأنهم اي البعثيون لم يسمحوا بالخلايا الماركسية في الاذاعة والتلفزيون، فواجهه المبدع حميد الخاقاني بالخروقات والاعتداء على كوادر المبدعة من الشيوعيين، وكان جو الاجتماع حاداَ ومتوتر، بعدها جاء الدكتاتور المقبور ويبدو أنه كان يراقب الاجتماع من خارج القاعة ووجههُ ناصع البياض من كثرة مسحوق البودرة كما وصفها لي الراحل كاظم السعيدي، وتحدث بهدوء عن التاريخ والتراث العربي.
وقد حدثني كاظم إنه كان يُخرِج برنامج ثقافي وكان يعمل لديه سعد البزاز الكادر البعثي، وطلب سعد من المخرج كاظم ان يحمل سترته إمعانا بإهانته، وفي الاجتماع الدوري لمنتسبي الاذاعة والتلفزيون طلب الصحاف الذي كان مديرالاذاعة والتلفزيون من المنتسبين بعرض مشاكلهم ، فقام كاظم وذكر ما فعله سعد البزاز وهو يعمل عنده، فكان الصحاف لا يود سعد البزاز فنهره ووبخهُ بكلمات قاسية.

بعد ذلك بأيام وجيزة صدر قرار بنقل كل العاملين في الاذاعة والتلفزيون من الشيوعيين و ذوي التوجه الماركسي الى وظائف أخرى في دور الثقافة الجماهيرية وغيرها وكذلك فعلوا بأساتذة الجامعة وإحالتهم على التقاعد.
تأزم الوضع في العراق وبدأت حملة الاعتقال والتعذيب والتغييب القسري والتسقيط السياسي للشيوعيين، فخرج كاظم السعيدي والكثيرون لينعموا بالحرية وعدم الملاحقة والتسقيط والموت الى سوريا ومنها سافركاظم الى الاتحاد السوفيتي ليدرس الماجستير والدكتوراة في الاخراج المسرحي، وعاش هناك 5 سنوات وانجب من صديقته الروسية إبنته الوحيدة سوزان، وفي السنة الاخيرة تدهوروضعه االنفسي فلم يكمل رسالته وعكف راجعا الى سوريا ليكمل مشواره السيء من العوز المادي والنفسي وغم مساعدة الحزب المحدودة له وسكن في مخيم اليرموك.

جاء الى السويد كما اعتقد سنة *1989 بمساعدة مادية من الحزب، وتقلبت أحواله صعودا وهبوطا ولكن الوضع المادي كان مستقرا حد الكفاف لكونه مدخنا ويشرب الكحول عند تحسن دخله أحيانا، بعدها بسنوات حصل على عنوان إبنته الوحيدة سوزان بجهد من زوجة الدكتور سعيد الجعفر الروسية، وراسلها وسافر اليها وإلتقى بها وساعدها ماديا وهي شابة في مقتبل العمر وكانت تقيم مع جدتها وحاولت صديقته ام إ بنته سوزان عودة العلاقة معه لكنه لم ينسجم معها بعد سنوات طويلة من الفراق .

وحصل بعد ذلك على قرض دراسي من السويد ليكمل رسالة الدكتوراة في سانت بترسبورغ وتحسن وضعه نسبيا هناك وخاصة في السنة الاولى والثانية وكان يلتقي بإبنته بين الفينة والفينة ، ولم يدم هذا التحسن طويلا فبدأ يتدهور وضعه النفسي وقرر العودة الى السويد، ومن ثم سمع بإنتحار صديقته القديمة أم إبنته سوزان لتدهور وضعها النفسي أيضا.

في السويد حصل على التقاعد المبكر بسبب مرضه ، وإستمر الحال بهذا الشكل حتى جاءت بنت إخته الى السويد وحصلت على الاقامة وأردت أن تبقى معه فرفض ذلك لرغبته بالعيش منفردا وعاشت في مدينة قريبة من ستوكهولم في كاترينا هولم.

كان كاظم يجيد اللغة العربية والروسية إجادة تامة وقد ترجم قصة سداكوا اليابانية الطفلة التي أصيبت بالاشعاعات بعد التفجير النووي لهورشيما ونكازاكي من اللغة السويدية الى اللغة العربية وكانت ترجمة بإعتقادي جيدة وقد أطلعت على النصيين ولم ينشرها أو يبعثها الى أي دار نشر أو مؤسسة إعلامية، كذلك كان يأمل بإخراج العمل المسرحي المجري... العائلة توت... للأديب الهنكاري ...إسطفان اوكريني... ترجمة... سعد الله ونوس... وهو قارئ جيد ويجيد نطق مخارج الحروف خاصة في القصائد العمودية.

وقد زارني في مصر سابقا عام 1996 وعجبته الاسكندرية حيث كنت أدرس في جامعتها، وقرر السفر الى الاسكندرية والعيش فيها وكان ذلك عام 2006 وذهب الى هناك وتنقل بعدة أماكن ولكن وضعه النفسي بدأ يزداد سوءاَ لتركه الحبوب ومعاقرته الخمرة، فقد تراسل مع أخيه في كركوك وطلب منه المجيء الى مصر فلم يتستطع ذلك لعدم حصوله على الفيزا وبمرضه العضال وطلب من كاظم العودة الى كركوك لكن كاظم لا يجرأ الذهاب الى هناك بسبب الاوضاع الامنية، فقد زرته أنا وعائلتي في صيف 2007 وكان يعيش في عمارة مظلمة قريبة من منطقة رشدي وهي ليست قريبة من البحر ومصعدها الكهربائي قديم فلم نجرأ إستخدامه، وكان لايخرج من البيت الا قليلا للتبضع، وحاولت أخذه الى الاسواق والمقاهي وكان ينتظرتي خارج السوق ويدخن، ونادرا ما وافق بالجلوس بإحدى الكازينوهات الفارهة وأخذته الى منطقة جميلة على البحر إسمها مصطفى كامل وهي عبارة مجمع سكني لكبار ضباط الجيش المصري والشقق جميلة وفيها شقق أرخص للإيجار من التي يسكنها وتحدثت مع البواب الذي اعرفه وعشت بإحدى شققها سابقا ووعدني بإستأجار شقة لكاظم رخيصة في أول الشهر المقبل لكنه لم يفعل كاظم ذلك بعد عودتي .

كان كاظم يؤطر لنفسه فلسفة الموت بالخمرة والزهو، فإقترحت عليه الذهاب الى المغرب للتغير كونه متقاعدا، فذهب الى هناك ومكث في آغادير لمدة شهر تقريبا وإتصل بي وقال إن الحياة مكلفة هناك فإستغربت لعلمي بأن المغرب رخيصة قياسا الى السويد كمستوى معيشة براتبه التقاعدي، لكنه في الحقيقة إستأجر فندقا غاليا، وهو من النوع الذي لا يسأل ويبحث عن مكان مناسب لدخله، فالسائق الذي يأتي به من المطار هو الذي يجلبه الى السكن وهذا ما فعله في الاسكندرية أيضا، فرجع مرة ثانية الى الاسكندرية ليمضي ما تبقى من وشالة عمره هناك بين طيات مرضه .

وتدهور بشكل كبير بعد الانتفاضة المصرية لانه جرى عملية سلب ونهب في بعض الاماكن فإتصل بأحد الاصدقاء وكان مرعبا من الاحداث وطاب منه بأن يأتي ويأخذه الى السويد لانه لايستطيع بمفرده الذهاب الى السفارة في القاهرة او القنصلية السويدية في الاسكندرية فأعتذر وحاول الاتصال ببنت أخته من خلال رقم هاتفها القديم في كاترينا هولم فلم يكن هناك من جواب وتكلم الصديق على إنفراد مع البواب القبطي هاتفيا فذكر بأنه يعاني من الادمان والحقيقة انه اي البواب رجل بسيط وربما أُمي لا يفهم مرض كاظم
الذي يستعصي على التفكك والخلاص من رأسه بزحمة الاصوات التي لم تبارحه حتى الرمق الاخير.


وداعا أيها الصديق الهادئ...
وداعا أي هذا الانسان الجميل
وداعا أي هذا الكبرياء الأبي
وداعا أيها الذي أمضى عمره محطات


*ربّما تحديد السنوات التي ذكرتها غير دقيقة لانها من حسابات الذاكرة لذا إقتضى التنويه



#أحمد_السيد_علي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ينابيع الأقصى
- هواة الحمام
- نادي 14 تموزالديمقراطي العراقي في عاصمة السويد (ستوكهولم) .. ...
- الهروب الاول الى الكويت
- قصة قصيرة...فرج البقال
- كاظم السماوي أخر الشعراء الكبار المخضرمين ...وداعا
- مهمة التوثيق وليس إعطاء الفتاوى
- محاولة لفهم كتابة التاريخ
- لماذا لم تنفذ وصية المفكر الراحل هادي العلوي...بالحرق بعد ال ...
- ضوء على دراسة د. علي الوردي... في طبيعة المجتمع العراقي
- خياط الفرفوري...أحد المهن الشعبية التي إندثرت
- مديرية أمن بعقوبة...والهروب الى كردستان تالعراق 2
- إجابات حول إستفهامات...العزيز إبراهيم البهرزي
- مديرية أمن بعقوبة...والهروب الى كردستان العراق 1
- بعقوبة...وتوضيحات من القرّاء
- بعقوبة...وبعض من شخوصها الشعبية2
- الصحاف أحد رموز الاغتيال في المنظمة السرية
- بعقوبة...وبعض من شخوصها الشعبية
- مدينة بعقوبة وجزء من تفاصيلها
- هروب من أمن الاعظمية


المزيد.....




- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا
- منح أرفع وسام جيبوتي للجزيرة الوثائقية عن فيلمها -الملا العا ...
- قيامة عثمان حلقة 157 مترجمة: تردد قناة الفجر الجزائرية الجدي ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أحمد السيد علي - المبدع المسرحي كاظم السعيدي ...وداعا