أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - بسام مال الله حسن - المشهد الأخير/ قصة قصيرة














المزيد.....

المشهد الأخير/ قصة قصيرة


بسام مال الله حسن

الحوار المتمدن-العدد: 3348 - 2011 / 4 / 27 - 01:28
المحور: الادب والفن
    


المشهد الأخير
كان كل شيء يوحي له بالضياع, زقاق وسط حارة قديمة يذكره بوجه فتاة شقراء
ابتسامتها الم وعذاب, وصخور تلك الأزقة بخبز أمه الحزين, وبساتين من أشجار الزيتون جذورها أصبحت كأشباح الليل , مذكرة إياه بوجوه أخرى تشبه تلك الأرجل الطويلة التي تمر أمامه كل يوم وهو جالس على ناصية الطريق .......
مضى بخطواته بين تلك الأشباح السوداء المتداعية وحفر أشجار الزيتون الفارغة كذاك الوعاء الذي كان جاثما إمامه في الصباح ولساعات طويلة, كأنه وسط محيط من الألم, متأبطا ً تحت ذراعه فصول لمسرحية كتبت منذ دهور, وبعد أن أتعبه المشي طوال اليوم جلس على أحدى الصخور المتروكة على جانب الطريق واضعا أمامه حزمتا ً من الأوراق المتسخة والغير مرتبة وقد محت السنين الطويلة والقاسية حبر أكثرها مما جعلها غير مفهومة, ألقى بعض المارة نظرة عابرة علية فلم يكترثوا أن كان جائعا أم عطشا ً ,كأنهم ينظرون إلى آلة قديمة أتعبها الزمن مع رزمة من الأوراق العتيقة ,مد الرجل يده في جوف تلك الرزمة التي كانت تشعره بالدفء أحيانا ً وبالخوف أحيانا ً أخرى وفي الكثير من المرات تدفعه بالإحساس بالفشل والانكسار ........
ألتقط أحدى تلك الأوراق بين أصابعه التي لم تعد قادرة على حمل شيء , فحاول جاهدا ً لكي لأتسقط من يده, تأمل الأسطر المكتوبة كأنه يتفرج على إحدى المسرحيات وهو جالس في صالة العرض من غير جمهور ....
كان ديكور المسرح عبارة عن شارع يؤدي إلى مدرسة تلك الفتاة الشقراء وزقاق فرعي يرتبط بذلك الشارع . البطل واقف في نهاية الزقاق ينتظر قدوم تلك الفتاة حاملا بيده وردة حمراء ومرتديا ً أحسن ثيابه والتي يبدو فيها كمهرج في السيرك , دخلت الفتاة المسرح من خلال ذلك الشارع بثياب المدرسة الأنيقة وهو من موقعه يراقبها منذ لحظة دخولها إلى أن توارت عن نضره , في المشهد عدد من الفتيات اللواتي يرافقن فتاته ويتكلمن بهمس ويضحكن مقابل الزقاق ضحكة خبيثة. في نهاية المشهد وردة حمراء ملقاة على الأرض وسط الطريق وقد ذبلت تحت أقدام المارة.
كان المشهد صامتا ً لا يحتوي على حوار ,وقعت الورقة من يده وهو شارد الذهن ,فقذفتها الرياح إلى ابعد ما يكون , وبحركة آلية مد يده مرة ثانية نحو الرزمة البائسة لسحب أحزان أخرى فتعلقت بين يديه أوراق عتيقة رائحتها متعفنة, مكتوب عليها أيام الطفولة .رمى هذه الألأم من يده بكل ما أوتى من قوة متمنيا لو لم تكن أصلا فابتعدت عنه لمسافة ثم أعادتها إليه الريح , نزلت دموعه عليها حسرتا والحرمان اخذ يحفر داخله نفقا مظلما يكفي لعبور كل أطفال العالم المحرومين ,وضع رأسه بين يديه محاولا الهرب من كل تلك التراكمات القاسية لكن أصوات المسرح المتعالية لم تدعه يذهب بعيدا فقد كانت تشده إلى الكرسي وتجبره على المشاهدة رغما ً عنه كما جاء إلى هذه الدنيا بدون إرادة منه ,تداخلت المشاهد عليه كأن كل فصول المسرحية بدأت تعرض بوقت واحد والمسرح بدأ يدور بديكوراته ومنصته وكراسيه والمنظر يتغير كل لحظة فلم يعد له القدرة على التمييز بين مشهد وأخر حتى استقرت عيناه على مشهد يختصر كل المشاهد, كان المشهد الأخير الذي طالما انتظره ,فنهض من على الكرسي تاركا جراحاته هناك عازما ً على وضع نهاية لمسرحية لم يعرف كاتبها قط فرمى بكل تلك الأوراق القديمة على قارعة الطريق وشعر بالغبطة كأنه تخلص من أرث طالما أثقل كاهله,وصعد احدي تلال القرية وبعد صراع لا يذكر مع قانون الجاذبية وصل إلى القمة حيث يرقد أناس كثر يعرف حزنهم وخوفهم ويشعر بألأمهم واحد واحد ,أنحنى انحناءته الأخيرة وبتثاقل ضم يده إلى خصره كأي مسرحي محترف يؤدي التحية , فصفقة له أحزان سكان ألتله والريح والحجارة وبعد أن انتهى نظر في الوجوه الواقفة من حوله كأنها في موكب استقبال مهيب , فاستقرت عيناه على وجه أمه التي فارقها منذ ربع قرن وهي تبتسم له فأحس بدفء صدرها ,فرفع رأسه إلى السماء مغمضا ً عيناه معلنا ً عن انتهاء المسرحية.



#بسام_مال_الله_حسن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- صراع مع الهزيمة / قصة قصيرة
- غربة /قصة قصيرة
- الحداد البدي /قصة قصيرة
- حواء ذلك الكائن....!


المزيد.....




- تابع HD. مسلسل الطائر الرفراف الحلقه 67 مترجمة للعربية وجمي ...
- -حالة توتر وجو مشحون- يخيم على مهرجان الفيلم العربي في برلين ...
- -خاتم سُليمى-: رواية حب واقعية تحكمها الأحلام والأمكنة
- موعد امتحانات البكالوريا 2024 الجزائر القسمين العلمي والأدبي ...
- التمثيل الضوئي للنبات يلهم باحثين لتصنيع بطارية ورقية
- 1.8 مليار دولار، قيمة صادرات الخدمات الفنية والهندسية الايرا ...
- ثبتها أطفالك هطير من الفرحه… تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- -صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...
- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - بسام مال الله حسن - المشهد الأخير/ قصة قصيرة